العراق - مساعي للتهدئة في كركوك بعد اضطرابات دامية
٣ سبتمبر ٢٠٢٣
طالب رئيس الوزراء العراقي بـ"تشكيل لجنة تحقيق" في أحداث كركوك التي قُتِل فيها ثلاثة أكراد على الأقلّ وأصيب 16 شخصاً آخرون في صدامات اندلعت خلال تظاهرات في المدينة بشمال العراق. وفرضت السلطات حظرا للتجوّل.
إعلان
في خطوة تؤشر إلى السعي إلى تهدئة الأوضاع في كركوك قرر رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني القائد العام للقوات المسلحة تأجيل إخلاء مقر العمليات المشتركة في كركوك وتسليمه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني بعد موجة اضطرابات أمنية اجتاحت شوارع محافظة كركوك 250/ كم شمالي بغداد.
وقال راكان سعيد الجبوري محافظ كركوك، في تصريح صحفي، اليوم الأحد (الثالث من سبتمبر/ أيلول 2023)إنه بعد اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة تقرر التريث في اخلاء مقر العمليات في كركوك والتحدث مع المتظاهرين الذين قرروا سحب الخيم وإنهاء اعتصامهم وفتح الطريق .
ومن جهتها قالت الشرطة ومصادر أمنية إن ثلاثة محتجين قتلوا بالرصاص وأصيب 14 أمس السبت في اشتباكات بين مجموعات عرقية في مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال العراق اندلعت بعد توتر استمر لأيام. ويتركز الصراع على شغل مبنى في كركوك كان يستخدم كمقر للحزب الديمقراطي الكردستاني من قبل، لكن الجيش العراقي استخدمه كقاعدة منذ 2017.
وتعتزم الحكومة المركزية إعادة المبنى إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني في بادرة حسن نية، لكن العرب والتركمان الرافضين للخطوة نصبوا مخيما أمام المبنى للاحتجاج في الأسبوع الماضي. وذكرت الشرطة أن العنف اندلع عندما اقتربت مجموعة من المحتجين الأكراد من المخيم أمس السبت.
وقالت الشرطة ومصادر في مستشفى في وقت سابق إن محتجا من الأكراد قتل. وأضافوا في وقت لاحق أن العدد ارتفع بعد مقتل اثنين آخرين من المحتجين الأكراد في المستشفى متأثرين بالإصابة بأعيرة نارية.
ماذا تبقى لكردستان العراق بعد قطع "شريان كركوك" النفطي؟
02:16
وقال مسؤولون أمنيون والشرطة في المدينة إنهم يحققون لمعرفة ملابسات سقوط القتلى ومن أطلق النار. وذكرت شرطة كركوك أنه وقعت إصابات بين أفراد المجموعتين المحتجتين بعد رشق بالحجارة واستخدام قضبان معدنية للهجوم.
وأمر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بفرض حظر تجول في المدينة لمنع تصاعد العنف. ودعا في بيان أصدره مكتبه "جميع الجهات السياسية والفعاليات الاجتماعية والشعبية إلى أخذ دورها في درء الفتنة والحفاظ على الأمن والاستقرار والنظام في محافظة كركوك"، كما دعا لتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الأحداث.
وتقع كركوك، وهي محافظة غنية بالنفط في شمال العراق بين إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة المركزية. وكانت بؤرة لبعض أسوأ أعمال العنف في البلاد في فترة ما بعد سقوط "تنظيم الدولة الإسلامية".
وسيطرت قوات كردية على مدينة كركوك بعد طرد "تنظيم الدولة الإسلامية" منها في عام 2014، لكن الجيش العراقي أبعدها في عام 2017. وعندما تولى السوداني السلطة العام الماضي، عمل على تحسين العلاقات بين حكومته والحزب الديمقراطي الكردستاني. لكن السكان العرب والأقليات مثل التركمان، الذين قالوا إنهم عانوا في ظل الحكم الكردي، احتجوا على عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ح.ز/م.س (رويترز، أ.ف.ب)
حقائق عن كركوك مدينة الذهب الأسود
تتمتع كركوك بأهمية نفطية واستراتيجية وثقافية وحضارية خاصة في العراق، وتمثل خليطا فريداً من الأكراد والتركمان والعرب وقوميات متعددة أخرى. إلا أنّها كانت ولازالت تمثل بؤرة توتر بين الحكومة المركزية في بغداد وأربيل.ملف صور.
صورة من: DW/M. Al-Saidy
نسيج سكاني متنوع
كركوك هي خامس أكبر مدينة في العراق من حيث عدد السكان الذي يتجاوز المليون. ويعتبر الأكراد كركوك مدينة كردية لا سيما أن أكثر من نصف سكانها تقريباً من الأكراد - في حين أنّ الحكومة العراقية تعتبرها مدينة عراقية/عربية.
صورة من: REUTERS/A. Rasheed
موقع استراتيجي
تقع المدينة شمال العاصمة العراقية بغداد وتبعد عنها مسافة 250 كم. كانت مساحة كركوك تبلغ 20 ألف كم مربع في ثلاثينيات القرن الماضي، في حين أن حجمها يبلغ حوالي 9679 كم مربع اليوم وهو ما يقرب من نصف مساحتها السابقة. موقعها الاستراتيجي وأهميتها النفطية أقحماها في قلب صراع مستمر بين بغداد وكردستان العراق.
صورة من: GNU/DW
إسأل عن النفط دائماً !
تتميز كركوك بأهميتها النفطية، حيث أن مخزونها يمثل 40 بالمئة من إجمالي الإنتاج النفطي في العراق و 70 بالمئة من الغاز الطبيعي. تُقدر كمية النفط الموجودة في حقول كركوك بأكثر من 10 مليار برميل ويستخرج حاليا أكثر من 750 ألف برميل من النفط يومياً من حقولها. أهم حقولها النفطية هي حقول بابا كركر وجنبور وباي حسن وآفانا.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Sahib
أديان ولغات واثنيات
تتميز محافظة التأميم ومركزها مدينة كركوك بتنوعها السكاني الفريد حيث عاشت فيها مجموعات عرقية ولغوية ودينية وثقافية مختلفة مثل الأكراد والتركمان والعرب والكلدانيون الآشوريون والآراميون واليهود معا لعدة قرون.
صورة من: AP
أهمية المدينة الثقافية والحضارية
جامع النبي دانيال الظاهر في الصورة أحد المواقع الاثرية الكثيرة التي تميز كركوك. ومن أهم آثارها المعمارية ايضا قلعة كركوك التاريخية التي أنشأها الملك الآشوري أشور ناصربال الثاني نحو 800 سنة قبل الميلاد، والمبنى المعروف باسم قشلة كركوك وقد كان مقر عسكري لقوات الدولة العثمانية حيث بني في عام 1863. وفيها أسواق قديمة مثل قيصرية كركوك التي بنيت عام 1855 بالإضافة لمواقع أثرية أخرى.
صورة من: DW/M. Al-Saidy
أهمية المدينة للأكراد والعرب
الأكراد لديهم علاقة عاطفية مع المدينة. فبعد أن أصبحت كركوك أول مركز للصناعة النفطية في العراق، بدأت سياسة تعريبها من قبل الحكومة العراقية آنذاك خلال عهد صدام حسين، حيث كانت كركوك واحدة من المدن الكردية العديدة التي خضعت لسياسة "التعريب"، وهي سياسة جلب العرب من مناطق أخرى في العراق لتحل محل السكان الأكراد، الذين أعيد توطينهم في قرى في المناطق الصحراوية جنوب العراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/A. Mukarr
نفط كركوك وتنوعها سبب للحرائق؟
كثيرا ما تسمى كركوك في وسائل الإعلام و من قبل الصحفيين بأنها "بؤرة توتر" كإشارة لصدام رباعي محتمل دائم بين الأكراد والتركمان والعرب والسنة والشيعة، المسيحيون يمثلون أقلية منسية ربما لأنها لا تملك أي ثقل عسكري يغير المعادلات. وشهدت كركوك عام 1959 أحداثأً دامية على خلفية صراعات دينية وسياسية ومذهبية.