السويد.. السجن مدى الحياة لمسؤول إيراني سابق أدين بجرائم حرب
١٤ يوليو ٢٠٢٢
بتهمة ارتكاب "جريمة خطيرة ضد القانون الدولي" وجرائم قتل، قضت محكمة سويدية بالسجن مدى الحياة على مسؤول إيراني سابق لمشاركته في عمليات إعدام جماعية أمرت بها طهران عام 1988، في حكم أدانته إيران وقد يؤجج التوتر بين البلدين.
إعلان
حكمت محكمة سويدية اليوم الخميس (14 تموز/يوليو 2022) على مسؤول إيراني سابق بالسجن مدى الحياة بتهمة المشاركة في إعدام سجناء سياسيين بإيران في الثمانينيات من القرن الماضي، بعد محاكمة غير مسبوقة.
وكان حميد نوري اعتقل في مطار ستوكهولم عام 2019 واتُّهم بارتكاب جرائم حرب بتنفيذ عمليات إعدام جماعي وتعذيب سجناء سياسيين في سجن كوهردشت في كرج بإيران عام 1988.
وقالت محكمة ستوكهولم في بيان: "إن المتهم بتوليه منصب مساعد نائب المدعي العام في سجن كوهردشت في كرج بطهران، بالاشتراك وبالتواطؤ مع آخرين، متورط في عمليات الإعدام التي وقعت بعد فتوى من المرشد الأعلى الإيراني".
وأضافت أن تلك الجرائم اعتبرت "جريمة خطيرة ضد القانون الدولي" وجرائم قتل، وتابعت: "الحكم هو السجن مدى الحياة". و"جرائم ضد القانون الدولي" هو المصطلح المستخدم من العدالة السويدية للدلالة على جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد الأشخاص الذين تم إعدامهم بأوامر حكومية بنحو خمسة آلاف. وقالت في تقرير عام 2018 إن "العدد الحقيقي قد يكون أعلى". ولم تعترف إيران بوقائع القتل.
ونوري هو الشخص الوحيد حتى الآن الذي تمت محاكمته على خلفية عمليات القتل التي استهدفت أعضاء من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، الذين كانوا يقاتلون في أجزاء من إيران، إلى جانب معارضين سياسيين آخرين. ولم يتسن الحصول على تعليق من محاميه. وندّد نوري بالاتهامات الموجهة إليه ووصفها بأنها "مؤامرة" دبّرتها منظمة "مجاهدي خلق" في محاولة لتشويه سمعة النظام في طهران، على حدّ قوله.
وفي أول رد فعل لها، أدانت إيران الحكم، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران "تدين بشدة هذا القرار السياسي الذي يقوم على توجيه اتهامات لا أساس لها ومفبركة بحق إيران ونظامها القضائي من خلال الحكم على حميد نوري بالسجن مدى الحياة". وشددت على أن الحكم "مرفوض" و"غير مقبول" من قبل الجمهورية الإسلامية.
.
الرئيس الإيراني أشرف على جرائم القتل
وسلطت المحاكمة الضوء على الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي يخضع لعقوبات أمريكية بسبب أفعاله السابقة التي تشمل ما تصفه واشنطن ونشطاء بدوره كواحد من أربعة قضاة أشرفوا على جرائم القتل في عام 1988. ولدى سؤاله عن هذه المزاعم، قال رئيسي للصحفيين بعد انتخابه عام 2021 إنه دافع عن الأمن القومي وحقوق الإنسان.
وأدت قضية نوري إلى توتر العلاقات بين إيران والسويد ووصفت طهران المحاكمة بأنها "غير قانونية".
وبدأت محاكمة نوري في آب/أغسطس 2021، ما أدى إلى توتّر العلاقات بين السويد وإيران وأثار خشية من أعمال انتقامية تطال السجناء الغربيين المحتجزين في إيران وبينهم مواطنان سويديان-إيرانيان. وكان قد جرى توقيفه في مطار ستوكهولم في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بعدما قدم معارضون إيرانيون في السويد شكاوى ضده لدى القضاء السويدي.
ويسمح القانون السويدي للقضاء بمحاكمة المواطنين السويديين والأجانب في جرائم تمثل انتهاكا للقانون الدولي ارتُكبت خارج السويد. ومن المتوقع أن يؤدي صدور الحكم إلى توتر أكبر في العلاقات بين ستوكهولم وطهران. وخشية من سلسلة اعتقالات طالت أخيراً مواطنين أوروبيين في إيران "بدون سبب واضح"، نصحت وزارة الخارجية السويدية مواطنيها بعدم السفر غير الضروري إلى إيران.
ويعدّ مصير الأكاديمي الإيراني-السويدي أحمد رضا جلالي، المحكوم عليه بالإعدام عام 2017 بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، مصدر القلق الرئيسي. وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن طهران تحتجزه "رهينة" وكانت تسعى لإبرام صفقة تبادل مع حميد نوري والدبلوماسي الإيراني السابق أسد الله أسدي، المحكوم بالسجن لمدة 20 عاماً في بلجيكا.
م.ع.ح/أ.ح (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
العلاقات العراقية الإيرانية.. تاريخ من النفوذ والتوتر
تتجذّر العلاقات بين العراق وإيران منذ سنوات طويلة، وقد غلب عليها التوتر في مراحل عديدة، وسط سعي إيرانيّ دائم لجعل العراق الساحة الرئيسية لنفوذها الإقليميّ. في ألبوم الصور هذا نلقي الضوء على تاريخ العلاقات بين البلدين.
صورة من: leader.ir
أهمية العراق بالنسبة لإيران
ظلت إيران تاريخياً تحاول بسط نفوذها على العراق بسبب أهمية موقعه الاستراتيجي، فهو يشكّل بوّابة إيران الشرقية على العالم العربي ومنه إلى البحر المتوسط مروراً بسوريا ولبنان. وتستغل إيران الروابط التاريخية والمذهبية بين البلدين في سبيل تحقيق ذلك، خاصة بعد تحولها للمذهب الشيعي في عهد الدولة الصفوية.
صورة من: DW-Montage
المذهبية.. "أداة التدخّل الشرعي"
تتخذ إيران من المذهب الشيعي وسيلة لاعتبار تدخّلها في العراق "شرعياً". فبالإضافة إلى الوجود الشيعي الكبير في العراق، يرتبط اسم العراق ارتباطاً وثيقاً بأحداث "التاريخ الشيعي"، حيث توجد فيه مدينتنا النجف وكربلاء، المقدّسة لأتباع المذهب الشيعي، كما أن مراقد ستة من الأئمة الاثني العشر توجد فيه، ولذلك يحج إليه ملايين الناس سنوياً.
صورة من: picture-alliance/dpa
الصراع الصفوي العثماني
يشكل الصراع بين الدولة الصفوية، والتي قلبت بلاد فارس (إيران) إلى المذهب الشيعي، والدولة العثمانية، إحدى المحاولات الواضحة لحكّام بلاد فارس للسيطرة على بلاد الرافدين (العراق). فبعد أن بسط الشاه سليمان الصفوي نفوذه في إيران، سيطر على العراق، إلا أن الدولة العثمانية تمكّنت من إخراجه من يد الحكم الصفوي. واستمر التوتر بين الطرفين للسيطرة على العراق حتى سقوط الصفويين ومجيء الأفشاريين ثم القاجاريين.
صورة من: DW/Helbig
معاهدة أرضروم
بعد انتصار القاجاريين على العثمانيين في معركة أرضروم 1823، وقّع الطرفان معاهدة حملت اسم المعركة، والتي اعترفت الدولة العثمانية بموجبها بحق إيران في مدينة وميناء المحمرة "خرم شهر" وجزيرة عبدان، وكذلك الأراضي التي هي على الضفة الشرقية لشط العرب. إلا أن تلك المعاهدة لم تكن قادرة على حد الخلاف على الحدود بين الطرفين.
صورة من: iichs
الخلاف على الحدود عند شط العرب
ورغم توقيع العراق وإيران معاهدة لرسم الحدود بين الطرفين في عام 1937، تعترف فيه طهران بحق بغداد في مياه شط العرب وتنظيم الملاحة فيه، ما عدا مناطق محددة، إلا أن الشاه الإيراني قام بإلغاء المعاهدة من طرف واحد في عام 1969 مستغلاً ضعف نظام البعث الذي كان قد وصل إلى السلطة قبل عام من ذلك، وقامت إيران بحشد قواتها العسكرية البرية والجوية والبحرية على طول خط الحدود بين العراق.
صورة من: DW-Grafik
الثورة الإيرانية وقدوم صدام.. في نفس العام
وفي عام الثورة الإيرانية 1979، تولّى صدام حسين زمام الأمور في العراق بإزاحة الرئيس أحمد حسن البكر، ليشتد العداء بين الطرفين، واللذين كانا يتبادلان التهم، طهران تتهم بغداد بإعدام الرموز الشيعية المعارضة، ومن أبرزهم محمد باقر الصدر، والعراق يتهم إيران بمحاولة تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول المجاورة وخصوصاً تلك التي فيها شيعة. يضاف إلى ذلك الخلاف على الحدود بين البلدين عند شط العرب.
صورة من: AP
الحرب العراقية الإيرانية
شكّلت الحرب العراقية الإيرانية التي نشبت بين 1980 و 1988 أوج التصعيد والتوتر بين البلدين، وخلّفت الحرب مئات آلاف القتلى والمصابين وعشرات آلاف الأسرى.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتفاضة عام 1991 في العراق
ورغم انتهاء الحرب بعد أن أعلن المرشد الأعلى الخميني قبول قرار مجلس الأمن الداعي لوقف القتال، إلا أن العلاقات بين البلدين لم تشهد تقارباً واضحاً، بل إنها عادت للتوتر مع اندلاع انتفاضة عام 1991 في العراق، حيث اتّهمت بغداد أن لطهران يد فيها، وهو ما أعاق تطبيع العلاقات بين البلدين.
صورة من: AP
الغزو الأمريكي للعراق – نقطة تحوّل
يشكل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 نقطة تحوّل جذرية في تاريخ العلاقات العراقية الإيرانية. حيث استأنف البلدان علاقاتهما الدبلوماسية في العام الذي تلا سقوط نظام صدام حسين، كما قام وفد عسكريّ عراقيّ - برئاسة وزير الدفاع آنذاك سعدون الدليمي- بزيارة إلى طهران وقدّم اعتذاراً لإيران عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، ووقّع الطرفان حينها اتفاقاً للتعاون العسكري في مجالات الدفاع ومحاربة الإرهاب.
صورة من: picture alliance/AP Photo
هيمنة إيرانية بعد الانسحاب الأمريكي
واستمرت العلاقات بالتحسن بدءاً من عهد رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، وتوثقت العلاقات في عهد المالكي، إلى أن وصلت إلى هيمنة إيرانية على العراق، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011، قبل أن يعود جزء من قواتها بطلب من الحكومة العراقية لمحاربة تنظيم الدولة.
صورة من: Lucas Jackson/AFP/Getty Images
في عهد العبادي
رغم استمرار الضغوط الإيرانية، إلا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي تمكّن –ولو نسبياً- من إعادة نوع من التوازن إلى علاقات العراق مع كل من أمريكا وطهران، وقد كشف العبادي أن بلاده تسعى أن تنأى بنفسها عن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، لكن التساؤلات ماتزال تطرح نفسها حول إمكانية ذلك بالفعل، وسط التأثير الذي مازال يمارسه الطرفان في كل انتخابات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام.
صورة من: Irna
خلاف المرجعيات
وتجدر الإشارة إلى وجود صراع حول مرجعية شيعة العراق بين الحوزتين الشيعيتين (المدرستان الرئيسيتان): حوزة النجف في العراق، وهي المقر التاريخي للحوزة من القرن الخامس، وحوزة قُمْ في إيران، وهي المقر المستحدث في أعقاب الثورة الإيرانية. بالإضافة إلى رفض الشيعة في العراق إلى جانب المرجع الأعلى للشيعة في العالم آية الله علي السيستاني لمبدأ ولاية الفقيه، وهو اساس نظام الحكم في إيران.
الكاتب: محيي الدين حسين