لا يألو تنظيم "داعش" جهداً في استخدام كافة الطرق لنشر فكره الهمجي والتكفيري، خاصة عن طريق الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. والآن، تسعى الشرطة الأوروبية (يوروبول) إلى محاربة التنظيم الإرهابي على هذه الجبهة.
إعلان
الدعاية، أو البروباغاندا، جزء لا يتجزأ من أي حرب. كما أن المنظمات الإرهابية تحتاج إلى البروباغاندا من أجل نشر أفكارها وعرض إنجازاتها. ومع انتشار الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بات نشر الأفكار على اختلافها أسهل من أي وقت مضى.
تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أثبت براعة وحنكة في استخدام الإنترنت لتوصيل رسائله ونشر فكره التكفيري الهمجي في كافة أنحاء العالم، إذ باتت رسائل التنظيم وأخباره تنتشر بلغات مختلفة عبر كافة وسائط التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استخدام تلك الوسائط أيضاً كأدوات لتجنيد المتطوعين.
وفي دراسة نشرها معهد "بروكينغز" الأمريكي للدراسات في مارس/ آذار، أشار المعهد إلى أن أنصار تنظيم "داعش" كانوا يسيطرون في خريف عام 2014 على 46 ألف حساب على موقع "تويتر"، يتابع كل منها في المتوسط ألف شخص. وفي مطلع يونيو/ حزيران، أقرّ مراهق أمريكي أمام المحكمة بذنبه في تنظيم دعم مالي لتنظيم "داعش" عبر العملة الافتراضية "بيتكويْن".
آلاف الحسابات النشطة على "تويتر"
وفي مواجهة هذه الهجمة الإلكترونية العنيفة للتنظيم الإرهابي، أعلنت هيئة الشرطة الأوروبية (يوروبول) تأسيس وحدة جديدة مهمتها محاربة البروباغاندا، التي تنشرها التيارات المتطرفة والإرهابية. وانطلقت هذه الوحدة في الأول من يوليو/ تموز، وتتكون في المرحلة الأولى من 15 شخصاً يبحثون في الإنترنت عن كتابات متطرفة بلغات مختلفة، ومنها العربية. وستصل هذه الوحدة إلى عددها الكامل بحلول يوليو/ تموز من العام المقبل.
ويقول المسؤول عن الوحدة ونائب رئيس قسم العمليات في الشرطة الأوروبية، ويل فان غيميرت، إنه لا يعتقد بأن الوحدة ستكون قادرة على تطهير الإنترنت من كافة المنشورات الإرهابية، ولكنه أكد، في حوار مع DW، أنه سيسعى إلى جعل طرح أي محتوى متطرف أو إرهابي في الإنترنت أصعب ما يمكن.
ويرى فان غيميرت أن عمل الوحدة الجديدة ينقسم إلى ثلاث مهمات – الأولى التعرف على المحتوى المتطرف والداعي إلى العنف، فيما تتلخص الثانية بإطلاع المسؤولين عن الموقع وشبكات التواصل الاجتماعي على هذه المحتويات بهدف شطبها وإغلاق الحسابات التي تتداولها. أما المهمة الثالثة فهي تحليل هذه المحتويات ومشاطرة نتائج التحليل مع دول الاتحاد الأوروبي، بهدف ملاحقتها قضائياً ما أمكن ذلك.
"خلافة" داعش الدموية تدخل عامها الثاني
فيما تدخل "الخلافة الإسلامية" التي أعلنها تنظيم داعش في سوريا والعراق عامها الثاني، تطرق عمليات التنظيم الإرهابية أبواب دول أخرى كان آخرها تونس والكويت، حيث قُتل الأسبوع الماضي عشرات المدنيين في اعتداءات تبناها التنظيم.
صورة من: picture-alliance/dpa
في تقرير له بالذكرى الأولى لإعلان "داعش" "الخلافة الإسلامية" انطلاقاً من الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، وثق المركز السوري لحقوق الإنسان قيام التنظيم بتنفيذ أكثر من ثلاثة آلاف عملية إعدام في سوريا وحدها.
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
وفي العراق لا يوجد إحصاء لعدد ضحايا داعش، إلا أن العمليات الانتحارية تتوالى بشكل شبه يومي حاصدة مزيداً من الخسائر البشرية والدمار، بينما تعمل القوات الحكومية على استعادة مناطق خسرتها في فترة قياسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
عشية الذكرى الأولى لقيام "دولة الخلافة" والبيعة لأبي بكر البغدادي زعيم "داعش"، نفذ التنظيم هجمات في عدة دول، ففي الكويت قُتل وأُصيب نحو 40 مصليا في هجوم انتحاري تبناه التنظيم، واستهدف مسجداً شيعياً أثناء أداء صلاة الجمعة.
صورة من: Getty Images/AFP/Y. Al-Zayat
تونس . لقي 27 شخصا بينهم سياح غربيون مصرعهم في هجوم مسلّح استهدف فندق (امبريال مرحبا) بمنتجع سوسة السياحي التونسي المطل على البحر المتوسط يوم الجمعة (26 حزيران/ يونيو 2015). أصابع الاتهام تتجه نحو التنظيمات الجهادية السلفية.
صورة من: Imago
فرنسا. قُتل شخص بحز الرقبة وأصيب اثنان في هجوم نفذ متزامنا مع تفجير عدة قناني غاز واستهدف مصنعا للغاز الصناعي قرب ليون شرق فرنسا صباح الجمعة (26 حزيران/ يونيو 2015) . اعتقلت السلطات الفرنسية مشتبها به ذي ميول سلفية حسب وزير الداخلية الفرنسية بيرنار كازنوف.
صورة من: Reuters/E. Foudrot
كوباني. قتل نحو 146 مدنيا في هجوم نفذه تنظيم "داعش" على مدينة كوباني وقرية قريبة الجمعة ( 26 حزيران/ يونيو 2015) فيما عُد ثاني أكبر مذبحة للمدنيين في سوريا، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
صورة من: Getty Images/AFP
29 يونيو 2014: أعلن الجهاديون السنة في المناطق التي يسيطرون عليها في العراق وسوريا عن قيام دولة "الخلافة"، بزعامة"الخليفة" أبو بكر البغدادي.
صورة من: picture alliance/dpa
8 أغسطس2014: الولايات المتحدة الأمريكية تشن أولى غاراتها الجوية في شمال العراق. جاء ذلك بعد قطع رأس صحفي أمريكي على يد مقاتلي التنظيم الإرهابي. وهو ما أثار صدمة كبيرة في مختلف أنحاء العالم. بعد أشهر من ذلك نشر التنظيم الإرهابي المزيد من أشرطة الفيديو البشعة، من بينها قتل مواطنين أميركيين وبريطانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/U.S. Navy/Brian Stephens
19 سبتمبر2014: فرنسا تطلق ضربات جوية في العراق ضد مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية". وبعد بضعة أيام قصفت القوات الجوية الامريكية بمشاركة قوات التحالف العربية للمرة الأولى مواقع للتنظيم في سوريا.
صورة من: picture alliance/AP Images
ديسمبر2014: المقاتلون الأكراد ينهون بمساعدة غارات التحالف الجوية شهرين من الحصار على جبل سنجار شمال غرب الموصل، معقل "داعش" في العراق. وفي أغسطس، كان عشرات آلاف اليزيدين قد هربوا من الجهاديين في اتجاه جبال سنجار قبل أن يتم إنقاذهم لاحقاً.
صورة من: Reuters/A. Jalal
يناير 2015: بعد أشهر من القتال تمكن المقاتلون الأكراد من طرد مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" من مدينة عين العرب "كوباني" السورية على الحدود التركية.
صورة من: Ahmed Deeb/AFP/Getty Images
فبراير2015: نشر التنظيم الإرهابي شريط فيديو على الإنترنت يظهر حرق الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة وهو على قيد الحياة. قبلها عرض "تنظيم الدولة الإسلامية" صوراً لإعدام رهائن يابانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
مارس2015: القوات العراقية تستعيد مدينة تكريت الاستراتيجية من التنظيم الإرهابي، الذي سيطر عليها في يونيو 2014 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
أبريل 2015: مقاتلو "تنظيم الدولة الإسلامية" يقتحمون مدينة الرمادي على بعد 100 كيلومتر من العاصمة بغداد. وهو ما دفع الآلاف من السكان للهرب في اتجاه العاصمة.
صورة من: Reuters/Stringer
مايو 2015: التنظيم الإرهابي يسيطر على مدينة الرمادي بشكل كامل. في حين تمكن المقاتلون الأكراد من دحر مقاتلي "الدولة الإسلامية" وتحرير عدة مناطق شمال سوريا ومن بينها مدينة تل أبيض الاستراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
يونيو2015: أفاد الجيش العراقي بأن قواته توغلت في وسط مدينة بيجي بين تكريت والموصل. وقد بدأ الجنود في تحديد مواقع وجود التنظيم ومهاجمته. وتشكل مدينة بيجي أهمية استراتيجية بسبب تواجدها على طريق أكبر مصفاة للنفط في البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
16 صورة1 | 16
ألمانيا تريد مواجهة المتطرفين في الإنترنت
هذا ويشير فان غيميرت إلى أن عدداً من دول الاتحاد الأوروبي أنشأت وحدات مشابهة لهذه في أجهزة شرطتها، مثل بريطانيا. كما أن هناك نقاشاً في ألمانيا أيضاً حول سبل مواجهة المتطرفين على الإنترنت، ولذلك قام وزير الداخلية في ولاية شمال الراين ويستفاليا، رالف ييغر، في نهاية شهر يونيو/ حزيران بتقديم استراتيجية رقمية لمواجهة الجهاديين.
كما ناقش عدد من الخبراء أيضاً، على هامش منتدى الإعلام العالمي الذي نظمته مؤسسة DW في بون في يونيو/ حزيران، طرق مواجهة التطرف الجهادي على الإنترنت، إذ أكد كايل ماثيوز، نائب مدير معهد مونتريال لدراسات حقوق الإنسان والإبادات الجماعية، أن التحالف الدولي، الذي يحارب تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، بحاجة أيضاً إلى استراتيجيات لمواجهة التنظيم في الفضاء الافتراضي.
ويشدد ماثيوز على أن هذه الاستراتيجية يجب أن تقوم على الأخص بتطوير أفكار مضادة لتلك التي يطرحها "داعش" في الإنترنت، مدللاً على ذلك بإمكانية إعطاء من يريدون الخروج من تنظيم "داعش" إمكانية القيام بذلك، أو إفراد مساحة إعلامية أكبر لضحايا التنظيم كي يتحدثوا عن تجاربهم.
ومما لا شك فيه، فإن أقل جهد يتم بذله لمحاربة إرهاب "داعش" الرقمي يؤتي أكله، إذ تشير دراسة معهد "بروكينغز" سالفة الذكر إلى أن "جزءاً كبيراً من نجاح ’داعش’ في شبكات التواصل الاجتماعي يعود إلى مجموعة صغيرة من المستخدمين ذوي النشاط غير العادي، والذي يقدر عددهم بين 500 وألفي شخص".
وتسعى الشرطة الأوروبية (يوروبول) من خلال الوسائل التقنية إلى الوصول إلى تلك الحسابات ذات النشاط العالي والكشف عن ارتباطاتها بمجموعات إلكترونية أخرى. يشار إلى أن هذه الوحدة جزء من الرد الأوروبي على الهجمات التي وقعت على أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية في يناير/ كانون الثاني الماضي.