الصورة ليست وردية.. هذه تحديات سيعيشها الاقتصاد عام 2023
٨ يناير ٢٠٢٣
غزو روسيا لأوكرانيا وجه ضربة بالغة لجهود إنعاش الاقتصاد العالمي بعد الركود الذي تسببت به الجائحة. فكيف سيكون الحال في عام 2023؟ وهل من أمل لوقف التضخم؟
إعلان
كان عام 2021 عاماً صعباً للغاية بسبب جائحة كوفيد-19، وكان من المتوقع أن يكون عام 2022 عام التعافي، لكن العالم دخل في موجة من الركود الاقتصادي بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ يوم 24 فبراير/شباط 2022 وأضحى حدث العام بامتياز.
الحرب في أوكرانيا، وما نتج عنها من عقوبات اقتصادية مفروضة على روسيا لدفعها لوقف الغزو، أدت إلى توتر في العلاقات الدولية، ورفعت أسعار المحروقات والغداء إلى مستويات قياسية، وخلقت اضطرابات في سلاسل التوريد. ومن أكبر النتائج ارتفاع نسب التضخم، واضطرار البنوك إلى رفع أسعار الفائدة، ما أدى في النهاية إلى تعميق مشاكل الاقتصاد العالمي التي خلفتها الجائحة.
فكيف سيكون حال الاقتصاد العالمي عام 2023؟
استمرار الأزمة
يُعتقد أن عام 2023 سيكون ثالث أسوأ عام بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي في هذا القرن بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2009، ثم الركود الكبير الذي تسبب به الجائحة عام 2020. خبراء يتوقعون أن الاقتصادات الكبرى، وضمنها الاقتصادي الأمريكي والأوروبي والبريطاني، ستدخل مرحلة ركود في هذا العام بما أن البنوك المركزية تستمر في رفع أسعار الفائدة لأجل محاولة التحكم في أسعار الخدمات والبضائع الأساسية.
دخل الاقتصاد الأوروبي مسبقاً في أزمة كبيرة بسبب نقص الطاقة التي سببها الاعتماد الكبير على سوق الطاقة الروسي ومحاولة دول أوروبية التحرر من هذه التبعية بينما أوقفا موسكو الإمدادات. ويشير خبراء من معهد المالية الدولي (IIF) أن مدى خطورة الركود ستتحدد بمصير الحرب في أوكرانيا، خصوصا مع تخوفهم من إمكانية أن تكون حربا دائمة.
لكن كذلك هناك تفاؤل بإمكانية أن يكون الركود قصير الأجل ولن تتجاوز تأثيراته خلال هذا العام سوى ارتفاعاً طفيفاً في معدلات البطالة، ويبرز خبراء من مؤسسة كابيتال إكونوميكس أن التضخم بدأ يتراجع في العالم منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقد تتوافر القدرة للبنوك على التحكم أكثر، وبالتالي إمكانية بدء التعافي في أواخر 2023.
التضخم سيستمر
من المتوقع أن يبقى ارتفاع الأسعار معتدلاً في عام 2023، خصوصاً مع ضُعف الطلب العالمي وتراجع أزمات العرض وتوقع هبوط أسعار الطاقة وانخفاض تكاليف الشحن. لكن عموماً ستبقى نسب التضخم فوق المستويات المستهدفة للبنوك المركزية، ما سيجعل ارتفاع أسعار الفائدة مستمراً، وبالتالي إمكانية تفاقم أزمة الديون العالمية.
في منطقة اليورو، سينخفض التضخم لكن بشكل بطيء مقارنة بالولايات المتحدة. ستشهد ألمانيا بدورها هذا الانخفاض بفضل التدابير المتخذة كوضع مكابح لمنع وصول أسعار الطاقة إلى مستويات كبيرة، لكن المستوى العام للتضخم سيبقى مرتفعاً بسبب الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع الاجتماعي لدعم السكان.
شبح التضحم في الاقتصاد الأمريكي
07:47
وحسب أندرو كينينجهام ، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في "كابيتال إيكونوميكس"، فإن المرونة التي يعرفها اقتصاد منطقة اليورو، قد تؤدي إلى استمرار التضخم لمدة أطول، خصوصاً لعدم استقرار أسواق الطاقة المعتمد على مسار الحرب في أوكرانيا وكذلك على أحوال الطقس العالمية.
كورونا لا تزال
جائحة كورونا بدورها لم تنته بعد. الصين أعلنت إنهاء سياستها المتعلقة بمنع انتشار الفيروس، وخلال الأيام الماضية شهدت البلاد ارتفاع أرقام الإصابات مجددا. ومن المتوقع أن تسبب الجائحة خلال هذا العام طوفاناً من الإصابات في الصين ما سيؤدي إلى تضرّر الاقتصاد المحلي، وبالتالي توجيه ضربة جديدة لسلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن خطر انتشار متحورات جديدة في العالم.
لكن يتوقع المحللون أن تكون نهاية العام جيدة لاقتصاد الصين خصوصاً مع السياسات الحكومية الداعمة لمجال العقار ذو الدور الحيوي في الاقتصاد المحلي، ما سيكون له أثر إيجابي على اقتصادات بلدان الجوار الصيني، وكذلك على بلدان أخرى مرتبطة بتبادل السلع مع الصين كدول أمريكا اللاتينية.
أزمة الطاقة والتوتر السياسي
سوء وضع الطاقة يسبب صداعاً كبيراً للحكومات الأوروبية. تظهر أوروبا قد نجحت نسبياً في تفادي السيناريو الأسوأ خلال فصل الشتاء بفضل الاستهلاك المعتدل للطاقة وخصوصا الغاز، ما يعني تخفيف الضغط على منشآت تخزين الطاقة، واستقراراً نسبياً للأسعار، ودعماً لجهود خفض التضخم.
لكن الشتاء القادم قد يخلق تحديات أخرى بسبب استمرار إنفاق أوروبا الكبير لأجل إيجاد بدائل للطاقة الروسية، وقد تعاني دول الاتحاد لملء خزانات منشآتها، خصوصاً مع المنافسة العالمية على الغاز الطبيعي.
وهناك عامل آخر يؤثر سلباً على الاقتصاد، هو استمرار التوتر العسكري والسياسي في عدة مناطق عبر العالم. علاوة على أوكرانيا، هناك توتر أمريكي-صيني حول موضوع تايوان، والتوتر لا يزال مستمراً بين الكوريتين، وهناك سباق تسلح في عدد من دول العالم.
التكنولوجيا.. عامل إضافي للتوتر
كما تؤدي المنافسة الأمريكية-الصينية في المجال التكنولوجي على الاقتصاد لضغوط على الاقتصاد، وحظرت واشنطن قبل أسابيع عدة صادرات للتكنولوجيا الأمريكية المتقدمة على الصين وروسيا، ووضعت عدة شركات على القائمة السوداء.
ويشير كريستيان نولتين، مدير مكتب الاستثمار في دويتشه بانك، في مذكرة له، أن الصراع التجاري "سيتحوّل الآن إلى محاولة لوضع معايير طويلة الأجل قابلة في مجالات حيوية مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والرقاقات الإلكترونية". ويضيف أن لا أحد من الطرفين، أي أمريكا والصين، سيرغب في تنازل بسهولة.
باندي أشتوش/إ.ع
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.