تؤكد المعارضة واتحادات وسائل الإعلام في تركيا أن 95 في المائة من وسائل الإعلام تقع تحت تأثير الحكومة. هذا الاتهام ينفيه بالطبع ممثلو حزب العدالة والتنمية الحاكم.
إعلان
"حزب العدالة والتنمية كحزب حكومي يراقب 95 في المائة من وسائل الإعلام. وهو يحجب الحقيقة عن السكان. وفي الوقت نفسه تزداد نسبة التعتيم الإعلامي". هذا الاستنتاج توصل إليه أكبر حزب معارض في البرلمان التركي، ألا وهو حزب الشعب الجمهوري. وبتكليف من الحزب قبل الانتخابات البلدية، صدرت دراسة بعنوان "تركيا السلطوية وتخريب وسائل الإعلام". وبعد نشرها بقليل، بدأ في تركيا نقاش نظراً للارتباط بين الانتخابات واستقلالية وسائل الإعلام.
وتعتقد اتحادات الصحفيين المختلفة أن الحكومة ستزيد الضغط على وسائل الإعلام مع اقتراب موعد إقامة الانتخابات البلدية في 31 مارس/ آذار الحالي. وتتضمن دراسة حزب الشعب الجمهوري استنتاجات من جامعة قدير هاس من عام 2018 تفيد بأن ثلاثة من بين كل خمسة أشخاص يعتقدون أن حرية الصحافة غير موجودة في تركيا. هذه النظرية يدعمها مؤشر حرية الصحافة لمعهد رويترز للدراسات الصحفية بجامعة أوكسفورد، إذ تقهقرت تركيا من 2002 حتى 2018 لتحتل المرتبة 157 من بين 181 مرتبة.
ومنذ المحاولة الانقلابية في 2016 تستخدم الحكومة أوامر حظر النشر "لحماية الأمن القومي". ففي الفترة بين 2011 و2018 كان حزب العدالة والتنمية وحده في الحكومة وأصدر خلال هذه المدة 468 حظراً للنشر. وما يثير الانتباه هو حظر النشر الصادر خلال الشهرين الأولين لهذا العام، الذي وصل في الأثناء إلى 34 حظراً. وإذا ما تمعنا في أن حزب العدالة والتنمية يشكل منذ 17 عاماً الحكومة، فإن ارتباطاً بين الحكومة ووسائل الإعلام يكون يكون ممكناً.
"عشرات الصحف تنشر نفس العنوان"
ويثير رئيس اتحاد الصحفيين الأتراك، نظمي بيلغين، تساؤلات حول العلاقة بين الحكومة ووسائل الإعلام قبل انتخابات الحادي والثلاثين من مارس/ آذار، والأمر الحاسم بالنسبة له هو حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات والحماية التي يجب ضمانها.
ويقول بيلغين لـDW إن "وسائل الإعلام موجودة في يد واحدة. نحن في نظام إعلامي يعمل أكثر من 90 في المائة منه لصالح الحكومة. والأصوات المعارضة أخرست تقريباً. كما نلاحظ عشرات الصحف التي تحمل نفس العنوان. ثقة المواطنين في وسائل الإعلام تزعزعت بقوة".
ويتابع بيلغين بأن الناس - بالنظر إلى الانتخابات البلدية - لا يمتلكون فرصة تكوين رأي مستقل ومحايد. وفي التقرير الأخير لاتحاد الصحفيين الأتراك، تم التركيز على الصحافة وممارستها عقب المحاولة الانقلابية وأثناء حالة الطوارئ. واستنتج التقرير أن التنوع وصل إلى نهايته: ففي عام 2018 وحده مثل 105 صحفيين أمام المحكمة، التي أجبرت 80 منهم على دفع غرامات أو حكمت عليهم بالسجن.
السجن لـ53 صحفياً بسبب "إهانة الرئيس"
ويذكر نظمي بيلغين أن أكثر من 150 صحفياً مسجونون إلى يومنا هذا، ومنذ عام 2014 صدرت أحكام ضد 53 صحفياً بسبب "إهانة الرئيس"، أي منذ انتخاب رجب طيب اردوغان رئيساً للجمهورية التركية. ويقول بيلغين: "تركيا ابتعدت عن حرية الصحافة، والحكومة تتحكم تقريباً في وسائل الإعلام، والقيود التي فُرضت على الصحفيين تقلص حق المواطنين في حرية المعرفة". ويلاحظ بيلغين بأنه آخر وسائل الإعلام يتم لجمها لوضع حد للتنوع.
"يكفي مشاهدة البرامج التلفزيونية"
وللحصول على فكرة عن التغطية الإعلامية غير المتوازنة للانتخابات، يعتبر رئيس نقابة الصحفيين التركية، غوكهان دورموس، أنه يكفي مشاهدة برامج التلفزة، حيث يتم منح مجال أكبر لمرشحي الحزب الحاكم على حساب الأحزاب الأخرى التي قلما يظهر مرشحوها.
ويشير دورموس إلى أن نحو 8000 صحفي من بين 24 ألفاً خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية فقدوا عملهم. وهذه حقيقة تمت الإشارة إليها في العديد من التقارير. ويفيد دورموس أن الصحفيين يواجهون صعوبات جمة في ممارسة عملهم، مضيفاً: "لا نحصل على أخبار محايدة، ولا نعرف في الحقيقة ماذا يحصل في البلاد".
ممثلو حزب العدالة والتنمية: فقط أكاذيب!
وفيما يخص انتقادات تقييد حرية الصحافة، يرد ممثلو الحكومة بأن ذلك مجرد أكاذيب، ويذكرون في كل مرة أن تركيا وصلت مع أحداث الخامس عشر من يونيو/ حزيران 2016 إلى نقطة تحول. ومنذ تلك اللحظة، يتمثل الهدف الرئيسي للحكومة في شن حرب ضد حركة فتح الله غولن، التي تعتبرها الحكومة المدبر الحقيقي للمحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة.
هذا وتفيد تقارير الاستخبارات التركية بأن العديد من أعضاء حركة غولن ما زالوا موجودين في وسائل الإعلام. وتتمثل الرسالة الرئيسية في الإعلان:"نحن ليس لدينا مشكلة مع حرية الصحافة. مشكلتنا هي محاربة الإرهاب".
هلال كويلو/ م.أ.م
بالصور- صحفيون ومدونون قادتهم أراؤهم الحرة للموت أو السجن
يُعتقلون ويُعذبون ويُقتلون. لأن الصحفيين يزاولون مهنتهم؛ يصبحون هدفا لحكومات وعصابات أو مقاتلين متعصبين وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو/ أيار) تقدم DW هذه الجولة المصورة تذكيرا ببعض الضحايا من بقاع العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Hamed
روسيا: نيكولاي أندروشتشينكو
تعرض للضرب من قبل مجهولين في الشارع في سان بطرسبرغ. في 19 من أبريل/ نيسان 2017 لفظ نيكولاي أندروشتشينكو البالغ من العمر 73 عاما أنفاسه الأخيرة متأثرا بجروحه. هذا الصحفي سبق وأن كتب عن خروقات حقوق الإنسان والجريمة. في وثائقه الأخيرة كشف أن الرئيس فلاديمير بوتين وصل إلى السلطة بفضل ارتباطات مع مجرمين وأجهزة الاستخبارات.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Usov
المكسيك: ميروسلافا بريتش
ميروسلافا بريتش تمت تصفيتها أمام منزلها في مدينة شيهواهوا بشمال المكسيك في 23 مارس/ آذار 2017 من قبل قاتل أطلق عليها ثمان رصاصات. الصحفية كتبت عن الفساد والجريمة لدى عصابات المخدرات المكسيكية وتأثيرها في السياسة والاقتصاد. قاتلها ترك رسالة جاء فيها: "للخائنة". ميروسلافا بريتش هي ثالث شخصية صحفية تُغتال في مارس/ آذار في المكسيك.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/C. Tischler
العراق: شيفا غردي
الصحفية شيفا غردي توفيت عندما انفجر لغم في الـ 25 من فبراير/ شباط 2017 في جبهة القتال في شمال العراق. الصحفية الكردية العراقية المولودة في إيران كانت تعمل لصالح إذاعة كردية في أربيل وقامت بتغطية العمليات القتالية بين الوحدات العراقية وميليشيات "داعش". ومن حين لآخر يقوم إرهابيون تابعون لتنظيم "داعش" بالقرب من الموصل بخطف صحفيين وطردهم أو قتلهم.
صورة من: picture alliance/dpa/AA/F. Ferec
بنغلاديش: أفيجيت روي
أفيجيت روي كان يصف نفسه بأنه "إنسان علماني" وأثار بذلك غضب متطرفين إسلامويين في بنغلاديش. أفيجيت روي كان يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية وسافر في فبراير/ شباط 2015 إلى معرض الكتاب في داكا حيث مزقه متعصبون بمناجل. ويتعرض مدونون في بنغلاديش من حين لآخر للاغتيال.
صورة من: Getty Images/AFP/M. U. Zaman
العربية السعودية: رائف بدوي
حكم على الناشط السعودي بعشر سنوات سجنا و 1000 جلدة. ومنذ 2012 يقبع رائف بدوي في السجن بتهمة "ازدراء الإسلام". وفي يناير/ كانون الثاني 2015 تم جلده لأول مرة أمام الملأ، ونشأت حملة عالمية لإطلاق سراحه، وألغى النظام تلك العقوبة. وحصلت زوجته إنصاف حيدر والأبناء على حق اللجوء في كندا.
صورة من: Imago/C. Ditsch
أوزبكستان: سليون عبد الرحمانوف
منذ عام 2008 يقبع سليون عبد الرحمانوف في السجن ـ حكم عليه بسبب الحيازة المفترضة لمخدرات. منظمة صحفيون بلا حدود تقول إن الحكومة توظف حيازة المخدرات لإسكات المنتقدين. "جريمة" عبد الرحمانوف تتمثل في أنه كتب لصالح مواقع الكترونية مستقلة وإذاعة صوت أمريكا وغيرها حول الفساد وحقوق الإنسان وتدمير البيئة.
تركيا: دنيز يوجِل
الصحفي الألماني من أصل تركي دنيز يوجِل مسجون في تركيا منذ فبراير/ شباط 2017. الاتهامات الموجهة ضد مراسل صحيفة "دي فيلت" هي الدعاية للإرهاب والتحريض، والسلطات التركية لم تقدم أدلة. ورغم الاحتجاجات القوية من ألمانيا أعلن الرئيس أردوغان أنه لن يطلق سراح يوجِل أبدا. أكثر من 140 من رجال الإعلام في تركيا تم اعتقالهم منذ المحاولة الانقلابية في يوليو/ تموز 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/C.Merey
الصين: غاو يو
يواجه الصحفيون المنتقدون للنظام والمدونون والنشطاء في الصين ضغوطا قوية. وحتى مراسلة DW السابقة غاو يو اعتُقلت في 2014 وحُكم عليها بالسجن سبع سنوات في أبريل/ نيسان 2015 بسبب إفشاء مزعوم لأسرار الدولة. وعلى إثر ضغط دولي تمكنت غاو يو من مغادرة المعتقل وتقضي عقوبتها منذ ذلك الحين في الإقامة الجبرية.
صورة من: DW
أذربيجان: محمان حسينوف
يصدر محمان حسينوف مجلة اجتماعية سياسية في الإنترنت قام فيها بفضح الفساد وخروقات حقوق الإنسان. ويُعتبر حسينوف من أشهر المدونين بالفيديو في أذربيجان. حملته "مطاردة موظفين فاسدين" اتهمت كوادر قيادية كبرى بالفساد في أذربيجان. تعرض للتهديد مرات وحكم عليه في مارس/ آذار 2017 بالسجن سنتين بتهمة القذف.
صورة من: twitter.com/mehman_huseynov
مقدونيا: تومسلاف كيزاروفسكي
كان يُعتبر السجين السياسي الوحيد في جنوب شرق أوروبا: إنه تومسلاف كيزاروفسكي الذي لم يكن مريحا، لأنه كان يسرد تقارير الشرطة الداخلية وقام بالبحث في ملابسات الموت غير المعروف لصحفي آخر. وفي محاكمة مشبوهة صدر بحقه في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 حكم بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف، وفي الحكم النهائي بسنتين في الإقامة الجبرية. والآن يقوم كيزاروفسكي بتدوين كتاب عن فترة اعتقاله.