السودان ـ مظاهرات جديدة ضد العسكر ورفض للمبادرة الأممية
٩ يناير ٢٠٢٢
واصل المتظاهرون في السودان احتجاجاتهم للمطالبة بإبعاد العسكريين عن السلطة، ما دفع القوات الأمنية إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. يتزامن ذلك مع إعلان القوى المعارضة رفضها للوساطة الأممية لحل الأزمة.
إعلان
أطلقت قوات الأمن السودانية الأحد (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2022) قنابل الغاز المسيل للدموع في وسط الخرطوم بالقرب من قصر الرئاسة، مقر قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لتفريق متظاهرين يطالبون بتنحي العسكريين عن السلطة، بحسب صحافيي وكالة فرانس برس.
إلا أن السلطات الأمنية تنفي بانتظام استخدام الذخيرة الحية في مواجهة الاحتجاجات، بل اتهمت بعض المتظاهرين بعدم التزام السلمية في المسيرات والتسبب في إصابة العشرات من أفراد الأمن.
وعلى بعد قرابة 500 متر من القصر الجمهوري الذي أغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية إليه أشعل المتظاهرون إطارات السيارات فتصاعد الدخان الأسود منها فيما كان الدخان الأبيض لقنابل الغاز يتصاعد في ذات الوقت.
وردد المحتجون هتاف الربيع العربي "الشعب يريد اسقاط النظام". كما أطلقت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين في ضاحية بحري (شمال الخرطوم)، وفق شهود.
وانضم أطباء بزيهم الأبيض الى المتظاهرين للاحتجاج على اقتحام قوات الأمن للمستشفيات وإعاقة وصول المصابين اليها خلال لاسابيع الأخيرة.
وقالت لجنة الأطباء المركزية أنها ستسلم الأحد مذكرة إلى مسؤولي الأمم المتحدة تضم قائمة بـ "الهجمات" على المنشآت الطبية. ونزل آلاف المتظاهرين كذلك للمطالبة بابعاد الجيش عن السلطة في مدينة مدني (قرابة 180 جنوب الخرطوم)، بحسب شهود.
ومنذ صباح الأحد، أغلقت القوات الأمنية الشوارع الرئيسية المؤدية إلى القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش بوسط الخرطوم الذي شهد من قبل اعتصام المحتجين ضد الرئيس المعزول عمر البشير الذي أطاح به الجيش في نيسان/ أبريل 2019.
وقالت الامم المتحدة في بيان إن ممثلها في السودان فولكر بيرثس "سيطلق رسميا المشاورات الأولية لعملية سياسية بين الأطراف السودانية تتولى الأمم المتحدة تيسيرها بهدف (..) التوصل لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية".
رد ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي لعب دورا محوريا في التظاهرات التي أدت إلى إسقاط البشير، على إعلان الأمم المتحدة مكررا موقفه "الذي لا تراجع عنه، وهو مواصلة العمل الجماهيري السلمي لهزيمة انقلاب 25 أكتوبر وتأسيس سلطة مدنية كاملة".
كما أعلن "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض اليوم الأحد رفضه المبادرة الأممية لحل الأزمة في البلاد ، مؤكدا أن الحل هو إسقاط سلطة المجلس العسكري وانتزاع سلطة الشعب المدنية الكاملة.
وأدى قمع قوات الأمن لهذه الاحتجاجات الى سقوط 60 قتيلا حتى الآن، 57 منهم بالرصاص الحي، ومئات المصابين، وفق لجنة الأطباء المركزية (نقابة مستقلة). كما تعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب.
ومنذ ذلك الحين، يكثف الناشطون السودانيون الذين ياتوا يطالبون الآن بابعاد العسكريين عن السلطة تماما احتجاجاتهم.
ورغم تعهد البرهان بإجراء انتخابات عامة في منتصف 2023 إلا أن المحتجين فقدوا على ما يبدو الثقة تماما في العسكريين.
ع.غ/ هـ.د (أ ف ب، د ب أ)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب