الطائرات المسيّرة الصغيرة.. تحد صعب يواجه جيوشا كبيرة
٢٢ أكتوبر ٢٠٢٢
الاستخدام المكثّف للمسيّرات الانتحارية الصغيرة جعل منها سلاحا فتاكا يهدد الجيوش والحشود الكبيرة من الناس. الوقاية منها "مهمة شبه مستحيلة"، بيد أن شركات بدأت بتطوير أنظمة اعتراض يمكنها تحييد هذه الأجسام الصغيرة الخطيرة.
إعلان
بين محاولة اغتيال رئيس فنزويلا ورئيس الوزراء العراق والتحليق فوق مطارات لندن ومنصات نفطية في النرويج، تطرح الطائرات المسيّرة الصغيرةمخاطر متزايدة تجعل الوقاية منها تحديا صعبا.
كيف يمكن رصد آلة بطيئة تحلق على ارتفاع منخفض فوق حشد من الناس وتحييدها بدون التسبب في ضرر؟ هذا التحدي مطروح على السلطات في فرنسا التي تستضيف كأس العالم للركبي العام 2023 والألعاب الأولمبية في باريس عام 2024، لاسيما مع توقع حضور مئات الآلاف من الأشخاص على طول نهر السين خلال الافتتاح.
الاستخدام المكثّف للمسيّرات الانتحارية الصغيرة التي أطلقت منها أسراب كاملة أحيانا في نزاع ناغورني كاراباخ العام 2020، واستخدام المسيّرات التجارية في أوكرانيا لأغراض الاستطلاع أو الاستهداف يشكل نقطة ضعف جديدة بالنسبة للجيش أيضا.
الوقاية من المسيّرات الصغيرة مهمة شبه مستحيلة
الوقاية من المسيّرات الصغيرة التي ارتفع عددها من 400 ألف إلى 2,5 مليون في فرنسا خلال خمس سنوات، هي "مهمة (شبه) مستحيلة" وفق ما أفاد برلمانيون في تقرير نُشر العام الماضي.
وفي مؤشر إلى إلحاح الموضوع، من المقرر أن تحصل وزارة الدفاع الفرنسية على أول 6 أنظمة اعتراض مضادة للطائرات المسيّرة في بداية العام، بعد تسعة أشهر من توقيع عقد بقيمة 350 مليون يورو يمتد 11 عاما.
نظام "باراد" للتشويش على المسيّرات
طوّرت مجموعتا "تاليس" و"سي إس" نظام "باراد" الذي "تم تحسينه لرصد وتحييد الطائرة المسيّرة الصغيرة ومتناهية الصغر (من 100 غرام إلى 25 كيلوغراما) ولكن يمكنه فعل المزيد"، كما يوضح تييري بون مسؤول مكافحة الطائرات المسيّرة في "تاليس" خلال استعراض هذا النظام في قاعدة بريتينيي الجوية السابقة في باريس.
يدمج "باراد" بيانات رادار مثبت على مسند ثلاثي القوائم قادر على اكتشاف المسيّرات على بعد يصل إلى 5 كيلومترات، ومراصد اتجاه تحدد موقع الطائرة المسيّرة من خلال موجات الراديو التي تنبعث منها، وكاميرات ضوئية وأخرى بالأشعة دون الحمراء، في واجهة واحدة يديرها مشغّل.
بمجرد رصد الطائرة المسيّرة ومتابعتها تلقائيا عبر الكاميرات، يقوم المشغّل بتنشيط جهاز تشويش على بعد كيلومترين من المسيّرة مع دخولها منطقة الحظر، ما يجبرها على الهبوط أو الوصول إلى نقطة محددة مسبقا.
يقول إجيديو كو نائب مدير مكافحة الطائرات المسيّرة في مجموعة "سي إس" إنه "بين لحظة رصد الطائرة المسيّرة ووصولها إلى هدفها، يكون للمشغل حوالي ثلاثين ثانية". ولتغطية مناطق أكبر، يمكن ربط عدد من أنظمة "باراد".
من الصعوبات التي تم حلها وفق المجموعة هي تجنب الإنذارات الكاذبة، لأنه "بالنسبة للرادار الشبه بين طائرة مسيّرة والطائر كبير جدا"، كما يشير المسؤول في "سي إس" توني فالين. لكنه يقر أن التحديات التكنولوجية لا تزال هائلة. يتم توجيه جميع الطائرات التجارية المسيّرة تقريبا عن بُعد وبالتالي تنبعث منها موجات يمكن التشويش عليها. لكن الاستقلالية المتزايدة للطائرات المسيّرة التي يحدّد مسارها مسبقا وعدم إصدارها موجات كهرومغناطيسية يقيانها التشويش. لذلك تم تصميم نظام "باراد" ليكون مفتوحا وقابلا لدمج طرق اعتراض أخرى.
تدمير المسيّرات عبر موجات كهرومغناطيسية
ويُنتظر أن يكون الليزر "هيلما-بي" من تصنيع شركة "سيلاس"، القادر على تدمير طائرة مسيّرة في أقل من عشر ثوان على ارتفاع يصل إلى ألف متر، متاحا في عام 2024.
وتعمل مجموعة "تاليس" على "مستجيب كهرومغناطيسي"، وهو نوع من الكرة الكبيرة تنبعث منها موجة قوية تصل إلى عدة مئات من الأمتار تستهدف الطائرة المسيّرة وتعطلها في غضون ثانية.
ومن الأدوات الدفاعية المحتملة الأخرى تطوير طائرات مسيّرة اعتراضية من شأنها أن تصيب المسيّرات المعادية ومسيّرات التشويش. كذلك، تُجرى دراسات على الكشف الصوتي للطائرات المسيّرة. ويؤكد إجيديو كو على "الحاجة إلى مقاربة استشعار متعددة، إذ لا يوجد نظام سحري".
أما بالنسبة للطائرات الإيرانية المسيّرة المستعملة في أوكرانيا، وهي أكبر بكثير وتحمل عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات، "فهي تطير على ارتفاع 3000 متر ثم تهبط بسرعة، ولا يمكن إيقافها".
ز.أ.ب/ع.ج.م (أ ف ب)
تقنيات أحدثت ثورات في عالم السلاح
يحذر خبراء الذكاء الاصطناعي" أي آي " من مخاطر ثورة قد تحدث لو طُورت أسلحة مميتة ذاتية التحكم والعمل بشكل غير مدروس، لكنّ السؤال المهم يبقى: ما هي الاختراعات التي أحدثت فعلا ثورات في عالم السلاح وصناعته؟
صورة من: Getty Images/E. Gooch/Hulton Archive
" أي آي " الثورة الثالثة في عالم السلاح
كتب أكثر من مائة خبير في الذكاء الاصطناعي إلى الأمم المتحدة وطالبوها بحظر الأسلحة ذاتية التحكم التي يمكن أن تنشط دون تدخل بشري. حتى الآن لا وجود لروبوت قاتل، لكنّ القفزات في مجال الذكاء الاصطناعي جعل ظهورها ضمن المستقبل المنظور. في رسالتهم أكد الخبراء أنّ هذه الأسلحة ستمثل الثورة الثالثة، بعد البارود والأسلحة النووية.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
البارود
أول ثورة في عالم السلاح حدثت باختراع البارود من قبل الصينيين الذين بدأوا باستخدامه بين القرنين العاشر والثاني عشر بما يمكنّهم من إطلاق مقذوفات من خلال مواسير أسلحة بسيطة. وسرعان ما انتشر في الشرق الأوسط وأوروبا في القرون التالية، وحال ما استقرت صناعتها، أثبتت الأسلحة النارية قدرتها على القتل بما يفوق بأضعاف قدرة القوس والسهم والرمح.
صورة من: Getty Images/E. Gooch/Hulton Archive
المدفعية
أدى اختراع البارود الى دخول المدفعية الى الميدان. وشرعت الجيوش منذ القرن السادس عشر باستخدام قطع مدفعية قادرة على اطلاق كرات معدنية ثقيلة نحو جنود المشاة المهاجمين ولإحداث ثغرات في الأسوار المحيطة بالمدن والحصون . في القرن التاسع عشر طورت أنواع أشد فتكا من المدفعية وزج بها الى ميادين القتال في الحرب العالمية الأولى.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الأسلحة الرشاشة
أواخر القرن التاسع عشر اخترعت الأسلحة التي ترمي رشقات نارية متتالية سريعة، فغيرت فورا شكل ساحات الحرب. الأسلحة الرشاشة، كما باتت تعرف، أتاحت للمهاجمين السير نحو العدو تحت غطاء ناري كثيف يمنعه من المواجهة. قدرة السلاح المميتة تجلت في معارك الحرب العالمية الأولى حيث تمكن المتحاربون من قتل جنود المشاة وهم يتقدمون عبر الأرض بين القطعات.
صورة من: Imperial War Museums
الطائرات المقاتلة
العقول التي تحرك الجيوش لم تهمل اختراع أول طائرة عام 1903، فبعد ست سنوات، اشترى الجيش الأمريكي أول طائرة حربية غير مسلحة وهي "رايت ميليتري فلاير" المنتجة عام 1909. في السنوات التي تلت، استمرت تجارب العلماء والمختصين على الطائرات وطورت القاذفة والمقاتلة. وفي نهاية الحرب العالمية الأولى، باتت القاذفات والمقاتلات عماد سلاح الجو الذي أنشأ مستقلا عن الجيوش.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/U.S. Airforce
العجلات والوحدات الآلية
اعتادت الجيوش على استخدام الجنود والخيول للحرب ولنقل المعدات العسكرية. ولكن بحلول الحرب العالمية الأولى بدأت الجيوش باستخدام الآليات من قبيل السيارات والدراجات النارية والشاحنات والدبابات والمدرعات وناقلات الأشخاص المدرعة فكانت النتيجة جيوشا شديدة البأس. ألمانيا النازية هي أول من أطلق استراتيجية الحرب الآلية الخاطفة " Blitzkrieg".
صورة من: ullstein bild - SV-Bilderdienst
الصواريخ
رغم قدرة المدفعية التدميرية، فقد بقي مداها قصير نسبيا، وجاء اختراع الصواريخ في الحرب العالمية الثانية ليتيح فجأة للجيوش استهداف أهداف تبعد عنها مئات الكيلومترات. كان أول صاروخ من صنع المانيا وهو V-2 بدائيا، لكنه أرسى القواعد لصناعة الصواريخ العابرة للقارات والقادرة على حمل رؤوس نووية.
صورة من: picture-alliance/dpa
الطائرات النفاثة
ظهرت الطائرات النفاثة أول مرة نهاية الحرب العالمية الثانية الى جنب الطائرات المروحية. المحركات النفاثة زادت من سرعة وقدرة الطائرات على الارتفاع ما جعلها هدفا صعبا لمدفعية والأسلحة المضادة الطائرات وحتى شبكات الرادار. بعد الحرب العالمية الثانية طورت طائرة استطلاع نفاثة تملك القدرة على التحليق على ارتفاع 25 كيلومتر وتطير بسرعة تفوق سرعة الصوت.
صورة من: picture-alliance
الأسلحة النووية
الثورة الثانية في عالم السلاح اعلنت عن نفسها بشكل مروع في السادس من آب/ اغسطس 1945 حين القت الولايات المتحدة الأمريكية على مدينة هيروشما في اليابان "الصبي الصغير" وهي القنبلة النووية الأولى . قتلت القنبلة وجرحت فورا من 60 الى 80 ألف انسان . في الحرب الباردة طوّرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقا آلاف القنابل الأشد فتكا.
صورة من: Getty Images/AFP
ماكنة الحرب في العصر الرقمي
شهدت العقود الأخيرة تناميا في استخدام الكومبيوتر في الماكنة العسكرية. العالم الرقمي جعل وسائل الاتصال أسرع وأبسط، وزاد إلى حد كبير من دقة إصابات بعض الأسلحة. وتركز الجيوش اليوم على تطوير وسائل الحرب الإلكترونية، للدفاع عن البنية التحتية ولتمكين الجيوش من مهاجمة الخصوم على فضاء السايبر.الكسندر بيرسن/ ملهم الملائكة