يعيش الشرق الأوسط في ترقب مع بدء دونالد ترامب ولايته الثانية وسط تساؤلات حيال مصير اتفاقي وقف إطلاق النار في غزة و لبنان وكذلك اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل. فهل يكرس ترامب في ولايته الثانية صورة "صانع السلام" كما يقول؟
في خطاب تنصيبه، وصف ترامب نفسه بأنه "صانع سلام"صورة من: Saul Loeb/CNP/ABACA/picture alliance
إعلان
لم ينتظر الرئيس الأمريكي الجديد القديم دونالد ترامب كثيرا ليخرج بتصريحات وقرارات تبوح بشكل ضمني حيال ما ستقدم عليه إدارته بشأن الشرق الأوسط.
وكان ترامب تباهى حتى قبل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، بالدور الذي لعبه من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة. بيد أنّه وبعد عودته إلى البيت الأبيض، قال "هذه ليست حربنا، إنها حربهم. لكنني لست واثقا" من أن الاتفاق سوف يصمد.
إعلان
"ضمانات أمريكية"
وفي خطاب تنصيبه، وصف ترامب نفسه بأنه "صانع سلام". ومع استمرار توقف القتال في القطاع وبدء دخول المساعدات الإنسانية إليه، تعالت دعوات المجتمع الدولي لمواصلة الضغط على أطراف الصراع من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
ويرى أشرف العشري، الكاتب الصحفي ومدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، أن هناك "فرصة كبيرة لاستمرار الصفقة بمراحلها الثلاثة".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف العشري "حصلت مصر وقطر على ضمانات أمريكية بالاستمرار في تطبيق الصفقة بمراحلها الثلاثة. وأعتقد أن كل مرحلة تستغرق 42 يوما، وهذا الأمر سيحدث لأن هناك تأكيدات على إتمام مراحلها دون تقصير".
بدوره شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري على أن الدوحة تعتقد أن "إدارة ترامب، حتى قبل أن تصبح إدارة ترامب... كانت داعمة للغاية لهذا الاتفاق". وأضاف "من خلال كل الاتصالات التي نجريها معهم... أنهم يؤمنون بهذا الاتفاق".
وكان تقريرنشره موقع "تشاتام هاوس" البحثي ومقره لندن في 17 يناير/كانون الثاني، قد أشار إلى أن الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار سيتطلب "ضغوطا مستمرة على جميع الأطراف وخاصة من جانب الولايات المتحدة وترامب".
وحذر التقرير من أنه لا يوجد "ما يضمن عدم استئناف" القتال في غزة بعد انتهاء هذه المرحلة وربما قبلها. كما تظل الضفة الغربية نقطة ساخنة".
وكان من بين أول القرارات التي اتخذها ترامب عقب تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، أن ألغى أمرا تنفيذيا أصدره سلفه جو بايدن وينص على فرض عقوبات على المستوطنين المتورطين بأعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة.
ألغى ترامب أمرا تنفيذيا ينص على فرض عقوبات على المستوطنين المتورطين بأعمال عنف في الضفة الغربية.صورة من: Mike Segar/REUTERS
"السلام الاقتصادي مقابل السلام السياسي"
ويقول مراقبون إنه يجب استمرار جهود الوساطة والتحركات الدبلوماسية من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط.
ويعتقد الصحفي المصري أشرف العشري أن "مصير عملية السلام في الشرق الأوسط، سيعتمد على الجهود الأمريكية التي ستقوم بها إدارة ترامب سواء من خلال طرح خريطة سلام جديدة أو خطة تسوية سياسية".
وأضاف أن "هذا الأمر ربما يكون جزءا من مهمة ترامب في المرحلة القادمة لإنهاء الحروب في العالم بما في ذلك الحرب في الشرق الأوسط. هذا سوف يتوقف على ما ستقدمه إدارته من تسوية ومبادرات وأفكار ومقاربات جديدة. ربما يلجأ إلى الاعتماد على السلام الاقتصادي مقابل السلام السياسي".
واللافت أن ترامب لم يُصدر عنه حتى الآن أي تصريحات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.
