1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف ستكون سياسة ألمانيا الخارجية بعد رحيل ميركل؟

٢ مارس ٢٠٢١

من المرجح أن يكون المستشار القادم إما آرمين لاشيت أو ماركوس زودر. فما هي السياسة الخارجية التي يمكن أن ينتهجها كل منهما؟ وهل يمكن أن يشكل أي منهما قطيعة مع نهج وسياسة ميركل الخارجية الحالية؟

صورة مركبة لأنغيلا ميركل وخليفيتها المحتملين ماركوس زورد وآرمين لاشيت
ما هي ملامح السياسة الخارجية لمستشار ألمانيا القادم بعد رحيل ميركل؟

"من المتوقع أن يكون المستشار الألماني ملما بالسياسة الخارجية والأوروبية". هذا ما قاله الرئيس الجديد لحزب الاتحاد المسيحي الديمواقراطي ورئيس وزراء ولاية شمال الراين - ويستفاليا، آرمين لاشيت في مقابلة مع رويترز في بداية شهر شباط/ فبراير الفائت، وأراد من خلالها التمييز بشكل إيجابي بينه وبين منافسه فيما يتعلق بمسألة الترشح لمنصب المستشار. لكن ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا ورئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، رد فورا على ذلك. إذ تحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمدة 45 دقيقة وأكد على "أوجه تشابه كبيرة" مع ماكرون. ومن بين الملفات التي ناقشها خلال المحادثة الهاتفية باللغة الإنجليزية مشاريع الطيران المشتركة مثل الطائرات المقاتلة الأوروبية، بسبب تواجد شركات طيران عسكرية ومدنية مهمة في ولاية بافاريا، وبذلك جمع زودر نقاطا لصالحه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والتجارة الخارجية. وكان زودر قد طالب بدور أكثر فاعلية للسياسة الخارجية الألمانية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

تزايد أهمية ألمانيا

إنه مثال واحد فقط على ما يقوم به المرشحان المحافظان المحتملان من أجل الدعاية لنفسهما حالياً على المستوى الدولي قبل أن يتفقا فيما بينهما  قبل عيد الفصح على منهما سيكون مرشح الاتحاد المسيحي. يوهانس فارفيك، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هالي، لا يرى مهمة  كل من لاشيت وزودر، سهلة، ويقول لـ DW "أي خليفة لمستشارة تمتلك عقدا ونصفا من الخبرة في السياسة الخارجية و التي تم تعزيزها في العديد من الأزمات، عليه أن يرتقي أولاً إلى لعب هذا الدور. في الوقت نفسه، ازدياد الأهمية الدولية لألمانيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لا يسمح لأي مستشار بالتخلف عن الركب. على العكس من ذلك، المستشار الجديد سيزداد الضغط عليه فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا المركزية".

من حيث الخبرة السياسية الخارجية وبالأخص الأوروبية، من الواضح أن لاشيت يتقدم بخطوة واحدة، وذلك بفضل نشاطه. فقد نشأ في آخن على المثلث الحدودي بين ألمانيا وبلجيكا وهولندا، طور وعياً مبكراً بأهمية التعاون عبر الحدود. حتى في أوقات كورونا، دافع لاشيت، بصفته رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا، عن الحدود المفتوحة. ومن 1999إلى 2005 كان عضواً في البرلمان الأوروبي. هناك تعامل مع السياسة الخارجية والأمنية ودعا في كثير من المناسبات إلى المزيد من الشجاعة في الاندماج الأوروبي.

اكتسبت ميركل خبرة كبيرة وسمعة طيبة على الساحة دولية خلال السنوات الماضيةصورة من: Reuters/Prime Minister's Office/A. Scotti

في المقابل لن تجد هذا الاهتمام بالقضايا الأوروبية لدى ماركوس زودر. من منظور السياسة الأوروبية، يرى فارفيك "أن صفحته ما زالت بيضاء إلى حد ما". يذهب تورستن بينر، رئيس المعهد العالمي للسياسات العامة في برلين، إلى أبعد من ذلك. إذ يرى أن زودر لديه "ارتباط عاطفي ضئيل أو معدوم بالمشروع الأوروبي ولن يخجل من التحريض الانتهازي ضد بروكسل إذا بدا له أن ذلك مفيد سياسياً".

التحالف عبر الأطلسي ليس مجانياً

لكن القاسم المشترك بين السياسيين هو التركيز على الاتحاد الأوروبي وفرنسا أكثر من التركيز على الولايات المتحدة الأمريكية. للتذكير: قامت أنغيلا ميركل بزيارة إلى واشنطن في عام 2003 كرئيسة لحزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، ودعمت حرب العراق التي شنها الرئيس جورج دبليو بوش، والتي قوبلت في ذلك الوقت بالرفض الشديد من قبل الأغلبية الكبيرة في ألمانيا، بما في ذلك من قبل رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي والمسشتار آنذاك غيرهارد شرودر.

كان عبور الأطلسي صعباً للغاية على السياسيين الألمان في السنوات الأربع خلال حكم ترامب. "لطالما كانت أمريكا أرض الحرية والديمقراطية بالنسبة لنا"، اشتكى لاشيت في خطاب ترشيحه لرئاسة الاتحاد المسيحي الديموقراطي بعد اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول في واشنطن في يناير 2021. من جانبه اعترف زودر مؤخراً بأن حبه لأمريكا تم اختباره بشدة من قبل ترامب. كلاهما الآن يعلق آمالا كبيرة على الرئيس الجديد جو بايدن. خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي، دعا الشركاء: "إلى عودة التحالف عبر الأطلسي". غير أن تقارب بايدن لن يكون بالمجان. فهو مثل أسلافه، يطالب الشركاء الأوروبيين بزيادة الإنفاق على التسلح وتحمل المزيد من المسؤولية في السياسة الأمنية. زودر يتفق مع ذلك من حيث المبدأ، لكنه يؤكد: "نحن لسنا أطفالًا صغاراً. نحن شركاء، ولسنا تابعين أو مرؤوسين،" قال زودر لوكالة أسوشيتد برس قبل أيام قليلة. لاشيت ملتزم أيضاً بهدف الناتو المتمثل في إنفاق الدول الأعضاء اثنان في المائة من ناتجها القومي على الدفاع ، وهو ما لم تحققه ألمانيا حتى الآن.

زودر: التوازن بين المصالح والقيم

تشكل سياسة ألمانيا مع الصين وروسيا عقبة أمام تعزيز التعاون الوثيق عبر الأطلسي. مثل ترامب، يبدو بايدن أيضا يرى أن برلين متساهلة للغاية مع الحكومتين بسبب مصالح السياسة التجارية. لكن يبدو أن ذلك لن يتغير سواء مع المستشار لاشيت أو زودر. فقد تحدث لاشيت مؤخراً عن "تنافس الأنظمة" بين الغرب والصين. لكن لم يستبعد مشاركة شركة Huaweiالصينية في بناء شبكة 5G للهاتف المحمول، وهو ما تنتقده واشنطن بشدة. من ناحية أخرى، قال زودر في الصيف الماضي في حوار مع القناة الألمانية الثانية ZDF فيما يتعلق بالسياسية الخارجية تجاه الصين: "يبدو لي أن إيجاد التوازن الصحيح بين المصالح والقيم يمثل التحدي الأكبر للسياسة الخارجية الألمانية في السنوات المقبلة". لكن ذلك لم يكن الشدة التي تنتظرها واشنطن من ألمانيا في التعامل مع الصين.

يرغب جو بايدن في التقارب مع الأوروبيين، لكن ذلك لن يكون بالمجان.صورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images

سياسة مستقلة تجاه روسيا

أما بالنسبة للسياسة تجاه روسيا، يعارض كل من لاشيت وزودر مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بوقف بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا إلى ألمانيا. كما يريد لاشيت أن يفصل بشكل صارم الهجوم على السياسي المعارض الروسي أليكسي نافالني - الذي يدينه بشدة - عن صفقات الغاز. خلال زيارة له إلى موسكو قبل عام، واصل زودر تقليد رؤساء الوزراء البافاريين السابقين لمتابعة سياستهم التجارية البافارية الروسية، المنفصلة عن الاختلافات السياسية في الرأي. أما عن لاشيت، تعود التصريحات التي أدلى بها قبل بضع سنوات إلى الواجهة: بعد فترة وجيزة من الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، انتقد لاشيت "الشعبوية المعادية لبوتين" في ألمانيا ورغم أن احتلال القرم "ينتهك بوضوح القانون الدولي"، إلا أن على المرء "وضع نفسه في مكان محاوره للنهوض بالعلاقات الخارجية".

النائب البرلماني أوميد نوريبور المنتمي إلى حزب الخضر، الذي قد يكون حزبه شريكاً في الائتلاف الحكومي مستقبلا، شكك في مقابلة صحفية في قدرة لاشيت على ربط الاتحاد الأوروبي بموقف التفاهم هذا، كما يدعي لاشيت. وتنظر دول الاتحاد الأوروبي الشرقية على وجه الخصوص بنظرة نقدية لأي لهجة تملق من ألمانيا تجاه الكرملين.

الأسد أهون الشرين!

حتى أن لاشيت أشاد بدور روسيا في الحرب السورية عام 2014 قائلاً: "حذر الروس منذ البداية من الجهاديين. لقد وصفنا ذلك بأنه دعاية". كما أظهر نوعا من التفهم لموقف الرئيس السوري بشار الأسد، حيث كان هناك على الأقل تنوع ديني معين قبل الانتفاضة الشعبية، ورأى لاشيت الإسلاميين أكثر خطورة من نظام الأسد. لا يريد فارفيك المبالغة في تقدير مثل هذه التصريحات، إذ "يمكن أن يفهم ذلك كشكل من أشكال الواقعية في السياسة الخارجية التي تسأل بشكل واقعي عن إمكانيات التأثير لدى المرء وما الذي هو على استعداد لتوظيفه ومن ثم مواءمة خطابه واستراتيجيته وفقاً لذلك. لا أعتقد أنه خطأ جوهري ". ومع ذلك، فإن تصريح لاشيت يتسبب في انتقادات حتى يومنا هذا، وحتى داخل دوائر الاتحاد المسيحي.

آرمين لاشيت وماركوس زودر.. ملامح سياستهما الخارجية لا تبدو مختلفة كثيرا عن سياسة ميركل الراهنةصورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance

ظهور جيد على الساحة الدولية

لا يتوقع أي من الباحثين السياسيين أي اختلاف جوهري عن السياسة الخارجية لميركل، لا مع المستشار لاشيت ولا مع المستشار زودر. على العكس من ذلك، يرى تورستن بينر أن كليهما سيحاولان انتهاج نفس السياسة الخارجية الحالية. لكن ومع ذلك سيواجهان عقبات: "من ناحية، لأن نهج ميركل لا يمكن أن يستمر ببساطة بسبب التناقضات، من ناحية أخرى لأن شركاء التحالف المحتملين، وخاصة حزب الخضر، سيصرون على تغيير المسار في القضايا المهمة. على سبيل المثال في السياسة تجاه الصين، حيث تتسبب السياسة الخارجية الأحادية للسيارات في إلحاق أضرار جسيمة بمستشارة ألمانيا".

كخلاصة عامة، توصل فارفيك إلى التقييم التالي: "كلاهما سياسيان مهنيان لم يكن لهما أي تركيز على السياسة الخارجية حتى الآن. (...) بالتأكيد، سيكتشف كلاهما بسرعة أن السياسة الخارجية مهام المستشار الأساسية. لاشيت يتمتع بخبرة دولية أكثر من زودر، ولكن كلاهما لهما علاقات جيدة على المستوى الدولي. ويمكن الوثوق بهما بنفس القدر في أداء دور جيد على الساحة الدولية".

كريستوف هاسيلباخ / إ.م

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW