العراق ـ تواصل المظاهرات والمواجهات.. وحالات "اختفاء" غامضة
٢١ نوفمبر ٢٠١٩
تواصلت المظاهرات والاعتصامات والاضراب في العراق لليوم الـ 26 على التوالي، ومصادر أمنية وطبية تكشف عن حصيلة جديدة لضحايا سقطوا وإصابات "مروعة"، فيما تحدث ناشطون عن "حرب نفسية" داخل الساحات وحالات اختفاء.
إعلان
قتل شخصان وأصيب العشرات بجروح وحالات اختناق ليل الأربعاء الخميس (20/21 نوفمبر/تشرين الثاني) مع استخدام القوات الأمنية العراقية الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في مواجهة متظاهرين في بغداد، بحسب مصادر أمنية وطبية لوكالة الأنباء الفرنسية. وأفادت المصادر الطبية صباح اليوم الخميس عن "مقتل متظاهرين اثنين، أحدهما بالرصاص والآخر بقنبلة غاز مسيل للدموع، خلال مواجهات وقعت بعد منتصف الليل وحتى فجر اليوم على جسري السنك والأحرار".
فيما أوردت وكالة رويترز نقلا مصادر أمنية وطبية أيضا إن شخصين قتلا وأصيب 38 آخرون وأن سبب الوفاة في الحالتين كان إصابة مباشرة في الرأس بقنابل الغاز المسيل للدموع. بينما تحدثت وكالة الأنباء الألمانية عن إصابة نحو 40 آخرين.
ووجهت منظمات حقوقية انتقادات للقوات الأمنية العراقية لإطلاقها قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر ما أدى إلى وفيات وإصابات "مروعة"، إذ تخترق تلك القنابل الجماجم والصدور.
وأدت الاحتجاجات الى قطع ثلاثة جسور رئيسية بين شطري بغداد، هي الجمهورية والأحرار والسنك. ويسعى المتظاهرون بشكل متكرر لفك الطوق المفروض من القوات الأمنية على هذه الجسور، والعبور من الرصافة إلى الكرخ حيث تقع المنطقة الخضراء التي تضم غالبية المقار الحكومية والعديد من السفارات الأجنبية، وهو ما تقوم قوات الأمن بصده.
وخارج العاصمة، أدت الاحتجاجات خلال الأسابيع الماضية الى إقفال العديد من الدوائر الحكومية وقطع الطرق المؤدية الى مرافق حيوية لاسيما موانئ مثل خور الزبير وأم قصر في محافظة البصرة الغنية بالنفط.
والخميس، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس في محافظات الجنوب العراقي، أن الاحتجاجات تسببت بإقفال دوائر حكومية ومدارس في مدن عدة أبرزها الحلة والناصرية والديوانية والكوت.
وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن حركة المظاهرات والاعتصامات والاضراب عن الدوام في المدارس والجامعات وعدد من المؤسسات الحكومية مازالت متواصلة ولم تنقطع بمشاركة مختلف القطاعات في مناطق متفرقة من ساحات التظاهر. وأوضح الشهود أن عمليات نصب الخيام والسرادقات متواصلة في ساحة التحرير والخلاني ببغداد ومحافظات البصرة وميسان والناصرية وواسط والمثنى
والديوانية والنجف وكربلاء وبابل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المتظاهرين التي تفد إلى ساحات التظاهر رغم قساوة الظروف الجوية ودخول موسم الشتاء البارد.
وتهز احتجاجات انطلقت منذ الأول من تشرين الاول/أكتوبر، بغداد وبعض مدن جنوب العراق، مطالبة بـ"اسقاط النظام" والقيام بإصلاحات واسعة، متهمة الطبقة السياسية بـ"الفساد" و"الفشل" في إدارة البلاد. وقتل أكثر من 330 شخصاً، غالبيتهم متظاهرون، منذ بدء موجة الاحتجاجات.
حرب نفسية وحالات اختفاء
إلى ذلك ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن عمليات اختفاء الناشطين بالمظاهرات في بغداد والمحافظات ما زالت متواصلة. وكانت تحقيقا صحفيا لوكالة الأنباء الفرنسية قد نقل عن ناشطين وأطباء يشاركون في التظاهرات قولهم أنهم يشعرون بـ"حرب نفسية" ضدهم، مؤكدين بأن الخناق يضيق عليهم مع ملاحقتهم وتلقيهم تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في قلب التظاهرات. وذكروا أن "متطوعين زائفون" يدعونهم لالتقاط الصور ويجمعون المعلومات ومن ثم يختفون.
وأكد مسوؤل أمني لفرانس برس إنه "جرت سلسلة من عمليات القبض على الناشطين من قبل الشرطة السرية في التحرير" بهدف "تخويفهم وتشجيع الآخرين على العودة إلى ديارهم". فيما تحدث ناشطون آخرون عن قيام البعض بافتعال مشادات مع القوات الأمنية "كأن يقوم أحدهم بضرب عسكري ومحاولة إثارة العنف، لكن المتظاهرين يتنبهون إلى أنه مندس، ويمنعونه".
وقالت إحدى الناشطات إن بعض الرجال يحاولون عمداً ترويع الاخرين لحملهم على مغادرة الساحة. وتشير إلى أنه "يقوم شخص مجهول عند منتصف الليل، وعندما يكون كل شيء هادئاً، بالصراخ في التحرير بأن هناك هجوماً وعليهم إخلاء الساحة على الفور، ما يدفعهم إلى حالة من الذعر". أولئك الذين يحتلون الساحة، يسألون أي شخص يصور عن اعتماده الإعلامي، خشية أن يكونوا "عملاء سريين للحكومة".
ع.ج.م/ م.س (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س