الشيخوخة في السجون ... تحدياتها ومتطلباتها!
٢٨ فبراير ٢٠١٤نسبة السجناء في ألمانيا الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما في ازدياد مستمر، ففي حين انخفض العدد الإجمالي للسجناء في السنوات الأخيرة، ارتفع في المقابل عدد السجناء كبار السن، فمن عام 2003 إلى عام 2013 ارتفع العدد إلى أكثر من الثلث. فهل هذا الارتفاع هو مجرد انعكاس لشيخوخة المجتمع أم أن الأفراد كبار السن أصبحوا أكثر إجراما من ذي قبل؟ كلا الاحتمالين يلعب دورا في الإجرام على حد قول عالم الجريمة من مدينة بوخوم ميشائيل آليكس في مقابلة مع دويتشه فيله، ويضيف أيضا: "لأن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في اتساع مستمر، نجد أفرادا كبار السن متورطين في عمليات السرقة أو الاحتيال، عكس مما كان عليه الأمر في الماضي". فالجريمة لأفراد كبار السن لا تتجاوز حدود الجرائم الصغير.
سبب آخر هو أن السجناء يقضون فترة أطول في السجن عكس كان الوضع عليه من قبل. ابتداء من عام 1998 أصبح من الممكن تمديد مدة الحبس الاحتياطي للسجناء الخطيرين رغم انتهاء عقوبة سجنهم الفعلي إلى مدة أقصاها عشر سنوات. وجاء تطبيق هذا القرار على خلفية قضية مرتكب الجرائم الجنسية مارك ديترو الذي هزت قضيته الرأي العام وأصبح الرجل الأكثر كرها في بلجيكا. ومنذ ذلك الحين تضاعف عدد سجناء الحبس الاحتياطي كما يقول عالم الجريمة ميشائيل آليكس.
قائمة طويلة لطلب الدخول لسجن المسنين
ارتفاع عدد السجناء كبار السن يضع إدارة السجن تحت تحديات جديدة، إذ يجب أن يُوفَّر لهم متطلبات طبية مختلفة تماما عن المتطلبات الطبية للسجناء الشباب. فالبعض منهم مصاب بداء السكري والخرف وأمراض القلب وارتفاع الضغط، وآخرون يحتاجون إلى رعاية دائمة وهناك منهم من يموت في السجن وهذا وضع لم يعد وضعا استثنائيا. هذه التحديات الجديدة دفعت ببعض السجون إلى إعادة ترتيب أوراقها، فقد قام سجنٌ بمدينة ديتمولد منذ سبع سنوات بتجهيز قسم مخصص للمسنين. ونظرا لارتفاع الطلب في الآونة الأخيرة قامت إدارة السجن برفع الحد الأدنى للالتحاق بهذا القسم من 55 عاما إلى 62 عاما. كذلك قام سجنٌ بمدينة بيليفيلد بإنشاء قسم لكبار السن، ومنذ عام 1970 هناك سجن خاص بالسجناء كبار السن في مدينة زينغن.
توماس ماوس هو مدير السجن في مدينة زينغن، هذا السجن يوفر المكان لــ 48 رجلا يفوق سنهم 62 سنة، مع عقوبة بالسجن لا تقل عن 15 شهرا. وفي سبعينيات القرن الماضي لم يكن أحد يتوقع بأن هذا التغير الديموغرافي سوف يأخذ هذا الاتجاه كما يقول ماوس مدير السجن، وحتى ذلك الحين لم يكن أي شخص دارٍ باحتياجات كبار السن في سجن عادي ومن بينها: الرغبة في الهدوء والخصوصية والقيام بأنشطة غير مرهقة ووفقا لرعاية طبية خاصة.
الخوف من سجناء يكررون جريمتهم
شيء واحد واضح هو أن الشيخوخة في السجون واقع حتمي لا هروب منه. ميشائيل آليكس يعتقد أنه لا يجب توفير مزيد من المرافق الخاصة لكبار السن فقط، وإنما أيضا تأهيل ما يكفي من القضاة والمدعين العامين، ويقول آليكس أيضا: "كبار السن يمكن تحويل ما تبقى من حبسهم إلى عقوبة سجن مع وقف التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن لكل سجين مريض أن يتعالج بشكل كاف إذا صعُبت معالجته داخل مستشفى السجن. كذلك يمكن أن يُمنح عفوا لسجين عن مدة السجن المتبقية له في حال كانت مدة عقوبة سجنه الأصلية مبالغ فيها".
فقد أصبح المجتمع والقضاء بالدرجة الأولى أكثر ترددا وخوفا من تكرار الجناة لجرائمهم، ويقول عالم الجريمة ميشائيل آليكس: "الرحمة لاتطال أولئك الذين انتهكوا حرمة المعايير الاجتماعية". رغم أن احتمال تكرار سجناء كبار السن لجريمة أمر مفروغ منه للغاية.
في هامبورغ تم إدراج بند في قانون العقوبات قبل بضع سنوات بأن "يُخلى سبيل السجناء المرضى الذين يُتوقع في المستقبل القريب أن يموتوا بسبب مرضهم، (...) ويمكن إخلاء سبيلهم على الفور إلى حين التوصل إلى قرار رسمي بشأن إخلاء سبيلهم من إدارة السجن"، دون أن يُفترض أن يرتكبوا جرائم بعد إخلاء سبيلهم. ويقول ميشائيل آليكس أن هامبورغ هي المدينة الوحيدة التي يحدد فيها القانون بأن "هؤلاء السجناء يُخلى سبيلهم وأن لا يموتوا في السجن".