Irak- Wahl der Regionalparlamente
٣١ يناير ٢٠٠٩توصف الانتخابات المحلية التي تجري اليوم السبت (31 يناير/كانون الثاني) في نظر الخبراء والمراقبين بأنها استثنائية وفريدة من نوعها في العراق. فهي لا تمثل فقط أكبر عملية انتخابات من حيث عدد المرشحين وعدد الناخبين وعدد الكيانات المتنافسة وكذا الميزانيات الضخمة التي أنفقت على الدعاية الانتخابية غير المسبوقة في تاريخ العراق، بل إنها أيضا تضم ولأول مرة مختلف ألوان الطيف السياسي في البلاد من شتى الطوائف والقوميات والأديان.
ويعتبر المراقبون أن هذه الانتخابات، بمشاركة قوية للعرب السنة، الذين قاطعوا عملية الاقتراع العام 2005، تشكل محطة جديدة نحو ترسيخ السيادة بعد نحو ستة أعوام على اجتياح هذا البلد من قبل الولايات المتحدة، كما أنها تشكل اختبارا للاستقرار الأمني الهش في العراق. ويعد حجم المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات قياسياً، إذ تجاوز عدد الناخبين 15 مليون ناخب وعدد المرشحين أكثر من 14 ألف، كما أنها تجرى تحت رقابة محلية ودولية واسعة يشترك فيها مئات الآلاف من المراقبين المحلين والدوليين ووكلاء المرشحين.
"انتخابات هامة تتسم بالشفافية"
وللوقوف على أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لحاضر ومستقبل بلاد الرافدين، حاور موقعنا السيد أخيم فوجت، مدير مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في العاصمة الأردنية، الذي ساهمت مؤسسته بالتعاون مع منظمات دولية وعراقية في تدريب مراقبين على هذه الانتخابات. يقول فوجت إن الأهمية الكبرى لهذه الانتخابات بالنسبة للعراق لا تكمن في كونها الأولى منذ وقت طويل فحسب، بل في كونها تظهر مدى تفاعل القوى السياسية والمجموعات الدينية في البلاد في داخلها من ناحية، وفيما بينها من ناحية أخرى.
وحول مدى حرية وشفافية هذه الانتخابات، يبدو الخبير الألماني متأكدا إلى حد كبير من أنها ستكون حرة و شفافة، مبررا هذا بأن المفوضية العليا للانتخابات عملت كل ما من شأنه أن يضمن سير العملية الديمقراطية بنزاهة. غير أن الخطورة تكمن ـ في رأي فوجت ـ في محاولة شراء الأصوات من قبل بعض الجهات والأحزاب. أما من الجانب الحكومي، فيمكن القول إن الاستعدادات لإجراء الانتخابات تمت في أحسن الظروف التي يمكن أن تتوفر في بلد كالعراق. لكن هناك مرشحين، مثل إياد علاوي، يتهمون المسؤولين الحكوميين باستعمال موارد السلطة وتسخيرها لحملاتهم الدعائية، وفقاً لما نقلته عنه وكالة رويترز.
يذكر هنا أن مؤسسة فريش إيبرت هي واحدة من منظمتين تولت مهمة المساهمة في تدريب المراقبين المحليين للانتخابات العراقية، حيث قامت ـ كما يقول فوجت ـ بدعم شبكة المستقبل الديمقراطية العراقية، في تدريب 20 ألف مراقب للانتخابات، بتمويل من قبل الأمم المتحدة. وراقب هؤلاء عن كثب العملية الانتخابية في كل مراحلها.
"الانتخابات قد تسهم في تغيير المشهد العراقي"
وفيما يتوقع الخبراء أن تسهم هذه الانتخابات في تغير المشهد العراقي بشكل جذري، قال فوجت إنه في حال ما إذا كان هناك تغيرا سينجم عن هذه الانتخابات، فإنه لاشك سيكون "تغيرا إيجابيا"، فهذه الانتخابات ـ في رأي الخبير الألماني ـ وكذا الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في وقت لاحق من هذا العام، من الممكن أن تسهم في ترسيخ المبدأ الديمقراطي المتمثل في اعتماد الانتخابات كوسيلة مقبولة شعبياً للتعبير عن الرأي وكآلية لإدارة العملية السياسية في البلاد. ويستدرك فوجت قائلا: "لست متأكدا من أن هذا هو ما سيحدث، لكن هناك مؤشرات جيدة جدا في هذا الاتجاه". ومن هذه المؤشرات ـ من وجهة نظر مدير مكتب مؤسسة فرديريش إيبرت في عمان ـ أن المفوضية العراقية العليا للانتخابات "قامت بعمل جيد" في الإعداد لهذه الانتخابات، وقبل هذا وذاك هناك حماس واهتمام شعبي ورسمي كبيران بهذه الانتخابات، حتى من قبل منظمات المجتمع المدني:" وهذه كلها مؤشرات على الأمل بمستقبل عراقي أفضل، بصرف النظر عن الخلافات السياسية التي قد تبقى لوقت ما".
"فرصة لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية"
وحول ما إذا كانت هذه الانتخابات سوف تساهم في توطيد الوحدة الوطنية العراقية وتحقيق الأمن والسلام والمصالحة في هذا البلد الذي أنهكته الحروب والصراعات الطائفية والمذهبية، يقول مدير مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت إنه يتوقع أن تسهم هذه الانتخابات في خلق مزيدا من الاستقرار والسلام والمصالحة الوطنية، مستبعدا ما حدث عقب انتخابات عام 2005 من اتساع لرقعة التشرذم داخل المجتمع العراقي. ويضيف: "في هذه المرة يستطيع المرء أن يتوقع أن تساهم الانتخابات في الاستقرار والسلام، على الأقل في أجزاء من البلاد، وذلك لأن الجماعات التي لم تشارك في انتخابات عام 2005، تشارك هذه المرة".
لكن فوجت لا يستبعد من ناحية أخرى احتمال أن تتصارع بعض الجماعات في بعض المناطق التي مازلت تحتدم فيها الصراعات، على الأقل الصراعات السياسية، وهو ما قد يعني أن الانتخابات لن تجلب بالضرورة الاستقرار والمصالحة في هذه الأجزاء من العراق، لكنه وبتفاؤل حذر يقول: "هناك فرصا للاستقرار والسلام المصالحة وهناك أيضا مخاطر قد تأتي على خلفية من هذه الانتخابات".
تقاسم السلطة والثروة وراء هذا الحماس الكبير
ويتفق الخبير الألماني مع آراء المراقبين في أن المعركة الانتخابية هي في حقيقة الأمر صراع حول تقاسم السلطة على المستويات المحلية والوطنية. ويضرب مثلا على ذلك بالمجموعات الشيعية الرئيسية الثلاث، التي تمثل لاعبين رئيسين في أوساط الشيعة وفي مناطق تواجدهم، (حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي وجماعة مقتدى الصدر) التي تسعى إلى تقاسم السلطة على المستوى الطائفي داخل الأوساط الشيعية وعلى المستوى الوطني العام داخل الحكومة المركزية. وهذه المجموعات تحاول أن تستفيد من هذه الانتخابات لتوطد موقعها استعداداً للانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تقام نهاية هذا العام، حسب الخبير الألماني.
وبينما يرى فوجت أن الفرصة كبيرة في أن تسهم هذه الانتخابات في تقوية الحكومة المركزية، لكنه يؤكد في الوقت نفسه على ضرورة انتظار ما سوف تسفر عنه الانتخابات من نتائج – لاسيما على الجانب السني، قبل الحكم على ما إذا كان ذلك سوف يسهم في دعم موقف الحكومة المركزية أو في إضعافه.