السياسة الألمانية في المنطقة ـ دعم حق إسرائيل في الوجود وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة
٢٨ أغسطس ٢٠٠٩لا تخفي ألمانيا دعمها لحقّ إسرائيل في الوجود وفي الدّفاع عن نفسها، لكنها تؤكّد في الوقت نفسه على حقّ الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلّة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل. ورغم هذا الموقف المتوازن إلا أنّ البعض لا ينظر بالضرورة إلى دور ألمانيا في المنطقة كطرف محايد، الأمر الذي جلب للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انتقادات حادة من الجانب العربي، على الأقل مرتين: الأولى؛ على خلفية اعتبارها أن مهمة القوات الدولية في لبنان هي حماية إسرائيل. والثانية بسبب مساندتها الواضحة لإسرائيل أثناء حرب غزّة الأخيرة.
الموقف الألماني تجاه إسرائيل تحركّه دوافع تاريخية
لكنّ للسّياسة الألمانية في الشرق الأوسط خلفية تاريخية، فهي مبنية على العلاقة الخاصّة بين إسرائيل و ألمانيا والنّابعة من شعور الأخيرة بالمسؤولية التاريخية عن مقتل نحو ست ملايين يهودي خلال فترة حكم النظام النازي. الأمر الذي ولّد لدى الألمان شعوراً بالمسئولية الدائمة تجاه إسرائيل وجعل هذه العلاقة الخاصّة من ثوابت السّياسة الخارجية لألمانيا، علاقة حوّلتها ميركل في السّنوات الأخيرة إلى شراكة إستراتيجية مع الدولة العبرية. لكنّ هذه العلاقات الخاصّة لا تحظر كما لا تمنع من انتقاد إسرائيل أحياناً، وبالأخصّ من خلال وسائل الإعلام الألمانية، وصولاً إلى مطالبة المستشارة الألمانية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف الاستيطان اليهودي، خلال اجتماعهما يوم أمس (27 أغسطس/ آب) في برلين. لكن على كل حال فإن الانتقادات الألمانية لإسرائيل ليست بنفس حدة الانتقادات التي قد تصدر عن دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وبريطانيا.
ألمانيا - أول من سعى لإشراك دمشق في مفوضات السلام
وعلى الرّغم من أن علاقة ألمانيا مع الفلسطينيين أو مع أية دولة عربية أخرى ليست بنفس عمق العلاقات مع إسرائيل، إلاّ أنه مع ذلك تحظى ألمانيا بصوت مسموع في الدول العربية. فعلى سبيل المثال كان وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير من أوائل السياسيين الغربيين الذين أجروا اتصالات بشكل علني مع النظام السوري عام 2006، بهدف إشراك دمشق فيما بعد في حل سلمي شامل في المنطقة؛ وهو الأسلوب الذي تبنّته الولايات المتحدة في هذه الأثناء.
إنه على الرغم تمتع ألمانيا بصفة عامة بسمعة طيّبة في العالم العربي، إلاّ أنّ تأثيرها السّياسي في المنطقة عموما وعلى إسرائيل يعدّ محدودا. وبالمقارنة مع الولايات المتّحدة فإن حتّى الاّتحاد الأوروبي بأسره لا يمتلك ذلك التأثير السياسي الكبير لممارسة ضغوط على أطراف النّزاع. وأحيانا تنقص أعضاء الاتحاد الأوروبي الإرادة الضرورية للاتفاق حول موقف موحّد.
نجاح الوساطة الألمانية في تبادل الأسرى
أمّا النجاحات التي حققتها ألمانيا في منطقة الشرق الأوسط كانت في مجال تبادل الأسرى. فقد نجح كبار مسؤولي المخابرات الألمانية مرّتين في الوساطة بين إسرائيل وحزب اللّه لتبادل الأسرى. وتحاول ألمانيا في الوقت الرّاهن التوسط، في مفاوضات سرية بين إسرائيل وحركة حماس من أجل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط مقابل إطلاق سراح مئات من معتقلي حماس. لكن على الرغم من تاريخ ألمانيا ومسئوليتها عن محرقة اليهود وعلى الرغم من إلقاء أنجيلا ميركل اللّوم على حماس بشكل كامل في الحرب الأخيرة في قطاع غزة، إلاّ أنّ ألمانيا تحظى على ما يبدو بثقة جميع الأطراف حينما يتعلّق الأمر بالحالات الإنسانية.
الكاتب: راينر زوليش / ياسر أبو معيلق
مراجعة: عبده جميل المخلافي