جمعت محادثات في موسكو الرئيس الروسي بوتين بالرئيس السوري الشرع، لكن سبقتها تسريبات حول استعداد الأخير للمطالبة بتسليم الأسد. فما كانت أهم مواضيع الحديث الثنائي؟
أحمد الشرع في أول زيارة له إلى روسيا منذ توليه السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد الحليف المقرب من روسيا.صورة من: Alexander Zemlianichenko/AP Photo/dpa/picture alliance
إعلان
أبلغ الرئيس السوري أحمد الشرع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء (15 أكتوبر/تشرين الأول)، بأنه سيحترم جميع الاتفاقات التي سبق إبرامها بين البلدين، وهو تعهد يشير إلى أن وضع قاعدتي روسيا العسكريتين الرئيسيتين في سوريا لن يُمس.
وكان الشرع يتحدث في بداية محادثات في الكرملين مع بوتين، في أول زيارة له إلى روسيا منذ توليه السلطة أواخر العام الماضي بعد أن أطاح بسلفه بشار الأسد، الحليف المقرب من روسيا.
وقال الشرع، الذي كان يرأس الفرع السوري لتنظيم القاعدة لبوتين متحدثا بالعربية "هناك روابط تاريخية قديمة كما ذكرنا، وأيضا هناك علاقات ثنائية ومصالح مشتركة مع روسيا، تربطنا أشياء كثيرة. نحن نحترم كل مضى من اتفاقيات، ونحاول أن نعيد ونعرّف بشكل جديد طبيعة هذه العلاقات".
بوتين يستحضر "مصالح الشعب السوري"
من جهته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا وسوريا تربطهما علاقة خاصة على مدى عقود طويلة، مشيرا إلى أن "علاقات روسيا مع سوريا، استرشدت دائما بمصالح الشعب السوري".
ونقلت وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية عن بوتين قوله خلال محادثات مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في الكرملين: "لم تكن لدينا في روسيا أي علاقات مع سوريا مرتبطة بظروفنا السياسية أو مصالحنا الخاصة. على مدى هذه العقود، كان هدفنا دائما هو مصلحة الشعب السوري".
وأعرب بوتين عن استعداد موسكو لإجراء مشاورات منتظمة مع دمشق عبر وزارة الخارجية". كما وصف الرئيس الروسي الانتخابات البرلمانية في سوريا، بأنها "نجاح كبير"، مشيرا إلى أنها "ستعزز الروابط بين كافة القوى السياسية".
وقال بوتين "أعتقد أن هذا نجاح كبير بالنسبة لكم، لأنه يؤدي إلى توحيد المجتمع، وعلى الرغم من حقيقة أن سوريا تمر حاليا بأوقات عصيبة، فإنها الانتخابات مع ذلك ستعزز العلاقات والتعاون بين جميع القوى السياسية في سوريا".
إعلان
القاعدتان العسكريتان الروسيتان
قال الكرملين قبل المحادثات إن بوتين والشرع سيناقشان مصير القاعدتين الرئيسيتين الروسيتين في سوريا، وهما حميميم الجوية في محافظة اللاذقية والمنشأة البحرية في طرطوس على الساحل. ولروسيا مصالح اقتصادية وأخرى متعلقة بالطاقة في سوريا وتريد تأمينها أيضا، ولديها كذلك وجود عسكري في مطار القامشلي في الشمال الشرقي بالقرب من حدود تركيا والعراق.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين الماضي، إن موسكو تعتقد بأن دمشق تريد بقاء القاعدتين العسكريتين وتحدث عن فكرة استخدامهما أيضا مركزين لوجيستيين لإيصال المساعدات إلى أفريقيا بحرا وجوا.
وقال مصدر سوري قبل المحادثات إن المسؤولين السوريين يسعون للحصول على ضمانات بأن روسيا لن تساعد في إعادة تسليح فلول قوات الأسد. وقال المصدر نفسه إن الشرع يأمل في أن تساعد روسيا كذلك في إعادة بناء الجيش السوري.
تفتخر روسيا بقدرتها على حماية حلفائها الأجانب، ومن غير المرجّح أن توافق على تسليم الأسد لدمشقصورة من: Sergei Bobylev/TASS/picture alliance
زيارة بالغة الأهمية
زيارة الشرع على درجة بالغة من الأهمية والحساسية، فقد استخدمت روسيا قوتها العسكرية لدعم الأسد لسنوات في مواجهة المعارضة السورية. ووصلت المعارضة إلى السلطة في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي بقيادة الشرع، ثمّ منحت موسكو الأسد وعائلته حقّ اللجوء عندما فروا من البلاد.
وتعيش عائلة الأسد الآن في موسكو بتكتم، وفقا لوسائل إعلام روسية. وقال مصدران سوريان لرويترز إن الشرع سيستغل المحادثات ليطلب رسميا من موسكو تسليم الأسد لمحاكمته على جرائم ضد السوريين.
وتفتخر روسيا بقدرتها على حماية حلفائها الأجانب، ومن غير المرجّح أن توافق على تسليم الأسد لدمشق. وصرّح لافروف يوم الاثنين بأنّ روسيا منحت الأسد حقّ اللجوء لأنّ حياته كانت في خطر.
ويأمل الشرع في الحصول على امتيازات اقتصادية من روسيا، بما في ذلك استئناف إمدادات القمح بشروط تفضيلية وتعويضات عن أضرار الحرب. كما يُتوقع أن يضغط للحصول على دعم موسكو لمقاومة المطالب الإسرائيلية بإنشاء منطقة منزوعة السلاح أوسع نطاقا في جنوب سوريا.
وقد يطرح بوتين أيضا مسألة إعادة نشر الشرطة العسكرية الروسية كضمان ضد أي تعديات إسرائيلية أخرى، وفقا لأحد المصدرين. وأعلن الكرملين أنه لا يتوقع أن يعقد بوتين والشرع مؤتمرا صحفيا بعد محادثاتهما.
تحرير: ف.ي
بوتين في صور - من عميل للمخابرات إلى زعيم للكرملين
استطاع فلاديمير بوتين أن يتدرج في حياته من منصب عميل للاستخبارات السوفياتية إلى رئيس لروسيا. بوتين حقق فوزاً كاسحاً في 19 مارس/ آذار 2018 ليظفر بولاية رابعة عن عمر يناهز 65 عاما. بالصور: محطات بارزة في حياة بوتين.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
طفولة بسيطة
ولد في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1952 في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حاليا)؛ فلاديمير بوتين، الذي يعتبر "أقوى رجل" في روسيا اليوم، حصل على الدكتوراه في فلسفة الاقتصاد. وتخرج في كلية الحقوق عام 1975 متخصصا في العلاقات الدولية. يجيد بوتين اللغتين الألمانية والإنجليزية. وعُرف عنه الاهتمام بفنون الدفاع عن النفس كما عمل مدرسا للعبة السامبو في عام 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Zemlianichenko
عين لدى المخابرات السوفياتية
قبل أن يصبح فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا، تدرج في مهمات عديدة. ابن مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، عاصر الشيوعية وانضم إلى المخابرات السوفييتية (كي جي بي) كعميل لديها في ألمانيا الشرقية سابقا. غادر البلاد سنة 1985 ليعود إليها بعد خمس سنوات. وبعد رجوعه عام 1990 بدأت حياة بوتين السياسية انطلاقا من بلدية سانت بطرسبورغ.
صورة من: picture alliance/Globallookpress/Russian Archives
تدرج في السلطة
عمل بوتين رئيسا للجنة الاتصالات الخارجية في سانت بطرسبورغ. وفي عام 1996 أصبح نائبا لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية. عام 1997، تقلد بوتين منصب نائب مدير ديوان الرئيس الروسي وعمل رئيسا لإدارة الرقابة العامة في الديوان. وفي عام 1998 حقق قفزة كبيرة إذ عينه الرئيس الراحل يلتسين رئيسا للوزراء.
صورة من: Imago/ITAR-TASS
بداية الرئاسة
بعد تنحي يلتسن أصبح بوتين رئيسا لروسيا بالوكالة، وبالتحديد يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 1999. وبعد ذلك بسنة، أي في مارس/آذار 2000، تقدم للانتخابات الرئاسية وفاز فيها. واستطاع بوتين في ظرف ثلاثة أشهر أن يسيطر على وسائل الإعلام. كما عرفت هذه المرحلة بالقضاء على التمرد في الشيشان حيث استخدم بوتين القبضة الحديدية.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS
ولاية ثانية
أعيد انتخاب بوتين في عام 2004 لولاية رئاسية ثانية، بعد فوز كاسح ناهز 70 بالمائة من الأصوات. بوتين، الذي استفاد من النمو الاقتصادي ببلده لم يفلح في إنجاح علاقته بالغرب في هذه الفترة، وعرفت علاقة الجانبين توترا رفع من حدته اندلاع "الثورات الملونة" بجورجيا وأوكرانيا.
صورة من: AP
نقاهة لم تستمر لأكثر من ولاية!
لأن الدستور الروسي يمنع تولي أكثر من ولايتين متتاليتين، لم يتمكن بوتين من الترشح لولاية ثالثة عام 2008. فتبادل الأدوار مع رئيس حكومته ديمتري مدفيديف الذي نجح في انتخابات الرئاسة. حينها اكتفى بوتين بمنصب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Druzhinin
عودة "القيصر"
عاد "القيصر"، كما يلقبه كثيرون، إلى رئاسة روسيا لولاية ثالثة بعد أن فوزه في 4 مايو/أيار2012 بالانتخابات الرئاسية مرة أخرى. وقد حصل بوتين حينها على 63.6%. وتم انتخابه حينها وسط احتجاجات المعارضة الروسية وبعض المنظمات الدولية، التي تحدثت عن خروقات مست الانتخابات التي نصبت بوتين رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/ITAR-TASS/A. Novoderezhkin
تمدد في دول الجوار
كانت الثورة الأوكرانية وتبعاتها فرصة استراتيجية بالنسبة لبوتين، حيث ضم "شبه جزيرة القرم" في أوائل 2014. وقد أجري في 16 مارس استفتاء في القرم للانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا، وجاءت النتيجة لصالح روسيا بنسبة 95%. شبه جزيرة القرم، التي كانت جزءا من روسيا القيصرية، عمل بوتين جاهدا على استرجاعها. ويرى البعض أن بوتين سعى بهذه الخطوة إلى إظهار قوة روسيا واختبار تمددها السياسي في دول الجوار.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Bobok
الأزمة السورية ودعم الأسد
لم يبق بوتين بعيدا عن الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، وبالأخص في القضية السورية حيث تدخلت بلاده عسكريا هناك. ويرى محللون أن استمرار الرئيس بشار الأسد في منصبه يعود بشكل كبير للدعم الذي تلقاه من بوتين، إلى جانب الأطراف الأخرى. كما يرون أن بوتين يسعى للاستفادة عسكريا وسياسيا واقتصاديا من خلال وجود قواته في سوريا التي يحرص على استمرار العلاقة التي جمعت بلده بها تاريخيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/XinHua/A. Safarjalani
نصر للمرة الرابعة
"سأرشح نفسي لمنصب رئيس روسيا الاتحادية، وأثق أن كل شيء سيكون على ما يرام" بهذا أعلن فلاديمير بوتين عن نيته في خوض غمار الانتخابات لعام 2018. بوتين الذي قال جملته هذه في 6 ديسمبر 2017، استطاع أن يحققها على أرض الواقع ويفوز برهان الولاية الرابعة لمدة ست سنوات. الأصوات. إعداد: مريم مرغيش.