ورغم ذلك، قال العشري إنه "مع قدوم ترامب، فإن الوضع في لبنان سوف يتخذ مسارا جديدا". وأضاف "سوف يتم بالفعل تفعيل استمرار وقف إطلاق النار بجدية أكبر. إدارة ترامب ستسعى لتقديم الكثير من التسهيلات للحكومة اللبنانية، كما سيتم إقناع إسرائيل أو دفعها لعدم القيام بأي خروقات جديدة".
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب إسرائيل من مناطق دخلتها في جنوب لبنان، بحلول 26 يناير/كانون الثاني الجاري.
ويشمل كذلك الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
وتعتبر دول عديدة حزب الله، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابيةمن بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأغلبية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
وإلى الجوار اللبناني، تتطلع سوريا إلى قرارات ترامب فيما يتعلق برفع العقوبات التي فرضتها دول غربية على دمشق خلال حكم بشار الأسد.
وفعلا أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري أن بعض الأنشطة في سوريا ستكون معفية من العقوبات خلال الأشهر الستة المقبلة لتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية، لكن مسؤولين قالوا إنهم ينتظرون رؤية تقدم قبل اتخاذ خطوات أوسع.
وفي رسالة تهنئة باللغة الإنجليزية، قال القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع: "نحن على ثقة بأن (ترامب) القائد الذي سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط ويعيد الاستقرار إلى المنطقة".
هل بمقدور ترامب إحياء مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟صورة من: Mark Wilson/abaca/picture alliance
"إحياء قطار التطبيع"
وبشكل عام، يعتقد مراقبون أن ترامب في ولايته الثانية بحاجة إلى طرح أفكار جديدة حتى يستطيع أن يحافظ على حضور بلاده في الشرق الأوسط مع حلفائها ومصالحها في المنطقة وحلفائها التقليديين خاصة دول الخليج ومصر والأردن.
وأشار تقرير "تشاتام هاوس" إلى أن المشاركة النشطة لترامب في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حتى قبل تنصيبه، تأتي في إطار "أجندته الرامية إلى رؤية دول أخرى تنضم إلى اتفاقيات ابراهام التي وقعتها الإمارات والبحرين والمغرب مع إسرائيل في ولايته الأولى".
وفي مقابلة مع DW عربية، قال علي فتح الله نجاد، مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط والنظام العالمي ومقره برلين، إن ترامب مع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، يحاول "إحياء قطار التطبيع الإسرائيلي-السعودي الذي توقف فعليا بأحداث 7 أكتوبر وتداعياتها".
وأضاف نجاد، الزميل في مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية التكاملية المتقدمة بجامعة بون، "يمكن لترامب -وبحق - أن يشير إلى دوره الحاسم في تحقيق وقف إطلاق النار، الذي قد يكون هدفه الرئيسي تمهيد الطريق للتقارب السعودي-الإسرائيلي".
الولاء قبل الكفاءة؟ ـ أهم شخصيات إدارة دونالد ترامب
في 20 كانون الثاني/يناير 2025، يعود دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب، إلى البيت الأبيض، بعد أن غادره قبل أربع سنوات. في ألبوم الصور التالي نتعرف على أهم شخصيات فريق ترامب الحكومي.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/dpa/picture alliance
جي دي فانس - نائب الرئيس
كان جي دي فانس (40 عاماً) معارضاً لترامب فيما مضى، ووصفه بأنه "أحمق" ووصل به الأمر إلى نعته في حديث سري بأنه "هتلر أمريكا". ولكن بعد فترة وجيزة من ذلك، أصبح ترامب فجأة "أفضل رئيس عرفته على الإطلاق" - بعد أن ساعده الرئيس السابق في أن يصبح عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو. ويعتبر نائب ترامب نفسه ممثلاً لـ "اليمين الجديد"، والجندي السابق في مشاة البحرية يعارض الإجهاض ومساعدة أوكرانيا.
صورة من: Jim Watson/AFP/Getty Images
ماركو روبيو – وزير الخارجية
وكان السيناتور عن فلوريدا هو الآخر من معارضي ترامب في السابق، ووصفه بأنه "ديكتاتور العالم الثالث". أما اليوم فقد تبدل الحال واختفت تلك النعوت. في آرائه المتعلقة بالسياسة الخارجية، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين روبيو وترامب: يؤيد الابن لمهاجرين كوبيين سياسة أكثر صرامة تجاه الصين، ويدعم بشكل كبير للغاية إسرائيل، ويدفع من أجل إنهاء سريع للحرب الأوكرانية.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/picture alliance
بيت هيجسيث - وزير الدفاع
بيت هيجسيث ودونالد ترامب يعرفان بعضهما البعض من خلال التلفاز. كمذيع في قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب، أجرى الرجل البالغ من العمر 44 عاماً مقابلات متكررة مع ترامب خلال رئاسته الأولى. ولا يكاد يتمتع هيجسيث بأي خبرة سياسية سابقة، وأدى الخدمة العسكرية في العراق وأفغانستان. ويعتبر هيجسيث من المؤيدين لإسرائيل. وينظر بعين التشكيك لوجود النساء في الجيش ويريد تقليص برامج المساواة بين الجنسين في الجيش.
صورة من: Evan Vucci/AP/dpa/picture alliance
مايك والتز - مستشار الأمن القومي
شارك النائب السابق في فلوريدا لأكثر من 20 عاماً في المهام القتالية كجندي في أفغانستان. يعتبر مايك والتز من "الصقور" ذوي المواقف الصارمة في السياسة الخارجية. ويرى أن الولايات المتحدة تخوض "حرباً باردة جديدة" مع الصين؛ ويؤيد مايك والتز من حيث المبدأ تقديم المساعدات لأوكرانيا، ولكنه يدعو إلى إعادة التفكير الاستراتيجي: إذ يتعين على أوروبا أن تشارك بشكل أكبر من أي وقت مضى.
صورة من: Rod Lamkey/AP Photo/picture alliance
إيلون ماسك - مستشار "الكفاءة الحكومية"
يبدو رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك في وضعية خضوع لترامب، فهل سيبقى الأمر على هذا النحو؟ لقد عين ترامب رئيس منصة "إكس" وشركة "تسلا" مستشاراً له بشأن "الكفاءة الحكومية" - وينبغي عليه خفض الإنفاق بشكل جذري. يشيد ترامب بانتظام بماسك. لكن ماسك هو في المقام الأول رجل أعمال. فهل سيتبع نهج ترامب الصارم تجاه الصين على المدى الطويل؟
صورة من: JIM WATSON/AFP via Getty Images
تولسي جابارد – منسقة المخابرات
أثار ترشيحها موجة من الغضب؛ ويعود السبب إلى أن تولسي جابارد أظهرت تفهماً للهجوم الروسي على أوكرانيا ونشرت الدعاية الروسية دون انتقاد في عدة مناسبات. وفي الآونة الأخيرة، كانت الديمقراطية السابقة منتقدة شرسة لحكومة بايدن - خاصة فيما يتعلق بمساعدتها لأوكرانيا. وقد أشاد التلفزيون الرسمي الروسي بتعيينها كمنسقة جديدة للاستخبارات الأمريكية.
صورة من: Jeenah Moon/REUTERS
كريستي نوم – وزيرة الأمن الداخلي
تعتبر حاكم ولاية داكوتا الجنوبية من المحافظين المتشددين. كتبت ذات مرة في كتاب أنها أطلقت النار على كلبتها لأنها "لم تستجب للتدريب". وبذلك أرادت أن تظهر أنها مستعدة- إذا لزم الأمر - "لاتخاذ قرارات صعبة وقذرة وقبيحة". وباعتبارها وزيرة للأمن الداخلي، فهي مكلفة الآن بتنسيق مكافحة الهجرة غير النظامية.
صورة من: Rod Lamkey/CNP/picture alliance
مات غايتس - وزير العدل
مات غايتس شخصية مثيرة للجدل. خضع وزير العدل المستقبلي للتحقيق عدة مرات بعدة تهم، من بينها ممارسة الجنس مع قاصر وتعاطي المخدرات والرشوة. وفي عام 2017، كان العضو الوحيد في مجلس النواب الذي صوت ضد تشديد قانون الاتجار بالبشر. وألقى باللوم على المتطرفين اليساريين في اقتحام مبنى الكابيتول.
