السويد- المحكمة العليا تعارض تسليم شخصين مطلوبين لتركيا
١٣ يوليو ٢٠٢٣
قضت أعلى محكمة في السويد بوجود عقبات قانونية أمام تسليم مواطنين تركيين تطالب بهما أنقرة وتتهمهما بالانتماء إلى حركة غولن، في خطوة قد تعقد جهود انضمام السويد إلى الحلف، بعد بضعة أيام من تخلي أردوغان عن اعتراضه.
إعلان
أصدرت المحكمة العليا في السويد، يوم الخميس (13 تموز/يوليو 2023)، قرارًا يقضي بوجود عقبات قانونية تحول دون تسليم شخصين إلى تركيا تتهمهما أنقرة بأنهما "إرهابيان"، ما قد يعقد مساعي السويد بالانضمام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" بعد أيام فقط من إسقاط تركيا اعتراضاتها على انضمام ستوكهولم للحلف.
وتسعى تركيا حاليًا إلى أن تتسلم من السويد مواطنين تركيين اثنين بموجب اتهامات بانتمائهما إلى حركة غولن التي تصنفها أنقرة منظمة إرهابية وتقول إن رجل الدين فتح الله غولن، الذي يقيم في الولايات المتحدة كان وراء محاولة انقلاب في عام 2016.
ويشير الطلب التركي إلى أن الشخصين اللذين يتمتعان بوضع لاجئ في السويد قاما بتنزيل تطبيق يستخدمه أعضاء الحركة.
وقالت المحكمة العليا في قرارها إنه لا يمكن لهذا التنزيل وحده أن يدل على الانتماء إلى المنظمة المدانة بموجب قانون مكافحة الإرهاب السويدي، مضيفة أن التسليم يجب أن يستند إلى أفعال تشكل جريمة في كل من السويد وتركيا.
وأضافت أن هناك عقبة أخرى تتمثل في أنّ الشخصين عرضة لاحتمال الملاحقة في تركيا. وأصدرت الدولة الإسكندنافية قوانين أكثر صرامة لمكافحة الإرهاب الشهر الماضي.
ويعود القرار النهائي بشأن تسليم الشخصين لتركيا إلى حكومة السويد، لكن ستوكهولم ملزمة باتباع قرارات المحكمة العليا عندما تعارضها الأخيرة. وسيثير هذا الحكم على الأرجح استياء أنقرة بعد توتر حول عملية انضمام السويد إلى الناتو.
وامتنع متحدث باسم رئيس الوزراء السويدي عن التعليق، ولم يرد المتحدث باسم وزير العدل على طلب للتعقيب، كما لم يتسن الوصول إلى المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية.
وتتهم تركيا السويد بأنها متساهلة جدًا مع الناشطين الأكراد أو أتباع رجل الدين فتح الله غولن الذين لجؤوا إلى الدولة الإسكندنافية، مع اعتبار تسليم المطلوبين نقطة خلاف رئيسية، وهو أحد أسباب تأخر انضمام السويد إلى الحلف.
وعلى الرغم من إعطاء الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الناتو، أعلن الرئيس التركي الاثنين قبل قمة التحالف في فيلنيوس، أن الطريق ما زال طويلًا أمام السويد.
وقال أردوغان الأربعاء إن المصادقة على انضمام السويد إلى الحلف لن تكون ممكنة قبل تشرين الأول/أكتوبر بعد العطلة الصيفية للبرلمان التركي. ويمكن أن تعطل حوادث أخرى العملية. فقد عبرت أنقرة عن غضبها مرات عدة في الأشهر الأخيرة لسماح السويد بإحراق نسخ من المصحف خلال تظاهرات عامة.
م.ع.ح/أ.ح (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP