أعلنت قوات الدعم السريع السودانية موافقتها على "هدنة إنسانية" اقترحتها "دول الرباعية"، وذلك بعد سيطرة هذه الميليشيات على الفاشر، فيما أفادت تقارير مدعومة بصور أقمار اصطناعية عن وجود مؤشرات على مقابر جماعية في الفاشر.
أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح من أمريكا وقوى عربية لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.صورة من: Rapid Support Forces/AFP
إعلان
أعلنت قوات الدعم السريع في السودان في بيان اليوم الخميس (السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 2025) موافقتها على مقترح من الولايات المتحدة وقوى عربية لوقف إطلاق النار "لأسباب إنسانية"، مضيفة أنها منفتحة على إجراء محادثات بشأن وقف الأعمال القتالية مع الجيش السوداني.
وقال المتحدث باسم الدعم السريع في بيان "تلبية لتطلعات ومصالح الشعب السوداني، تؤكد قوات الدعم السريع موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من قبل دول الرباعية... وذلك لضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين".
وأكد أنها تتطلع إلى "تطبيق الاتفاق والشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات".
هدنة لمدة ثلاثة أشهر
وقال مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس طلب عدم كشف هويته، إن المقترح "يتضمن هدنة إنسانية مدتها ثلاثة أشهر في عموم السودان"، مشيرا الى أن الوسطاء سيسعون خلال تلك الفترة لجمع الجيش وقوات الدعم السريع في مباحثات في مدينة جدة سعيا لاتفاق سلام دائم.
ويأتي الإعلان اليوم، الذي لم يُعلّق عليه الجيش السوداني حتى الآن، بعد أقل من أسبوعين من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر التي تعاني من المجاعة، مُعززة بذلك سيطرتها على إقليم دارفور مترامي الأطراف في غرب البلاد.
ودعت الولايات المتحدة و السعودية والإمارات و مصر في سبتمبر أيلول إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان، يتبعها وقف دائم لإطلاق النار.
ويقول شهود إن قوات الدعم السريع قتلت وخطفت مدنيين في أثناء العمليات للسيطرة على الفاشر بعد أن تمكنت من السيطرة عليها، بما في ذلك عمليات إعدام ميدانية، مما أثار قلقا دوليا.
ودعا قائد قوات الدعم السريع المسلحين إلى حماية المدنيين، وقال إن من يرتكبون انتهاكات سيخضعون للمحاسبة.
رصد مؤشرات على "مقابر جماعية"
وفي وقت سابق كان تقرير لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأمربكية، مدعوم بمقاطع فيديو وصور بالأقمار الاصطناعية، فد أفاد بوقوع "عمليات قتل جماعية" بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.صورة من: Airbus DS/AP Photo/picture alliance
تزامن هذا مع ما كشفته عنه صور بالأقمار الصناعية عن مؤشرات على "مقابر جماعية" و"أنشطة تخلّص من الجثث" في مدينة الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع عليها، بحسب مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأمريكية.
وتحدث تقرير للمختبر نُشر الخميس، عن وجود مؤشرات "في موقعين على الأقل تتسق مع مقابر جماعية" بالقرب من مستشفى سابق ومسجد في الفاشر، و"ما لا يقل عن 34 مجموعة من الأجسام التي تُطابق الجثث الظاهرة في صور الأقمار الصناعية".
ورصد التقرير وجود خنادق واختفاء أكوام من الأجسام كان تم تحديدها سابقا خارج مستشفى للولادة "تستخدمه الدعم السريع حاليا كموقع احتجاز".
وأشار التقرير كذلك إلى "خندق يبلغ طوله حوالى 7 أمتار وعرضه 4 أمتار" بالقرب من مسجد في حي الدرجة الأولى بالفاشر قرب المستشفى السعودي حيث كانت منظمة الصحة العالمية تحدثت عن مقتل 450 من المرضى والطواقم.
وأفاد تقرير مختبر الجامعة الأمريكية بتوافر أدلة على إعدامات ميدانية جماعية بالقرب من الحاجز الترابي الذي أقامته الدعم السريع أثناء حصارها المدينة لأكثر من عام.
إعلان
"جرائم حرب"
وكان مكتب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية قد حذّر الاثنين من أن الفظاعات التي ارتكبت في الفاشر "إذا تم إثباتها، قد تشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما".
في هذا الأثناء، يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر لبحث "وضع حقوق الإنسان" في الفاشر السودانية حيث أفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وأفاد مجلس حقوق الإنسان في بيان الخميس بأن هذه الجلسة ستسمح بمراجعة "وضع حقوق الإنسان في الفاشر والمناطق المحيطة بها، في سياق الحرب المستمرة في السودان".
تحرير: عبده جميل المخلافي
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.