حضر الشباب وغابت الأحزاب في احتجاجات بدأت محدودة بساحة التحرير في بغداد حيث تنطلق التظاهرات عادة. هذه المرة امتدت التظاهرات إلى محافظات في جنوب البلاد، لكن السلطة ردت بعنف على المحتجين وتصعيد التوتر في تزايد.
إعلان
لليوم الثاني (الأربعاء الثاني من تشرين الأول/ اكتوبر 2019) شهدت بغداد تظاهرات متفرقة بدأت في منطقة الزعفرانية وشارع النضال وأطرف مدينة الصدر، ثم اتسعت لتشمل أحياء الأعظمية وشارع القناة وجسر ديالى وساحة الخلاني والنعيرية والزعفرانية وساحة التحرير والطيران وقطع طريق مطار بغداد الدولي من جهة حي البياع. جاء ذلك بعد يوم دامٍ شهد سقوط قتيل ونحو 200 جريح. وارتفعت حصيلة قتلى تظاهرات الثلاثاء إلى ثلاثة، بعد وفاة متظاهر الأربعاء متأثراً بجروح أصيب بها.
دولياً، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت الأربعاء عن قلقها البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض المظاهرات في بغداد ومحافظات أُخرى، ودعت ، في بيان صحفي إلى "التهدئة" معربة عن بالغ الأسف لوقوع ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية.
الناشطون يبثون على وسائل التواصل الاجتماعي ما يدل على تواصل الحراك، والمتابعون للمشهد العراقي، لاحظوا أن بعض المجاميع وصفحات التواصل الاجتماعي، وبعضها في أوروبا، ما برحت ومنذ 3 أشهر تدعوا إلى التظاهر في الأول من تشرين، وهكذا لم يأت الحدث عفوياً كما قد تذهب الظنون.
"الأحزاب هي المستهدفة بالحراك ولذا لا تدعمه"
المتابع للشأن العراقي المحلل السياسي كريم بدر، تحدث إلى DW عربية مبيناً أن الأداء السياسي "الهزيل" للأحزاب يقف وراء الحراك الجاري في العراق، "ولذا نرى هذه الأحزاب تنأى بنفسها عن الحراك، الفساد غير المسبوق في العراق سد الآفاق وبالتالي نحن أمام مجموعة من الشباب اليائس العاطل الباحث عن عمل، وقد خرجوا يطالبون بحقوقهم ويدافعون عن أنفسهم، هذه الأحزاب كلها غير مؤهلة لأن تقود الشارع، وإن شاركت في التظاهرات فستؤدي إلى فشلها".
وعمت مظاهر المرارة الشارع العراقي بعد تصدي قوات الأمن للمتظاهرين بالعنف، وتناقل تويتر العراق صورا مأساوية عن المشهد
وأنحى أغلب المتظاهرين باللائمة على إدارة عادل عبد المهدي رئيس الحكومة ناسبين إليه أسباب الأزمة، وكان من بين المحتجين النائب حيدر الفوادي الذي وجه إليه رسالة تضمنت أحد عشر مطلباً جوهرياً لحل مشكلة البطالة التي تعم الشباب. فيما اندفعت تغريدات الناشطين على موقع تويتر بعرض مشاهد العنف التي طالت المتظاهرين باعتبارها دليلاً على "فشل" عادل عبد المهدي.
وتجسد أول رد فعل لرئيس الحكومة، صبيحة اليوم الأربعاء، حيث أوعز بإجراء "تحقيق مهني على الفور، من أجل الوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقوع الحوادث" في المظاهرات على حد وصفه. فيما وجهت لجان الأمن وحقوق الإنسان في مجلس النواب، بفتح تحقيق في الأحداث التي رافقت الاحتجاجات التي شارك فيها نحو ألف متظاهر للتنديد بالفساد والمطالبة بالخدمات وتوفير فرص عمل.
حراك قد يخترق المنطقة الخضراء
وضجت صفحات فيسبوك بالحديث عن امتداد التظاهرات إلى مدن في جنوب العراق، ونشرت مقاطع من فيديوهات تبين حصول تظاهرات في النجف والناصرية والديوانية على وجه الخصوص ولكن لم يمكن التحقق من صحة تلك التظاهرات، فيما نقلت وكالات أنباء دولية أخباراً متفرقة عنها.
ويعتبر بعض المختصين بالمشهد العراقي أن هذا الحراك ممكن أن يتطور الى صدامات، وقد يدخل المتظاهرون إلى المنطقة الخضراء، لذا من غير المتوقع أن تتبنى الأحزاب هذا الحراك، فهو كما يقول المختص بالشأن العراقي كريم بدر" حراك يستهدف الأحزاب والهدر الواضح في المال العام، لا يوجد حزب مؤهل لتبني الحراك الشعبي الجاري".
وسبق هذا الحراك، واقعة نقل الجنرال عبد الوهاب الساعدي التي تعد تهميشا له، وهو الذي كان له دور بارز في تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش، وقد شهدت التظاهرات رفع صور للضابط المذكور، بل صدرت بيانات في شكل فيديوهات مجهولة تنصّبه "رئيساً لحكومة الإنقاذ الوطني"!
وكان قرار رئيس الوزراء الأسبوع الماضي باستبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الساعدي، قد أثار غضباً في البلاد وسط تساؤلات عن أسباب القرار.
ودعا بعض المتظاهرين الثلاثاء أيضاً، تحت مظلة من الأعلام العراقية، إلى اعتصام مفتوح حتى "نهاية الظلم" والحصول على "الخدمات والتعيينات".
والصيف الماضي، أدت التظاهرات الدامية التي شهدها جنوب العراق، وخصوصاً محافظة البصرة النفطية، إلى خسارة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي منصبه.
ملهم الملائكة
بغداد 2018 - انتصرت حرية الفرد وانهزمت الدولة!
بعد 15 عاماً من سقوط نظام صدام حسين، تروي الصور للعالم قصة بغداد، التي شهدت عشرات التغيرات على مدى التاريخ. العراقيون اليوم أحرار في كل شيء تقريبا لكنّ الدولة العراقية غائبة تماماً، و هذا يجعل حياة الناس أصعب.
صورة من: M. Rauf
ساحة الفردوس
إنها الساحة التي شهدت عام 2003 اسقاط تمثال صدام حسين إيذانا بنهاية دولته. وبعد كل هذه السنين ما زالت ساحة الفردوس تفتقد لمسةَ أناقة وفخامة رسمية، وبقيت بدون هوية، مكتفية بمواجهة مسجد الشهيد الظاهر (الصورة). وأقيم تمثال عشوائي في ساحة الفردوس بعد اسقاط تمثال صدام حسين، لكنه رُفع وبقيت منصته المشوهة.
صورة من: M. Rauf
نهاية الديكتاتور وبداية التغيير
صبيحة التاسع من نيسان/ أبريل 2003 شهدت ساحة الفردوس اسقاط تمثال صدام حسين فانتهت بسقوطه الدولة الديكتاتورية، التي حاربت كل جيرانها وعاش في ظلها شعب العراق 13 عاماً من الحصار. هذا التغيير المصيري أحدث انقساماً في العراق وفي المنطقة والعالم، ما زالت آثاره ظاهرة حتى اليوم.
صورة من: picture alliance/AP Photo
حرية الكلمة وحرية الرأي
أعتاد العراقيون بعد سنوات من التغيير على حرية الرأي ويقولون اليوم كلمتهم من عشرات المنافذ الإعلامية العراقية متلفزة أو إلكترونية أو ورقية أو إذاعية. الصورة لمقهى في الكرادة اسمه" كهوة وكتاب" يجتمع فيه عشاق الكتاب والثقافة رجالاً ونساءً حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ويعيشون بعيداً عن أزمات العاصمة. ثقافة العراقيين باتت حرةً بعد زوال عقيدة الحزب الواحد وأقوال القائد الضرورة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غياب الأمن والكهرباء أمراض مستدامة؟
يكاد غياب الأمن عن العاصمة يصبح أمراً معتاداً يعيش معه الناس ومع نتائجه الكارثية، فالحواجز الخرسانية تقطع أكثر من نصف شوارع العاصمة. هنا في الصورة حواجز في شارع بمنطقة الكرادة، المركز الثقافي المتجدد في بغداد. وتظهر الصورة أيضاً أسلاك شبكات الكهرباء البديلة، المرتبطة بمولدات محلية، تطفي نوعا من القبح على شوارع العاصمة، حيث ماتزال الكهرباء غائبة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المركز العراقي للسلام
محطات ثقافية غير رسمية تنتشر في بغداد بشكل شبه إسبوعي وتتجدد. منها المركز العراقي للسلام (هنا في الصورة مدخله)، ويمثل مساحة حرة للشباب لتعلم الموسيقى ولصناعة الإبداع ونشر ثقافة التسامح والمحبة، عبر مبادرة فردية دعمها صاحب البيت، الذي أجره لهم بسعر رمزي. وفي ظل غياب الدولة، ينشط الأفراد لترميم النسيج الاجتماعي والوطني.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
وسائل عراقية لمكافحة أزمة الكهرباء
تنتشر في كل مناطق العراق مولدات تيار كهربائي محلية. وعلى الناس أن ينتقلوا إلى خدمتها حال انقطاع التيار الرسمي، ولهذا يحتاجون إلى مفتاح تغيير التيار (الصورة)، وهو جزء من خدمات الشبكة البديلة، التي يعتمد عليها العراقيون في غياب الدولة؛ رغم أن الحديث يدور عن انفاق الحكومة 30 مليار دولار لاصلاح الشبكة، غير أنه لم ينتج عن تلك المليارات شيء.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
الحافلات الحمراء عملة نادرة !
شبكة الحافلات العامة، التي تنقل الركاب انهارت في عام 2003 ونُهبت أغلبُ مخازن ومرائب الحافلات بالعاصمة، ثم عادت الدولة لتشغل حافلات جديدة اقتصرت خدمتها على مناطق محدودة جداً في مركز بغداد. ويشكو العراقيون من سوء توقيتها وعدم انتظام سيرها في الشوارع المكتظة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
شوارع مختقنة وسيارات فارهة في كل مكان
شوارع العاصمة بدون استثناء مختنقة على مدار اليوم، ويشكو الناس من تدفق السيارات دون حساب على شوارعهم، كما أنّ قوانين المرور غائبة، وعناصر شرطة المرور لا يجرؤن على محاسبة أي مخالف في أي مكان تقريباً. الملفت للنظر أنّ السيارات الأمريكية واليابانية الفارهة تجوب الشوارع بأعداد كثيرة، ما يدل على ارتفاع مستوى دخل الفرد . الصورة هنا في ساحة المستنصرية ببغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أطفال وسط الطريق والقمامة تحتل الأرصفة
يجري الاعتداء على الأرصفة وشُغلها بغير ما بُنيت لأجله. وتُرمى القمامة بشكل عشوائي في مناطق عدة من العاصمة. هنا في الصورة، أقام أحدهم منصة عالية مسيجة لعرض بضاعته فقطع الطريق، والفسحة التي تلي المنصة باتت مكبّ قمامة، فيما شغلت مظلة الحارس ما تبقى من الرصيف، ولم يبق للمشاة وللصغار إلا الشارع مساحة لحركتهم. الصورة في شارع النضال بقلب بغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
عبد الكريم قاسم عاد ليتحدى قتلته
ما إن سقط نظام صدام حسين حتى سارع عشاق الزعيم الركن عبد الكريم قاسم إلى إقامة تمثال له بمنطقة "رأس القرية" التي شهدت محاولة اغتياله بمشاركة صدام حسين عام 1959. الزعيم الفقير عبد الكريم قاسم قتلته حكومة البعث الأولى عام 1963. والتمثال جرى نصبه وتشجير الحديقة المحيطة به بجهد شخصي من محبي هذه الشخصية، وغابت الدولة عن كل ذلك.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
موتور دفع المياه
في كل بيت ومبنى يوجد موتور لسحب ودفع المياه، والسبب هو ضعف تدفق الماء، القادم من شبكة التغذية الحكومية. المياه الحكومية تصل الناس ملوثة وغير صالحة للشرب، لذا يعتمد العراقيون على مياه الشرب المعبأة في قنانٍ بلاستيكية. ويدور حديث عن عدم ثقة الناس في المياه المعبأة أيضاً بسبب غياب الرقابة الصحية للدولة على المصانع. الصورة هنا في مدخل مبنى بشارع الرشيد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غسيل السيارات في غياب القانون
في شوارع العاصمة بغداد وباقي الطرق في كل أنحاء البلد تقريباً، أقام بعض المخالفين للقانون محطات غسيل السيارات، حيث يكسرون أنابيب شبكة المياه الوطنية ويقومون بتركيب مضخات ضغط عالٍ لاستخدامها في غسيل السيارات. ويجري هذا الأمر تحت أنظار الحكومة والدولة، بل ويقوم أغلب سائقي السيارات الحكومية بغسيل سياراتهم في هذه المحطات. الصورة هنا في منطقة الحبيبية ببغداد، قرب قناة الجيش.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
مول في الكرادة
عرف العراقيون المولات التجارية بعد عام 2003، وباتت متنفساً لهم للتسوق وتناول الطعام وقضاء وقت ممتع. وتنتشر في بغداد مولات أهلية تمثل نزوعاً استهلاكياً عالياً لدى الناس، وتمارس نشاطها التجاري والاجتماعي بعيداً عن سلطة الدولة، وهو أمر لم يكن ممكناً في عهد صدام حسين، الذي كانت دولته تسيطر على التجارة عبر نظام "الأسواق المركزية".
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المسيحيون- حضور خجول يغلفه الخوف
ادى التخندق الطائفي والديني والأثني، الذي عمّ العراق منذ التغيير، إلى هجرة أغلب العراقيين وخاصة من المكونات الصغرى، التي يمثل المسيحيون أكبرها. الصورة لروضة أطفال ومدرسة مسيحية في منطقة الكرادة الشرقية مقابل مستشفى الراهبات، وهي من المظاهر المسيحية القليلة الباقية في العاصمة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المدارس الأهلية في كل مكان
شاعت في العاصمة بغداد، بصفة خاصة، المدارس الأهلية، بسبب ضعف مستوى التعليم في المدارس الحكومية. ويتندر العراقيون على المدارس الحكومية بسبب غياب سلطة الدولة والفساد المستشري في أجهزتها. ويمتنع طلبة الصف السادس الإعدادي (الثانوي) لمدة 3 أشهر عن الحضور؛ ليتفرغوا للدراسة في المدارس الأهلية، التي تضمن لهم معدلاً عالياً يؤهلهم للقبول في الجامعات! هنا صورة لمدرسة أهلية في حي الشعب جنوب شرق العاصمة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أسوار لحماية المصارف في قلب العاصمة !
الصورة في شارع الرشيد بقلب بغداد، حيث أقامت الدولة سياجاً معززاً بالأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة لحماية مجمّع المصارف، الذي يضم البنك المركزي العراقي وفيه احتياطي الذهب والعملات الصعبة وبنك الرافدين، أكبر مصرف عراقي . الجدار الكبير قطع شارع الرشيد وحوله إلى ممر للباعة المتجولين وعربات الحمالين.البنك المركزي العراقي تعرّض لعمليات سطو مسلح كبرى متعددة. ملهم الملائكة - بغداد