لا يمكن للنظام الحسابي الحالي التخلي عن الصفر رغم أنه لا يشكل أية قيمة عددية. وتعتمد التكنولوجيا العصرية عليه بشكل رئيسي ومنه تطور النظام الثنائي، الذي يتكون من آحاد وأصفار. لكن من اكتشف الصفر وكيف انتقل إلى أوروبا؟
إعلان
يعتقد أن أول استخدام للصفر بدأ قبل نحو خمسة آلاف عام في وادي الرافدين. وكان يعبر عن اللاشيء، فيما استعمل البابليون الصفر وأعطوه رمزاً في الكتابة في القرن الثالث قبل الميلاد. ودلت الوثائق البابلية القديمة على أن رمز الصفر كان يستعمل في الكتابة، لكنه لم يكن يمثل قيمة عددية، وإنما يمثل فاصلة أو "لا شيء" في المضمون.
المعلومة السائدة هي أن الهنود هم أول من استخدم الصفر كعدد في النظام الحسابي، وكان ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد، أي قبل البابليين. وكان الصفر يستخدم في النظام الحسابي بشكل مشابه لنظامنا الحسابي الحالي، وكان يُرمز له بنقطة أو دائرة.
وذكر موقع "ليرن هيلفر" الألماني أن حضارة قبائل المايا التي ازدهرت في أمريكا الجنوبية استخدمت أيضاً مفهوم الصفر، إذ كانت حضارة المايا تستخدم النظام العشريني اعتماداً على أعداد أصابع اليدين والقدمين في الجسم. وكان الشهر في تقويم حضارة المايا يبدأ دائماً باليوم صفر.
أما نظام الحساب الروماني القديم فلم يكن يعرف الصفر، بل كان يستخدم نظاماً مختلفاً يعتمد على الحروف اللاتينية للتعبير عن الأرقام.
اينشتاين ..حياة عبقري غيَّر فهم الزمان والمكان
هل تعلم أن اينشتاين حصل على الدكتوراه وهو بعمر 26 عاما وعمل أستاذا في عدة جامعات، ولم يحصل على جائزة نوبل للفيزياء عن نظريته النسبية وقدم طلبا للتخلي عن جنسيته الألمانية مرتين واشتهر في أواخر أيام حياته كداعية للسلام ؟
صورة من: picture alliance/AP Images/NAP
ولد العالم الفيزيائي ألبرت اينشتاين في مدينة أولم الواقعة على نهر الدوناو في ولاية بادن فوتيمبيرغ الألمانية في سنة 1879 من والدين يهوديين. وانتقلت عائلته في سنة 1880 للعيش في مدينة ميونيخ، وكان والده يعمل حرفيا ويملك ورشة صغيرة لتصنيع الأدوات الكهربائية.
صورة من: picture-alliance/dpa
تأخر الطفل ألبرت في النطق وقيل إنه كان شغوفا بالطبيعة، وقد أهداه والده بوصلة وهو في عامه الخامس ليتعرف على قوانين الفيزياء. انتقلت عائلة اينشتاين للعيش في إيطاليا في سنة 1894. وفي سنة 1895 انتقل إلى سويسرا للدراسة. وتنازل اينشتاين عن جنسيته الألمانية حتى يتجنب الخدمة العسكرية التي كان يكرهها. وكان اينشتاين لا يحمل جنسية أي بلد للفترة من 1896 ولغاية 1901، وبعدها حصل على الجنسية السويسرية.
صورة من: Imago/United Archives International
لم يكن يبدو على اينشتاين الطفل والشاب أية علامات ذكاء خارق، وكان شخصا اعتياديا ولم يلفت الانتباه له إطلاقا. وفي سنة 1900 حصل على شهادة الدبلوم من زيوريخ وعمل كمدرس اختصاص لمادتي الرياضيات والفيزياء، بعدها عمل بعدها في الدائرة المسئولة عن منح براءات الاختراع في مدينة برن السويسرية.
صورة من: picture alliance/akg-images
في سنة 1905 قدم اينشتاين معادلته الشهيرة (E = mc²)، وتعني أن الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء، وهي النظرية النسبية الخاصة. وفي نفس العام، وهو بعمر 26 عاما فقط، حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة زيوريخ حول أبعاد الجزيئات. وقدم اينشتاين في نفس العام عدة دراسات علمية شكلت فيما بعد نواة الفيزياء الحديثة، منها إمكانية انتشار موجات الضوء في الفراغ وتفسير الزمان والكتلة والطاقة.
صورة من: picture alliance/CPA Media Co. Ltd
عمل اينشتاين في سنة 1909 مدرسا للفيزياء النظرية في جامعة زيوريخ ومن ثم أستاذا محاضرا غير متفرغ. وفي سنة 1911 عينه القيصر فرانتس يوزف الأول، إمبراطور النمسا، أستاذا متفرغا للفيزياء في الجامعة الألمانية في مدينة براغ، وحصل أيضا على الجنسية النمساوية. وبعدها بعام عاد لجامعة زيوريخ ليعمل أستاذا متفرغا في جامعتها. أحب اينشتاين الموسيقى وعزف آلة الكمان.
صورة من: picture alliance/AP Images
في سنة 1913 حصل اينشتاين على عضوية الأكاديمية البرويسية للعلوم الشهيرة وحصل على تخويل للعمل في التدريس في جامعة برلين لإتمام دراساته حول النظرية النسبية الخاصة. وعين مديرا لمؤسسة القيصر فيلهيلم للفيزياء في سنة 1917 وبقي في منصبه لغاية وصول النازيين إلى الحكم. في سنة 1919 بدأ العالم يتعرف على اينشتاين بعد توصل العلماء إلى إثباتات لنظرياته، وخاصة بما يتعلق بالجاذبية وقياس الفضاء المنحني حول الشمس.
صورة من: picture alliance/United Archives/WHA
حصل اينشتاين في سنة 1921 على جائزة نوبل للفيزياء عن أبحاثه في شرح ظاهرة التأثير الكهروضوئي وعمل الفوتونات، وليس عن النظرية النسبية، إذ لم يستطع العلماء آنذاك إثباتها أو نفيها. في سنة 1933 وبعد وصول النازيين إلى الحكم غادر اينشتاين ألمانيا وسلم جوازه الألماني وقدم طلبا للاستغناء عن جنسيته.
صورة من: AP
أقام اينشتاين بعد ذلك في عدة مدن أوروبية قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على الجنسية الأمريكية في سنة 1940، واستقر هناك حتى وفاته في سنة 1955. وعرف عن مواقفه المعادية للحروب وكان من الداعيين إلى السلام العالمي.
صورة من: ullstein bild/The Granger Collection
لا تكمن عبقرية اينشتاين في نظرياته وبحوثه الكثيرة في مجال الفيزياء فحسب، بل أيضا في إمكانيته تصور آليات الكون وفهمها، ومنحته مخيلته كذلك إمكانية الإجابة عن أسئلة في مجال الرياضيات والفيزياء لا يمكن للكثيرين إدراكها.
صورة من: picture alliance/AP Images/NAP
9 صورة1 | 9
نقل العلوم الهندية إلى بغداد وترجمتها إلى العربية
هذا ويعتقد أن عالم الرياضيات والفلك الهندي براهما غوبتا هو أول من شرح استخدام الصفر في العالم، نقلاً عن صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، وكان ذلك عندما ذكره في كتابه "سيندهانتا" في القرن السابع الميلادي، إذ بين براهما غوبتا أن الصفر هو حاصل طرح العدد من العدد المساوي له، وأن الصفر هو حاصل ضرب أي رقم آخر به. وكانت الكلمة الهندية التي تعني "صفر" هي (سونيا) ومعناها "خالي أو فارغ". هذه الكلمة ترجمت ونقل لفظها صوتياً إلى اللغة العربية وأصبحت "صفر".
كما نقل كتاب "سيندهانتا" إلى بغداد، عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، وأمر الخليفة المأمون بترجمته إلى العربية. ونشر عالم الرياضيات الشهير الخوارزمي رسالة تحمل اسم "الخوارزمي عن الأرقام الهندية" في سنة 825 بين فيها استخدامات الصفر، منها تعرف الغرب على النظام الحسابي العربي (النظام العشري)، الذي عرف بنظام الأرقام الخوارزمية نسبة إليه.
وذكر الخوارزمي في رسالته: "في عمليات الطّرح، إذا لم يكن هناك باق نضع صفراً ولا نترك المكان خالياً، لئلّا يحدث لبس بين خانة الآحاد وخانة العشرات. ثمّ إنّ الصّفر يجب أن يكون من يمين العدد، لأنّ الصّفر من يسار الاثنين، مثلا – 02 – لا يغيّر من قيمتها، ولا يجعلها عشرين".
كما قام الخوارزمي باختراع مجموعة أخرى من الأرقام تُعرف اليوم باسم الأرقام العربية، لكنها لم تحظ بانتشار واسع في دول المشرق العربي واستعملها لاحقاً العرب في الأندلس والمغرب العربي، ومن هناك انتشرت إلى أوروبا، ثم انتشرت في أنحاء العالم كله على الشكل المستعمل حالياً.
لكن الرقم صفر وصل متأخراً إلى أوروبا، إذ كان رمز الدائرة "0" يعد "من عمل الشيطان" في العصور المظلمة في أوروبا، الأمر الذي أخر استعمال الصفر في أوروبا، نقلاً عن موقع "ليرن هيلفر" الألماني. وبقي الحال كذلك حتى نشر عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي فون بيزا كتابه في سنة 1202 الذي حمل عنوان (Liber Abaci)، والذي شرح فيه الحساب وأهمية الصفر.
يذكر أن فون بيزا كان قد تلقى تعليمه في مدينة بجاية الجزائرية، التي كانت زاخرة بعلماء الرياضيات مثل العالم أبو مدين. وتعلم فون بيزا الأرقام العربية ونقل استخدامات الصفر إلى نظام الحساب الأوروبي وكتبه باللاتينية "Cephir". ومن ثم تطور اللفظ وتغير إلى "Zephiro" ثم "Zero" في القرن الخامس عشر. كما تطور لفظ الكلمة في ألمانيا إلى كلمة "Ziffer"، التي تعني في اللغة الألمانية اليوم "رقم".