السويد تنأى بنفسها عن فصائل كردية من أجل تركيا وعضوية الناتو
٥ نوفمبر ٢٠٢٢
أكدت السويد أنها ستنأى بنفسها عن "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا، من أجل الانضمام إلى حلف الناتو، في خطوة تهدف لإرضاء تركيا التي أكدت استمرار اعتراضها على انضمام كل من السويد وفنلندا للحلف بمزاعم "دعمهما للإرهاب".
إعلان
قال وزير الخارجية السويدي للإذاعة اليوم السبت (الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2022) إن الحكومة الجديدة في البلاد ستنأى بنفسها عن فصائل "وحدات حماية الشعب" الكردية، في الوقت الذي تحاول فيه الفوز بموافقة تركيا على الانضمام لحلف شمال الأطلسي(الناتو).
وصرح وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم للإذاعة الحكومية: "هناك صلة وثيقة جدًا بين هذه المنظمات وحزب العمال الكردستاني ... الذي يستفيد من العلاقة الجيدة بيننا وبين تركيا"، وأضاف: "الهدف الأساسي هو عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي".
وتأتي الخطوة قبل أيام فقط من سفر رئيس الوزراء أولف كريسترسون إلى أنقرة الثلاثاء المقبل لمحاولة إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسماح للسويد بالانضمام إلى الحلف العسكري. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن مباحثات أردوغان مع كريسترسون ستكون "حاسمة".
ويعطّل أردوغان دخول السويد وفنلندا إلى الحلف الأطلسي منذ أيار/مايو. وأكد أردوغان مجددا أمس الجمعة خلال اجتماع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ أن أنقرة ستوافق على عضوية السويد وفنلندا بعد اتخاذهما الإجراءات التي تطالبهما بها. وقالت الرئاسة التركية في بيان بعد الاجتماع إن "الرئيس أردوغان شدد على أن نسق وتوقيت مسار المصادقة ... سيتحددان بالخطوات التي لا يزال يتعين على الدولتين اتخاذها".
وتتهم تركيا الدولتين الاسكندنافيتين بإيواء نشطاء من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب اللذين تصنفهما تنظيمين "إرهابيين". ولتجاوز اعتراضات تركيا، وقعت الدول الثلاث مذكرة تفاهم على هامش قمة الناتو في مدريد في حزيران/يونيو، تتناول خصوصًا طلبات تسليم المطلوبين. وتنفي كلتا الدولتين الاسكندنافيتين مزاعم بدعم الإرهاب، لكنهما تعهدتا بتقديم تنازلات بشأن حالات الترحيل للمطلوبين من جانب السلطات التركية .
ضغوط تركية على السويد وفنلندا لتسليم المعارضين السياسيين في الخارج
03:38
وقال حلف الأطلسي في بيان مساء الجمعة إن ستولتنبرغ "رحب بالخطوات الهامة والملموسة التي اتخذتها الدولتان لوضع المذكرة موضع التنفيذ، وأكد أن عضويتهما ستقوّي الناتو".
وكان الأمين العام لحلف الناتو قد دعا الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في إسطنبول، إلى منح السويد وفنلندا عضوية الحلف من أجل "توجيه رسالة واضحة إلى روسيا".
وقدمت السويد وفنلندا طلب الانضمام إلى الحلف في وقت سابق هذا العام، كنتيجة مباشرة للغزو الروسي لأوكرانيا.
وصادقت حتى الآن 28 دولة عضو - من أصل 30 - في الحلف الأطلسي على انضمام البلدين، ويتطلب منح العضوية موافقة كافة الدول الأعضاء. وتركيا والمجر هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم تصادقا حتى الآن على عضوية السويد وفنلندا. وقالت دولتا الشمال الأوروبي قبل أيام قليلة إنهما متفائلتان بأن المجر ستتخلى عن اعتراضاتها.
وتنظر تركيا إلى وحدات حماية الشعب الكردية السورية وجناحها السياسي "حزب الاتحاد الديمقراطي" على أنهما امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي أعلن تمردًا ضد تركيا عام 1980 وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيمًا إرهابيًا.
ودعمت السويد، إلى جانب الولايات المتحدة وعدة أعضاء في حلف الأطلسي وحدات حماية الشعب في معركتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ومع ذلك، تعهدت تركيا بعرقلة طلب السويد للانضمام إلى الحلف إذا لم تتوقف عن دعم هذه الفصائل.
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP