في خضم حركة الاحتجاجات الشعبية في العراق، يخوض المعتصمون في بغداد "معركة الجسور" بهدف السيطرة على جسور فوق نهر دجلة تمكن المحتجين من الوصول إلى المنطقة الخضراء، حيث مقار المؤسسات الحكومية كالبرلمان ومجلس الوزراء.
إعلان
تمكنت القوات الأمن العراقية من صد المتظاهرين واستعادة السيطرة على ثلاثة جسور في بغداد، فيما وقعت مواجهات صباحا في أحد الشوارع التجارية المؤدية إلى ساحة التحرير بوسط العاصمة، بحسب ما أفاد مراسلون من وكالة فرانس برس.
وكشف مصدر أمني عراقي اليوم السبت (التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019) عن إصابة 30 شخصا بالاختناق جراء إطلاق القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين وسط العاصمة بغداد. ونقل موقع "السومرية نيوز" اليوم عن المصدر قوله: "الموقف الأمني في جسري الأحرار والسنك، وسط بغداد، هو حصول عمليات كر وفر بين مكافحة الشغب والمتظاهرين". وأضاف: "القوات الأمنية موجودة على جسر السنك لغاية مرآب السيارات"، مشيرا إلى أن "القوات الأمنية تنتشر قرب جسر الأحرار ولا توجد أي مصادمات". وأوضح أن "الموقف الأمني عند جسر الجمهورية هو تمركز المتظاهرين عند الخط الأول وأسفل الجسر"، مشيرا إلى أن "ساحة التحرير تشهد توافد المواطنين إليها".
وفي مكان قريب من ساحة التظاهر في شارع الرشيد التجاري، عززت القوات الأمنية إجراءاتها في محيط البنك المركزي العراقي ومصرفي الرافدين والرشيد تحسبا لأي هجوم محتمل قد يقوم به من تصفهم الداخلية بـ "المخربين" فيما جرى تقييد الحركة فوق جسري الشهداء والأحرار. ورغم انتشار المتظاهرين في ساحة التحرير، فتحت الأسواق والمحال التجارية المحيطة بالساحة أبوابها، وتزاول عملها بشكل طبيعي بعد أن دخلت المظاهرات الاحتجاجية أسبوعها الثالث.
وشرع العشرات من المتظاهرين في مدينة كربلاء بإعادة نصب السرادق والخيم أمام مبنى مجلس المحافظة وساحة التظاهر بعد أن قام مجهولون بإضرام النيران فيها، فيما انطلقت مجاميع من المتظاهرين في محافظة بابل بتنظيم مظاهرة صباحية طافت شوارع المدينة بمشاركة مجاميع من الزعامات العشائرية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والأهالي للمطالبة باستقالة الحكومة وحل البرلمان وإجراء تعديلات على الدستور العراقي والانتخابات.
وتنخفض أعداد المتظاهرين خلال ساعات النهار بسبب التحاق أعداد كبيرة منهم بوظائفهم وممارسة أعمالهم، لكن الأمر يتغير عصرا حيث يتدفق المتظاهرون إلى الساحات لتكتظ بهم حتى ساعات متأخرة من الليل. ويعقد البرلمان العراقي اليوم جلسة اعتيادية لمناقشة سلسلة قوانين تتعلق بمطالب المتظاهرين في بغداد وعدد من المحافظات العراقية.
وذكرت مصادر من الدائرة الإعلامية بالبرلمان العراقي أن جدول أعمال المجلس لهذا اليوم يتضمن قراءة مشاريع قوانين إلغاء مجالس المحافظات وقانون الانتخابات وقانون امتيازات كبار المسؤولين.
على صعيد آخر، أعلن مسؤول في ميناء أم قصر المخصص للسلع الأولية بالقرب من البصرة اليوم السبت استئناف العمليات في الميناء. وقال المسؤول إن جميع أرصفة الميناء تعمل اليوم، مضيفا أن السفن بدأت في تفريغ شحناتها. ويستقبل ميناء أم القصر شحنات الحبوب والزيوت النباتية والسكر لبلد يعتمد بدرجة كبيرة على واردات الغذاء. وتوقفت العمليات بالميناء لنحو عشرة أيام بعدما أغلق محتجون مدخله.
ح.ع.ح/ع.ج (د.ب.أ، أ.ف.ب، رويترز)
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س