1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العدالة الألمانية تلاحق مرتكبي الجرائم الجنسية بسجون الأسد

٢٢ يونيو ٢٠٢٠

العنف الجنسي في السجون السورية وحشي وواسع الانتشار. لماذا يبدو أن الجناة يتصرفون كما لو أن بإمكانهم الإفلات من العقاب؟ يسعى ناشطون حقوقيون لتحقيق العدالة في ألمانيا لآلاف الضحايا.

صورة من محاكمة سوريين متهمين بجرائم حرب في مدينة كوبلنز الألمانية (23 أبريل / نيسان 2020)
صورة من محاكمة سوريين متهمين بجرائم حرب في مدينة كوبلنز الألمانية (23 أبريل / نيسان 2020)صورة من: picture-alliance/dpa/T. Frey

يبدأ الرعب، بالنسبة لمعظم النساء ضحيا العنف الجنسي في السجون السورية في لحظة الاعتقال. أولاً يلمسهنّ الجنود الذكور بشكل غير لائق، وعندما يصلن إلى السجن، ثم يُجبرن على خلع ملابسهنّ، وغالبًا ما يبدأ الاعتداء على أجسادهن بتفتيش عنيف وحميمي من الحراس الذكور.

وبالنسبة لآلاف المحتجزات في السجون الموالية للنظام، يمثل هذا بداية رحلة الجحيم؛ رحلة تنتهي غالبًا بكسرهن ثم نبذهن من العائلة والمجتمع.

العنف الجنسي هو من أكثر الجرائم انتشاراً في مرافق الاحتجاز الحكومية السورية، بحسب خبيرة القانون الدولي ألكسندرا ليلي كاثر، ومع ذلك، فهو من أكثر القضايا التي لا يتم الإبلاغ عنها.

كما توضح كاثر، والتي تعمل في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان في برلين، أن الجميع يعلم بالضربات الجوية والأسلحة، وكذلك التعذيب، ودور تنظيم الدولة الإسلامية، "لكن ما لا يتم الحديث عنه بشكل كاف في وسائل الإعلام أو حتى من أجل محاسبة الجناة، هو العنف الجنسي في السجون الحكومية، رغم ما يسببه من دمار للضحية والمجتمع ككل".

اتخذت كاثر وزملاؤها في المركز الأوروبي وبالتعاون مع الناشطة الحقوقية السورية جمانة سيف، يوم الثلاثاء المنصرم (16 يونيو/ حزيران 2020)، خطوة يأملون من خلالها تغيير هذا الوضع بطريقة جذرية.

وذلك بعد تقديم شكوى جنائية إلى المدعي العام الاتحادي في ألمانيا تطالب بمحاكمة العنف الجنسي والجنساني في سوريا كجريمة ضد الإنسانية.

تصرفات قاسية وحشية

حققت ألمانيا بالفعل خطوة في هذ الاتجاه، هي الأولى من نوعها، من خلال تقديم ضابطي استخبارات سوريين سابقين للمحاكمة في مدينة كوبلنز بتهمة ارتكاب جرائم حرب؛ بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، والذي يسمح للدول بمحاكمة الرعايا الأجانب على الجرائم المرتكبة في الخارج.

ليلي كاثر وجمانة سيف من الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان في برلينصورة من: ECCHR

ورغم احتفاء الكثيرين بهذه الخطوة، إلا أن المركز الأوروبي لحقوق الإنسان يرى بأن ألمانيا فشلت في إدراج العنف الجنسي كجريمة ضد الإنسانية في أي لوائح اتهام أو مذكرات اعتقال، وهو في رأيهم خطأ جسيم وضربة للضحايا.

وبناء على الأدلة، كما تصرح كاثر، فإن العنف الجنسي كان جزءاً من هجوم منهجي وواسع النطاق على السكان المدنيين، مضيفة وجوب تصنيفه على أنه "جريمة ضد الإنسانية".

في تقرير مروع نُشر عام 2018، عرض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة انتهاكات جنسية استنادا على قصص نحو 500 ناجٍ وشاهد. ومن بين جميع الأطراف المشاركة في الحرب، كانت القوات والميليشيات الموالية للحكومة السورية من أكثر الجهات ممارسة للاعتداءات الجنسية والاغتصاب، وبناء على هذا استنتجت الأمم المتحدة أن النظام يستخدم العنف الجنسي كسلاح لغرس الخوف والإذلال.

التقرير يحتوي على مشاهد قاسية وعنيفة، إحداها تروي تعرض طفلة تبلغ من العمر تسعة أعوام للاغتصاب على يد حارس، وأخرى تتحدث عن تعرض الضحايا للتعذيب الجنسي والتهديد بالاغتصاب أو الاغتصاب أمام الحراس ومحتجزين آخرين. شهادة أخرى ذكرت استجابة عميد لضابط من رتبة منخفضة أبدى اهتمامًا بسجينة بقوله: "خذها. افعل معها أي شيء تريده".

ووفقاً للتقرير فإن الرجال والفتيان تعرضوا أيضا للاغتصاب والانتهاكات الجنسية أثناء الاحتجاز، ولكن تم استهداف النساء والفتيات بشكل أكبر.

أسوأ بالنسبة للنساء

الحاجة لتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم هو في صميم عمل المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، ويمثل المركز حاليا سبعة ناجين، من بينهم أربع نساء سوريات وثلاثة رجال يقيمون في أوروبا، وجميعهم مدنيون اعتقلوا في سجون تديرها دائرة المخابرات الجوية السورية في حلب وحماة ودمشق، ويؤكد المركز أنهم تمكنوا من تحديد تسعة جناة بناء على شهادة هؤلاء الضحايا ومصادر الأدلة الأخرى.

وكجزء من شكواهم الجنائية؛ أصدر المحامون الدوليون في المركز طلباً إلى المدعي الفيدرالي الألماني لتعديل أمر اعتقال قائم بحق الرئيس السابق لجهاز المخابرات الجوية السورية جميل حسن، ليشمل العنف الجنسي كجريمة ضد الإنسانية، إضافة إلى هذا؛ دعوا إلى إجراء تحقيقات تركز على الجرائم ذات الطبيعة الجنسية ضد الجناة الثمانية الآخرين وإصدار أوامر إلقاء القبض عليهم.

وفي ذات السياق شددت الناشطة الحقوقية والخبيرة القانونية جمانة سيف على أهمية وصف هذه الجرائم بأنها "جنسية" على عكس أشكال الجرائم الأخرى، خاصة في سوريا.

وتضيف سيف إلى أن معظم الناجيات، بعد إطلاق سراحهن، يتعرضن للنبذ والتمييز من المجتمع رغم ما واجهنه من تجارب مروعة في السجن، وبهذا "يدفعن الثمن مرتين"، مؤكدة على أن ما يحتجنه هو خدمات صحية خاصة ومساعدة نفسية والحق في الحماية، وكذلك الاعتراف بمعاناتهنّ.

من جهة أخرى فإن أغلب الرجال ممن تعرضوا للعنف الجنسي في السجن يخشون فقدان احترام أقرانهم ويشعرون بانتهاك ذكورتهم، كما تؤكد الخبيرة القانونية كاثر، ومع ذلك، فإن العواقب مدمرة على النساء بشكل مضاعف.

تقول كاثر: "إذا تعرضت امرأة لانتهاك جنسي، فإنها قد جلبت العار للعائلة، كما يعتقد، وبهذا يتم استبعادها"، مشيرة إلى أن هذا يساهم في زعزعة استقرار الأسرة والذي ينتهي به إلى زعزعة قلب المجتمع.

يُنظر إلى تحقيق العدالة لضحايا الجرائم الجنسية والجنسانية على أنها أساسية لأي جهود مصالحة مستقبلية، خاصة بالنظر إلى ما وصفه تقرير الأمم المتحدة بأنه "غياب شبه كامل للمساءلة عن مثل هذه الانتهاكات". ولكن في الوقت الحالي تركز المحامية كاثر على الحاضر، مؤكدة أن "هذا نظام...دولة تستخدم أجساد الناس لأهداف سياسية وقمعية"، مطالبةً المدعي العام الألماني تحقيق العدالة ومساءلة الجناة. 

 

إلياس إليس / م.ش

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW