المهاجرون- من الاندماج في أوروبا إلى الاندماج في الوطن
٢٢ يونيو ٢٠١٨
عاد عدد كبير من اللاجئين العراقيين إلى بلدهم بعد رفض طلبات لجوئهم أو بسبب رغبة طوعية منهم للعودة. ألمانيا تتيح للعائدين طوعا مساعدات مالية وأيضا استشارية وفي بلدهم الأم تنتظرهم مساعدات أيضاً.
إعلان
كثير من العراقيين عادوا من ألمانيا إلى بلدهم ضمن برنامج "العودة الطوعية" الذي يتضمن مساعدات مالية واستشارية إضافة إلى ذلك سهولة إجراءات معاملة العودة. عند العودة تبدأ مرحلة جديدة يرافقها صعاب عدة. مهاجر نيوز بحثت عن ما ينتظر العائد إلى بلده الأم.
هناك نوعان من المراكز في العراق تتيح مساعدات للعائد. الأول مركز الـ (ETTC) الذي يتواجد منذ عام 2009 في أربيل والثاني مراكز العودة الجديدة التي أسسها وزير التنمية الألماني غيرد مولر أثناء زيارته إلى العراق في أبريل/ نيسان 2018 في أربيل وبغداد.
يوجد عدد من الحالات لعراقيين عادوا إلى وطنهم لأسباب مختلفة، ليبدأوا حياة جديدة ، العراقي الشاب محمد الخميس الذي غادر ألمانيا العام الماضي بعد مكوثه فيها لمدة ثمانية أشهر. يذكر محمد المعاناة التي صادفها هناك على حد قوله، "لقد أرسلوني إلى ملجأ في قرية بعيدة. أكثر اللاجئين هناك كانوا يشعرونني بالخوف، وكانت الجرائم والمخدرات منتشرة بكثرة هناك. ولم أعد أطيق المكان رغم إلحاحي على إرسالي إلى مكان آخر." يذكر محمد أثناء حديثه لمهاجر نيوز.
مشروع الـ (ETTC)
خدمات إعادة الاندماج للاجئين العائدين في العراق ليست بجديدة، فمنذ عام 2009 يتعاون المركز الأوروبي للتكنولوجيا والتدريب الأوروبي الـ (ETTC) في أربيل وفي بغداد مع الجمعية الألمانية للتعاون الدولي الـ (GIZ)، ضمن مشروع خاص للعائدين من ألمانيا. المركز يقدم خدمات استشارية ومالية كبرنامج خاص لإعادة دمج العائدين العراقيين في بلدهم. إضافة إلى برامج أخرى يقدمها المركز في تدريب ومساعدة الباحثين عن عمل من المواطنين والموظفين الذين يرغبون بتطوير خبرتهم في مجالات معينة. المركز كما قالت المرشدة الألمانية د. كارين كوشر والتي تعمل في أربيل " نحن نعمل منذ وقت طويل على تقديم الاستشارة والاندماج للعائدين" وتضيف قائلة: "يمكن وصف عملنا في المركز كخدمات للإعادة الاندماج بالتعاون مع الـ (GIZ) والاتحاد الأوروبي".
إعادة الاندماج في البلد الام
مهاجر نيوز تحدثت مع المدير العام لـ (ETTC) في أربيل جهاد زيرو بصدد اللاجئين العائدين إلى العراق وخصوصا إلى إقليم كردستان. وذكر أن المركز يقوم بتقديم دورات تدريبية في مجالات مختلفة للعائدين و المرحلين من ألمانيا ودول أوروبا أخرى. بهذا الصدد ذكر المدير العام زيرو " نحن نقدم خدمات للمواطنين المقيمين في العراق أيضا وليس للعائدين فقط".
إعادة اندماج العراقيين العائدين بعد تجربة الهجرة واللجوء في دول أوروبا ليست بالأمر السهل، خصوصا عندما يتعلق الأمر ببيع كل الممتلكات والتخلي عن العمل أو الوظيفة. بهذا الصدد يذكر زيرو أن المؤسسة تقدم خدمات ليست فقط استشارية وإنما مالية أيضا للذين لم يعد يملكون أي شيء في العراق. "منذ بداية 2009 إلى هذه اللحظة مستمرون في مساعدة العائدين لبدء مشاريعهم الخاصة وغيرها من الأعمال (...) إضافة إلى إيجاد فرص عمل لهم في القطاع الخاص" يضيف زيرو.
في سؤالنا عن أكثر الدول التي يعود منها العراقيون أجاب زيرو: "بعد التخلص من داعش أصبح الأقبال على المركز أكثر من ذي قبل وخاصة العائدين من ألمانيا". وأضاف: "من يرغب بتأسيس مشروعه الخاص نعطيه دروسا في المجالات التي تناسب مشروعه أو فكرته. ماعدا ذلك يتم أيضا عرض دورات تدريب في الكومبيوتر واللغة الانجليزية لتمكينهم من الدخول إلى العمل بشكل بسيط وسلس".
مشروع وزير التنمية الألماني
تقول المستشارة د. كوتشر: "هناك برنامج العودة والاستشارة الذي أسسه وزير التنمية الألماني في أربيل وبغداد جديد. و الفرق بين الـ (ETTC) وبينه يكمن في دعم المركز الجديد العائدين من ألمانيا إضافة إلى تقديم حلول بديلة للهجرة الشرعية من خلال عقود عمل وغيرها".
أقبال واسع من قبل العائدين إلى المركز في بغداد
تأسس فرع الـ (ETTC) في بغداد في عام 2017، كما قال المستشار سلوان حكمت. في سؤالنا عن كيفية معرفة العائد عن المركز أجاب سلوان: "أكثر العائدين طوعا يتم إخبارهم من الدول المعنية عن مراكز إعادة الاندماج في العراق وعن أماكن تواجدها، ونحن بدورنا نقوم بمساعدته فورا حال قدومه". في هذا الصدد يذكر المدير العام زيرو في أربيل أن المركز يستقبل العائدين من المطار أيضا على حسب رغبتهم.
مشروع مرسم عراقي
العراقي محمد الخميس العائد من ألمانيا يذكر لمهاجر نيوز المساعدة الكبيرة التي قدمها له المركز في بغداد وعن تسهيل الكثير من الأمور عليه من قبلهم: " لولا مساعدة الـ (ETTC) لي لغرقت في الإحباط والخوف بسبب رجوعي إلى العراق" يصف محمد حالته بعد رجوعه إلى بلده الأم. " لقد قاموا بمساعدتي لإقامة مرسمي الخاص في بغداد بدعم استشاري ومالي أيضا" ويضيف :" لن أنسى دعمهم النفسي والمالي لي". محمد عاد إلى العراق بعد رفض طلب لجوئه في ألمانيا وبفضل المركز قام ببناء حياة جديدة في بغداد في مرسمه الخاص.
زينب عباس كريم
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.