الشباب وضغط الامتحانات...اقتراحات وحلول
١٨ يناير ٢٠١٠"في الامتحان يكرم المرء أويهان" هذه العبارة وغيرها، تعكس زيادة الضغط النفسي مالإجتماعي لدى الطلبة أثناء فترة الامتحانات، إذ تعد هذه الفترة من الفترات الحرجة التي لا يعيشها الطلبة فحسب ، بل تمتد أثارها إلى داخل البيوت وتعلن حالة الطوارئ والاستنفار في المجتمع، وتجتاح موجة عارمة من القلق والتوتر قلوب كلا من الطلاب وأوليائهم، فإما فرح مكلل بنجاح أورسوب تنكس له الرؤوس.
ورغم الاختلافات بين نظام الدراسة في الجامعات الألمانية والعالم العربي، إلا أن ضغط الامتحانات في ألمانيا لا يختلف كثيراً عن العالم العربي، إذ يعاني الطلاب في ألمانيا من ضغوطات كبيرة وخاصة في ظل النظام الدراسي الجديد الذي تم تعديله في السنوات الأخيرة ليتوحد مع نظام الدراسة في أوروبا.
" تعديل نظام التعليم في ألمانيا يزيد من ضغط الامتحان"
و في هذا الإطار تم تغيير أساليب تقييم الطالب، إذ لم يعد تقييمه يعتمد على امتحان نهائي شامل فقط، و إنما على كامل أدائه خلال الموسم الدراسي، الأمر الذي يضع الطالب تحت الضغط، فيجبره على العمل الجاد والمتواصل سعياً للحصول على أفضل النتائج، إضافة إلى الرغبة في إنهاء الفترة الدراسية في الوقت المحدد مثلما يؤكد كريستيان وهو يدرس علوم الاتصال في جامعة بون، وهو يعمل من أجل تمويل دراسته مما يزيد من الأعباء الملقاة على عاتقه ويقول بهذا الصدد " أعمل طوال اليوم، عشت خلال الفصلين الدراسيين الأخيرين تحت ضغط كبير ولم يكن لدي أي وقت للقيام بأي شيء آخر، ثم أتت فترة الامتحانات، ياله من شيء رهيب ووقت عصيب".
وتوافق كلارا التي تدرس علم الاجتماع والأدب الألماني كريستان في رأيه قائلة" خلال هذا الفصل كان علي أن أحضر لإلقاء خمسة محاضرات وأكتب بحثاً علمياً ومقالة إضافة إلى التحضير للامتحان وهذا شيئ مرهق للغاية".
"نظام الامتحانات المضغوطة ظلم للطلاب"
ويسعى الكثير من الطلبة أثناء فترة الامتحانات إلى الاستغناء عن النوم والعمل ليل نهار وهو الأمر الذي لا ينصح به الخبراء والأطباء لأن النوم من الأشياء الضرورية لمساعدة الجسم على زيادة الاستيعاب والتركيز. ويرى محمد هاني الذي يدرس العلوم الاقتصادية في الجامعة الكندية في مصر أن نظام الامتحانات المضغوطة فيه ظلم للطلبة، إذ أنها ترهق الطلبة وتقلل من قدرتهم على الإبداع على حد قوله: " تم امتحاني في ستة مواد خلال عشرة ايام وهوشيء مرهق للغاية، الأمر الذي دفعني إلى اختصار عدد ساعات النوم إلى ساعتين في اليوم فقط، فكيف لي ان أركز وأبدع في الامتحان؟" إضافة إلى التخلي عن النوم لم يعد لدى محمد أي وقت لممارسة أي شيئ آخر في حياته سوى المواظبة على الدراسة "، ليس لدي وقت لرؤية أصدقائي ولم أعد أتمكن من ممارسة الرياضة وهذا شيء مرهق جداً".
ومن جهة أخرى ترى سمر التي تدرس علم النفس في المعهد العالي للعلوم الإنسانية في جامعة تونس المنار أن ضغط الامتحانات يشعرها بالضجر، الأمر الذي يمنعها من متابعة الدراسة بالشكل المطلوب إذ كان يتوجب عليها أن تقدم تسعة امتحانات في غضون ثلاثة أيام "بدأت الدراسة والتحضير قبل شهر من موعد تقديم الامتحانات".
جدوى تناول المنشطات؟
ولعل تزايد الضغط على الطلاب أثناء فترة الامتحانات يدفع بعضهم إلى اللجوء لتناول بعض المنشطات كما حصل مع بعض الطلبة في ألمانيا. نتالي هي واحدة من تلك الطلبة التي تعاني من ضغوط نفسية دائمة قبل الامتحانات، الأمر الذي دفعها إلى تناول حبوب خاصة للتخلص من التوتر الذي يصيبها على حد قولها" تناولت بعض الحبوب المنشطة المصنوعة من مكونات طبيعية لأتخلص من الضغط النفسي".
ويحذر الأطباء وعلماء النفس جميع الطلبة من اللجوء إلى تناول المنشطات للتخلص من الضغط النفسي، وذلك لما لهذه المنشطات من أثار سلبية على المخ والجهاز الهضمي كما تؤكد الطبيبة النفسية كلاوديا مولر في حديث لها مع دويتشه فيله " تلعب هذه المنشطات دورا كبيرا في تحسين قدرة الطالب على التركيز لأنها تطرد النعاس وترفع نسبة الانتباه إلا أنها لا تحسن القدرة على الاستيعاب وحين ينتهي مفعول هذه المنشطات يصاب المرء بحالة انهيار كامل".
وهو تماماً ما لاحظته نتالي، مما دفعها إلى التفكير بطريقة أخرى للتخلص من ضغط الامتحانات ". أحاول التغلب على الضغط النفسي الذي يصيبني قبل الامتحان من خلال تنظيم وقتي بشكل جيد وعدم إضاعة الوقت وأحاول في هذه الفترة الإكثار من تناول الشوكولاتة".
وتشاركها الرأي سمر، إذ أنها غالباً ما تعاني من زيادة كبيرة في الوزن في نهاية فترة الامتحانات بسبب تناولها المفرط للشوكولا حسب تعبيرها.
"لابد من تعديل طريقة الامتحان لتناسب الحياة العصرية"
ومن جانب أخر، يأمل محمد أن يتم تعديل نظام الامتحانات وأن يكون الامتحان هو تطبيق عملي للمادة التي تم تناولها خلال الفصل، فهو يرى أن هناك الكثير من الطلبة الذين يقومون بحفظ المعلومات دون أن يكون لديهم أي تصور عملي لأهمية هذه المادة في المستقبل. وتشارك سمر محمد في رأيه، فهي ترى أن تقييم الطالب يجب أن يكون بطريقة أسهل وأمتع تمكن الطالب من إبراز مواهبه وإبداعاته بشكل أفضل. كما أنها تشدد على ضرورة الامتحانات الشفهية والتي من شأنها تقوية حس الطالب في التعامل مع الآخرين وتضيف قائلة" عندما يتخرج الطالب ويعمل في شركة ما، لن تكون مهمته الإجابة على أسئلة الامتحان ولكن لابد أن يكون هناك تواصل مع الآخرين".
وعلى صعيد آخر يرى محمد أن هناك ضرورة قصوى لإعادة هيكلة نظام التعليم في العالم العربي ووضعه من قبل إخصائيين نفسيين، ويضيف قائلاً " يجب أن تكون نشأة عقلية الطالب مبنية على أسس نفسية لكي يتمكن الطالب من التعرف على مواهبه" وهو يدعو جميع المسؤولين عن التعليم إلى فصل العلم عن جميع المشاكل الأخرى التي قد تواجه المجتمع، وأن يؤخذ بعين الاعتبار" أن الطالب ليس آلة وإنما هو كائن حي بحاجة إلى الراحة والنوم و خاصة في فترة الامتحانات" .
الكاتبة: دالين صلاحية
مراجعة: حسن زنيند