صورة من: Evan Vucci/AP Photo/picture alliance
شون دافي - وزير النقل
وصل مذيع تلفزيوني آخر إلى حكومة ترامب: عمل شون دافي في قناة فوكس نيوز، قبل أن يصبح عضواً عن الجمهوريين في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن. وكوزير للنقل، يقول ترامب، إن شون دافي "سيبشر بالعصر الذهبي للسفر"، دون أن يأتي على ذكر الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو التنقل الكهربائي. وحسب ترامب، سيعيد الوزير تعزيز حركة النقل الجوي الداخلية في الولايات المتحدة من جديد.
صورة من: Susan Walsh/AP/picture alliance
دوغ بورغوم – وزير الداخلية
كان الرجل البالغ من العمر 67 عاماً حاكماً سابقاً لولاية داكوتا الشمالية، التي يقوم اقتصادها على إنتاج النفط والزراعة، وتعتبر قريبة من عالم الأعمال. وباعتباره وزيراً للداخلية، فمن المتوقع أيضاً أن يرأس "مجلس الطاقة الوطني" الذي تم إنشاؤه حديثاً. وفي الوقت نفسه، فهو مسؤول عن المتنزهات الوطنية، التي من المفترض بناء على رغبة ترامب فتحها بشكل أكبر أمام إنتاج النفط والغاز.
صورة من: Anna Moneymaker/Getty Images
كريس رايت – وزير الطاقة
الرئيس التنفيذي لشركة نفط كريس رايت يناسب ذوق ترامب على المسطرة؛ فهو مثله منكر للتغير المناخي، وشبّه كفاح الديمقراطيين ضد الانحباس الحراري العالمي بالشيوعية السوفييتية. وهو من المدافعين عن الوقود الأحفوري. وفي عام 2019، شرب سائل التكسير الهيدروليكي أمام الكاميرا ليُظهر أن طريقة استخراج الغاز باستخدام ذلك السائل غير ضارة.
صورة من: John Angelillo/UPI Photo/newscom/picture alliance
توم هومان – المفوض بشؤون حراسة الحدود
كمدير لوكالة مراقبة الحدود في فترة ترامب الأولى، كان هومان مسؤولاً عن سياسة عدم التسامح المطلق مع المهاجرين غير النظاميين القادمين من المكسيك. وفي عام 2014، قال إن فصل الأطفال عن والديهم كان "وسيلة فعالة لردع الراغبين بعبور الحدود بشكل غير شرعي". والآن يتعين عليه مرة أخرى أن يتخذ إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية.
صورة من: Lev Radin/ZUMA/picture alliance
روبرت ف. كينيدي جونيور – وزير الصحة
وزير الصحة المقبل معارض صريح للتطعيم وقد جذب الانتباه في الماضي لنشره تقارير كاذبة حول جائحة كوفيد. إنه روبرت إف كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس الديمقراطي السابق جون إف كينيدي، الذي مات اغتيالاً. خلال الحملة الانتخابية، وصفه ترامب بأنه "أغبى عضو في عائلة كينيدي" - والآن يعتقد أنه ذكي بما يكفي لتولي منصب وزير الصحة.
صورة من: Morry Gash/AP Photo/File/picture alliance
سوزي وايلز - كبيرة موظفي البيت الأبيض
حتى وقت قريب، لم يكن أحد يعرفها تقريباً. عملت سوزي وايلز لصالح الجمهوريين لمدة 40 عاماً كخبيرة استراتيجية ولكن خلف الكواليس. وكانت سوزي وايلز عضواً في فريق حملة رونالد ريغان وأدارت بعد ذلك حملات حاكمي فلوريدا ريك سكوت ورون ديسانتيس، وحملة دونالد ترامب الرئاسية. وفاز جميع من سبق ذكرهم. الآن ستصبح المحافظة القوية أول امرأة تتولى منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض.
أعده للعربية: خالد سلامة