السودان- مفاوضات جدة تتواصل ومطالب أممية بوقف الصراع
١١ مايو ٢٠٢٣
طلبت الأمم المتحدة من الدول الإفريقية ذات النفوذ التدخل للمساعدة في إنهاء الصراع بالسودان. وفيما تستمر المعارك تتواصل المفاوضات بين الطرفين في جدة، في حين صوت مجلس حقوق الإنسان لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات بالسودان.
إعلان
حثت الأمم المتحدة اليوم الخميس (11 مايو/أيار 2023) الدول التي لها نفوذ في إفريقيا على المساعدة في إنهاء الصراع في السودان بعد ورود أنباء عن إحراز تقدم في محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع لإعلان هدنة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في جنيف إن طرفي الصراع السوداني ضربا عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني، وحث "جميع الدول التي لها نفوذ في المنطقة على العمل لحل هذه الأزمة بكل الوسائل الممكنة".
المحادثات مستمرة..
ونُقل عن القائد بالجيش السوداني الفريق ياسر العطا اليوم قوله إن المحادثات يجب أن تهدف إلى إخراج قوات الدعم السريع من الخرطوم ودمج مقاتليها في الجيش النظامي ومحاكمة قادتها.
وقال لصحيفة الشرق الأوسط "هدفنا من الحوار هو فقط إخراج القوات المتمردة من العاصمة وتحديد معسكر واحد لما تبقى منها للانضمام لوحدات القوات المسلحة للمستوفين شروط الخدمة العسكرية، والمتبقي منهم يسلم لمفوضية التسريح لتأهيله للحياة العامة".
وتابع: "من الأهمية بمكان محاكمة قادة الدعم السريع الكبار لما اقترفوه من جرائم بحق الوطن والمواطن. فأي حوار بخلاف هذه النقاط هو تأجيل للحرب إلى وقت آخر"، مضيفا أن الجيش هزم قوات الدعم السريع في موقع رئيسي بالخرطوم.
وتمثل المحادثات في مدينة جدة السعودية أكثر الجهود جدية حتى الآن لوقف القتال، وقال وسطاء أمريكيون أمس الأربعاء إنهم "يشعرون بتفاؤل حذر".
وتركز المحادثات على إعلان وقف لإطلاق النار والحصول على ضمانات لتأمين وصول المساعدات الإنسانية. وانتُهكت اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار مراراً ليواجه المدنيون الذين لا حول لهم ولا قوة ظروفاً مرعبة طغت عليها الفوضى وعمليات القصف مع انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الطعام وانهيار النظام الصحي.
.. والاشتباكات متواصلة
هزت الاشتباكات منطقة الحلفايا، أحد مداخل العاصمة، في ساعة مبكرة من صباح اليوم إذ سمع السكان طائرات حربية تحلق فوق الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين وإن بدا القتال أهدأ مما كان عليه أمس الأربعاء.
ولم يظهر أي من الطرفين علناً استعداده لتقديم تنازلات لإنهاء الصراع الذي اندلع فجأة الشهر الماضي ويهدد بانزلاق السودان إلى حرب أهلية.
من جانبها، قالت قوات الدعم السريع أمس الأربعاء إنها سيطرت على 95 بالمئة من مدن العاصمة واتهمت الجيش بمواصلة "ارتكاب العديد من الفظائع بحق المدنيين". ولم يتسن لرويترز التحقق من تلك التقارير بشكل مستقل.
من جهة أخرى قال يفغيني بريغوجن رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، إن قواته لا تعمل في السودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة عام 2019.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد قال الشهر الماضي إنه قلق بشأن مشاركة مجموعة فاغنر في السودان، رغم أنه لم يقدم دليلاً.
تعزيز مراقبة الانتهاكات
واليوم، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفارق ضئيل لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات التي يشهدها السودان في ظل النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم معارضة الخرطوم ودول عربية وأجنبية.
وصوّت 18 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 لصالح القرار بينما عارضه 15 وامتنع 14 عن التصويت. ويدعو القرار إلى وضع حد للعنف وتوسيع تفويض خبير أممي متخصص في السودان ليشمل مراقبة الانتهاكات "الناجمة مباشرة عن النزاع الحالي" الذي يقترب من اتمام شهره الأول.
وأتى التصويت على القرار خلال اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بناء على طلب مشترك من المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا، وحظي بتأييد عشرات الدول.
وجاء التصويت بعد أن دعت دول عربية والصين الدول الأخرى لمعارضة القرار، مؤكدة أنه يعتدي على سيادة السودان، بينما حثت الدول الإفريقية على العثور على "حلول إفريقية لمشاكل إفريقية".
لكن لهجة القرار المتّخذ لم تكن قوية، فرغم دعوته إلى "وقف فوري للعنف من قبل كل الأطراف من دون شروط مسبقة"، امتنع القرار عن طلب أي تحقيق جديد بخصوص انتهاكات محتملة.
وطلب القرار عوضاً عن ذلك من المقرر الخاص الحالي المعني بحقوق الانسان في السودان إجراء "رصد مفصّل وتوثيق لكل مزاعم انتهاكات حقوق الانسان والتجاوزات منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بما فيها تلك المتأتية مباشرة من النزاع الحالي"، ورفع النتائج بشأن ذلك الى مجلس حقوق الانسان.
أوضاع متفاقمة
وأضر القتال بالنظام المصرفي وأبطأ الواردات والصادرات كما أدى إلى نقص الوقود والسلع الرئيسية في الخرطوم، وقال وزير المالية جبريل إبراهيم اليوم الخميس إنه يحاول حل المشكلة.
وأضاف جبريل "تأكدنا أن كل الإشكالات البسيطة الموجودة قابلة للحلول هنا في بورسودان. نؤكد للناس أن السلع حتنساب، حتتخلص بصورة طبيعية، ما حيكون فيه شح في السلع بسبب إجراءات مالية معقدة".
وقالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 600 شخص قُتلوا في السودان وأُصيب أكثر من خمسة آلاف جراء القتال. وأفادت وزارة الصحة بأن 450 على الأقل لقوا حتفهم في منطقة دارفور الغربية.
وفر كثيرون من الخرطوم ودارفور وتسبب القتال في نزوح 700 ألف داخل البلاد ولجوء 150 ألفاً إلى الدول المجاورة، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
ونددت دول غربية بالانتهاكات التي يرتكبها الجانبان خلال اجتماع لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، لكن سفير السودان قال إن الصراع "شأن داخلي".
ع.ح./أ.ح (رويترز ، أ ف ب)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.