1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق: "العم سام" ملاذ المترجمين بعد الانسحاب الأمريكي

١٢ فبراير ٢٠١٢

يواجه المترجمون العراقيون الذين عملوا مع القوات الأمريكية مستقبلا مجهولا ومخاطر أمنية واجتماعية متعددة ، فضلاً عن معاناتهم مجددا من البطالة، وذلك عقب قيام الجيش الأمريكي بإنهاء خدماتهم قبل انسحابه من العراق.

مترجم في العراق. مستقبل مجهولصورة من: DW

بعد الاجتياح الأمريكي للعراق في ربيع 2003 ازداد الطلب بشكل ملحوظ على المترجمين للعمل مع الجيش الأمريكي، إذ كانت عبارة "مطلوب مترجمين" من الإعلانات شائعة الانتشار في الصحف العراقية آنذاك. وازداد حجم هذا الطلب على المترجمين، خاصة بعد أن اتسع انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في العراق إلى أكثر من 500 قاعدة، إضافة إلى خسارة العديد من المترجمين الذين قضوا أثناء تنفيذ مهامهم في الحملات الأمنية التي كانت القوات الأمريكية المقاتلة تخوض غمارها داخل أغلب المدن العراقية. إلا أن الحاجة إلى أولائك المترجمين بدأت تتناقص تدريجيا قبل رحيل القوات الأمريكية من العراق. وأنهى الجيش الأمريكي نهاية العام الماضي طبقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين الجانبين الأمريكي والعراقي، خدمات المئات من المترجمين العراقيين الذين خدموا معه طيلة سنوات بدون حماية ولا ضمانات.

ويعاني من بقي من المترجمين اليوم في محافظات وسط العراق وجنوبه من تهديدات أمنية كالتصفية الجسدية والقتل والانتقام التي تنفذها الجماعات المسلحة على خلفية تهم الخيانة الموجهة ضدهم، والعمل مع قوات الاحتلال واصفين إياهم بـ"العملاء". فمنهم من توارى عن الأنظار أو هاجر إلى إقليم كردستان العراق الآمن.

الأسماء "الحركية" صفة المترجمين

مترجم داخل مركبة في العراقصورة من: DW

جاك وجون وماك وجيمي وروني وتوني وسام وروجر وسارة وفيفيان وغيرها من الأسماء الحركية التي كان يستخدمها المترجمون العراقيون رجالاً ونساء، طوال فترة خدمتهم داخل القواعد العسكرية الأمريكية، إذ كان من المتعارف عليه أن يستخدم المترجم إسماً مستعاراً يتم مناداته به طيلة فترة عمله مع الأمريكان "حفاظاً على سلامته".

"أنهى الجيش الأمريكي خدماتي بدون أية حماية"، هذا ما قاله ستيفن، (28 عاماً)، من المترجمين الذين أنهى الجيش خدماته على غرار العشرات من زملاء مهنته، مبيناً أنه أصبح مستهدفاً بالقتل والتصفية من الجماعات المسلحة التي تعتبره "خائناً وعميلاً". ستيفن هو الاسم الحركي الذي اعتاد أن ينادى به منذ التحاقه بالجيش الأمريكي في قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار في عام 2007 من أجل أن يكون عمله جسراً يعبر من خلاله إلى الولايات المتحدة بعد حصوله على تأشيرة الهجرة الخاصة. ويضيف ستيفن في حوار مع دويتشه فيله، الذي هاجر إلى إقليم كردستان من أجل أن ينتظر حصول الموافقة على هجرته بعد أن أكمل وثائقه ومقابلاته مع السفارة الأمريكية في بغداد منذ أسابيع قليلة، بأنه ينتظر بفراغ الصبر رسالة بريدية من السفارة تنقله من "عالم إلى آخر" على حد وصفه.

وتنص القوانين الأميركية على منح المترجم الذي عمل عاماً كاملاً مع القوات الأميركية في العراق "تأشيرة هجرة خاصة" إلى الولايات المتحدة من خلال البرنامج المعروف بـ (SIV) Special Immigrant Visa ، وتتكفل منظمة الهجرة بتأمين سكن وراتب له لمدة ستة شهور. أما أولئك الذين عملوا لأقل من عام فيحصلون على وضع لاجئ.

مترجم يتدرب على الرماية في العراقصورة من: DW

يخفي طبيعة عمله حتى عن "أهله"

ولم يكن حال المترجم سكوت (25 عاماً)، وهو اسمه المستعار أيضاً، أفضل حالاً من المترجم السابق، إذ لم يكن يعرف بأن الانسحاب الأمريكي من العراق سيحوله إلى هائم بلا مأوى، مجبراً إياه على تغيير مقر إقامته باستمرار، وهو الآن توارى عن الأنظار لحين صدور موافقة الهجرة الخاصة به بعد إتمام الإجراءات. ويوضح سكوت في حديث مع دويتشه فيله إن "هاجس الهجرة لم يكن سبباً في التحاقي كمترجم مع الجيش الأمريكي، وإنما تحسين الوضع المعيشي لعائلتي هو ما دفعني لذلك"، مبيناً أنه "اليوم يكاد لا ينفك تفكيراً في الهجرة إلى أمريكا".

"كنت أخفي طبيعة عملي حتى على أهلي حفاظاً على سلامتهم وسلامتي، مكتفياً بالقول لهم بأني أعمل في جنوب العراق"، يؤكد سكوت، الذي اضطر أن يترك دراسته اللغة الإنكليزية في إحدى الكليات الأهلية في بغداد، حين بدأ العمل مع "القوات الصديقة"، كما يسميها آملاً في إكمال دراسته في إحدى الجامعات الأمريكية بعد هجرته. ويقول ان الخوف كان يعتريه عند زيارة أهله في بغداد "فيما لو كشف عملي وُأستهدف بالتصفية، كما حدث مع بعض زملائي"، على حد وصفه. ويكمل مستطرداً بأنه شهد مقتل العديد من زملائه المترجمين طيلة فترة عمله مع القوات الأمريكية، مشيراً إلى أن دوريته الأمنية تعرضت إلى عدة هجمات "وأصبت في إحداها في نهاية عام 2006 بجروح متوسطة جراء انفجار قنبلة ناسفة، كوني كنت أعمل في قاعدة في منطقة الأعظمية التي كانت توصف بالمناطق الساخنة". ولا يمتلك الجيش الأمريكي بيانات حول عدد المترجمين الإجمالي ممن عملوا معه، لكن المتحدث باسم القوات الأمريكية في العراق اللواء جيفري بيوكانن، قال في تصريح سبق انسحاب قوات بلاده من العراق، إن نحو 9 آلاف عراقي كانوا يعملون في مجالات عدة مع الجيش الأمريكي حتى شهر تموز/ يوليو من العام الماضي.

انسحاب آخر الجنود الأمريكيين في 18 ديسمبر 2011 من العراقصورة من: dapd

بعد مقتل أبيه وعمه يستمر في العمل كـ"مترجم"

"قتلوا أبي وعمي بعد أن كشف (المتمردون) عملي كمترجم مع القوات الأمريكية وتم تهديدي باللحاق بهما إذا لم أترك عملي"، هذا ما قاله المترجم فرانك (26عاماً) ذو الاسم الحركي أيضاً من سكان العاصمة بغداد، الذي كان قد التحق بقاعدة "كالسو" في محافظة بابل في وسط العراق للعمل من أجل تحسين مستواه اللغوي في الانكليزية أواخر عام 2008. وينوه فرانك في حوار مع دويتشه فيله إلى أنه لم يرضخ آنذاك للتهديدات التي وصلته بالتصفية حتى بعد مقتل أبيه وعمه واستمر في عمله، "بعدها انتقمت لي فرقتي الأمريكية من الكثير من المتمردين في أغلب جولاتها الميدانية وحملاتها الأمنية". فرانك يعمل الآن في إحدى الشركات الأهلية التجارية كمترجم أيضا، وقد غير محل أقامته إلى منطقة آمنة من مناطق العاصمة بغداد، وينتظر أيضا اكتمال معاملات هجرته للسفر إلى الولايات المتحدة مع زوجته. إذ يحق لفرانك بأن يصطحبها معه وفقاً لبنود قوانين الهجرة الخاصة.

مناف الساعدي ـ بغداد

مراجعة: محمد المزياني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW