العدل الدولية تنظر في عواقب احتلال إسرائيل أراض فلسطينية
١٩ فبراير ٢٠٢٤
بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد محكمة العدل الدولية جلسات بشأن "الآثار القانونية" للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967. ومن المتوقع أن تدلي 52 دولة بإفادتها بهذا الخصوص قبل صدور رأي استشاري.
إعلان
تعقد محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة جلسات استماع اعتبارًا من اليوم الإثنين (19 شباط/فبراير 2024)، بشأن "الآثار القانونية" للاحتلال الإسرائيلي لأراض فلسطينية منذ العام 1967، على أن تدلي 52 دولة بإفادتها بهذا الخصوص وهو عدد قياسي.
ولن تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع.
وسيتحدث وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي أولًا في الإجراءات القانونية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. ومن بين الدول المقرر أن تشارك في جلسات الاستماع الولايات المتحدة، الداعم الأقوى لإسرائيل، والصين وروسيا وجنوب أفريقيا ومصر. ولن تقوم إسرائيل بذلك، على الرغم من أنها أرسلت ملاحظات مكتوبة. وتستمر الجلسات أسبوعًا في قصر السلام في لاهاي، مقرّ المحكمة.
وهذه الجلسات منفصلة تمامًا عن قضية أخرى كانت قد رفعتها جنوب إفريقيا، تقول فيها إنّ إسرائيل "ترتكب أعمال إبادة جماعية" خلال الهجوم الحالي على غزة. وترفض إسرائيل تلك الاتهامات. وقضت محكمة العدل الدولية في هذه القضية في 26 كانون الثاني/يناير بأنّ على إسرائيل أن تفعل كلّ ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنّها لم تصل إلى حدّ الأمر بوقف إطلاق النار. ورفضت المحكمة الجمعة طلب جنوب إفريقيا فرض إجراءات إضافية على إسرائيل، لكنّها كرّرت التأكيد على ضرورة تنفيذ الحكم بالكامل.
وفي حين أنّ رأي المحكمة لن يكون ملزمًا، إلّا أنّه يأتي وسط ضغوط قانونية دولية متزايدة على إسرائيل بشأن الحرب في غزة التي اندلعت في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي شنّته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وحماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
المحكمة تنظر في مسألتين
وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية النظر في مسألتين. في المسألة الأولى، سيكون على المحكمة النظر في الآثار القانونية لما أسمته الأمم المتحدة "الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير". ويتعلّق ذلك بـ"احتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلّة منذ عام 1967 واستيطانها وضمّها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس وطابعها ووضعها".
وفي حزيران/يونيو 1967، خاضت إسرائيل حربًا مع جيرانها العرب استمرّت ستة أيام، سيطرت خلالها على الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية ومرتفعات الجولان وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. واحتلت إسرائيل هذه المناطق الممتدة على 70 ألف كيلومتر مربع. وأعلنت الأمم المتحدة في وقت لاحق أنّ احتلال الأراضي الفلسطينية غير قانوني. واستعادت القاهرة في ما بعد سيناء بموجب اتفاق السلام الذي أبرمته مع إسرائيل في العام 1979، كما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة من جانب واحد عام 2005.
كذلك، طُلب من محكمة العدل الدولية النظر في تبعات ما وصفته بـ"اعتماد إسرائيل تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن". وفي المسألة الثانية، سيكون على محكمة العدل الدولية أن تقدّم "رأيًا استشاريًا" بشأن كيفية تأثير ممارسات إسرائيل "على الوضع القانوني للاحتلال" وما هي التداعيات على الأمم المتحدة والدول الأخرى. والقضاة مطالبون الآن بمراجعة "الاحتلال والاستيطان والضم" الذي تقوم به إسرائيل "بما في ذلك التدابير الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية وطابع ووضع مدينة القدس، واعتمادها للتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة". وستُصدر المحكمة حكمًا "عاجلًا" في القضية، ربما بحلول نهاية العام.
رأي استشاري وليس حكمًا ملزمًا
وتبتّ محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وتعدّ أحكامها ملزمة رغم أنها لا تملك سوى القليل من الوسائل لتنفيذها. ولكن في هذه القضية، لن يكون الرأي الذي تصدره ملزمًا، لكنه سيمثل "ثقلًا قانونيًا وسلطة أخلاقية كبيرة"، وفقا لمحكمة العدل الدولية. وفي هذا الإطار، تقول المحكمة "يبقى الجهاز أو الوكالة أو المنظمة (التي لجأت إليها) حرّة في تنفيذ الرأي بأي وسيلة متاحة لديها، أو عدم القيام بذلك". ولكن غالبية الآراء الصادرة عنها غالباً ما يُبنى عليها.
وكانت محكمة العدل الدولية أصدرت في السابق آراء استشارية بشأن شرعية إعلان استقلال كوسوفو عن صربيا وحول احتلال جنوب إفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري، لناميبيا. كذلك، أصدرت "رأيًا استشاريًا" في العام 2004 أعلنت فيه أنّ أجزاء من الجدار الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية ويجب هدمها.
وفي عام 2022، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار "رأي استشاري" غير ملزم بشأن "الآثار القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية". وردّت إسرائيل حينها بغضب على طلب الأمم المتحدة، ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "مهين" و"مشين". وأعلنت إسرائيل سلسلة من العقوبات ضد السلطة الفلسطينية لجعلها "تدفع ثمن" سعيها إلى إصدار القرار.
م.ع.ح/ع.ج.م/ع.ج. (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance