1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق بين مأزق سياسي ومواجهة استحقاقات الديمقراطية

٦ يونيو ٢٠٢٢

رغم مرور أشهر على تنظيم الانتخابات في العراق، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لم تشكل حكومة جديدة حتى الآن، لتقود البلاد، في ظل مأزق داخلي ومطبات خارجية. القوى السياسية متخندقة في أماكنها. فأين العراق من الديمقراطية؟

أنصار تحالف فتح في بغداد
أنصار تحالف فتح في شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي يتظاهرون اعتراضا على نتائج الانتخاباتصورة من: Murtadha Al Sudani/AA/picture alliance

بعد بضعة أيام سيحطم العراق رقما قياسيا، لكن ليس في مجال يمكن لساسة البلد الفخر به، بل أن العراق سيدخل 200 يوما من دون حكومة جديدة، بعد إجراء الانتخابات في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 وبعد التصديق على نتائجها في شهر كانون الأول/ ديسمبر. الرقم القياسي العالمي صعب تحطيمه فهو باسم بلجيكا التي بقيت مرة من المرات من دون حكومة جديدة بعد انتخابات تشريعية لمدة بلغت أكثر من 500 يوم. إلا أن الرقم القياسي العراقي كان في عام 2010، حين مرت 208 أيام إلى أن تشكلت حكومة جديدة.

لماذا التأخير؟

الفائز بالانتخابات هو تحالف "سائرون" بقيادة مقتدى الصدر، الذي أثار جدلا مؤخرا باقتراحه قانونا  يجرم التطبيع والتواصل مع إسرائيل  والذي أقر فعلا بسرعة من قبل البرلمان. مقتدى الصدر يحاول منذ أشهر بناء حكومة من خلال التحالف مع قوى سنية وكردية، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البرزاني وتحالف تقدم بقيادة رئيس البرلمان العراقي الذي جددت ولايته محمد الحلبوسي.

التقسيم السياسي في العراق موزع جغرافيا أيضا، في الوسط والجنوب أغلبية شيعية وفي الغرب سنية وفي شمال الشرق كردية. ومنذ عام 2003 مع سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين توزعت المناصب السيادية على حسب التقسيمات الإثنية والمذهبية. للشيعة الذين يمثلون الأغلبية منصب رئاسة الوزراء، وللسنة منصب رئاسة البرلمان وللكرد رئاسة الجمهورية. التوزيعات هذه محاولة لتجنب الصراعات والقتال بين القوى السياسية.

مقتدى الصدر يحاول منذ أشهر بناء حكومة من خلال التحالف مع قوى سنية وكردية، وتشكيل حكومة أغلبية. صورة من: Ali Najafi/AFP/Getty Images

والصراع الذي يدور بين القوى السياسية اليوم هو حول مطلب مقتدى الصدر بتشكيل حكومة أغلبية فيما تعود الأحزاب التي لم تفز في الانتخابات إلى صفوف المعارضة. ولا يستثني الصدر في ذلك أي قوى سياسية سواء كانت شيعية أم كردية، كالما أنها لم تحصد أغلبية في البرلمان. وهذه المنهجية يراها الصدر ديمقراطية تتجاوز ما كان سائدا في الحكومات السابقة منذ عام 2003 حيث تشكلت على أساس توافقي ضم كل القوى السياسية بداخلها.

تقدم ديمقراطي؟

هل يمكن اعتبار هذا الصراع على تشكيل حكومة أغلبية تقدما ملموسا في العملية الديمقراطية في العراق؟ 

رغم المأزق السياسي بين الأطراف المتصارعة، كان العنف قليلا نسبيا. ففي يناير/كانون الثاني الماضي بدا أن تحالف الفتح والقوى السياسية المسلحة تحاول اللجوء إلى القوة من أجل السلطة رغم خسارتها الانتخابات. ويعتقد أن عناصر منها كانت خلف هجمات طالت مقار أحزاب سياسية أو محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته الكاظمي. لكن الوضع بقي هادئا منذ ذلك الحين.

من جانب آخر، أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارات بشأن اعتراضات قدمت على نتائج الانتخابات، وقبل بقراراتها الساسة المعترضون.

خبراء تحدثت إليهم DW أوضحوا أن هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية لمأزق تشكيل الحكومة. فنار حداد، أستاذ مساعد في جامعة كوبنهاغن متخصص في الشؤون العراقية، قال إن الصراع على تشكيل حكومة أغلبية يمكن اعتباره قطيعة إيجابية مع الماضي.

لكن الوضع الأساسي لم يتغير، يقول لـ DW. ويرى أن الأحزاب السياسية التي لديها ميليشيات مدعومة بالسلاح مازالت تتمتع بالقوة. وقال حداد: "أحد أسباب عدم تمكنهم من تشكيل حكومة حتى الآن هو على وجه التحديد بسبب السلطة التي يمارسها الجانب الآخر". وأضاف "لا أرى تغييراً جوهرياً في الاقتصاد السياسي للعراق".

ويعتبر حداد أن هناك أمرا إيجابيا على المدى الطويل، ألا وهو غياب التدخل الأجنبي. ففي الماضي لعب طرفان خارجيان رئيسيان - الولايات المتحدة وإيران – دورا حاسما في تشكيل الحكومة. هذه المرة "لا يوجد وسيط خارجي الآن يفرض صفقة"، بحسب وصفه. ويضيف موضحا: "من الصعب الجزم بذلك ، لكن من المحتمل أن يكون لهذا أثر إيجابي. من الناحية المثالية، سيدفع الأطراف المعنية للتوصل إلى حل وسط".

أما بالنسبة لسجاد جياد المحلل المقيم في العراق فإن الجمود السياسي علامة سيئة. وأردف قائلا: "عندما يتعلق الأمر بتعزيز السلطة السياسية لطائفة أو عرقية، تتحد الأحزاب ضد خصومها". لكنه أشار إلى أن "المعارك السياسية الآن هي داخل الطائفة وكل طرف يتنافس مع خصومه الداخليين. وهذا يجعله صراعا من أجل البقاء. وبالتالي يصبح الأمر أكثر حدة وخطورة ويجعل السياسة أكثر صعوبة". ويرى أن تفسير الغياب النسبي للعنف يعود ربما إلى أن الجمود السياسي قد وفر نقطة استقرار". مؤكدا أن ليس لدى أي من الجماعات "أي حافز للتخلي عن أي شيء أو لزيادة الضغط" ، وأن احتمالات تصاعد العنف تظل مرتفعة إذا تغير الوضع مرة أخرى.

ترى منظمات دولية تراقب الديمقراطية في العالم مثل "فريدم هاوس" أن العراق "ليس حرا"، رغم الانتخابات. صورة من: Iraqi Parliament Press Office/Handout/picture alliance

أين نهاية الجمود السياسي؟

حمزة حداد المحلل السياسي في بغداد والزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يعتقد أن الميزانية الفيدرالية  وإقرارها ربما ستكون سببا لتحرك المفاوضات بين الأطراف. ففي منتصف أيار /مايو ، أوضحت المحكمة العليا في العراق ما يمكن للحكومة المؤقتة ، مثل الحكومة التي تدير البلاد حاليًا ، فعله وما لا تستطيع فعله. أحد هذه الأشياء هو تمرير الميزانية الأكبر التي يقول السياسيون إنها ضرورية للمساعدة في المشاكل المستمرة، مثل البطالة، و كذلك المخاوف الجديدة، مثل أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار.

ويشرح حداد أن بإمكان الحكومة الحالية الالتفاف على كثير من الأمور وتمرير قرارات، لكنه يوضح "إذا ما واجهوا مشاكل حقيقية وبدأنا نشاهد الحكومة كبطة عرجاء ، ربما حينها ستقرر الأطراف المتصارعة الدخول في مفاوضات حقيقية".

كل الخبراء الثلاثة الذين تحدثت معهم DW يتفقون على أن المأزق أو الجمود السياسي سينتهي على  الأرجح بحل وسط من نوع ما. وحول الدعوات لإعادة الانتخابات بسبب الجمود السياسي قال جياد إن هذا يثير المزيد من حالة عدم اليقين أما التوصل إلى حل وسط فربما "ستستمر كل الأطراف بادعاء فوزها وتمسكها بمبادئها و، وإعلان نصرها في جوانب معينة".

أين العراق من الديمقراطية؟ 

النقاش حول إن كان العراق ديمقراطيا أم لا مستمر. كثير من الباحثين السياسيين حول العالم وكذلك المواقع التي تدرس النظم الديمقراطية ومن بينها بولتي تصنف العراق على أنه ديمقراطي. بينما ترى منظمات أخرى مثل "فريدم هاوس" أن العراق "ليس حرا". فيما يذهب مؤشر مجلة ايكونوست للديمقراطية إلى أن العراق "سلطوي". فنار حداد من جامعة كوبنهاغن يقول "لن أتردد في قول إن العراق لا يمتلك ديمقراطية كاملة"، موضحا أن هناك العديد من العوامل التي تحول دون ازدهار الديمقراطية، بما في ذلك "ضعف سيادة القانون والإفلات من العقاب الذي تمارسه الطبقات السياسية والعناصر المسلحة".

أما الأمر الديمقراطي الوحيد القائم في العراق فهو إجراء انتخابات ديمقراطية، واختتم حداد بالقول إن الجمود السياسي الحالي، يظهر أن "التصويت يلعب دورا محدودا للغاية في إملاء سياسة الحكومة أو تشكيل الحكومة، وأعتقد أن ذلك يقلل من أهلية العراق لأن يُطلق عليه لقب ديمقراطي".

 

كاثرين شير/ ع.خ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW