1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السوريون يخوضون حروبا يومية لتأمين احتياجاتهم الأساسية

سوسن محروسة ـ دمشق٢٢ ديسمبر ٢٠١٢

وقوف السوريين في طوابير ولساعات طويلة من أجل الخبز أو الوقود، بات مشهدا يوميا في حياتهم التي انحصرت في محاولتهم الدائمة للحصول على احتياجاتهم الأساسية من الطاقة والطعام . مراسلة DW عربية بدمشق تقرب لنا الصورة.

Bäckerei in der Altstadt von Damaskus - wenn das Brot fertig ausgebacken ist, wird es vom Bäckergehilfen per Hand aus dem heißen Ofen geholt und zum Auskühlen auf einen Tisch geworfen. Der kleine Sohn des Bäckers wartet auf Laufkundschaft, später wird er Bestellungen austragen, aufgenommen am 01.08.2010. Foto: Matthias Tödt
صورة من: picture-alliance/ZB

لم تمنع ظلمة الليل ووحشته من تهافت الناس إلى هذا المكان، يقفون في طوابير غير معروفة النهاية. تصطف أم محمد في أحد الطوابير يوميا من الساعة الثالثة صباحا لمدة قد تزيد عن الثماني ساعات، أما الهدف الأكبر من هذا الانتظار الطويل هو الحصول على بضعة أرغفة من الخبز. لا تقتصر هذه المهمة على أم محمد فحسب بل تصطحب معها أيضا أطفالها الصغار الأربعة الذين لم يتجاوز أكبرهم الاثني عشر ربيعا بعد. فكمية الخبز المخصصة لكل شخص قليلة جدا ولا تسد رمق الأسرة بكاملها، أما ما يزيد عن حاجة أسرتها فتقوم ببيعه إلى الأسر الأخرى التي توفر على نفسها تعب الانتظار مقابل أن تأخذ الخبز بسعر قد يتجاوز الخمسة أضعاف عن السعر الرسمي الذي تشتري به أم محمد.

تتحدث أم محمد لـ DW عربية عن معاناتها فتقول: "شو جبرك عالمر غير الأمر منه؟. فلا سبيل لدينا لمواجهة الفقر الذي نعيشه ولنحصل على لقمة عيشنا بغير هذه الطريقة، خاصة بعد أن ترك زوجي عمله بسبب هذه الظروف، تقاسمت معه الطوابير التي نضطر للوقوف عليها يوميا ،فهو يقف على طابور المازوت ويترك لي ولأطفالي طابور الخبز".


ليست أسرة أم محمد وحدها التي تعيش يوميا هذه المعاناة، بل ينسحب الأمر أيضا على معظم الأسر الدمشقية، حيث تتعرض العاصمة إلى أزمة تعتبر الأسوأ من نوعها منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد في آذار 2011 في نقص مواد الطاقة. وهو ما انعكس على حياة المواطن الذي بات مضطرا إلى أن يخوض حربا يومية لتأمين أقل متطلبات العيش الأساسية من طعام وكهرباء وتدفئة ومواصلات، بالإضافة إلى عامل الأمان الذي أصبح مفقودا في الآونة الأخيرة في العاصمة. وبات مشهد الطوابير الطويلة، التي امتلأت بها شوارع مدينة دمشق وساحاتها، والتي تبدأ من ساعات الصباح حتى منتصف الليل على الرغم من الوضع الأمني المتردي، أمرا أكثر من اعتيادي بالنسبة للسكان، بسبب الازدحام الشديد على محطات الوقود والأفران ومراكز توزيع أسطوانات الغاز.

تأمين الاحتياجات الأساسية للعيش بات حربا يموية يخوضها الشعب السوري من اندلاع الانتفاضة ضد بشار الأسدصورة من: Reuters


أسعار الوقود تزداد اشتعالا
لم تتأثر أسعار الوقود بانخفاض درجات الحرارة وشتاء دمشق القارص، بل واصلت ارتفاعها إلى الثلاثة أضعاف أو أكثر في بعض المناطق مقارنة مع السنوات السابقة. ويأتي وقود الديزل (المازوت) في مقدمة المواد التي تعاني من النقص الحاد. فهذه المادة تعتبر الأكثر استخداما في التدفئة والصناعة، كما تعتمد عليها أيضا حافلات النقل العام "الميكرو باص" وهو وسيلة النقل الأكثر شيوعا، الأمر الذي يسبب أزمة خانقة على المواصلات في دمشق وتجمع الناس بأعداد كبيرة أمام المحطات الرسمية بسبب عزوف معظم السائقين عن العمل بفعل هذه الأزمة .

يبرر خالد درويش انقطاعه عن العمل كسائق بقوله: "تصطف طوابير الحافلات لمدة تزيد عن العشرة ساعات يوميا في محطات الوقود وفي النهاية لا نحصل إلا على كمية قليلة، اضطررنا لرفع الأجرة إلى الضعف بدون وجود قرار رسمي ولكننا لم نتمكن من تعويض هذه الخسارة في الوقت والمال بسبب ارتفاع سعر الوقود، لذلك فضلت الانقطاع عن هذا العمل والبحث عن عمل آخر".

إلا أن انقطاع خالد درويش عن العمل كسائق وتوقفه عن طلب مادة الديزل للعمل لم يمنعه من الاصطفاف مجددا في طابور محطة الوقود، وذلك بهدف الحصول هذه المادة بغرض التدفئة. فانقطاع التيار الكهربائي "بداعي التقنين" لمدة تزيد عن العشرة ساعات يوميا في منزله جعل مدفأة "المازوت"هي الوسيلة الوحيدة التي تقي عائلته من برد الشتاء.

كما سجلت بعض المناطق في ريف دمشق وخاصة القريبة من الاشتباكات مثل منطقة معضمية الشام انقطاع التيار الكهربائي عنها "لمدة تزيد عن الشهر ونصف"، حسب أم عامر وهو ما تصفه "بالعقاب الجماعي على المنطقة بأسرها". أما الحكومة فقد اكتفت بإصدار قرار تعلن فيه على لسان معاون مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية "عن عدم إمكانية توزيع كمية الـ 250 لترا من المازوت على المواطنين التي كانت قد وعدت بها المواطنين سابقا".

غلاء ونقص الخبز والوقود من الأزمات الرئيسية التي يمر بها الشعب السوري حالياصورة من: PHILIPPE DESMAZES/AFP/Getty Images


"الكاتو" بديلا عن الخبز
لا شك أن أزمة الوقود لم تتوقف عند التدفئة والمواصلات فحسب بل طالت أيضا رغيف الخبز الذي يعتبر من أبسط أساسيات الغذاء التي يعتمد عليه المواطن السوري . وفي هذا الإطار يقول ماهر حسان إن "رغيف الخبز أصبح أغلى من حياة الناس"، وذلك بعد أن شاهد طوابير الخبز التي تقف في حي ركن الدين الدمشقي على الرغم من حدوث اشتباكات في الشارع المقابل للمخبز.

كما شهدت أفران الخبز المنتشرة في دمشق ازدحاما شديدا وصل إلى حد حصول الكثير من المشاحنات والمشاجرات من أجل الحصول على ربطة خبز واحدة، فيما تكتفي الحكومة بوضع العديد من رجال الأمن على المخابز "سعيا منها لحل مشكلة الازدحام و ترتيب طوابير المواطنين حرصا منها على سلامتهم"، حسب تصريح مصدر حكومي. أما الحاجة أم عمر والتي تبلغ من العمر سبعين عاما فقد قررت بعد أن انتظار دام أكثر من ساعتين على أحد المخابز لم تستطع من خلالها أن تحصل على رغيف خبز واحد أن تتوجه إلى بائع الحلويات لتشتري الكعك بديلا عن الخبز. الحاجة أم عمر تحدثت لـ DW عربية عن هذه الظاهرة قائلة: "على الرغم من ارتفاع أسعار الحلويات إلا أنها تظل متوفرة أكثر من الخبز وتوفر على نفسي تعب الانتظار والازدحام، نعم لقد قررت أن آكل الكاتو بدلا عن الخبز".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW