الشرطة المصرية لا تزال تنتهك حقوق الإنسان
٢١ فبراير ٢٠١٣من المعروف أن السلطات الأمنية المصرية تعامل المعارضين في البلاد بكل صلابة. إلا أن عدد التقارير عن تعرض معارضين لأعمال تعذيب وإذلال وغير ذلك كان في الأسابيع الماضية كبيراً جداً حتى بالنسبة لمصر، وهذا دليل على أن أساليب عمل الشرطة لم تتغير، رغم مرور سنتين على سقوط نظام مبارك، بحسب ناشطة في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، التي تقول إن "التعذيب في مراكز الشرطة يستمر. ويستمر أيضاً استخدام العنف الشديد ضد متظاهرين. ولا يزال نشاط الدولة بكامله ينجم عن نوع من العقلية الأمنية".
يعرف حمادة صابر، البالغ من العمر 48 عاماً، معنى ذلك جيداً، فأثناء مظاهرة أمام قصر الرئاسة ضد محمد مرسي، تعرض صابر للضرب المبرح من قبل رجال شرطة، الذين قاموا بتجريده من ملابسه قبل ذلك. وفي الختام قام عناصر الشرطة بجرّ الرجل العاري عبر الأسفلت الوسخ إلى سيارة نقل. لكن هذا المشهد، الذي بثه التلفزيون مباشرة، لا يثير دهشة الناشطة الحقوقية، والتي ترى أن "تجريد المعارضين من ملابسهم وضربهم بعد ذلك وجرهم في نهاية المطاف من غرفة إلى الأخرى في مركز الشرطة كان أمراً عادياً في عهد مبارك".
تخويف المعارضين حتى استسلامهم
إلا أن ما هو غير عادي في قضية حمادة صابر هو أنه لم يتعرض لمعاناته في مركز شرطة، وإنما أمام عيون الجميع. وبلغت قضيته ذروة غير معقولة عندما حاول في التلفزيون تبرير عنف الشرطة ضده، وبذلك شهد لصالح رجال الشرطة الذين ضربوه.
لذلك لا تشك الناشطة المصرية في أن السلطات أجبرت حمادة صابر على شهادته أو أنه ارتشى. ولم يعترف صابر في نهاية المطاف بأن الشرطة كانت الجهة التي أساءت معاملته، إلا بعد ممارسة أسرته الضغط عليه. وكما تقول الناشطة، فإن العديد من ضحايا الشرطة، الذين يوجهون بعد معاناتهم اتهامات ضد معذبيهم، يتعرضون لضغوط،، فقد يتم تهديدهم بالاعتقال أو باعتقال أطفالهم على سبيل المثال، أو بالقول أن رجال شرطة سيعثرون في سياراتهم على مخدرات. في نهاية المطاف يعرفون كيف يتم تخويف المرء إلى أن يستسلم.
معاناة حمادة صابر ليست استثنائية، فبموجب تقرير نشره ناشطون مصريون مؤيدون لحقوق الإنسان، تم منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي اعتقال أكثر من 200 متظاهر، بينهم بعض الشباب دون السن القانونية، الذين تعرضوا رغم ذلك للضرب والتعذيب. كما يتعرض الشباب الفقراء والأيتام بشكل خاص لتعسف الشرطة بدون تلقي أي حماية.
استخدام العنف كجزء من تدريب رجال الشرطة
عانى إبراهيم، البالغ من العمر 26 عاماً، أيضاً من تعذيب الشرطة قبل سنة. ولديه افتراض خاص به بشأن الأسباب التي تؤدي مرة بعد الأخرى إلى انتهاك الشرطة حقوق الإنسان. وتعود هذه الأسباب، في رأيه، إلى الأساليب المستخدمة في تدريب رجال الشرطة، إذ أن المدربين يضربون ويذلون المتدربين بشكل شديد. كما يعتبر استخدام العنف أمراً شرعياً وعادياً. ويقول إبراهيم: "بعد اعتقالي، عذبني رجل كانت رنة هاتفه المحمول عبارة عن آيات للقرآن، وهذا رجل لا يلاحظ أن تعذيب آخرين ليس صحيحاً، وإنما يرى في ذلك جزءاً من عمله".
لذلك من الضروري إصلاح جهاز الشرطة المصري ووزارة الداخلية بكاملها، إذ لا بد من اعتبار الشرطة جهة تحمي المواطنين وليس جهازاً يخدم تنفيذ مصالح الرئيس بالقوة. إلا أن الرئيس مرسي لم يتبن هذا الموقف حتى الآن إلا جزئياً، فالشرطة كافحت الإخوان المسلمين منذ عقود. ولذلك يوجد نزاع بين عدد كبير من كبار الضباط في وزارة الداخلية ومرسي.
وحتى لو نجح الإخوان المسلمون في التحكم بوزارة الداخلية كلياً، فإن الناشطة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مقتنعة بأنهم لا يعتزمون إصلاح الشرطة لصالح المواطنين، إذ أن سياسة مرسي حتى الآن لا تشكل دليلاً على أن الإخوان المسلمين يسعون إلى الديمقراطية. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، أصدر مرسي مرسوماً يعطيه صلاحيات مطلقة، والدستور الذي فرضه على مصر يقيد الحريات الديمقراطية.
كما أن مشروع قانون التجمع الجديد يقيد حرية التظاهر، إضافة إلى أن مشروع قانون المنظمات غير الحكومية يعتبر قمعياً أكثر من القانون في فترة حكم مبارك. وفي هذا الصدد تقول الناشطة: "لا أستطيع، بالنظر إلى هذه التطورات، أن أقول إنه من المحتمل أن يقدموا على إصلاح الشرطة لتحمي المواطنين".
ولذلك، فإن الناشطة الحقوقية المصرية مقتنعة بأن الأخوان المسلمين لا يريدون إلا السعي للتحكم في الشرطة كجهاز لتوسيع سلطتهم.