العراق ـ اتفاق مع واشنطن لصياغة جدول زمني لخفض قوات التحالف
٢٥ يناير ٢٠٢٤
أعلن العراق أن واشنطن وبغداد ستبدآن محادثات من المتوقع أن تؤدي إلى جدول زمني لتقليص وجود قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية في بيان بدء عقد اجتماعات مرتقبة.
إعلان
في اليوم التالي لحديث مصادر مطلعة عن قرب بدء محادثات عراقية أمريكية حول إنهاء مهمة التحالف الدولي وانسحاب القوات الأمريكية في العراق، أعلنت وزارة الخارجية العراقية اليوم الخميس (25 يناير/ كانون الثاني 2024) أنّ بغداد وواشنطن ستطلقان محادثات من شأنها أن تؤدي إلى صياغة "جدول زمني محدد" يؤطّر مدّة وجود التحالف الدولي في العراق، ومباشرة الخفض التدريجي لمستشاريه.
ومن المقرر أن يجري مسؤولون عسكريون المحادثات لتقييم الاحتياجات العملياتية وفعالية قوات الأمن العراقية والتهديدات التي تواجهها، والتي سيحدد الجانبان بناء عليها مدى سرعة إنهاء التحالف تدريجيا وكيف ستبدو العلاقات الثنائية المستقبلية. وكانت وكالة رويترز قد ذكرت أمس الأربعاء أن الطرفين يستعدان لبدء المحادثات.
وتنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق لتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مجددا بعدما سيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا في 2014 قبل هزيمته لاحقا.
ويتواجد أيضا مئات العسكريين من دول أخرى أغلبها أوروبية في العراق في إطار التحالف.
وقالت وزارة الخارجية العراقية اليوم الخميس إنّ الحكومة العراقية "بالاتفاق مع حكومة الولايات المتحدة" تعلن "عن نجاح جولات التفاوض المستمرة بين الجانبين... وانتهائها إلى ضرورة إطلاق اللجنة العسكرية العليا على مستوى مجاميع العمل لتقييم تهديد داعش وخطره... وذلك لصياغة جدول زمني محدّد وواضح يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق...".
ومن جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في بيان بدء "اجتماعات" فرق العمل هذه "في الأيام المقبلة". ويقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون إن من المتوقع أن تستغرق المحادثات عدة أشهر، إن لم يكن أكثر، غير أن نتيجتها ليست واضحة كما أن انسحاب القوات الأمريكية ليس وشيكا.
وتخشى واشنطن من أن انسحابا سريعا قد يترك فراغا أمنيا يمكن أن تشغله إيران أو تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق صحراوية ويواصل شن هجمات محدودة على الرغم من عدم سيطرته على أي منطقة.
وتقول الحكومة العراقية إن تنظيم "الدولة الإسلامية" هُزم وإن مهمة التحالف انتهت لكنها حريصة على استكشاف إقامة علاقات ثنائية مع أعضاء التحالف بما في ذلك تعاون عسكري في مجالي التدريب والمعدات.
ويقول العراق أيضا إن وجود التحالف أصبح مصدرا لعدم الاستقرار وسط هجمات شبه يومية من جماعات مدعومة من إيران على قواعد تؤوي القوات والضربات الانتقامية الأمريكية التي تصاعدت منذ بدء الحرب الإسرائيلية في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول.
وغزت الولايات المتحدة العراق وأطاحت بصدام حسين عام 2003، مما تسبب في حرب تمرد استمرت سنوات وقتال بين فصائل عرقية ودينية. وسحبت الولايات المتحدة قواتها في عام 2011 لكنها أعادت آلاف منهم بعد اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" للبلاد بعد ذلك بثلاث سنوات.
ص.ش/ع.ش (أ ف ب، رويترز)
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
يطوي العراق صفحة القوات الغربية الأجنبية المقاتلة في بلده بتحولها إلى التدريب والاستشارة. لكن ما تحقق منذ أحتلال الولايات المتحدة للبلد عام 2003 لم يحقق الكثير ممّا وعد به جورج بوش، خصوصا على الجانبين الأمني والاقتصادي.
صورة من: Maj. Charlie Dietz/Planetpix/ZumaPress/picture-alliance
نهاية رسمية للمهام القتالية
تنتهي "المهام القتالية" لقوات التحالف الدولي في العراق في آخر يوم من عام 2021، حسب ما أعلنت حكومة هذا الأخير. لكن ذلك لا يعني رحيلها، بل ستصبح مهامها محصورة على التدريب والاستشارة، وهي المهمة التي بدأت فيها رسمياً منذ صيف 2020، كما أنها ستقوم بـ "الدفاع عن نفسها في حال أي هجوم ضدها"، حسب بيان للتحالف.
صورة من: Jewel Samad/AFP/Getty Images
هل تحقق هدف القضاء على "داعش"؟
ركزت قوات التحالف الدولي على مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، خصوصاً بعد سقوط الموصل في أيادي مقاتليه عام 2014. وأعلن العراق ومعه قوات التحالف النصر على التنظيم الإرهابي عام 2017، لكن الأوضاع الأمنية في البلد لم تتحسن كثيراً، فبعد فترة من الهدوء، عاد التنظيم مؤخراً لشن عمليات انتحارية. ومع ذلك، فقوات التحالف لا ترغب في مزيد من القتال، ويصل عددها إلى 3500 مقاتل، بينهم 2500 أمريكي.
صورة من: Abdullah Rashid/REUTERS
إخلاء للساحة أمام إيران؟
غير أن التهديد الأكبر لقوات التحالف لا يأتي من "داعش" وحده، بل من فصائل مقاتلة موالية لإيران إلى جانب فصائل سياسية، خصوصاً فصائل الحشد الشعبي التي تضغط لرحيل كامل لكل القوات الأجنبية. ويثير متابعون مخاوف من سقوط العراق في دائرة النفوذ الإيراني، إذ تحولت طهران إلى اللاعب الإقليمي الأول في البلد، ولم ينجح كثيراً الحراك الشعبي الذي انطلق عام 2019 في إنهاء هذا التدخل.
صورة من: Khalid Mohammed/picture alliance
أوباما أول من بدأ الانسحاب
الانسحاب الأمريكي من العراق ليس جديداً، فقد بدأ في عهد باراك أوباما، وفق خطة هدفت إلى سحب جلّ القوات بحدود نهاية 2011 مع الإبقاء على قوة لا تزيد عن 50 ألف جندي. غير أن ظهور "داعش" دفع أوباما إلى إعادة إرسال قوات جديدة عام 2014 تحت مظلة التحالف الدولي. أراد أوباما التخلص من التركة الثقيلة لسلفه جورج بوش في الشرق الأوسط، لكن قراره أثار كذلك انتقادات بتركه البلد مفتوحا أمام النفوذ الإيراني.
صورة من: Alex Edelman/AFP/Getty Images
ترامب والانسحاب الجزئي
على العكس من سياسة الجمهوريين، ذهب دونالد ترامب نحو تخفيض قوات بلاده في الشرق الأوسط ومن ذلك العراق في إطار سياسته "أمريكا أولاً". لم يكن متحمساً لسحب شامل للقوات من العراق بسبب عدائه الكبير لإيران واستمرار تهديدات "داعش"، كما أشرف على عملية نوعية باغتيال الإيراني قاسم سليماني، لكن في نهاية ولايته أمر بسحب جزئي للقوات، كما اعتبر أن "غزو العراق" كان خطأ كبيراً.
صورة من: Nicholas Kamm/AFP
بايدن يغلق القوس
لم يتراجع الرئيس جو بايدن عن سياسة سلفه دونالد ترامب في العراق رغم تباين وجهات نظرهما في ملفات كثيرة، ولم يلغ سحب القوات. تظهر السياسة الأمريكية متسقة في السنوات الأخيرة بتقليل القوات العسكرية في مناطق النزاع، وهو ما حدث كذلك في أفغانستان. لكن بايدن لا يريد إخلاء تاماً للساحة العراقية خصوصاً بعد الفوضى التي وقعت في كابول، وعبر مهام التدريب والاستشارة، يريد الحفاظ على حضور أمريكي في البلد.
صورة من: Carolyn Kaster/AP Photo/picture alliance
بوش- مهندس احتلال العراق
كانت واشنطن تنظر إلى العراق كأحد محاور الشر في عهد جورج بوش، وبعد سنوات من الحصار الاقتصادي، قرّر بوش اجتياح البلد عسكرياً وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 تحت ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يتأكد بشكل مستقل. أرسل بوش أكثر من مئة ألف جندي أمريكي، وكان يخطط لـ "عراق ديمقراطي" حسب قوله، لكن القرار حظيت بانتقادات محلية ودولية، خصوصا من الأمم المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa
مستنقع الموت
لم تنجح سياسة بوش في خلق الاستقرار بالبلد التي تحوّل إلى بؤرة لا استقرار وساحة من القتل. تجاوزت حصيلة القتلى العراقيين حتى عام 2010 أكثر من 100 ألف، ووصلت بين الجنود الأمريكيين إجمالاً إلى حدود 5 آلاف فضلاً عن آلاف المصابين. زيادة على مهاجمة الأهداف الامريكية، عاش العراق عنفاً طائفياً خطيراً بين فصائل شيعية وأخرى سنية، كما تدهور الاقتصاد أكثر، ما انعكس على أعداد الفارين من البلد.