السودان- ضحايا في قصف جنوب الخرطوم ونزوح متواصل من دارفور
١٧ يونيو ٢٠٢٣
قتل نحو 17 شخصاً وأصيب آخرون بجراح في قصف جوي جنوبي الخرطوم على ما أعلنت السلطات الصحية و"لجان المقاومة"، فيما أشارت منظمة "أطباء بلا حدود" الى أن زهاء ستة آلاف شخص فرّوا من دارفور خلال الأيام القليلة الماضية.
يتواصل نزوح الآلاف من سكان دارفور من منازلهم مع تصاعد وتيرة العنف والقتالصورة من: Str/AFP
إعلان
شهدت الخرطوم صباح السبت (17 يونيو/حزيران 2023) قصفاً واشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة مع استمرار النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت تدفع أعمال العنف في إقليم دارفور مئات من سكانه لعبور الحدود نحو تشاد.
وأفادت معلومات متداولة "لم تصرح بها جهات رسمية" عن طرح مشروع هدنة جديدة بين الجيش والدعم السريع لمدة 72 ساعة.
قصف وضحايا في الخرطوم
وذكر شهود و"لجان المقاومة" في جنوب الخرطوم أن منطقة اليرموك تعرّضت إلى "قصف جوي سقط على إثره عدد من الضحايا المدنيين". وأكد شهود وقوع "اشتباكات بكل أنواع الأسلحة" في جنوب العاصمة، و"قصف صاروخي وبالمدفعية الثقيلة" مصدره ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم.
وقالت السلطات الصحية السودانية إن 17 شخصاً بينهم خمسة أطفال لقوا حتفهم في ضربة جوية في جنوب العاصمة الخرطوم اليوم.
وكتبت إدارة الصحة في العاصمة في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك "تعرضت منطقة اليرموك بمنطقة مايو جنوب الحزام لقصف جوي سقط على إثره عدد من الضحايا المدنيين". وأضافت "التقديرات الأولية لمجزرة اليرموك تشير الي سقوط 17 قتيلاً من بينهم 5 أطفال ونساء ومسنين، كذلك تم تدمير 25 منزلا".
تأتي أعمال العنف هذه غداة تأكيد شهود تعرض وسط أم درمان لقصف جوي من سلاح الطيران التابع للجيش، طال خصوصاً حي بيت المال. وتحدثت "لجان المقاومة" المحلية الجمعة عن وقوع "ثلاث وفيات" وأضرار في "عدة منازل بالحي" جراء القصف.
من جهتها، اتهمت قوات الدعم الجيش باستخدام الطيران لقصف "عدد من الأحياء المأهولة بالسكان" منها حي بيت المال "الذي استشهد فيه أكثر من 20 مدنياً بعضهم داخل مسجد".
وأعلنت قوات الدعم السريع اليوم إسقاط طائرة حربية من طراز (ميغ) تابعة لما وصفتها بـ"مليشيا الانقلابيين وفلول النظام البائد" في إشارة إلى قوات الجيش السوداني.
وقالت القوات على صفحتها بموقع تويتر اليوم:"هاجم طيران الانقلابيين صباح اليوم عددا من الأحياء السكنية في جنوب الخرطوم (مايو، اليرموك، مانديلا) مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات وسط المدنيين".
كان الجيش السوداني قد دعا في وقت سابق اليوم السبت المواطنين لمغادرة منازلهم القريبة من مواقع تمركز قوات الدعم السريع، في وقت تحدثت معلومات عن إمكانية الاتفاق على هدنة جديدة. وأشار مراسل قناة"آر تي عربية" في السودان، اليوم، إلى أن الطائرات الحربية الاستطلاعية تحلق في سماء الخرطوم، مع سماع أصوات المضادات الأرضية جنوب أم درمان ووسط وغرب الخرطوم وإطلاق نار متقطع.
نزوح جماعي من درافور
أشارت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أن زهاء ستة آلاف شخص فرّوا من الجنينة خلال الأيام القليلة الماضية فقط، مع "تصاعد أعمال العنف" في دارفور.
وأوضحت في بيان السبت أن "ما لا يقل عن 622 جريحاً" أدخلوا مستشفى مدينة أدري التشادية الحدودية مع السودان "على مدى الأيام الثلاثة الماضية". وأشارت إلى أن 430 من هؤلاء يحتاجون إلى "عناية جراحية"، وأن غالبية الإصابات كانت "جراء إطلاق النار".
إلى ذلك، انقطعت خدمات الاتصالات بشكل كامل عن مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور مما تسبب في ندرة المعلومات عن الأوضاع هناك بعد مقتل حاكم الولاية.
وتثير الأوضاع في دارفور قلقاً متزايداً، اذ حذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
أوضاع مستمرة بالتدهور
ومنذ 15 نيسان/أبريل، تشهد الخرطوم ومناطق سودانية عدة معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، فشلت معها كل مساعي الحلّ والغالبية العظمى من اتفاقات وقف إطلاق النار.
وزاد النزاع من حدة الأزمات التي يعانيها السودان، إحدى أكثر دول العالم فقراً حتى قبل المعارك، وأثّر على مجمل مناحي الحياة لسكانه الذين يقدّر عددهم بأكثر من 45 مليون نسمة.
ومنذ أكثر من شهرين، تتواصل أعمال العنف بشكل شبه يومي في الخرطوم التي كان عدد سكانها يتجاوز خمسة ملايين نسمة، إلا أن مئات الآلاف غادروها منذ بدء النزاع، في ظل نقص المواد الغذائية وتراجع الخدمات الأساسية خصوصا الكهرباء والعناية الصحية.
وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية. كذلك، تسببت المعارك بنزوح أكثر من 2,2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق أحدث بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
ع.ح./ع.ج.م. (رويترز ، أ ف ب ، د ب ا)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب