مقتل متظاهرين والسيستاني يحذر من "مصادرة إرادة العراقيين"
١ نوفمبر ٢٠١٩
يستمر العراقيون في مظاهراتهم المناهضة للحكومة، إذ احتشد الآلاف منهم في وسط بغداد اليوم الجمعة، فيما حذر المرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني من مصادرة "أي شخص أو مجموعة أو جهة أو أي طرف إقليمي إرادة العراقيين".
إعلان
قُتل أربعة متظاهرين وأصيب 300 آخرين في موجة عنف جديدة طالت المتظاهرين في العراق أمس الخميس (31 أكتوبر / تشرين الأول)، حسب ما كشفه علي البياتي عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق اليوم الجمعة، كما ذكر شهود عيان آخرين أن متظاهرا قُتل الجمعة بقنبلة صوتية في ساحة التحرير في بغداد.
وقال البياتي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ): "الإحصائية المتوفرة لدينا ليوم أمس الخميس هي مقتل أربعة متظاهرين وإصابة 309 آخرين بجروح"، مضيفاً: "أحد المفارز الطبية التطوعية المنتشرة في ساحة التحرير أكدت أنها تستقبل من خمس إلى 20 حالة حرق يوميا في الجلد، بالإضافة إلى حالات شلل مؤقتة لدى المتظاهرين نتيجة تعرضهم الى الغاز المسيل للدموع".
ومن المتوقع أن يصبح اليوم الجمعة أكبر يوم للمظاهرات الشعبية المناهضة للحكومة منذ سقوط صدام حسين. وقد نصب الآلاف خياماً في ساحة التحرير بوسط بغداد منذ الصباح وانضم إليهم آلاف آخرون في وقت لاحق.
وفي خطبته الأسبوعية، حذر المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني من "الاقتتال الداخلي والفوضى والخراب" إذا شنت قوات الأمن أو الفصائل شبه العسكرية حملة على الاحتجاجات. وأيد فيما يبدو المحتجين الذين يقولون إن الحكومة يتم التلاعب بها من الخارج، ولا سيما من إيران. وقال ممثل السيستاني خلال خطبة في مدينة كربلاء المقدسة "ليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أن يصادر إرادة العراقيين أو يفرض رأيه عليهم". وهو تصريح فهم من ناشطين على أنه موجه لإيران والولايات المتحدة الأميركية.
ويعدّ اليوم الجمعة ثامن يوم على التوالي يخرج فيه المحتجون بكثافة إلى الشوارع، لأجل المطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان وتعديل بنود في الدستور العراقي، منددين بالنخب التي يرونها فاسدة تأتمر بأمر القوى الأجنبية، وتتحمل المسؤولية عن تردي أوضاع المعيشة.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر أمنية وطبية لرويترز إن أكثر من 50 شخصا أصيبوا خلال الليل وصباح اليوم. كما قالت منظمة العفو الدولية أمس الخميس إن قوات الأمن تستخدم عبوات غاز مسيل للدموع "لم تُعرف من قبل" من طراز عسكري، أقوى بعشرة مرات من القنابل العادية.
وراح ضحية الاحتجاجات 250 شخصاً على الأقل على مدار الأسابيع الأربعة الماضية، واجتذبت حشود المتظاهرين أطيافاً مختلفة من الطوائف والأعراق في البلاد.
وقد فشلت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، التي تولت السلطة منذ عام، في الاستجابة للاحتجاجات. ولم تسهم حملة شهدت قيام الشرطة بإطلاق النار على الحشود من فوق أسطح المنازل، سوى في تأجيج غضب المحتجين.
وفي الأيام الأخيرة، كانت الاحتجاجات سلمية نسبيا خلال النهار، إذ انضم إليها كبار السن والأسر الشابة، لكنها تتخذ طابعا أكثر عنفا بعد حلول الظلام فيما تستخدم الشرطة الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية للتصدي للشبان الذين يسمون أنفسهم بالثوريين في الشوارع.
إ.ع/ ع. خ (د ب أ/ رويترز)
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س