الصمت السعودي إزاء التطبيع الإماراتي ـ تحفظ أم موافقة ضمنية؟
١٧ أغسطس ٢٠٢٠
يرى محللون أن قرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل قد يساهم في تعزيز تقارب السعودية مع الدولة العبرية في الوقت الذي تسعى فيه الرياض لجذب الاستثمارات لتمويل تحولها الاقتصادي استعدادا لمرحلة ما بعد البترول.
إعلان
أصبحت الإمارات العربيةالمتحدة أول دولة خليجية تطبّع علاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل، في اتفاق تاريخي توسّطت فيه الولايات المتحدة وأثار احتمال إبرام اتفاقات مماثلة مع دول عربية أخرى. والتزمت السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي الصمت بشأن الاتفاق، لكن مسؤولين ألمحوا إلى أنه من غير المرجّح أن تتبع الرياض على الفور خطى حليفتها الإقليمية الرئيسية.
وبالنسبة إلى عزيز الغشيان الاستاذ في جامعة "إسيكس" والمتخصص في سياسة المملكة تجاه إسرائيل، فإن "التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يفسح المجال لتوسيع العلاقات السعودية الإسرائيلية غير المباشرة". وقال "أعتقد أنّ التقارب السعودي الإسرائيلي سيزداد عبر الإمارات".
تطبيع السعودية مع إسرائيل يتبع حسابات دقيقة
تواجه السعودية معضلة الحسابات السياسية الحساسة قبل أي اعتراف رسمي بالدولة العبرية. وكما حدث مع الاتفاق الإماراتي، فإن هذه الخطوة سينظر إليها الفلسطينيون على أنها خيانة لقضيتهم. لكن المملكة تبدو كأنها بدأت بالفعل تقاربا مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، وهو تحوّل قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حتى عندما أعرب والده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عن دعمه الثابت لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقد يدفع العداء المشترك تجاه إيران إلى جانب محاولات جذب الاستثمار الأجنبي لتمويل خطة التحول الاقتصادي "رؤية 2030" الخاصة بالأمير محمد، المملكة إلى الاقتراب من إسرائيل أكثر من أي وقت مضى.
وأحد الركائز الأساسية في "رؤية 2030" هو "نيوم"، المنطقة الضخمة باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار على الساحل الغربي للمملكة، بينما يقول خبراء إن إسرائيل قد يكون لها دور فيها في مجالات تشمل التصنيع والتكنولوجية والأمن السيبرياني.
دول الخليج في حاجة للتكنولوجيا الإسرائيلية
قال محمد ياغي الباحث في مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية إن إنشاء المنطقة "يتطلّب السلام والتنسيق مع إسرائيل خاصة إذا كانت المدينة ستُتاح لها فرصة أن تصبح منطقة جذب سياحي".
ومن المقرر بناء "نيوم" بالقرب من منتجع إيلات الإسرائيلي على طول المياه الحساسة جيوسياسيا للبحر الأحمر وخليج العقبة. وكتب ياغي في ورقة بحثية في نيسان / ابريل أنّ دول الخليج تسعى بشكل متزايد للحصول على التكنولوجيا الإسرائيلية لمراقبة مواطنيها ولشراء صواريخ دقيقة لا ترغب الدول الغربية في بيعها لها. وسعت المملكة العربية السعودية إلى إبقاء تقاربها مع إسرائيل بعيدًا عن الأعين.
وعلى الرغم من الصمت الرسمي تجاه الاعلان عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، سعت وسائل الإعلام السعوديةالموالية للحكومة بشكل متكرر لاختبار رد الفعل العام من خلال نشر تقارير تدعو إلى توثيق العلاقات مع إسرائيل.
وكتب الإسرائيلي نافى شاحار الأسبوع الماضي لموقع قناة "العربية" باللغة الإنكليزية "أتوقع مستقبلا ينطوي على إنشاء نظام بيئي مشترك عالي التقنية بين دول (مجلس التعاون الخليجية)، يُعرف باسم وادي السيليكون". ويشير بذلك شاحار، وهو مؤسس شركة استثمارية تركز عملها على التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل، إلى نظير إقليمي لوادي السيليكون في الولايات المتحدة وقال "الآن، أكثر من أي وقت مضى، من مصلحة إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي زيادة التعاون التجاري".
الرياض لا تزال تقاوم ضغوط واشنطن
يرى مراقبون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي دعم الأمير محمد في أعقاب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول عام 2018، يتمتع بدور كبير في مسألة حمل المملكة على الاعتراف رسميا بإسرائيل.
لكن يبدو أن السعودية تقاوم ضغوط واشنطن لأنها تواجه عواقب أكثر من الإمارات. قال غاريد كوشنر مستشار ترامب في نهاية الأسبوع "أعتقد أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماما وأن تكونا قادرتين على القيام بالكثير من الأشياء العظيمة معا".
وأضاف في مقابلة مع قناة "سي أن بي سي" التلفزيونية "من الواضح أن المملكة العربية السعودية كانت رائدة في مجال (التطوير) ولكن لا يمكن تغيير مسار سفينة حربية بين ليلة وضحاها".
من جهته، قال مارك شناير الحاخام الأميركي الذي تربطه علاقات بالمملكة والخليج لوكالة فرانس برس هذا الاسبوع إن قيادة المملكة لها "آراء متضاربة من جيل إلى آخر".
واعتبر أنّ "المبادرة الجريئة من قبل الامارات ستقوي نفوذ الاجيال التي ترغب في حدوث ذلك الان". وتابع "هذا الإعلان من الإمارات سيحوّل العلاقات الحالية غير المباشرة بين السعوديين وإسرائيل إلى علاقات رسمية مباشرة".
ح.ز/ م.ع.ج (أ.ف.ب)
اتفاق أبراهام.. أحدث حلقة في مسار حروب وسلام متعثر
قبل أكثر من سبعين عاماً أعلن عن قيام إسرائيل. ذات الإعلان يؤرخ له الفلسطينيون بيوم "النكبة". عقود طوال من الشد والجذب بين الطرفين دون التوصل إلى حل نهائي للصراع الذي خلف ضحايا كثر وخسائر جسيمة.
صورة من: Getty Images/A. Wong
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: picture-alliance/akg-images
"أرض الميعاد"
اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: picture alliance/AP/KEYSTONE/Government Press Office
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أنوروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب رابعة
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع رئيس الأردن وإسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات والدولة العبرية تعلنان التطبيع الكامل
توصلت الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق سلام تاريخي"، حسب الرئيس ترامب الذي قال إنهما ستباشران قريبا لقاءات لعقد اتفاقيات عدة. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
شهرا بعد الإعلان الإماراتي-الإسرائيلي، انضمت البحرين إلى الدولتين، ووقع بنيامين نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني. يُعتقد أن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.