العراقيون يبحثون عن بلدهم في غبار الصراع الأمريكي الإيراني
ملهم الملائكة
٨ يناير ٢٠٢٠
العراق ساحة حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، والغائب عن ساحة الصراع هو سيادة الدولة ومصالح شعب العراق!. نيران الصراع تطال العراقيين وتهدد بتعرض بلدهم لانهيار اقتصادي يذكرهم بايام الحصار.
إعلان
لا يجد العراقيون ما يسليهم في الوضع المتفاقم في بلادهم، فلجأوا إلى التنكيت والسخرية من الوضع بسبب غياب السيادة العراقية، وهو أكثر ما يشغلهم. ففيما تصاعدت أصوات الساسة من الأحزاب الشيعية العراقية وهي تتحدث عن انتهاك أمريكي للسيادة العراقية حين قصفت طائرة مسيرة أمريكية موكب جنرال إيران القوي قاسم سليماني وقتلته ومن معه. بيد أن هذه الأصوات سكتت حين سقطت على قاعدتي الأسد وأربيل الأمريكيتين 10 صواريخ أرض أرض إيرانية أخطأت أهدافها غالبا ولم تنفجر بعضها حسب صور نشرتها صفحات التواصل الاجتماعي. بدوره نشر الصحفي منير الجبوري على موقع فيسبوك دعوة جاء فيها: "دعوة لكل الدول، من لديه سلاح متطور حاب يختبرهالعراق يرحب بكم".
فيما أكد ببيان صدر عنالمكتب الخاص للأمين العام لعصائب أهل الحق، أحد فصائل الحشد الشعبي، قيس الخزعلي، "أن الرد الإيراني على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، من قبل الولايات المتحدة، قد حصل، وأن الرد العراقي قد حان وقته".
وفيما يبحث العراقيون عن قيادتهم، يبقى وضع حكومتهم معلقاً، بعد أن قدّم رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي استقالته منذ أسابيع، ويتولى بنفسه حكومة تسيير الأعمال حاليا. ويسأل الشارع العراقي أين هو رئيس الحكومة من غياب السيادة العراقية، وتوالت بوستات ساخرة عديدة بهذا الاتجاه على مواقع التواصل الاجتماعي، منها ما كتبه الناشط الشهير على فيسبوك العراق رسلي المالكي" عاجل: عادل عبد المهدي كمل ريوكَه" (انتهى عادل عبد المهدي تواً من تناول فطوره).
ويتندر العراقيون على غياب السلطة أيضا، لأنّ الدستور العراقي يخوّل رئيس الجمهورية تولي منصب الرئيس في حال استقالة رئيس الوزراء أو غيابه بشكل مفاجئ عن أداء وظيفته، لكنّ هذا لم يطبق. كما هدد الرئيس العراقي بالاستقالة وغادر العاصمة بعد أن وضع استقالته تحت تصرف البرلمان في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2019 بعد محاولة الأحزاب الشيعية إجباره على قبول مرشحها لمنصب رئاسة الحكومة، الذي ترفضه الاحتجاجات الواسعة المستمرة منذ أكثر من 3 أشهر في أنحاء البلاد.
ومن مظاهر تشظي المشهد العراقي أنّه وأثناء الضربة الصاروخية الإيرانية فجر (الأربعاء الثامن من كانون الثاني/ يناير 2020)، قام مسلحون يمتطون دراجات نارية بالهجوم على المتظاهرين المحتشدين بشارع الحبوبي بمدينة الناصرية (مدينة شيعية جنوب العراق) وإطلاق النار عليهم وإصابة بعضهم، وإحراق عدد من خيم الاحتجاج، لأنهم رفضوا دخول جنازة رمزية لقاسمي سليماني مع مشيعيها إلى مركز المدينة الذي يسيطرون عليه منذ أسابيع، وتعالت هتافات المحتجين تطالب بـ"مسك الأرض" والصمود أمام المهاجمين.
كابوس عودة الحصار يرعب العراقيين
من أهم منجزات التغيير عام 2003، صدور العملة العراقية الجديدة التي حققت استقرارا في أسعار الصرف امتد لسنوات طويلة وصولاً إلى هذا اليوم أمام العملات الأجنبية. وما يجري اليوم يثير مخاوف الناس من انهيار العملة في حال سحب الأمريكيون دعمهم للعراق في المحافل الدولية.
وطبقا لموقع ويكبيديافإنه "في 20 نوفمبر 2005 وافق (نادي الدائنين في باريس) Paris Club of official creditors على مسح %80 من ديون العراق الخارجية أي مبلغ مقداره 100 مليار دولار على أن يطبق في فترة زمنية قدرها 3 سنوات وبحسب هذا الاتفاق تخلص العراق من 75 مليار دولار من ديونه بحلول 2006".
جرى هذا بدعم وطلب صريح من الولايات المتحدة الأمريكية، واليوم تشتد المخاوف من أن تعطيل الاتفاقيات مع الولايات المتحدة سيعيد العراق إلى ما كان عليه، ويستذكر العراقيون بمرارة بؤس وفقر الناس في سنوات الحصار (من 1990 إثر غزو الكويت وحتى عام 2003 عام إسقاط نظام صدام حسين) والذي اضطر كثيرون إلى بيع أبواب وشبابيك بيوتهم لتأمين أساسيات الحياة من غذاء ودواء. وامتلأت صفحات فيسبوك العراق بالسخرية الممزوجة بالأسى من استذكار أيام الحصار الصعبة، فعلقت لقاء القحطان "لحم كُل شهر شهرين تأكله، هاي إذا صار عندك طبعًا، وإذا ماكو (غير موجود) عندك ماجي (حساء ماجي)".
فيما نشر الناشط أحمد جواد هاشتاغ #الحصاروقتل الناس بالحرب. كما علّق على قضية السيادة العراقية "عبد المهدي يبكي على سيادة وطنية خيوطها ومفاتيحها بيد سليماني! من قتل أبناء العراق، ونهب ثرواته وجعله ولاية إيرانية؟ أية سيادة؟"
البنك الدولي للإنشاء والتعمير في أعوام 2013، 2016، وما تلاها أصدر وثيقة مفصّلة بعنوان "وثيقة مجموعة البنك الدولي" لمرات عديدة لدعم الدينار العراقي، فيما اعتبرت وثيقة صدرت عن اتحاد المصارف العربية الدينار الجديد مستقراً مؤكدة "وقد اتسمت السياسة النقدية في العراق بموجب القانون الجديد للبنك المركزي بمسار نقدي جديد مختلف تماماً عن السابق من حيث الأدوات المستخدمة في تنفيذ السياسة النقدية ومن حيث الأهداف، ابتداء من ضبط التضخم واستقرار الأسعار إلى المحافظة على نظام نقدي ومالي مستقر، إلى إتاحة فرص العمل، مع التشديد بشكل خاص على تقوية قيمة الدينار العراقي لكي يصبح عملة وطنية جاذبة.
ويعتمد البنك المركزي العراقي لتلبية حاجات السوق المحلية من العملات الأجنبية، "مزاد العملة الأجنبية'، منذ (الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2003) ما وضع حداً حاسماً لتقلبات قيمة الدينار مقابل الدولار. وقد حقق مزاد العملة استقرارا في سعر صرف الدينار، وبناء لاحتياطي العملات الصعبة أجنبية".
الأسئلة حول سيادة العراق ما زالت قائمة، والمخاوف من غده ما زالت تتصاعد، فيما يستمر غياب الحكومة وتستمر الاحتجاجات والتظاهرات.
ملهم الملائكة
بغداد 2018 - انتصرت حرية الفرد وانهزمت الدولة!
بعد 15 عاماً من سقوط نظام صدام حسين، تروي الصور للعالم قصة بغداد، التي شهدت عشرات التغيرات على مدى التاريخ. العراقيون اليوم أحرار في كل شيء تقريبا لكنّ الدولة العراقية غائبة تماماً، و هذا يجعل حياة الناس أصعب.
صورة من: M. Rauf
ساحة الفردوس
إنها الساحة التي شهدت عام 2003 اسقاط تمثال صدام حسين إيذانا بنهاية دولته. وبعد كل هذه السنين ما زالت ساحة الفردوس تفتقد لمسةَ أناقة وفخامة رسمية، وبقيت بدون هوية، مكتفية بمواجهة مسجد الشهيد الظاهر (الصورة). وأقيم تمثال عشوائي في ساحة الفردوس بعد اسقاط تمثال صدام حسين، لكنه رُفع وبقيت منصته المشوهة.
صورة من: M. Rauf
نهاية الديكتاتور وبداية التغيير
صبيحة التاسع من نيسان/ أبريل 2003 شهدت ساحة الفردوس اسقاط تمثال صدام حسين فانتهت بسقوطه الدولة الديكتاتورية، التي حاربت كل جيرانها وعاش في ظلها شعب العراق 13 عاماً من الحصار. هذا التغيير المصيري أحدث انقساماً في العراق وفي المنطقة والعالم، ما زالت آثاره ظاهرة حتى اليوم.
صورة من: picture alliance/AP Photo
حرية الكلمة وحرية الرأي
أعتاد العراقيون بعد سنوات من التغيير على حرية الرأي ويقولون اليوم كلمتهم من عشرات المنافذ الإعلامية العراقية متلفزة أو إلكترونية أو ورقية أو إذاعية. الصورة لمقهى في الكرادة اسمه" كهوة وكتاب" يجتمع فيه عشاق الكتاب والثقافة رجالاً ونساءً حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ويعيشون بعيداً عن أزمات العاصمة. ثقافة العراقيين باتت حرةً بعد زوال عقيدة الحزب الواحد وأقوال القائد الضرورة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غياب الأمن والكهرباء أمراض مستدامة؟
يكاد غياب الأمن عن العاصمة يصبح أمراً معتاداً يعيش معه الناس ومع نتائجه الكارثية، فالحواجز الخرسانية تقطع أكثر من نصف شوارع العاصمة. هنا في الصورة حواجز في شارع بمنطقة الكرادة، المركز الثقافي المتجدد في بغداد. وتظهر الصورة أيضاً أسلاك شبكات الكهرباء البديلة، المرتبطة بمولدات محلية، تطفي نوعا من القبح على شوارع العاصمة، حيث ماتزال الكهرباء غائبة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المركز العراقي للسلام
محطات ثقافية غير رسمية تنتشر في بغداد بشكل شبه إسبوعي وتتجدد. منها المركز العراقي للسلام (هنا في الصورة مدخله)، ويمثل مساحة حرة للشباب لتعلم الموسيقى ولصناعة الإبداع ونشر ثقافة التسامح والمحبة، عبر مبادرة فردية دعمها صاحب البيت، الذي أجره لهم بسعر رمزي. وفي ظل غياب الدولة، ينشط الأفراد لترميم النسيج الاجتماعي والوطني.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
وسائل عراقية لمكافحة أزمة الكهرباء
تنتشر في كل مناطق العراق مولدات تيار كهربائي محلية. وعلى الناس أن ينتقلوا إلى خدمتها حال انقطاع التيار الرسمي، ولهذا يحتاجون إلى مفتاح تغيير التيار (الصورة)، وهو جزء من خدمات الشبكة البديلة، التي يعتمد عليها العراقيون في غياب الدولة؛ رغم أن الحديث يدور عن انفاق الحكومة 30 مليار دولار لاصلاح الشبكة، غير أنه لم ينتج عن تلك المليارات شيء.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
الحافلات الحمراء عملة نادرة !
شبكة الحافلات العامة، التي تنقل الركاب انهارت في عام 2003 ونُهبت أغلبُ مخازن ومرائب الحافلات بالعاصمة، ثم عادت الدولة لتشغل حافلات جديدة اقتصرت خدمتها على مناطق محدودة جداً في مركز بغداد. ويشكو العراقيون من سوء توقيتها وعدم انتظام سيرها في الشوارع المكتظة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
شوارع مختقنة وسيارات فارهة في كل مكان
شوارع العاصمة بدون استثناء مختنقة على مدار اليوم، ويشكو الناس من تدفق السيارات دون حساب على شوارعهم، كما أنّ قوانين المرور غائبة، وعناصر شرطة المرور لا يجرؤن على محاسبة أي مخالف في أي مكان تقريباً. الملفت للنظر أنّ السيارات الأمريكية واليابانية الفارهة تجوب الشوارع بأعداد كثيرة، ما يدل على ارتفاع مستوى دخل الفرد . الصورة هنا في ساحة المستنصرية ببغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أطفال وسط الطريق والقمامة تحتل الأرصفة
يجري الاعتداء على الأرصفة وشُغلها بغير ما بُنيت لأجله. وتُرمى القمامة بشكل عشوائي في مناطق عدة من العاصمة. هنا في الصورة، أقام أحدهم منصة عالية مسيجة لعرض بضاعته فقطع الطريق، والفسحة التي تلي المنصة باتت مكبّ قمامة، فيما شغلت مظلة الحارس ما تبقى من الرصيف، ولم يبق للمشاة وللصغار إلا الشارع مساحة لحركتهم. الصورة في شارع النضال بقلب بغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
عبد الكريم قاسم عاد ليتحدى قتلته
ما إن سقط نظام صدام حسين حتى سارع عشاق الزعيم الركن عبد الكريم قاسم إلى إقامة تمثال له بمنطقة "رأس القرية" التي شهدت محاولة اغتياله بمشاركة صدام حسين عام 1959. الزعيم الفقير عبد الكريم قاسم قتلته حكومة البعث الأولى عام 1963. والتمثال جرى نصبه وتشجير الحديقة المحيطة به بجهد شخصي من محبي هذه الشخصية، وغابت الدولة عن كل ذلك.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
موتور دفع المياه
في كل بيت ومبنى يوجد موتور لسحب ودفع المياه، والسبب هو ضعف تدفق الماء، القادم من شبكة التغذية الحكومية. المياه الحكومية تصل الناس ملوثة وغير صالحة للشرب، لذا يعتمد العراقيون على مياه الشرب المعبأة في قنانٍ بلاستيكية. ويدور حديث عن عدم ثقة الناس في المياه المعبأة أيضاً بسبب غياب الرقابة الصحية للدولة على المصانع. الصورة هنا في مدخل مبنى بشارع الرشيد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غسيل السيارات في غياب القانون
في شوارع العاصمة بغداد وباقي الطرق في كل أنحاء البلد تقريباً، أقام بعض المخالفين للقانون محطات غسيل السيارات، حيث يكسرون أنابيب شبكة المياه الوطنية ويقومون بتركيب مضخات ضغط عالٍ لاستخدامها في غسيل السيارات. ويجري هذا الأمر تحت أنظار الحكومة والدولة، بل ويقوم أغلب سائقي السيارات الحكومية بغسيل سياراتهم في هذه المحطات. الصورة هنا في منطقة الحبيبية ببغداد، قرب قناة الجيش.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
مول في الكرادة
عرف العراقيون المولات التجارية بعد عام 2003، وباتت متنفساً لهم للتسوق وتناول الطعام وقضاء وقت ممتع. وتنتشر في بغداد مولات أهلية تمثل نزوعاً استهلاكياً عالياً لدى الناس، وتمارس نشاطها التجاري والاجتماعي بعيداً عن سلطة الدولة، وهو أمر لم يكن ممكناً في عهد صدام حسين، الذي كانت دولته تسيطر على التجارة عبر نظام "الأسواق المركزية".
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المسيحيون- حضور خجول يغلفه الخوف
ادى التخندق الطائفي والديني والأثني، الذي عمّ العراق منذ التغيير، إلى هجرة أغلب العراقيين وخاصة من المكونات الصغرى، التي يمثل المسيحيون أكبرها. الصورة لروضة أطفال ومدرسة مسيحية في منطقة الكرادة الشرقية مقابل مستشفى الراهبات، وهي من المظاهر المسيحية القليلة الباقية في العاصمة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المدارس الأهلية في كل مكان
شاعت في العاصمة بغداد، بصفة خاصة، المدارس الأهلية، بسبب ضعف مستوى التعليم في المدارس الحكومية. ويتندر العراقيون على المدارس الحكومية بسبب غياب سلطة الدولة والفساد المستشري في أجهزتها. ويمتنع طلبة الصف السادس الإعدادي (الثانوي) لمدة 3 أشهر عن الحضور؛ ليتفرغوا للدراسة في المدارس الأهلية، التي تضمن لهم معدلاً عالياً يؤهلهم للقبول في الجامعات! هنا صورة لمدرسة أهلية في حي الشعب جنوب شرق العاصمة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أسوار لحماية المصارف في قلب العاصمة !
الصورة في شارع الرشيد بقلب بغداد، حيث أقامت الدولة سياجاً معززاً بالأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة لحماية مجمّع المصارف، الذي يضم البنك المركزي العراقي وفيه احتياطي الذهب والعملات الصعبة وبنك الرافدين، أكبر مصرف عراقي . الجدار الكبير قطع شارع الرشيد وحوله إلى ممر للباعة المتجولين وعربات الحمالين.البنك المركزي العراقي تعرّض لعمليات سطو مسلح كبرى متعددة. ملهم الملائكة - بغداد