الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مدعو إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب. ومن المتوقع أن تتناول المحادثات عدة مواضيع. هل يستطع الشرع إحداث اختراق كبير؟
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في أيار/مايو من هذا العام.صورة من: IMAGO
إعلان
لن تكون زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى البيت الأبيض يوم الاثنين (10 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) المقبل حدثاً روتينياً عادياً. فلم يسبق أن استضاف رئيس أمريكي رئيساً لسوريا. كانت العلاقات بين البلدين متوترة للغاية خلال فترة حكم الأسد وحتى قبله بحيث لم يكن من الممكن القيام بمثل هذا الخطوة.
وقد التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في أيار/مايو من هذا العام. وتشير هذه اللقاءات المتكررة، لا سيما في واشنطن إلى رغبة الرئيسين في إرساء علاقات بلديهما على أساس جديد.
دمار هائل في عين ترما، إحدى ضواحي دمشق، في تشرين الثاني/نوفمبر 2025صورة من: Louai Beshara/AFP
الشرع: رفع العقوبات
أعلن ترامب في أيار/مايو الماضي رفع العقوبات المفروضة على سوريا، حسبما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت في مؤتمر صحفي. وتهدف هذه الخطوة إلى منح البلاد "فرصة حقيقية للسلام". وأضافت ليفيت: "وأعتقد أن الحكومة قد أحرزت تقدماً جيداً في هذا الصدد في ظل قيادتها الجديدة".
إعلان
صحيح أن العقوبات الأمريكية قد رُفعت في معظمها لكن البلاد لم تنضم بعد إلى النظام المالي الدولي. وتقول بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر: "من المرجح أن يضغط الشرع من أجل عودة البلاد إلى هذا النظام. فهذا من شأنه أن يعود بمنفعة كبيرة على البلاد".
وتعتقد شيلر أن الشرع قد يولي أهمية لأمر آخر وهو إنهاء العقوبات التي لا تزال مفروضة عليه من قبل الأمم المتحدة. "من المرجح أن يحاول الشرع كسب تأييد ترامب في هذه القضية".
في الواقع قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لرفع العقوبات المفروضة على الشرع. وتسري هذه العقوبات منذ عام 2014 عندما كان الشرع لا يزال القائد الأعلى للجماعة الإسلامية "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة). وتشمل العقوبات المفروضة عليه وعلى أعضاء سابقين في هذه الهيئة حظر السفر وتجميد أصولهم. وكان الشرع نفسه قد دعا في سبتمبر الماضي خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إقامة علاقة جديدة بين المنظمة وسوريا.
ومساء الخميس (السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2025) رفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع. كما رفع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على وزير الداخلية السوري أنس خطاب. وحصل القرار على تأييد 14 عضواً بالمجلس، بينما امتنعت الصين عن التصويت.
وقد رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته في ربيع العام الجاري.
ترامب: جبهة مشتركة ضد "الدولة الإسلامية"
من المرجح أن تحاول الولايات المتحدة هي الأخرى تحقيق مصالحها في الاجتماع. تتوقع بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر أن يحاول دونالد ترامب دمج سوريا في التحالف ضد تنظيم "داعش" والجماعات الجهادية الأخرى.
حسب تقرير نشرته مجلة Army Recognition الإلكترونية كان هناك حوالي 2000 جندي من القوات المسلحة الأمريكية متمركزين في سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي. لكن من المقرر خفض عددهم.
على المدى الطويل من المفترض أن تقوم القوات السورية بعملية التصدي لـ"الدولة الإسلامية"(تنظيم داعش). ورغم أن هذا الأمر لم يتحقق بعد إلا أن بينتي شيلر تعتقد أن المحادثات ستدور حول التعاون في هذا الصدد.
دراسة ألمانية تكشف تراجع الشعور بالترحيب لدى اللاجئين
02:32
This browser does not support the video element.
ميرتس يدعو الشرع لزيارة ألمانيا
قبل بضعة أيام دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس الشرع لزيارة برلين لإجراء محادثات. ومن المقرر أن تتناول المحادثات بشكل أساسي ترحيل المجرمين من اللاجئين السوريين إلى سوريا. وقد عادت المناقشات حول هذا الموضوع إلى الظهور في ألمانيا في الأيام الأخيرة. بعد زيارة دمشق في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر أعرب وزير الخارجية يوهان فاديفول عن شكوكه في أن يعود العديد من السوريين طواعية إلى وطنهم. وقال الوزير: "لا يمكن لأي شخص أن يعيش حياة كريمة هنا (سوريا)"، مما أثار استياء العديد من الشخصيات النافذة في حزبه المحافظ، الاتحاد المسيحي الديمقراطي.
وتقول بينتي شيلر إن موضوع الترحيل إلى سوريا حساس. فقد استقبلت ألمانيا في السنوات الماضية عدداً كبيراً من السوريين، ولذلك تحظى بسمعة طيبة في سوريا. "لا ينبغي الآن المجازفة بذلك بالتركيز بشكل أساسي على عمليات الترحيل. لأن ذلك بالطبع يرسل رسالة مفادها أننا سعداء بتخلصنا من اللاجئين". بل يجب التركيز على تقديم المساعدة في إعادة إعمار البلاد وتحقيق الاستقرار، حسب رأيها. وتفسر: "لأن المستقبل السياسي للبلاد يعتمد بشكل أساسي على ذلك".
في منتصف تشرين الأول/أكتوبر التقى الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكوصورة من: Alexander Zemlianichenko/AP Photo/dpa/picture alliance
ماذا عن علاقة دمشق بموسكو؟
ومع ذلك من المفترض أن يتم التطرق إلى مواضيع أخرى في لقاء ترامب مع الشرع، كما تفترض بينتي شيلر. "من المرجح أن ينصب اهتمام دول أوروبا الغربية بشكل أساسي على أن روسيا لن تلعب أي دور في سوريا في مستقبل سوريا. كما أن معظم السياسيين يرون أنه لا يجب أن يكون لروسيا أي تواجد عسكري في سوريا".
ولا يزال رد سوريا على هذا المطلب غير معروف في الوقت الحالي. فرغم الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، لا تزال الحكومة في دمشق على اتصال بالكرملين. ففي منتصف تشرين الأول/أكتوبر التقى الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وحسب صحيفة الغارديان البريطانية ركز بوتين بشكل خاص على القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا ، وهما قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية. ولم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنهما.
وحسب صحيفة الغارديان فإن الشرع يهتم في المقام الأول بأن يحاكم الرئيس المخلوع بشار الأسد وبقية أعضاء النظام في سوريا الذين فروا إلى موسكو. وقد يحاول أيضاً كسب موسكو كشريك ضد إسرائيل التي هاجمت سوريا مراراً في الأشهر الماضية.
وتقول بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر إن الحكومة السورية تولي أهمية كبيرة لإجراء محادثات مع أكبر عدد ممكن من الدول. "وهذا يدل على رغبته (أحمد الشرع) في البقاء مستقلاً قدر الإمكان وعدم الاعتماد على شريك واحد فقط. وبدلاً من ذلك يراهن بشكل ثابت على المرونة".
أعده للعربية: م.أ.م
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي