العراق الحلقة الأصعب في خيارات ترامب في مواجهة إيران!
١٥ مايو ٢٠١٩
في ظل التوترات في منطقة الخليج، والمخاوف من تطورها إلى مواجهة عسكرية أمريكية إيرانية، يبدو العراق في موقع معقد. فالضغوط الأمريكية قد تجبره على فك ارتباطه بإيران. كيف سيتصرف العراق في هذه الأزمة وما هي تداعيات ذلك عليه؟
إعلان
التوتر الحالي في منطقة الخليج وتعرض ناقلات نفطسعودية وإماراتية للتخريب أمر لم تشهده المنطقة منذ زمن طويل. كما أن تحريك الولايات المتحدة لأساطيلها العسكرية وتنقلات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو المكوكية قد تكون مؤشرا على تطورات عسكرية مقبلة رغم نفي واشنطن وطهران. والسؤال المطروح هنا كيف سيكون دور العراق وإلى أي طرف سينحاز في حال تأزمت الأمور أكثر وتحولت لعمل عسكري؟ وهل يستطيع العراق نكث معاهداته مع ايران في حال وجود ضغوطات أمريكية قوية عليه؟.
هل سيقف العراق على الحياد؟
يؤكد الخبير والمحلل السياسي العراقي عباس موسوي في حوار مع DW عربية أن تنوع المشهد العراقي يفرض تباينا في تعاطي بغداد مع الأزمة. فالكتلة الشيعية ستضغط من أجل عدم التخلي عن إيران، في حين أن الأكراد قد يحاولون مسك العصا من المنتصف. ويوضح الخبير العراقي أن السنة في العراق في حالة إنهاك حاليا، خاصة بعد الحرب على "داعش" حيث كانت المناطق السنية هي الأكثر تضرراوعانوا من الإرهاب، لذلك هم في أمس الحاجة إلى عدم اندلاع حرب في المنطقة.
من جهته يرى مناف الموسوي، مدير مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، أن هناك توجها حكوميا للعمل على التهدئة بين الأطراف المتصارعة، والتأكيد على التزام الحياد. في المقابل هناك توجه شعبي رافض لتقديم أية تسهيلات للولايات المتحدة من أجل ضرب إيران، خصوصا مع وجود أذرع عسكرية إيرانية متواجدة في العراق.
هل باتت الحرب على الأبواب؟
وبالرغم من نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته إرسال 120 ألف مقاتل أمريكي إلى العراق، وقول الزعيم الإيراني خامنئي "لا نسعى لحرب وهم لا يسعون لذلك أيضا. إنهم يعرفون أن هذا ليس في صالحهم"، يرى الخبير عباس موسوي أن كل الاحتمالات باتت مفتوحة. فالولايات المتحدة قد تلجأ إلى ما وصفها بـ "العنجهية" وتعمل "على قصف إيران أو ضرب قواتها العاملة في العراق، وهو ما قد يشعل المنطقة بأكملها، وتداعيات ذلك ستكون مدمرة على العراق وقد تحدث تمزقا للنسيج المدني".
من جهته يؤكد حسن منيمنة، الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن الحصار على إيران أثبت نجاعته بحسب المنظور الأمريكي، ويوضح لـ DW عربية أنه (الحصار) "يحقق النتائج المطلوبة منه"، لذلك فإن أمريكا ليست بحاجة إلى أي تصعيد عسكري.
العراق وإيران و"الحلف المقدس"
الوجود الإيراني في العراق هو أمر واضح وأقرت به حتى الولايات المتحدة، كما أن هناك اتفاقيات تعاون مع إيران من الصعب على الحكومة العراقية الإخلال بها بحسب الخبير العراقي عباس موسوي. ويؤكد موسوي على أن العراق سيحاول التوصل إلى حل دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران وذلك بحكم علاقته المتشعبة، بيد أنه لن يغامر في السماح للقوات الأمريكية باستخدام أراضيه لمهاجمة إيران وذلك للتحالف الوثيق بين البلدين.
ويؤكد الخبير والمحلل السياسي العراقي أن أمريكا قادرة على إشعال المنطقة بأكملها بكبسة زر إلا أنها لن تكون قادرة على ضبط الأمور بعدها، فردة الفعل ستكون أكبر من القدرة الأمريكية على الحسم، وستصبح قواتها في العراق مهددة بفضل الأذرع العسكرية الإيرانية العاملة في بلاد الرافدين، وهو ما قد يقود إلى عمليات ثأر متبادلة.
بيد أن مناف الموسوي، مدير مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، قلل من احتمال دخول العراق في هذه الأزمة حتى لو اندلعت الحرب أو حصلت أية اشتباكات بين القوات الإيرانية والأمريكية. ويوضح: "أمريكا لديها قواعد عسكرية عدة في دول الجوار مثل قطر وغيرها، كما أنّ لديها أسطولا بحريا وحاملات طائرات ضخمة ولن تحتاج الأراضي العراقيةمن أجل استهداف إيران".
ويرى مناف الموسوي أن القوات الأمريكية لن تدفع بأية قوات عسكرية إضافية إلى العراق بيد أن ذلك لا يعني أبدا أنها تسعى إلى التهدئة ويوضح "بحسب متابعتنا لأسلوب عمل الولايات المتحدة العسكري فإن الحرب البرية أو المواجهة المباشرة هي آخر الخيارات، حيث تلجأ القوات الأمريكية عادة إلى استنزاف الخصم أولا وإنهاكه بالعقوبات كما نشاهد حاليا، ثم تتبعه بقصف جوي من أجل تدمير المرافق الحياتية الأساسية"، وهو أمر تستطيع أمريكا فعله دون أية حاجة لحليفها العراق.
رهان إيراني على تغيير سياسي
من جهته قلل حسن منيمنة، الباحث المتخصص في الشأن الأميركي، من أهمية الأراضي العراقية في حال نوت الولايات المتحدة توجيه أية ضربة لإيران. وأكد أن القواعد الأمريكية في البلدان المجاورة والأساطيل البحرية قادرة على هذه المهمة لو رغبت. ويرى منيمنة أن الولايات المتحدة ستلجأ في حالة واحدة فقط لمهاجمة التواجد الإيراني في العراق، أي إذا تعرضت للقوات الأمريكية هناك. وأوضح أن "الرد الأمريكي على ذلك سيكون بمطالبة العراق التدخل، وفي حال عجزه عن الرد لأية اعتبارات فستقوم القوات الأمريكية هناك بالرد ".
ويقول منيمنة أن الولايات الأمريكية سحبت موظفيها من العراق بهدف إرسال رسالة إلى إيران مفادها "ندرك إمكانياتكم على إلحاق الألمبقواتنا وموظفينا في العراق، بيد أننا نتحسب لذلك".
وكانت السفارة الأمريكية لدى العراق قد أعلنت، الأربعاء، إنها تعرضت إلى تهديدات متزايدة دفعت إلى دعوة الموظفين "غير الضروريين" في بغداد وأربيل، لمغادرة البلاد. وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن مغادرة الموظفين غير الأساسيين جاء رداً على "تزايد التهديد الذي نشهده في العراق".
وفي ذات السياقالتقى بومبيو الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي وتطرق معهما إلى "أهمية تحقق العراق من قدرته على حماية الأميركيين بالشكل المناسب في بلادهم"، حسب مصادر أميركية. ولكن بومبيو لم يعط تفاصيل إضافية بشأن الخطط التي تحدث عنها وهو أمر شككت فيه أوساط عدة بينها نواب أميركيون أعربوا عن خشيتهم من سعي إدارة ترامب لإشعال الحرب مع إيران.
ويرى منيمنة أن إيران قادرة على الصمود والمناورةوأن الولايات المتحدة تدرك ذلك. فإيران تريد الالتفاف على القرارات الدولية والمناورة لسنيتين أخريين على أمل نهاية ولاية ترامب وقدوم رئيس أمريكي جديد. بيد أنه يقول إن أمريكا، في المقابل، تفهم هذه السياسة ولا تعول عليها كثيرا. فحتى لو تغير ترامب وقدم رئيس ديمقراطي فإن الرئيس المقبل سيرسم الطريق لإيران من أجل إتاحة مجال لها لرفع الحصار بشروط، ولن يعمل على إنهائه بشكل تلقائي.
الكاتب: علاء جمعة
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة