السودان ـ هدوء حذر عقب تقارير عن انتهاكات لاتفاق الهدنة
٢٣ مايو ٢٠٢٣
تواصل القتال في السودان بين طرفي الصراع، رغم تجديد الهدنة بين الطرفين. ووفقا لتقارير إعلامية، وقعت هجمات جوية وأخرى بالمدفعية خلال الليل، في العاصمة وحولها. وإن بدا الوضع هادئا في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء.
إعلان
شهدت الخرطوم معارك وغارات جوية ليل الإثنين / الثلاثاء 22/23 مايو/ أيار 2023) رغم بدء سريان الهدنة التي تمتدّ أسبوعاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي من المفترض أن تتيح خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى السودان. وقال أحد المقيمين في الخرطوم إنّ "قصفاً مدفعياً متقطّعاً" يتردّد في العاصمة. وبعدما دخلت الهدنة حيّز التنفيذ رسمياً مساء أمس الإثنين، أفاد سكّان آخرون في الخرطوم عن وقوع معارك وعن غارات جوية.
وفيما قال سكان إنه يمكن سماع دوي نيران مدفعية في مناطق بالعاصمة السودانية كما تحلق طائرات حربية في سماء الخرطوم، قال سكان آخرون إن الخرطوم شهدت أجواء هادئة نسبيا في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء غداة بدء سريان وقف إطلاق النار الخاضع لمراقبة من السعودية والولايات المتحدة، والذي يهدف للسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية.
ومنذ 15 نيسان / أبريل، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، عن مقتل ألف شخص وأكثر من مليون نازح ولاجئ. وأعلن المعسكران أنهما ينويان احترام وقف إطلاق النار هذا، لكن في الخرطوم قال سكان إنّهم لا يرون أيّ استعداد لذلك. وأشارت الأمم المتحدة بعد ظهر الإثنين إلى "معارك وتحرّكات للقوات، بينما تعهّد المعسكران عدم استغلال الأمر عسكرياً قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ".
وقال كارل سكمبري من المجلس النروجي للاجئين (NRC) "بعيداً عن التصريحات الرسمية، السودان لا يزال يُقصف وملايين المدنيين في خطر"، مستنكراً عبر "تويتر"، "أكثر من شهر من الوعود الكاذبة"، بينما فشلت حوالى 12 هدنة مع الدقائق الأولى من بدء تطبيقها. وشهد سكّان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريباً الإثنين قتالاً متواصلاً لليوم السابع والثلاثين على التوالي، في ظلّ حرّ شديد بينما حُرم معظمهم من الماء والكهرباء والاتصالات.
يذكر أن الوسطاء الأميركيون والسعوديون أعلنوا أنّه تمّ التوصّل، بعد أسبوعين من المفاوضات، إلى هدنة لمدّة أسبوع من أجل استئناف الخدمات وعمل المستشفيات وتأمين المخزونات من الاحتياجات الإنسانية.
وكنت الرياض وواشنطن قد أكدتا، أنّ هذه المرّة ستكون هناك "آلية لمراقبة وقف إطلاق النار" تجمع بين ممثّلين عن الجانبين بالإضافة إلى ممثّلين عن الولايات المتحدة والسعودية.
وحتّى الآن، لم يعلّق أي من الوسطاء منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ. ويرى الخبراء أنّ آلية العقوبات أساسية في مواجهة جنرالَين مقتنعَين بقدرتهما على الانتصار عسكرياً وبالتالي أكثر استعداداً لحرب طويلة من أن يقدّموا تنازلات على طاولة المفاوضات.
وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودانفي وقت مبكر اليوم الثلاثاء إغلاق مستشفى جديد في الضاحية الكبرى للخرطوم. فقد أُجبر موظفوها على التوقف عن العمل، لا سيما أنهم كانوا في مرمى النيران. وقالت النقابة "فوجئنا خلال الأيام الماضية ولعدة مرّات، بدخول عناصر مسلّحة من قوات الدعم السريع إلى المستشفى، قامت بالتعدّي على المرضى والمرافقين والكوادر الطبية، وعملت على ترهيبهم بإطلاق النار داخل أروقة المستشفى". كما أشارت إلى "حملة الأكاذيب والإشاعات المغرضة" التي يشنّها كبار ضبّاط الجيش ضدّ الكوادر الطبية والمتطوّعين الذين يعملون في المستشفى، والذين تلقّوا "تهديدات شخصية".
في هذه الأثناء، يواصل الأطباء التحذير من مصير مأساوي للمستشفيات. ففي الخرطوم، كما في دارفور، باتت المستشفيات كلّها تقريباً خارج الخدمة. أمّا المستشفيات التي لم يتمّ قصفها، فلم يعد لديها ما يكفي من المخزونات أو باتت محتلّة من قبل المتحاربين. وتطالب الطواقم الإنسانية بتأمين ممرّات آمنة.
وحذر فولكر بيرتس مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان أمس الاثنين من تزايد "الطابع العرقي" للصراع العسكري ومن تداعياته المحتملة
على دول الجوار. وقال بيرتس في إفادة بمجلس الأمن الدولي "الطابع العرقي المتزايد للصراع يهدد بإغراق البلاد في صراع طويل الأمد وبامتداد
تداعياته إلى المنطقة".
ح.ز/ ع.ج.م (د.ب.أ / أ.ف.ب)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.