الشروط الروسية تعرقل التوصل إلى هدنة بين موسكو وكييف
علاء جمعة أ ف ب، رويترز
١٧ مايو ٢٠٢٥
كشفت جولات المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا عن خلافات عميقة بشأن الشروط الروسية والمطالب الأوكرانية. ما قد يعرقل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
أصرت كييف على ضرورة وقف إطلاق نار "غير مشروط" لمدة 30 يومًا كشرط أساسي للمضي قدمًا في المفاوضات، وهو مطلب دعمتها به حكومات غربيةصورة من: Arda Kucukkaya/Turkish Foreign Ministry/REUTERS
إعلان
أكد الكرملين، السبت (17 مايو/ أيار) أن أي لقاء محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتطلب التوصل إلى "اتفاقات مسبقة" بين الطرفين. ورغم الاتفاق المحدود على تبادل الأسرى، الذي شهدته مدينة اسطنبول التركية، تبقى احتمالات تحقيق اختراق كبير ضئيلة في الوقت الحالي. فالتباين بين شروط الطرفين، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية، يعيق التوصل إلى هدنة. وفي حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استضاف المحادثات، أهميتها لإنهاء الحرب، مشيرا إلى استمرار تركيا بدور الوسيط، شددت تصريحات الكرملين بضرورة إبقاء المفاوضات "سرية".
شروط روسية لوقف النار
وتشمل الشروط الروسية، وفقًا لمصدر أوكراني مطلع، انسحاب القوات الأوكرانية من مناطق دونيتسك، زابوريجيا، خيرسون، ولوهانسك، التي تطالب موسكو بالسيادة عليها، قبل الموافقة على وقف إطلاق النار. كما تطالب روسيا بتخلي أوكرانيا عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتنازل عن شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014، إضافة إلى وقف شحنات الأسلحة الغربية إلى كييف. هذه المطالب، التي وصفها مصدر أوكراني بأنها "تتجاوز المقترح الأمريكي"، تُعتبر غير مقبولة من قبل أوكرانيا، التي تطالب بانسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها، بما يشمل حوالي 20% من الأراضي المحتلة.
وخلال المفاوضات التي استمرت أقل من ساعتين، لم يُحرز الطرفان تقدمًا كبيرًا، باستثناء اتفاق على تبادل ألف أسير حرب من كل جانب، وهو ما يُتوقع تنفيذه الأسبوع المقبل، وفق تصريحات رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف. وأشار فلاديمير ميدينسكي، كبير المفاوضين الروس، إلى أن موسكو "أخذت علمًا" بطلب كييف لعقد قمة بين الرئيسين، لكنه أكد أن المباحثات المستقبلية تعتمد على تنفيذ هذا التبادل أولًا.
شروط تعجيزية.. هل أفشل الروس مفاوضات اسطنبول؟
18:00
This browser does not support the video element.
موقف أوكرانيا
الجانب الأوكراني يصر على ضرورة وقف إطلاق نار "غير مشروط" لمدة 30 يومًا كشرط أساسي للمضي قدمًا في المفاوضات، وهو مطلب دعمته حكومات غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا. ومع ذلك، رفضت روسيا هذا العرض مرارًا، معتبرة أن المفاوضات يجب أن تتناول "الأسباب الجذرية" للصراع، وهو تعبير يُشير إلى مطالبها الإقليمية وشروطها السياسية.
على صعيد الضغوط الدولية، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلا الطرفين إلى إنهاء الصراع، مهددًا بالتخلي عن جهود الوساطة إذا لم يُحرز تقدم واضح. ومع ذلك، أثارت تصريحات ترامب التي دعت زيلينسكي لقبول المحادثات المباشرة دون شروط مسبقة، قلق الأوكرانيين والأوروبيين من ميل واشنطن نحو موسكو. في المقابل، أعلنت أوروبا، بقيادة فرنسا والاتحاد الأوروبي، عن خطط لفرض عقوبات جديدة على القطاعات المصرفية والطاقة الروسية، بهدف "خنق" الاقتصاد الروسي إذا استمر رفض موسكو لوقف إطلاق النار.
إعلان
الوضع الميداني
على الأرض، تواصل القوات الروسية هجماتها، حيث أسفر هجوم بطائرة مسيرة على حافلة مدنية في منطقة سومي عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أربعة آخرين، وهو ما وصفه زيلينسكي بـ"القتل المتعمد للمدنيين". كما أعلنت روسيا عن سيطرتها على بلدة ألكسندروبيل في دونيتسك، مما يعكس تفوقها العسكري الحالي. هذه التطورات تزيد من تعقيد المفاوضات، حيث استشهد ميدينسكي بقول نابليون: "الحرب والمفاوضات يجب أن تتم بالتزامن"، مبررًا استمرار
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.