1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق: هل من مخرج لأزمة تقاعد وامتيازات النواب؟

عارف جابو٦ سبتمبر ٢٠١٣

راوتب تقاعد النواب وكبار موظفي الدولة والامتيازات التي يتمتعون بها، تثير الجدل والخلاف بين العراقيين الذين شارك الآلاف منهم في مظاهرات تطالب بإلغائها. وهي تظهر مدى الانقسام بين أطراف العملية السياسية وخلل العلاقة بينها.

Protesters demand that the pensions of parliamentarians be cancelled during a demonstration in Najaf, 160km (100 miles) south of Baghdad, August 31, 2013. REUTERS/Haider Ala (IRAQ - Tags - Tags: POLITICS BUSINESS EMPLOYMENT SOCIETY CIVIL UNREST)
صورة من: Reuters

كتل برلمانية وأحزاب تؤيد إلغاء رواتب تقاعد وامتيازات النواب وأعضاء مجالس المحافطات والمجالس المحلية وكبار موظفي الحكومة، التي يصفها البعض بالخيالية, تلك الأطراف المؤيدة تتفهم المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها العاصمة بغداد وأكثر من عشرة مدن أخرى بمشاركة آلاف المتظاهرين مطالبين بإلغاء تلك الرواتب والامتيازات.

رئيس الحكومة نوري المالكي تحرك غداة التظاهرات الحاشدة ووجه كلمة للعراقيين أقر فيها بأن امتيازات ومرتبات أعضاء مجلس النواب تجهد موازنة الدولة التي تجاوزت 100 مليار دولار.

وأكد المالكي أنه "لا خلاف مع المواطن حينما يتظاهر ويطالب بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب وأعضاء مجالس المحافظات والمجالس المحلية". ما يعني أنه يؤيد تلك المطالب ويراها مشروعة. ولكنه يثير التساؤل عن سبب قمع الشرطة للمظاهرات ووقوع جرحى بينهم، إذ قالت مصادر أمنية وشهود عيان، إن الشرطة أصابت 11 شخصا واعتقلت عشرة آخرين. ونقلت وكالات أنباء عن محتجين قولهم إنهم كانوا يتظاهرون بشكل سلمي وأن الشرطة هاجمتهم وقمعتهم.

لكن إثارة الموضوع وانطلاق المظاهرات الحاشدة وتأييد بعض الأحزاب والكتل البرلمانية لها، ومن بينها كتلة رئيس الحكومة، ائتلاف دولة القانون، يثير التساؤل عن اختيار التوقيت وأهداف منظمي الحملة. على هذا التساؤل يجيب الصحافي العراقي أحمد كامل بالقول، إن ذلك يثير الشك حول أهداف الأحزاب التي أيدت المظاهرات والتي تسعى لتحقيق مكاسب حزبية آنية، ويضيف في حديثه لمجلة "العراق اليوم" من DW بأن "هناك جهات سياسية أججت الوضع، وأن أحزاباً سياسياً ربما أرادت أن تضغط على الحكومة وتزعزع بعض الاستقرار الموجود في البرلمان" ويشكك بتوقيت المظاهرات وأن "وراءها أهداف سياسية" ويتساءل فيما إذا كان البرلماني العراقي (الذي يؤيد المظاهرات ومطالب المحتجين) "يجهل الموضوع ومغمض العين حتى الآن".

كما يرى كامل أن قمع المظاهرات كان لأهداف سياسية "فربما كانت هناك أطراف سياسية تستغل المظاهرات "لتأجيج الوضع والقيام بتفجيرات وعمليات ارهابية"، ويضيف بأن المعالجة كانت خاطئة.

أما عن موقف الحكومة ورئيسها المؤيد للمظاهرات، فيرى أنها تساير المحتجين للتخفيف من الاحتقان والغضب الشعبي الموجود بسبب غياب الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والتعليم وعجز الحكومة وتقاعسها عن تأمينها.

رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يؤيد المظاهرات ومطالب المحتجين بإلغاء امتيازات ورواتب تقاعد النوابصورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb

معالجة القضية في البرلمان

بدوره يقر رئيس مركز القرار السياسي للدراسات في بغداد، هادي جلو مرعي، بوجود صراع سياسي في العراق، ويحاول كل طرف استثمار أي حدث كان لصالحه ولأهداف حزبية، وجاء في حديثه لمجلة "العراق اليوم" من DW عربية أن "هناك حتى من يستغل الهجمات الإرهابية ويتمنى المزيد منها، فربما تسقط بذلك الحكومة" ولذلك فليس من الغريب أن يكون هناك من يستغل هذه المظاهرات والاحتجاجات لأهداف سياسية حزبية وأن هناك "من يصدر البيانات ويقول بأنه يؤيد مطالب المحتجين، ولكن في البرلمان يعارض إلغاء تقاعد النواب".

موقف كتلة التحالف الكردستاني البرلمانية كان متبايناً ومخالفاً لرأي الحكومة، إذ أنها رفضت تأييد المظاهرات وعارضت شكل إثارة الموضوع، مشككة في التوقيت وفي أهداف منظميها ومؤيديها من الكتل والأحزاب السياسية. فمثل هذه القضية يجب مناقشتها تحت قبة البرلمان بشكل قانوني ودستوري. الكاتب والمحلل السياسي، مؤيد عبد الستار في حديثه لمجلة "العراق اليوم" يعلق على موقف التحالف الكردستاني بأنه "لا يفضل معالجة هذه القضية بالتظاهرات والنزول إلى الشارع، ولديه تشريعات من خلال برلمان إقليم كردستان، وإن الأمر بالنسبة للتحالف مقنن وفق قوانين يقبل بها ويتبعها".

لكن لماذا تؤيد أحزاب وكتل برلمانية أخرى المظاهرات، ألا تعرف هي أيضاً مثل التحالف الكردستاني أن هناك قانون وبرلمان وأن القضية لا تعالج بالاحتجاجات، وإنما في البرلمان وفق الدستور والقانون؟ عبد الستار يجيب على هذا السؤال بأن تأييد بعض الأطراف السياسية ورئيس الحكومة وكتلته البرلمانية (دولة القانون) للمظاهرات ومطالب المحتجين شكلي وبالكلام فقط، إذ أن لـ "دولة القانون" عدد كبير من النواب ومن المفروض أن يوافقوا على مشروع قانون يتعلق بقضية رواتب وامتيازات النواب وكبار موظفي الحكومة؛ إذ "لا يجوز أن يوافقوا على قسم من القانون ويعترضوا على القسم الآخر، وتستمر القضية كل هذه السنوات... ليس من المنطقي أن تبقى الأمور هكذا وتوجد هوة كبيرة في سلم الرواتب بين كبار موظفي الحكومة وباقي موظفي الدولة". وأكد على أن القضية يجب أن تخضع للمناقشة في البرلمان وتصدر قوانين بشأنها تشمل الجميع، ويعتقد بأن التحالف الكردستاني "لن يعترض عليها إذا كانت مشرعة ضمن قانون".

التحالف الكردستاني يعارض طرح القضية عبر المظاهرات ويطالب بحلها ضمن البرلمان وفق القانون والدستورصورة من: Karim Kadim/AP/dapd

شقاق وخلل في العلاقة

التباين في مواقف الكتل البرلمانية والأطراف السياسية المشاركة في الائتلاف الحكومي حول قضية رواتب النواب وكبار الموظفين، أمر مثير للاهتمام وملفت للنظر، يشير إلى الشقاق الموجود بين أطراف العملية السياسية وضعف الثقة والشك المتبادل بينها، بل وحتى بين البرلمان والحكومة. ويعلل رئيس مركز القرار السياسي للدراسات ذلك مدافعاً عن الحكومة بالقول أن هناك صراع بينها وبين البرلمان الذي "يعمل على أن يكون سكيناً في خاصرة الحكومة، التي تتلقى الضربات من هذا الطرف أو ذاك ولا تستطيع فعل شيء لأنها عبارة عن مكونات تتنازع فيما بينها طائفياً وقومياً".

في معرض تأييده للمظاهرات ومطالب المحتجين قال رئيس الحكومة نوري المالكي "لا يوجد في الدستور راتب تقاعد لعضو مجلس النواب (...) لابد أن يعاد النظر في هذه القضية". ما يعني إقراراً منه بعدم دستورية وشرعية تلك الرواتب، وأن مجلس النواب أي السلطة التشريعية تخرق الدستور ويتقاضى أعضاؤها رواتب ويتمتعون بامتيازات غير دستورية وبالتالي غير قانونية. وهو ما يثير التساؤل عن هذا التناقض ومصداقية هذه السلطة والتزامها بالدستور واحترام القانون، ما يتسبب في المزيد من ضعف ثقة المواطن العراقي بالنائب البرلماني وبالطبقة السياسية. وهو ما يؤيده الصحافي أحمد كامل في حديثه لـ DW عربية "فهذا طرح مقبول ويفهمه العراقيون بشكل جيد، ولكن للأسف فهموا الأمر متأخرين. وبالتالي يمكن فهم استغلال القضية سياسياً، فالشعب مستغفل من البرلمان الذي يتقاضى أعضاؤه رواتب ويتمتعون بامتيازات غير دستورية". وهذا الكلام يقود إلى استنتاج بأن هناك خلل في العلاقة بين الحكومة والبرلمان أي السلطتين التشريعية والتنفيذية، يعيده الكاتب مؤيد عبد الستار في حديثه مع DW إلى خلل في العلاقة بين الأطراف السياسية سواء في الحكومة أو البرلمان أو حتى الرئاسة، إذ أن هذه الأطراف "غير متفاهمة ولا يوجد تنسيق بينها وغير متفقة على برنامج لتطوير وتقدم البلد، والجميع منقسم على نفسه" ويعتبر هذا مخالفة وخرقاً للدستور الذي أشار عبد الستار إلى أنه معطل و"موضوع على الرف، ولا شيء مستمر على قدم وساق في العراق، سوى نهب المال العام".

إذا كان الأمر هكذا، حيث الفساد مستشرٍ في مفاصل الدولة وعلى جميع المستويات؛ بماذا يمكن أن يفيد إلغاء رواتب تقاعد وامتيازات نواب البرلمان وكبار موظفي الدولة ومسؤوليها، فهي لن تتعدى كونها امتصاصاً للنقمة الشعبية وذراً للرماد في العيون. وفي ظل الفساد وغياب الأمن وخلل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وغياب الثقة والتعاون بين أطراف العملية السياسية وانقسامها، لن يكون هناك حل قريب لمشكلة الرواتب والامتيازات ولا لغيرها من القضايا والمشاكل الأساسية التي يعاني منها العراق،ولا مخرج للأزمة حالياً كما أشار إليه المشاركون في مجلة "العراق اليوم".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW