العراق: مقبرة النجف من أكبر مقابر العالم ومثوى الملايين
٢٤ فبراير ٢٠٢٣
يرقد الملايين في مقبرة وادي السلام في النجف في وسط العراق، التي تعدّ من إحدى أكبر مقابر العالم وأقدمها في العالم الإسلامي وما زال يُدفن الأموات فيها منذ 1400 عام.
إعلان
بصوت حزين، ردّد جميل وهو يذرف الدموع "يا أبي! يا أبي"، راكعاً عند المثوى الأخير لوالده في مقبرة وادي السلام في النجف.
يأتي جميل عبد الحسن كل شهر من بغداد للصلاة على روح والده عبد الحسن قاسم الذي توفي في العام 2014. ويقول "طبعاً أنا حزين"، لكن "سعيد كذلك، أَعلم أن والدي سيكون في يوم القيامة إلى جانب الإمام علي".
عراقيون وباكستانيون وإيرانيون وغيرهم
يعدّ الإمام علي بن أبي طالب أبرز الأئمة "المعصومين" لدى الشيعة الاثني عشرية. توفي في العام 661 ودفن في مرقد بالنجف، لتنشئ من بعدها مقبرة وادي السلام قرب مرقده. ويقول المؤرخ حسن عيسى الحكيم لوكالة فرانس برس بهذا الخصوص "نشأت المقبرة بعد دفن الإمام علي في هذه الأرض"، مشيراً إلى أن "الناس كانوا (قبل ذلك) يدفنون موتاهم في مقبرة تسمى الثوية". ويتابع "بعد دفن الإمام علي هنا، امتنع الناس عن الثوية وبدأوا بالدفن بالقرب من الإمام".
ويشير المؤرخ الى الأهمية التي يعلّقها المسلمون الشيعة الذين يشكّلون غالبية في العراق، ليدفَنوا "قرب الإمام علي يعدّ هذا أمراً في غاية الأهمية". ويشير إلى أن "هناك روايات بأن الإمام يكون شفيعاً لهم بيوم القيامة".
منذ 1400 عام
ويرجّح مؤرخون بأن أكثر من ستة ملايين شخص يرقدون في المقبرة، غالبيتهم الساحقة من العراقيين، إلى جانب أجانب من الإيرانيين والباكستانيين من الطائفة الشيعية وغيرهم. لكن الحكيم يرى بأن هذه الأعداد غير دقيقة. ويقول إن هناك "أكثر بكثير، أعداد هائلة وكبيرة"، مذكراً بأنه "خلال الحروب والأزمات كان هناك عدد أكبر من الوفيات". ويضيف "أكثر من 200 جنازة تدفن في النجف في اليوم الواحد". ولفت الانتباه إلى أن "هناك قبورا ظاهرة وقبورا غير ظاهرة، داخل سراديب".
ووفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، فإن مقبرة وادي السلام "واحدة من أكبر مقابر العالم الإسلامي" وتقدّر مساحتها بتسعة كيلومترات مربعة وتضم مدافن "تستقبل الموتى منذ أكثر من 1400 عام، وحتى اليوم". رغم ذلك، لا توجد خرائط توضح كيفية التنقل في المقبرة. ويؤدي توافد الزوار بسيارتهم لزيارة المقبرة، إلى ازدحامات كبيرة واختناقات مرورية، إلى جانب الضجة الكبيرة التي تعكّر الهدوء.
راوية مآسي العراق المعاصر
جاء أحمد علي حامد (54 عاما) من مدينة الديوانية في جنوب العراق، لدفن عمته فاطمة التي فارقت الحياة عن عمر يناهز 80 عاماً. ويقول الرجل، وهو محاط بنحو عشرين مشيعاً، جمعيهم من الرجال، "النساء لا يدخلن المقبرة، يدخلن فقط لغسل امرأة متوفاة ويعدن أدراجهن. ثم يأتين في يوم آخر (بعد الدفن)، غداً أو في الأربعين".
على مقربة من المكان، وُضعت لافتة تحمل صورة شاب يبتسم بزي الجيش العراقي وكتب فوقها عبارة تقول "هنا يرقد الشهيد أحمد ناصر المعموري، تاريخ الوفاة 7 نيسان 2016"، العام الذي خاض فيه الجيش العراقي بدعم من تحالف دولي، معارك ضارية لاستعادة أراضٍ عراقية كانت تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية".
على مرّ السنوات، باتت مقبرة وادي السلام وكأنها تروي كل المآسي التي مرّ بها العراق، بدءا بالحرب في زمن صدام حسين مع إيران (1980-1988)، وصولا الى الهجوم الأميركي والحروب الطائفية وفظائع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وضحايا وباء كوفيد.
على قطعة رخام مثبتة على أحد القبور نقشت عبارة تقول إن حسن كريم المدفون في المكان توفي عام 1987 في ذروة الحرب العراقية الإيرانية.
خلال فترة الجائحة، زاد ضغط العمل على عامل دفن الموتى ثامر موسى حرينة البالغ من العمر 43 عاماً قضى منها 20 عاماً كحفار قبور. ويقول موسى، وهو يقف بين آلاف القبور، "خلال فترة فيروس كورونا، أقمنا في مقبرة وادي السلام، ما بين خمسة إلى ستة آلاف جنازة خلال عام".
ويوضح نجاح مرزة حمزة الذي يدير أحد مكاتب الدفن في وادي السلام، أن كلفة "الدفن تقدر ب 400 ألف دينار"، مفصلا أن "حفر القبر يكلّف 150 الف دينار (حوالى 100 دولار). أما بناء القبر فيكلّف ما بين 250 إلى 300 ألف دينار"، (مبلغ يتراوح بين 170 الى 200 دولار).
خ.س (أ ف ب)
تعرف على أغرب المقابر في أوروبا!
تعتبر بعض المقابر من المعالم السياحية في العديد من المدن حول العالم كمقبرة بيرلاشيز في باريس وغيرها. إذ تروي قبور المشاهير أو الأضرحة الأثرية القديمة حكايات مؤثرة عن الحياة والموت. نستعرض بعضها في هذه الجولة المصورة.
صورة من: picture-alliance/BREUEL-BILD
للفن: نيكروبوليس - كاسل
في مقبرة وسط غابة هيسان الشمالية بولاية هيسن في ألمانيا، توجد هذه المقبة والتي شرع بها فنانو مشروع معارض "دوكيومنتا"، الذين صمموا قبورهم بأنفسهم ثم دفنوا هنا بعد موتهم، أنشأت حتى الآن تسعة قبور هناك كقطع فنية، مثل قبر "دينك أورت" لأوغو دوسي، الذي صنع من ألواح فولاذية ضخمة. بإمكان الزائرين نقل عناصر الصورة إلى قطعة ورق أو قماش وأخذها معهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Zucchi
للرومانسية: بيرلاشيز- باريس
في مدينة الحب باريس حتى المقابر قد تكون رومانسية، كمقبرة بيرلاشيز في الشمال الشرقي للعاصمة الفرنسية، حيث يرقد العديد من كبار الفنانين والعلماء وغيرهم من المشاهير مثل: أوسكار وايلد، يوجين ديلاكروا، سارة برناردت، ماريا كالاس، إديث بياف، فريدريك شوبان، جيم موريسون، والقائمة تطول.
صورة من: Paris Tourist Office/Marc Verhille
للحجاج: كامبو سانتو تيوتونيكو- الفاتيكان
هذه المقبرة المخصصة للأشخاص، الذين يتحدثون اللغة الألمانية، والفلمنكية وهي بمثابة واحة، حيث تحتوي على أشجار النخيل، والقبار، وشجيرات الدفلى بجوار كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان. كل شبر من الأرض، بالإضافة إلى الجدران مغطاة بشواهد القبور، التي تحتوي بعضها على تصاميم مميزة كتماثيل الملائكة، أو الصلبان.
صورة من: picture-alliance/R. Braum
لفن البناء: المقبرة التذكارية - ميلانو
المقبرة التذكارية في ميلانو بإيطاليا يرقى اسمها للمعابد اليونانية، والأهرامات المصرية. يدفن فيها الأغنياء، حيث تعتبر من أجمل المقابر في إيطاليا. افتتحت هذه المقبرة، التي تبلغ مساحتها 200 ألف متر مربع منذ 15 سنة في عام 1866.
صورة من: picture-alliance/dpa/Themendienst
للفكاهة: كرامساش - النمسا
ربما يبحث بعض الأشخاص، الذين يزورون متحف المقبرة هذا في تيرول عن بعض النقوش الغامضة. على سبيل المثال: "هنا يرقد ياكوب هوسنكونف، الذي سقط من سطح منزله إلى الأبدية"، أو "هنا ترقد جوانا فوغيلسانغ صامتة، التي غنت طوال حياتها" ولكن بالمناسبة، لم يدفن أحد هنا في الواقع.
صورة من: picture-alliance/U. Gerig
لمحبي الحياة: ميلاتين - كولونيا
تضم هذه المقبرة، التي استخدمت كمكان لتنفيذ أحكام الإعدام في العصور الوسطى، على حوالي 55 ألف قبر في الوقت الحالي. هنا دفنت عائلة فارينا، التي اخترعت عطر الكولونيا ( أو دي- كولونيا). ويمكنك العثور على منحوتات ظريفة، كهذا المهرج، الذي وضع على قبر شخص كان لديه شغف بتقاليد الكرنفال المحلية.
صورة من: DW/ Maksim Nelioubin
للمؤرخين: المقبرة اليهودية - هامبورغ
يعتبر العلماء هذه المقبرة فريدة من نوعها بسبب وجود عدد كبير من أحجار القبور القديمة المحفوظة بشكل جيد. إذ مازال يوجد 6 آلاف حجر من أصل 9 آلاف. كما أنها أقدم مقبرة في شمال أوروبا، حيث دفن اليهود من السفارديم، والأشكناز. ومن المقرر أن تناقش اليونسكو إدراج هذه المقبرة ضمن مواقع التراث العالمي.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
للنزهة: مقبرة أولسدورف في هامبورغ
تعتبر مقبرة أولسدورف في هامبورغ، أكبر مقبرة ريفية في العالم. إذ تغطي مساحة 391 هكتاراً، وتضم العديد من الجداول، والمنحوتات، والمباني التاريخية. منذ افتتاحها في عام 1877، أقيم فيها حوالي 1.4 مليون جنازة، فيما يبلغ عدد القبور حوالي 235 قبراً. كما كانت الملاذ الأخير للمستشار الألماني السابق هيلموت شميت.
صورة من: picture-alliance/BREUEL-BILD
للموسيقى: المقبرة المركزية - فيينا
دفن في المقبرة المركزية في فيينا بالنمسا، التي افتتحت في عام 1874 ، مجموعة من الموسيقيين البارزين مثل بيتهوفن، برامز، شتراوس وشوبيرت، أرنولد شوينبيرغ، فالكو، وأودو يورغينز. بعكس ما يتناقل البعض فإن موتسارت لم يدفن هنا.
صورة من: Elizabeth Subercaseaux
لمحبي موتسارت: مقبرة القديس ماركس - فيينا
في هذا القبر يعتقد أن رفات موتسارت تم دفنها به. بعد 17 عاماً من وفاته في 5 كانون الأول/ ديسمبر 1791، حاولت زوجته كونستانسه تحديد مكان قبره اعتماداً على ذاكرة عمال المقبرة الضعيفة. بيد أنه من المستحيل التيقن من مكان قبر موتسارت بصورة قاطعة. (إلي سايمون/ ريم ضوا).
صورة من: picture-alliance/CHROMORANGE/E. Weingartner