السوريون في ألمانيا يشعرون بمأساة الأوكرانيين ويتضامنون معهم
١٧ مارس ٢٠٢٢
حرب روسيا في أوكرانيا تذكر شابيين سوريين يعيشان في ألمانيا، بما جرى في بلدهما قبل أحد عشر عاما، حيث هناك تشابه كبير بين مأساة البلدين. وهما يشاركان الآن في نشاطات ضد الحرب تضامنا مع الأوكرانيين.
إعلان
قبل عشر سنوت كان محمد نعناع يقيم في سوريا على أطراف مدينة حلب، في حي شهد مظاهرات احتجاجية ضد نظام الأسد. محمد لم يشارك في تلك الاحتجاجات، فعمره آنذاك لم يكن يتعدى 19 عاما وكان يحضر لامتحانات الشهادة الثانوية، وبعدها كان عليه أن يلتحق بالجيش لأداء الخدمة الإلزامية، لكنه لم يكن يريد أن يدعم النظام مهما كان.
في البداية هرب من الحي الذي كان يسكن فيه إلى وسط المدينة، ثم هرب من سوريا عبر تركيا إلى ألمانيا. وبعده بتسعة أشهر هرب أهله إلى لندن. ويقول نعناع لـ DW معلقا على قدوم النازحين من أوكرانيا "عندما يكون المرء قد مر بتجربة نزوح، عليه أن يتضامن مع اللاجئين الأوكرانيين" ويضيف "نحن مع الأسف خبراء في ذلك (النزوح) منذ أحد عشر عاما".
تشابه مرعب بين الحرب في أوكرانيا وسوريا
ويرى محمد نعناع أنه هناك تشابه بين ما يحصل في أوكرانيا وما حصل في سوريا، ويقول "عندما أنظر إلى الصور التي تأتي من أوكرانيا، فإنها تشبه تماما لما حدث في سوريا آنذاك" ويضيف "الأوكرانيون يقاتلون حتى ضد نفس العدو".
الحكومة الروسية تدعم نظام الأسد في حربه ضد المعارضة منذ عام 2015. وحسب تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2020، تم ارتكاب جرائم حرب في الهجوم على مدينة إدلب بمشاركة مباشرة من قبل القوات الروسية، ومن بين تلك الجرائم قصف المدنيين والمستشفيات. وفي أوكرانيا أيضا وحسب متحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تعرض منشآت مدنية بينها مستشفيات للقصف.
سعد ياغي الذي هرب أيضا من سوريا ولجأ إلى ألمانيا، يرى أن هناك فرقا بين ما جرى في سوريا وما تشهده أوكرانيا، ويقول لـ DW "افضل أن أصف الحرب في سوريا بالثورة". ويضيف "تظاهرنا آنذاك ضد الحكومة السورية". وحين تدخلت إيران وروسيا ودعمت النظام، انفجرت الحرب الأهلية.
سعد ياغي البالغ 20 عاما الآن، انضم وهو في الثالثة عشرة من العمر إلى الحركة المناهضة للأسد، بعدما أصاب صاروخ منزل أهله. وخلال نشاطه مع المعارضة، كان يلتقط الصور للوكالات العربية لتوثيق فظائع الحرب. وحين وصل مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي "داعش" إلى بلدته، بالقرب من الحدود السورية العراقية، أصبح الوضع خطيرا بالنسبة إليه.
"اعتقلني تنظيم داعش لمدة ثلاثة أيام" يقول سعد، ويضيف "الحمد لله أنهم لم يجدوا شيئا ضدي. وإلا لكانوا قتلوني". وبعد إطلاق سراحه، قرر أهله ترك بلدتهم في شرقي سوريا والنزوح إلى دمشق، ومن هناك هرب إلى ألمانيا عام 2015. والآن يدرس الصحافة في مدينة دورتموند.
التضامن مع المتظاهرين في روسيا
ويرى سعد تضامنه مع أوكرانيا واجبا ونوعا من رد الجميل، ويقول لـ DW "عندما اندلعت الثورة في أوكرانيا عام 2014، كان علمنا السوري أيضا مرفوعا في مظاهراتهم. لقد أظهر الأوكرانيون تضامنهم معنا". والآن يجب على السوريين فعل نفس الشيء ورد الجميل لهم.
ويرى سعد أن هذا التضامن يتجاوز أوكرانيا، فبعد القمع الذي شهده على يد تنظيم داعش والنظام السوري، يفهم ويقدر وضع النشطاء السياسيين الروس جيدا. ويضيف "لدي أصدقاء كثر من روسيا، يقولون إن كثيرين من أصدقائهم قد تم اعتقالهم في روسيا، لأنهم ضد بوتين. كثيرون تعرضوا للضرب، وربما يكون البعض منهم قد قتل".
"لا نريد أن يموت الناس حتى يرحل بوتين"
النشاطات والمظاهرات التي ينظمها سعد مع أصدقائه، لا علاقة لها بالسياسة "بشكل عام لا تهمني الحكومة في أوكرانيا أو زيلنسكي، وإنما الإنسانية" يقول سعد، ويضيف "لا نريد أن يموت الناس حتى يرحل بوتين". ولكنهم لا يستطيعون فعل الكثير من دون أن يعرضوا أنفسهم للخطر، ويرى سعد أن الأفضل لو يستطيع يسافر مباشرة إلى أوكرانيا، لتوثيق الفظائع هناك أيضا.
الشابان السوريان، سعد ياغي ومحمد نعناع، تعرفا على بعضهما من خلال مشروع إعلامي مشترك، ويريان أن هناك حاجة لإيصال تجربتهما وما مرا به وهما شابان صغيران، للآخرين. وكلاهما يأملان أن يستطيع اللاجئون الأوكرانيون العودة سريعا إلى وطنهم، وليس كما حالهما. ويعلق سعد على ذلك قائلا "حين بدأنا الثورة، اعتقدنا نحن أيضا بأننا سنعود بعد شهر على الأكثر" ويضيف "الآن مرت إحدى عشرة سنة!".
في التاسع عشر من مارس/ آذار الجاري يريد الصديقان المشاركة في إحياء الذكرى الحادية عشرة لبدء الحرب الأهلية في سوريا والتضامن مع أوكرانيا من خلال مظاهرة جماهيرية في برلين بمشاركة الجالية السورية.
لياندر لوفي/ ع.ج
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance