تحديات تنتظر ألمانيا العام المقبل: الصين وروسيا والطاقة
١ يناير ٢٠٢٣
تودع الحكومة الألمانية عاما مليئا بالتحديات والاضطرابات، لكن عام 2023 أيضا لن يكون سهلا، حيث ستواجه ألمانيا تحديات كبيرة. فما هي أبرز التحديات التي على الحكومة مواجهتها والتغلب عليها في العام الجديد؟
إعلان
رغم المصاعب والمطبات والخلافات بينها، فإن أحزاب الائتلاف الحكومي في ألمانيا: الاشتراكي والخضر والليبرالي، تنظر بتفاؤل إلى المستقبل. فقد جاء في مقال مشترك لرؤساء تلك الأحزاب نشرته صحيفة فرانكفورتر ألغمانيه تسايتونغ: "إننا نريد أن نجعل ألمانيا أكثر اجتماعية وعدلا، أكثر حداثة ورقمنة وقدرة على المنافسة، ومحايدة مناخيا". طبعا كان لهم أن يقولوا هذا الكلام قبل عام أيضا.
لكن في الحقيقة عام 2022 كان عبارة عن أزمات متلاحقة بالنسبة لتحالف "إشارة المرور"، نسبة إلى ألوان الأحزاب الحاكمة، سواء على صعيد الولايات أو الاتحادي. وهذه الأزمات لا تتعلق بما تم الاتفاق عليه وبرنامج الائتلاف الحكومي لدى تشكيله في ديسمبر/ كانون الأول 2021.
والعام القادم 2023 تنتظر الحكومة الألمانية ثلاثة تحديات كبيرة: عليها الاستمرار في السعي إلى تحقيق أمن الطاقة، وحتى في ظل ارتفاع الأسعار على الحكومة تشجيع ودعم التماسك الاجتماعي والسلام في زمن الحرب، وأن تنتهج سياسة خارجية واضحة، ولاسيما تجاه الصين.
أمن الطاقة
خصصت الحكومة الألمانية 200 مليار يورو لدعم الأسر والقطاع الاقتصادي لتأمين الطاقة التي تحتاجها هذا الشتاء والشتاء القادم بعد وقف إمدادات الغاز والنفط والفحم من روسيا. وما سيأتي بعد ذلك فإنه يعتمد على تحرك الحكومة وعملها.
المستشار أولاف شولتس أوضح في حوار مع "مجموعة فونكه للإعلام" الألمانية، أنه لا يتوقع انخفاض أسعار الطاقة إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وقال: "لن نعود إلى الأسعار الرخيصة، التي كانت لدينا قبل الحرب". لكن الوضع سيبقى تحت السيطرة "لأنه ستكون لدينا إمكانيات استيراد جديدة"، معتبراً أن ألمانيا ستبقى بلدا صناعيا قويا وناجحا.
ومن أجل ذلك يجب الإسراع بتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، لكن كان هناك الكثير من الجدل والخلاف ضمن الحكومة حول السرعة والإجراءات المتعلقة بسياسة الطاقة خلال عام 2022، مثل مواصلة عمل محطات الطاقة النووية حتى أبريل/ نيسان المقبل.
لكن هذا يجب ألا يتكرر خلال عام 2023، وفي هذا السياق قال زعيم المعارضة، رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي فرديدريش ميرتس لصحيفة "راينيشه بوست"، إن الائتلاف الحكومي يهدر الكثير من الوقت في الخلافات ويمنح القليل من الوقت للوصول إلى تحول أفضل في سياسة الطاقة والاقتصاد. وأضاف ميرتس: "في المدرسة سيقول المرء إنه حاول جاهدا".
المحافظة على التماسك الاجتماعي
على الحكومة بذل الكثير من الجهود في زمن الأزمات الكبيرة وعدم اليقين، من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي. حيث فزعت ألمانيا مؤخرا لدى اكتشاف خطة "لإسقاط الدولة" من قبل مجموعة يمينية متطرفة من حركة "مواطنو الرايخ".
وتوصيل شحنات الأسلحة والتضامن مع أوكرانيا يجب أن يتم بشكل أفضل عام 2023، حيث أن كثيرين من المواطنين وخاصة في شرقي ألمانيا، ينظرون بتشكك إلى دعم أوكرانيا، حسب دراسة جديدة.
إذن أنه وبحسب دراسة أجراها منتدى ميركاتور للهجرة والديمقراطية (Midem) في جامعة دريسدن، يؤيد فقط 28 بالمائة من الناس في شرقي ألمانيا الاستمرار في دعم أوكرانيا حتى لو أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة، في حين أن النسبة في غربي البلاد وصلت إلى 42 بالمائة. وثلث الذي تم استطلاع رأيهم في شرقي ألمانيا يؤيدون قول "إن الناتو استفز روسيا حتى أُجبرت على شن الحرب"، لكن فقط 22 بالمائة في غربي ألمانيا يؤيدون ذلك.
لذلك قال خبير الشؤون الخارجية في كتلة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، رودريك كيزيفتر في حوار مع DW: على الحكومة أن "تنفذ (خطة) التحول بشكل كامل في مجال الأمن والاقتصاد والمجتمع. إن التنفيذ السريع مطلوب للدفاع عن حريتنا وعن الديمقراطية ضد الحرب الروسية الهجينة في أوروبا، ومن أجل أن نكون مسلحين في بداية المنافسة المنهجية مع الصين".ويتضمن ذلك بذل ألمانيا جهودها من أجل توحيد الموقف داخل الاتحاد الأوروبي. وإن حزمة المساعدات بالمليارات التي قدمتها الحكومة الألمانية للشعب دون التشاور مع شركائها في الاتحاد الأوروبي أدى إلى معارضتهم لخطط برلين.
سياسة موحدة تجاه روسيا والصين
السياسة الألمانية تجاه روسيا والصين هي في الحقيقة قضية وتحدٍ كبير للحكومة في عام 2023. ويقول كيزيفتر في هذا السياق من واجب الحكومة الآن "أن تنوع مصادر إمدادات الطاقة وتحريرنا من سلاسل التوريد الرخيصة من الصين وتنويعها بشكل أفضل، وإدراك تصرفات الصين العدوانية والهجينة. في الأعوام القادمة ستشن الصين هجوما عسكريا على تايوان، لذلك علينا وبأسرع ما يمكن خفض الاعتماد على الصين ونفوذها بشكل واضح".
وفي بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أثارت زيارة المستشار شولتس إلى الصين، الاستياء داخل الائتلاف الحكومي أيضا. حيث كان أول مسؤول غربي يزور الصين بعد عملية إعادة الانتخاب المثيرة للجدل للرئيس الصيني شي جينبينغ في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.
ورغم الانتقادات الحادة على سبيل المثال من وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، سمح المستشار باستحواذ شركة الشحن البحري الصينية "كوسكو" على حصة أقلية (24,9 بالمائة) في محطة حاويات والمشاركة في تشغيل منفذ بميناء هامبورغ. إن توحيد الموقف تجاه الصين، يعتبر هو أيضا أحد التحديات الكبيرة التي تواجهها برلين عام 2023.
ينس توراو/ عارف جابو
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.