Parlamentswahlen im Libanon
٧ يونيو ٢٠٠٩يوم الأحد هو يوم عطلة في لبنان، لكن صباح هذا الأحد السابع من حزيران/يونيو مختلف تماما عن سابقيه. استيقظ الناس مبكرين، وازدحمت الشوارع بالسيارات والمارة منذ ساعات الصباح الباكر. إنه يوم الانتخابات النيابية الذي يشهد اهتماما منقطع النظير في العاصمة بيروت وسائر مناطق لبنان، وهو يوم أشبه بيوم المباراة النهائية لكأس العالم في كرة القدم، حيث حماسة الناخبين تفوق حماسة المرشحين أحيانا!
وهذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الانتخابات النيابية في لبنان في يوم واحد، إذ جرت العادة في السابق أن تجرى هذه الانتخابات على أربع مراحل. لكن خطوة الحكومة الحالية بإجرائها في يوم واحد قصدت تجنب تأثير نتائج الانتخابات في منطقة على مزاج الناخبين في المناطق الأخرى. وهو إجراء وافقت عليه الأغلبية والمعارضة معا. لكنه في الوقت نفسه يفسر الازدحام الشديد في الشوارع، خصوصا في الطرق الرئيسية المؤدية من بيروت إلى مختلف المناطق.
تعبئة شاملة
وتيرة الإقبال العالية على مكاتب الاقتراع سببها ما يمكن تسميته "الشحن المعنوي" الذي قامت به الأحزاب السياسية على اختلاف ألوانها. كأنما النتائج ستحسم بفارق صوت واحد أو صوتين. ربات البيوت يقترعن مبكرا للتفرغ لشؤون البيت. الشباب من الجنسين يقترعون مبكرا كذلك لكي يذهبوا بعد الاقتراع إلى شواطئ البحر في هذا اليوم المشمس. أما الرجال فيريدون الذهاب بعده إلى المقاهي لاستكمال المناقشات الحادة حول الشأن الانتخابي.
وتذهب معظم التوقعات إلى أن نسبة الاقتراع ستفوق نسب الدورات الانتخابية السابقة بين اللبنانيين المقيمين. أنصار المرشحين يبحثون عن كل ناخب وناخبة. يتوجهون إلى البيوت بل وإلى المستشفيات ودور العجزة. في مكتب اقتراع مثلا حمل شباب مريضا مقعدا أتوا به لكي يشارك في الانتخاب. ومن اللبنانيين في المهجر وصلت أعداد غفيرة. في الأسبوع الماضي بلغ عدد القادمين فقط عن طريق المطار نحو ثلاثين ألفا. وسيكون لهؤلاء الدور الحاسم في نتائج الانتخابات.
غياب برامج انتخابية سياسية أو اقتصادية
حين تجلس في المقهى وتستمع إلى حوارات الناس وتعرف أن ثمن شراء الصوت الواحد بلغ عند الظهر في بعض المناطق 500 دولار، تتساءل من أين هذه الأموال الباهظة. صاحب المقهى يقول باللهجة المحلية وهو ينفث دخان النارجيلة: "شي من السعودية شي من إيران".
لا برامج سياسية أو اقتصادية إنمائية أو اجتماعية لدى الأحزاب المتصارعة. الناخبون يتأثرون بالزعامات السياسية التقليدية، وكذلك بالاصطفاف الطائفي أو المذهبي. كما يتأثرون بالشعارات الرنانة وهي لدى هذا الفريق أو ذاك تدعي حماية لبنان وازدهاره من خلال شعارات عامة. وهذه تجد انعكاسها أيضا في نقاشات الناخبين. أمام أحد مكاتب الاقتراع يقول أحد الواقفين في طابور طويل: "أريد حرية لبنان وٍانتخب أنصار الحرية"!، فيرد عليه الثاني: " جماعتك لا يريدون الحرية"، فيصرخ رجل عجوز فقد معظم أسنانه: "لا تثرثروا في السياسة. لا هذا ولا ذاك يحب لبنان. كلهم يتحركون بالريموت كونترول من الخارج".
وتجري المنافسة على أشدها في المناطق التي تسكنها أغلبية مسيحية حيث التنافس على أشده بين مرشحين ينتمون إما للأكثرية أو للمعارضة. وفي المناطق ذات الأغلبية الشيعية الأمر محسوم لصالح مرشحي حزب الله وحركة "أمل". أما في المناطق السنية فالولاء لتيار "المستقبل" بزعامة سعد الحريري. وسيقترع معظم الدروز كما جرت العادة للوائح الحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط حسب معظم التوقعات.
"ماذا يقول الألمان عنا؟ مع من هم؟
تخرج سيدة من مكتب اقتراع. على إبهام يدها اليسرى حبر مثل حبر البصمات. وهي ليست أمية. لكن على كل مقترع غمس إصبعه في الحبر حتى لا يقترع مرة أخرى. رجال الشرطة يبعدون مندوبي المرشحين عن مكاتب الاقتراع. وهؤلاء أشبه بالباعة الجوالين عند تقاطع الشوارع يعرضون لوائح مطبوعة بأسماء مرشحين. قال أحدهم لزميله الآتي للاقتراع معه: "احذر اللوائح الملغومة"، ملغومة؟ نعم. ترى الاسم الأول للمرشح الأول مكتوب بشكل صحيح، بينما كُتبت الأسماء الأخرى بشكل خاطئ كي يصبح الصوت لاغيا عند الفرز!
الاقتراع حتى الظهر تم في هدوء كبير نسبي. وزارة الداخلية قامت بواجبها لمنع التلاعب. وبانتظار فرز الأصوات تبقى أعصاب الناخبين المتحمسين مشدودة. في المقهى يستمر الحوار الصاخب. "كذاب! هم دفعوا له ثمن بطاقة السفر مع عائلته من كندا". قال الأول، فعقب الآخر: "ومن أدراك كم قبض من الورق الأخضر"، (أي الدولار)! ويسألني الجالس بجواري: "من أين أتيت". قلت من ألمانيا. "ماذا يقول الألمان عنا؟ مع من هم؟ " قلت: "مع أنفسهم. هم أيضا توجهوا اليوم إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات الأوروبية". سألني: "في دفع أموال مثل عندنا؟" أجبت بالنفي القاطع. هز العجوز رأسه وقال" إن شاء الله تربح ألمانيا مونديال 2010. أنا أحب بالاك!".
الكاتب: فارس يواكيم- بيروت
المحرر: ابراهيم محمد