يُحيي العالم اليوم ذكرى المحرقة اليهودية (هولوكوست) التي ذهب ضحيتها ملايين اليهود بسبب البطش النازي. وتُحيي عدد من البرلمانات والمنظمات ذكرى المحرقة عبر العالم لاستخلاص العبر من سياسة الإبادة التي تعرض لها يهود أوروبا.
إعلان
في عام 1996 دعا الرئيس الألماني السابق رومان هيرتسوغ إلى جعل السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني كل عام يوم ذكرى لإحياء المحرقة اليهودية، وهو اليوم الذي يصادف تحرير معسكر آوشفيتس النازي في بولندا. وفي عام 2005 تبنت الأمم المتحدة الفكرة، وجعلت من هذا اليوم، يوما عالميا لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست. وسيُحيي البرلمان الألماني (بوندستاغ) هذا العام الذكرى يوم الخميس المقبل.
وشددت المستشارة أنغيلا ميركل بهذه المناسبة، أمس السبت، على الحاجة الملحة لمكافحة معاداة السامية والعنصرية والكراهية بعد أكثر من 70 عاما على المحرقة داعية إلى إيجاد سبل جديدة للحفاظ على ذكرى ملايين الناس الذين قتلوا على أيدي النازية. وفي رسالة مصورة نشرت بمناسبة اليوم العالمي لذكرى المحرقة، قالت ميركل إن كل شخص مسؤول عن عدم التسامح مطلقا مع أي كراهية للأجانب ومع كل أشكال معاداة السامية.
وقالت المستشارة الألمانية "ينبغي للناس الذين يكبرون اليوم أن يعرفوا ما الذي صنعه غيرهم في الماضي، وينبغي أن نعمل بشكل استباقي لضمان ألا يتكرر ذلك".
ودعت ميركل إلى أشكال جديدة في إحياء ذكرى المحرقة نظرا لتضاؤل عدد الشهود الذي عاصروا حقبة النازية وبسبب استمرار التحريض والكراهية اليوم. كما عبرت عن أسفها العميق لوجود مشاعر معادية للسامية بين الألمان وأيضا كراهية اليهود بين المهاجرين المسلمين وكراهية إسرائيل، مشددة على أنه لا يمكن التهاون في ذلك.
وعينت ألمانيا في العام الماضي مفوضا للإشراف على جهود مكافحة معاداة السامية وقالت ميركل إن الحكومة ستقيم أيضا مركزا لجمع المعلومات عن مثل هذه الحوادث والهجمات بهدف تعزيز سبل منعها.
في سياق متصل، دعا وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس لاتباع أساليب جديدة لتعليم الآخرين حول ما حدث في الهولوكوست. وكتب ماس في عمود بصحيفة "فيلت ام زونتاغ" بالتزامن مع اليوم العالمي لذكرى الهولوكوست اليوم الأحد "ما نحتاجه الآن هو أساليب جديدة لجعل الأحداث التاريخية مفيدة في الوقت الحاضر". وأضاف أنه يتعين فى المستقبل التعامل مع التاريخ ليس فقط كأمر لتذكر الأحداث الماضية ولكن أيضا لتفهمها.
لوحات من الهولوكوست - لوحات توثِّق الإبادة النازية لليهود
عاشوا الرعب والتعذيب في معسكرات الاعتقال النازية او هاربين من حملات الابادة ورسموا معاناتهم باللون والخطوط . بقي بعضهم على قيد الحياة ونقل لوحاته وذكرياته الأليمة معه، فيما غادر بعضهم الحياة ولم تبق سوى لوحاته الفنية.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
هل ممكن أن يصنع الرعب والإرهاب فنا جميلا؟ يحاول المعرض الفني الذي يقام في برلين تحت شعار "فن من الهولوكوست" الإجابة عن هذا السؤال اكبر جريمة في التاريخ الإنساني خلال الحكم النازي مورست بحق اليهود، ورغم ذلك استطاع بعض الفنانين خلال وجودهم في المعسكرات النازية رسم وتخليد لحظات حياتهم في مادة فنية ، كما في لوحة "شارع في غيتو في مدينة وودج" لجوزيف كونر الذي نجا من المحارق.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استعار المعرض في برلين 100 لوحة فنية من متحف ياد فاشيم من إسرائيل. وعرضت اللوحات أعمال 50 فنانا يهوديا نجا 26 منهم من المحارق، فيما لقي الفنانون الآخرون المعروضة أعمالهم حتفهم على يد النازية، ومنهم فيلكس نوسباوم الذي يعد من أشهرهم، والذي توفي في سنة 1944 في معسكر أوشفيتز. الصورة هي لوحته الشهيرة "اللاجئ" التي رسمها في سنة 1939 في بروكسل التي عرضت في برلين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
عرضت أعمال فنية للرسامة شارلوته سالومون التي رسمت لوحات ومخطوطات تجاوزت الـ 700 عمل وثقت فيها حياتها في مجموعة فنية تحت عنوان "حياة أم مسرح؟". نُقلت شارلوته وكانت حاملا من معسكرات الاعتقال النازية في جنوب فرنسا إلى معسكر أوشفيتز في سنة 1943 وقتلت هناك فور وصولها.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنانة نيللي تول فنجت من الموت من المحارق والمعسكرات النازية بعد أن اختبأت مع أمها عند عائلة مسيحية آوتهما في مدينة لفيف الأوكرانية. ورسمت نيللي في غرفتها المقفلة لوحات باستعمال ألوان جواش (وهي من الألوان المائية المعتمة). وجاءت نيللي التي تبلغ من العمر اليوم 81 عاما خصيصا من محل إقامتها في الولايات المتحدة إلى برلين لحضور المعرض الفني.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
وُلد الفنان ليو بروير في مدينة بون وشارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الألماني. وفي سنة 1934 وبعد عام على وصول هتلر إلى الحكم هرب إلى مدينة لاهاي الهولندية ومن ثم إلى بروكسل وعمل هناك رساما لغاية سنة 1940 حيث اودع في معسكر الاعتقال بسانت سيبرين جنوب فرنسا. استطاع بروير الاحتفاظ بمخطوطاته وأعماله المائية، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى مدينته بون ليعيش فيها حتى وفاته في سنة 1975.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كانت بيدريش فريتا تدير مرسما في معسكر الاعتقال تيريزين، وكانت مهمتهم الرسمية تنفيذأعمال دعائية للنازية، لكن فريتا ورفاقها استطاعوا رسم بعض اللوحات بصورة سرية عن رعب الحياة في المعسكر. وفي سنة 1944 قبض عليها متلبسة وأرسلت إلى معسكر أوشفيتز لتموت هناك. وبعد التحرير من النازية كشف عن 200 عمل فني لها كانت قد خبأتها في الجدران أو تحت الأرض.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
ليو هاس لم يكن معروفا لكونه شارك بيدريش فريتا في رسم الكثير من الأعمال الفنية التي وثقت جرائم النازية فحسب، بل لكونه شارك أيضا وبطلب من النازية في تزوير أوراق نقدية تابعة لقوات الحلفاء في عملية أطلق عليها تسمية "عملية بيرنهارد". ليو هاس نجا من الموت وتبنى بعد تحريره الطفل توماس ابن بيدريش فريتا واستطاع العثور على 400 عملا فنيا كان قد خبائها أثناء الاعتقال في تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كان بافيل فانتل ضمن قائمة الفنانين في معسكر الاعتقال في تيريزين، على الرغم من أنه كان مدير المستوصف الخاص لمرضى التيفوئيد في المعسكر كونه قد درس الطب. وقبض عليه أيضا في المعسكر متلبسا برسم لوحات عن الجرائم النازية وأرسل إلى معسكر أوشفيتز ليعدم هناك في سنة 1945. بعد التحرير عُثر على نحو 80 عملا لفانتل في معسكر تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنان ياكوب ليبشيتس فكان يدرس في معهد الفنون في فيلنيوس قبل الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 1941 أجبر على العيش في غيتو كاوناس وهناك انضم إلى مجموعة من الفنانين التي رسمت أعمال فنية عن الحياة في غيتو كاوناس وبصورة سرية. توفي ليبشيتس في سنة 1945 وبعد التحرير عادت زوجته وابنته إلى غيتو كاوناس لإنقاذ أعماله الفنية التي خبأها في مقبرة الغيتو.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استطاع الفنانون توثيق الخراب والعنف في المعسكرات النازية، وتمكنوا أيضا من رسم عالم آخر في لوحاتهم الفنية مغاير لما يعيشونه في الواقع، كما في لوحة "سقوف المباني في الشتاء" لموريتس مولر. ينعقد معرض "فن من الهولوكوست" على قاعات المتحف التاريخي في برلين ويستمر لغاية الثالث من نيسان/ أبريل 2016.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
10 صورة1 | 10
واعترف ماس بأن العهد النازي والهولوكوست أصبحا أكثر بعدا مع مرور الوقت. وقال "بالنسبة لشخص ما ولد اليوم، فإن/ ليلة الكريستال/ (1938) تعتبر وقعت منذ وقت طويل تماما مثلما كان حكم المستشار بسمارك (1871) عندما ولدت أنا. وذلك يغير كيفية إحياء مثل هذه الأحداث".
ويذكر أن أماكن العبادة اليهودية والمؤسسات التجارية التي يمتلكها يهود في ألمانيا تعرضت للنهب وتم إضرام النيران بها في التاسع من تشرين الثاني / نوفمبر 1938، وتم إطلاق اسم "كريستال ناخت" ليلة الكريستال" أو " ليلة الزجاج المكسور" على هذه الأحداث.
من جهته، نوه مركز فيزنتال بدور وتعاون العدالة الألمانية في متابعة مجرمي النازية خلال السنوات لماضية. وأشاد المركز في تقريره السنوي الذي نشره اليوم بـ"بالتقدم الكبير، خصوصا في ألمانيا" الذي حصل في هذا الشأن، فيما حصلت دول مثل النرويج والسويد والنمسا ولتوانيا وأكرانيا على تقييم سييئ من قبل المركز.
ويحيي اليوم العالمي للهولوكوست ذكرى مقتل ستة ملايين يهودي أوروبي في معسكرات النازيين. وقد قامت القوات السوفيتية بتحرير المعتقلين في معسكر أوشفيتز للإبادة الجماعية في 27 كانون الثاني / يناير 1945.