السودان – مظاهرات حاشدة تأييدا للحكم المدني ورفضا للعسكر
٣٠ سبتمبر ٢٠٢١
تظاهر آلاف السودانيين لدعم الانتقال الديمقراطي ورفض الحكم العسكري، وذلك بعد أيام على إحباط محاولة انقلاب من ضباط "من فلول النظام البائد". وألقى المتظاهرون الحجارة على الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
إعلان
أطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع لفض مظاهرة في العاصمة الخرطوم اليوم الخميس (30 سبتمبر/ايلول 2021) شارك فيها نحو 20 ألف شخص دعما لعملية انتقال للديمقراطية بقيادة مدنية.
وكشفت محاولة انقلاب الأسبوع الماضي، التي اتهم المسؤولون جنودا موالين لنظام عمر البشير السابق بالضلوع فيها، عن انقسامات كبيرة بين الجماعات العسكرية والمدنية التي تتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية من المفترض أن تستمر حتى عام 2023 وتفضي إلى انتخابات.
وجاء العديد من المتظاهرين من خارج الخرطوم بالحافلات والقطارات من مدينتي عطبرة ومدني مثلما كان الحال خلال الاحتجاجات ضد الحكم العسكري بعد الإطاحة بالبشير مباشرة.
ولوح حشد من عدة آلاف لدى وصول القطار من مدني بالعلم الوطني ورددوا هتافات تقول إن الجيش جيش السودان وليس جيش البرهان في إشارة إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ومجلسه السيادي الحاكم.
وردد المتظاهرون "مدنية" تعبيرا عن دعمهم للحكومة المدنية ضد أي محاولة للانقلاب عليها، وفق المصدر نفسه.
قالت لرويترز إيمان صالح وهي طالبة جامعية (22 عاما) "جئنا اليوم لصد أي انقلاب وتحقيق الحكم المدني.. لن نسمح للجيش بالسيطرة على ثورتنا"، فيما وقالت المتظاهرة سلمية يوسف لوكالة فرانس برس "الهدف الرئيسي لثورتنا حكومة مدنية ودولة ديموقراطية، ولن نتراجع حتى يتحقق ذلك".
واستقبل مسؤولون مدنيون المتظاهرين، وأعلن تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير تأييده لمظاهرات اليوم.
وألقى المتظاهرون الحجارة مساء على الشرطة التي ردت باطلاق الغاز المسيل للدموع، على ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس فرانس برس. وقال مراسلا من رويترز إن قوات الأمن أطلقت في وقت لاحق وابلا من الغاز المسيل للدموع لتفريق التجمع.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن "السلطات استخدمت القوة المفرطة لفض بعضالمواكب مما أدى لسقوط بعض الجرحى والمصابين". وأحصت اللجنة ستة حالات إصابة.
وأعلنت الحكومة السودانية في 21 أيلول/سبتمبر احباط محاولة انقلاب متهمة "ضباطا من فلول النظام البائد" بتنفيذها، في إشارة الى نظام البشير المعتقل منذ أكثر من سنتين بعدما أطاح به الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة. وقال رئيس الحكومة السوداني عبد الله حمدوك خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن "تحضيرات واسعة" سبقت المحاولة الانقلابية، وتمثلت "في الانفلات الأمني بإغلاق مناطق إنتاج النفط وإغلاق الطرق التي تربط الميناء ببقية البلاد". وأكدت القوات المسلحة السودانية اعتقال 11 ضابطًا وعدد من الجنود المشاركين في المحاولة.
وفي الساعات والأيام التي أعقبت محاولة الانقلاب، اتهم مسؤولون مدنيون الجيش بتجاوز نطاق صلاحياته، في حين انتقد كبار الضباط أسلوب الإدارة المدنية في التعامل مع ملفي الاقتصاد والعملية السياسية.
وأطاح الجيش بالبشير في أبريل نيسان 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بسبب أزمة اقتصادية متفاقمة. ووقع الجيش بعد ذلك اتفاقا لتقاسم السلطة مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني.
إ.ع/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب)
في صور.. عهد جديد في السودان بعد اتفاق تقاسم السلطة
اتفقت القيادة العسكرية والمعارضة على التوزيع المستقبلي للسلطة في السودان: بيد أن الأمر لن يخلو من وجود العسكر، ومع ذلك، فإن الفرحة في السودان كبيرة، لأنه ستكون هناك انتخابات في غضون ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
فرحة عظيمة وأمل كبير للسودانيين
الفرحة عظيمة، فقد اتفق الجيش والمعارضة على تشكيل حكومة انتقالية. وينص الحل الوسط، الذي تفاوض عليه الاتحاد الأفريقي، على إنشاء مجلس سيادي مكون من خمسة مدنيين وخمسة عسكريين، على أن ينتخب هؤلاء العضو الحادي عشر. ومن المفترض أن تستغرق الفترة الانتقالية مدة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
لحظة تاريخية بالنسبة للسودان
"الوثيقة الدستورية" التي تتضمن بنود الاتفاق وقع عليها في الخرطوم السبت (17 أغسطس/ آب 2019) كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع بحضور رؤساء دول وحكومات أفريقية وممثلين عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ووزراء ومسؤولين من دول خليجية وعربية.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/C. Ozdel
شخصية عسكرية تتولى الرئاسة
وعلى الرغم من أن التسوية، التي تم التوصل إليها قد استوفت الكثير من المطالب المدنية، إلا أن الجيش سيستمر في لعب دور مهم في المستقبل، فالجنرال عبد الفتاح البرهان سيكون رئيسا خلال الفترة الانتقالية. هذا الاختيار لا يعجب الجميع بالضرورة، غير أنه يلقى تأييد كثيرين أيضا وخصوصا هؤلاء المتظاهرين في الصورة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
رجل الأمم المتحدة كرئيس للوزراء
كان يفترض أن يتم في اليوم التالي، الأحد (18 أغسطس/ آب 2019) الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي، ليتم بعده الإعلان عن اسم رئيس الوزراء. وقد وافق المحتجون على عبد الله حمدوك، وهو مسؤول سابق، رفيع المستوى، بالأمم المتحدة ليتولى المنصب. كان حمدوك قد عُين عام 2016 كقائمٍ بأعمال الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، غير أنه تخلى عن منصبه في عام 2018.
صورة من: picture-alliance/G. Dusabe
عطل مؤقت بسبب قوى الحرية والتغيير
لكن المجلس العسكري أعلن الاثنين (19 أغسطس/ آب) إرجاء تشكيل مجلس السيادة لمدة 48 ساعة بناء على طلب من "قوى الحرية والتغيير"، ونقلت وكالة الأنباء السودانية "سونا" عن الفريق الركن شمس الدين الكباشي، المتحدث باسم المجلس القول بأن قوى الحرية والتغيير (الصورة أرشيف) طلبت الإرجاء حتى تتمكن من الوصول لتوافق بين مكوناتها على قائمة مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة.
صورة من: picture-alliance/AA/O. Erdem
المدنيون يحددون ممثليهم بالمجلس السيادي
وفي نفس اليوم بدأ اجتماع لقوى الحرية والتغيير (الصورة من الأرشيف) وامتد حتى فجر اليوم التالي (الثلاثاء 20 أغسطس/ آب). وبعد توتر وملاسنات تم الاتفاق على كل من عائشة موسى وحسن شيخ إدريس ومحمد الفكي سليمان وصديق تاور ومحمد حسن التعايشي، ممثلين للقوى المدنية في المجلس السيادي.
صورة من: Ethiopian Embassy Khartoum
فترة انتقالية لنحو 40 شهرا
بعد تشكيل المجلس السيادي والحكومة فعليا، ستدوم الفترة الانتقالية 39 شهرًا، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، سيتم انتخاب حكومة جديدة. وحتى ذلك الحين، ستسير أمور البلاد، التي يزيد عدد سكانها عن أكثر من 40 مليون شخص، الحكومة الانتقالية، طبقا للوثيقة الدستورية.
صورة من: AFP
تأكيد على دور المرأة بالهيئة التشريعية
من المقرر أيضا أن يتم تشكيل الهيئة التشريعية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن تكون نسبة 40 في المائة من أعضائها على الأقل من النساء. وبهذا ينبغي التأكيد على الدور المهم للمرأة السودانية خلال الاحتجاجات السلمية، التي بدأت نهاية 2018.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
سقوط البشير بعد عقود من القبضة القوية
بداية من ديسمبر/ كانون الأول 2018، خرج مواطنو السودان إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير، بعد 30 عامًا من حكم الرئيس عمر البشير البلاد. خلال كل هذه السنوات حكم البشير بيد قوية، فقد تم تقليص عمل المعارضة، وجرى قمع المجتمع المدني وتعذيب المنتقدين بل وقتلهم. وتحت ضغوط من الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة عزل الجيش عمر البشير من رئاسة الدولة في أبريل/ نيسان.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/A. Widak
الجيش سيواصل لعب دور
سقوط البشير لم يكن النهاية، فقد تواصلت المظاهرات عندما أصر المجلس العسكري على حكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية حتى التحول إلى الانتخابات الديمقراطية. لكن الحركة الاحتجاجية وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير" دعت إلى تشكيل حكومة مدنية دون أي تدخل عسكري. هذا الشرط لم يتحقق بالكامل، ففي فترة الحكومة المؤقتة، سيستمر الجيش السوداني في لعب دور. اعداد: ديانا هودالي/ صلاح شرارة