العراق وتركيا يناقشان الماء والنفط وحزب العمال الكردستاني
٢٢ أغسطس ٢٠٢٣
أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان محادثات في بغداد بشأن إمدادات المياه واستئناف صادرات النفط من كردستان لتركيا ووجود مقاتلي حزب العمال في العراق. ومن المفترض أن تمهد تلك الزيارة لزيارة الرئيس أردوغان إلى العراق.
إعلان
وصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان العراق مساء الثلاثاء (22 أغسطس/ آب 2023) بأنه "شريك موثوق لتركيا"، وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين في مقر وزارة الخارجية العراقية: "نعمل على تسوية وحل عدد من المشاكل بين البلدين وعلاقاتنا مع العراق تحظى بأولوية تستند إلى مبادئ أساسية هي سلامة ووحدة الأراضي العراقية ونحافظ على هذا النهج ".
وأضاف فيدان: "نحن نرى أن العراق شريكً موثوق لتحقيق الشراكة ونؤمن أن أي إزدهار في العراق هو إزدهار لتركيا وأمنها وأن العراق شريك موثوق يمكن أن نحقق معه الأهداف الاستراتيجية ونحن ندعم الحكومة العراقية الحالية ".
قضية حزب العمال الكردستاني
وحذر هاكان فيدان من حزب العمال الكردستاني، "عدونا المشترك الذي يجب ألا يسمم علاقاتنا الثنائية"، داعيا بغداد إلى "الاعتراف بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية".
وفي شمال العراق، تقوم تركيا بانتظام بعمليات عسكرية برية وجوية ضد المتمردين الأكراد.
التجارة وملف المياه والاقتصاد
وجدد الوزير التركي دعم بلاده لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العراق، ذاكرا أن حجم التبادل التجاري وصل إلى 25 مليار دولار بين البلدين "وهي أقل من إمكانيات البلدين".
كما دعا إلى تعزيز الأرضية القانونية لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وبحث ملف المياه بين البلدين "كون تركيا تتعامل مع هذه القضية بوجهة نظر إنسانية بحته بسبب حالة الجفاف في العراق والمنطقة". ومن دون الإشارة صراحة إلى السدود، قال فيدان إنه يراهن على "آلية حوار مستدامة" مع بغداد.
وشكر وزير الخارجية العراقي لنظيره التركي "لطرح فكرة تشكيل لجنة دائمة للنقاش في المياه". وقال: "التغيرات المناخية وحالة الجفاف تهددان المجتمع العراقي والزراعة، لهذا نحتاج إلى عمل مشترك من خلال اللجنة الدائمة المقترحة من قبل معالي الوزير لإدارة هذه المسألة".
وفي آذار/مارس، وعد رجب طيب إردوغان بإطلاق مزيد من المياه في نهر دجلة، لكن هذا الصيف وصل النهر إلى مستويات منخفضة بشكل كبير.
يذكر أن الوزير التركي وصل الثلاثاء للعراق في زيارة تستمر حتى الخميس. ومن المقرر أن يلتقي فيدان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس عبد اللطيف رشيد ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
ومن جانبه، صرح وزير الخارجية العراقي في المؤتمر الصحفي أن بلاده تأمل في التوصل إلى حل مع الجانب التركي لإستئناف الصادرات النفطية من حقول إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي.
وقال حسين في المؤتمر الصحفي مع نظيره التركي، الذي وصل بغداد اليوم: "لقد أجرينا إجتماعا عمليا مشتركا لمناقشة العلاقات الثنائية، حيث أن العراق يهتم بهذه العلاقات واستمرارها كونها مهمة للطرفين".
وأضاف أن "الأساس في العلاقات العراقية التركية هي الساحات المشتركة في الجانب الإنساني والتاريخي والجغرافي وهي علاقات واسعة ومهمة ومستمرة تفرز أحيانا بعض المشاكل والتعقيدات لكن الحوار هو السبيل للوصول إلى الحل ".
وذكر أن العلاقات التجارية بين البلدين متطورة وهناك 850 شركة تركية تعمل في العراق وخاصة في قطاع الإنشاءات، كما بحثنا ملف المياه ... فضلا عن بحث ملف تصدير النفط من حقول كردستان عبر الأنبوب العراقي التركي ونتمنى أن نتوصل إلى حل لهذه المشكلة ".
وأوضح الوزير العراقي" كما تم بحث الملف الأمني والعسكري وجددنا موقف العراق الدستوري الثابت بعدم السماح لأي طرف أو حزب أو منظمة أن تستخدم الأراضي العراقية منطلقا لتهديد دول الجوار كما بحثنا التواجد العسكري التركي في العراق إضافة إلى ملفات أخرى منها الجمارك وسمات الدخول وأوضاع العراقيين في تركيا".
وقال حسين إن الاجتماع بحث أيضا" ترتيبات الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردغان إلى بغداد للتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين ".
يذكر أن زيارة أردوغان إلى بغداد أعلن عنها نهاية تموز/يوليو الماضي، من دون أن يتم تحديد موعد لها حتى الآن.
ع.ش/ص.ش (د ب أ، أ ف ب)
نهر دجلة.. شريان العراق الحيوي ضحية للتغير المناخي وسدود تركيا
بعد أن كان ينساب لآلاف السنين مارا بجنة عدن وسومر وبابل، بات نهر دجلة عرضة للتغير المناخي والجفاف والنشاط البشري الجائر مهدداً وجود شريان الحياة هذا. وضاعف بناء السدود التركية عند منبع النهر من تراجع منسوب المياة.
صورة من: Ayman Henna/AFP
روى نهر جنة عدن وسومر وبابل عبر التاريخ، لكنه بات اليوم يصارع الموت. إذ يهدّد النشاط البشري الجائر والتغيّر المناخي بمحو شريان حياة عمره آلاف السنوات في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 42 مليونا، ويعتبر مصدرا للحضارة وللزراعة، الكوارث الطبيعية لا تعد ولا تحصى.
صورة من: Murtadha Ahmed
باتت ظاهرة التغير المناخي ماثلة للعيان فبدءا من نيسان/ أبريل، تتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية وتتتالى العواصف الرملية مغطية البشر والحيوانات والآلات بغشاء برتقالي. ثم يحل فصل الصيف، موسم الجحيم بالنسبة إلى العراقيين، حين تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية وتنقطع الكهرباء بسبب زيادة الضغط على الشبكة.
صورة من: Mohammed Falah Ibrahim/AA/picture alliance
أصبح العراق اليوم واحدا من أكثر خمسة بلدان في العالم عرضة لعواقب تغيّر المناخ، بحسب الأمم المتحدة، مع الجفاف وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتصحّر المتسارع. وتأثّر بذلك نهر دجلة مع تراجع الأمطار، وكذلك بسبب السدود المبنية في تركيا حيث ينبع النهر.
صورة من: Ayman Henna/AFP
تبدأ الرحلة العراقية لنهر دجلة في جبال كردستان العراق عند تقاطع العراق وسوريا وتركيا. هنا، يكسب السكان لقمة عيشهم من خلال زراعة البطاطا وتربية الأغنام.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تتهم السلطات العراقية والمزارعون الأكراد في العراق تركيا بقطع المياه عن طريق احتجازها في السدود التي أنشأتها على المجرى قبل وصوله الى العراق. وتؤكد الإحصاءات الرسمية ذلك: فمستوى نهر دجلة لدى وصوله من تركيا هذا العام لا يتجاوز 35 في المئة من متوسط الكمية التي تدفقت على العراق خلال المئة عام الماضية.
صورة من: Getty Images/B. Kara
كلما ازداد احتجاز المياه، قلّ تدفق النهر الذي يمتدّ على 1500 كيلومتر يجتازها نهر دجلة قبل أن يندمج مع توأمه نهر الفرات ويلتقيا في شط العرب الذي يصب في الخليج. ويشكّل هذا الملف مصدرا للتوتر الدائم في العلاقات بين تركيا والعراق.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تطلب بغداد بانتظام من أنقرة الإفراج عن كميات أكبر من المياه. وردا على ذلك، دعا السفير التركي لدى العراق علي رضا غوني في تموز/ يوليو الماضي العراقيين إلى "استخدام المياه المتاحة بفعالية أكبر". وأضاف في تغريدة "المياه مهدورة على نطاق واسع في العراق".
صورة من: Ayman Henna/AFP
الخبراء بدورهم يتحدّثون عن أساليب ريّ طائشة: كما في زمن السومريين، يستمر المزارعون العراقيون في إغراق حقولهم لريّها ما يؤدي إلى هدر هائل في المياه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Khalil
في بعض الأماكن، يبدو النهر مثل برك ناتجة عن مياه الأمطار. فالتجمعات الصغيرة للمياه في مجرى نهر ديالى هي كل ما تبقى من رافد نهر دجلة في وسط العراق الذي بدونه، لا يمكن زراعة أي شيء في المحافظة. وبسبب الجفاف، خفضت السلطات هذا العام المساحات المزروعة في كل أنحاء البلاد إلى النصف. ونظرا إلى أن لا مياه كافية في ديالى، فلن يكون هناك حصاد.
صورة من: ddp images/AP Photo/Hadi Mizban
بحلول 2050، "سيؤدي ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة وانخفاض المتساقطات بنسبة 10 بالمائة، إلى انخفاض بنسبة 20 بالمائة في المياه العذبة المتاحة" في العراق، وفق ما حذّر البنك الدولي نهاية عام 2021.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
بدورها حذّرت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية في حزيران/ يونيو الماضي من أن ندرة المياه والتحديات التي تواجه الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، هي من "الدوافع الرئيسية للهجرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية" في العراق. ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية نزحت بحلول نهاية آذار/ مارس 2022 أكثر من 3300 أسرة بسبب "العوامل المناخية" في عشر مقاطعات من وسط البلاد وجنوبها.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
هذا الصيف، كان منسوب دجلة منخفضا في بغداد. وتقول وزارة الموارد المائية ذلك الى "الرواسب الرملية". ونظرا للرواسب لم تعد تنصرف باتجاه الجنوب بسبب نقص تدفّق المياه، تراكمت في قاع النهر واختلطت بالمياه المبتذلة، ما أدى إلى صعوبة تدفق مياه النهر.
صورة من: Hadi Mizban/AP Photo/picture alliance
حتى وقت قريب، كانت الحكومة ترسل آلات لشفط الرمال الراكدة في قاع النهر، لكن بسبب نقص الموارد، توقّفت غالبية المضخات عن العمل. ومع انخفاض منسوب المياه العذبة، بدأت مياه البحر تغزو شط العرب. وتشير الأمم المتحدة والمزارعون بأصابع الاتهام إلى أثر تملّح المياه على التربة وانعكاساته على الزراعة والمحاصيل.
صورة من: Andrew Parsons/EPA/dpaweb/picture-alliance
بلغ مستوى الملوحة في شط العرب في شمال البصرة 6800 جزء في المليون، وفق ما أفادت السلطات المحلية مطلع آب/ أغسطس 2022. من حيث المبدأ، لا تتجاوز نسبة الملوحة في المياه العذبة ألف جزء في المليون، وفقا لمعايير المعهد الأمريكي للجيوفيزياء الذي يحدّد مستوى المياه "المتوسطة الملوحة" بين ثلاثة و10 آلاف جزء في المليون.
صورة من: Nabil al-Jurani/AP Photo/picture alliance
وأدى ذلك إلى هجرة أنواع معينة من أسماك المياه العذبة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الصيادين من شط العرب، ما يتسبب في ظهور أنواع أخرى تعيش عادة في أعالي البحار.
صورة من: Ismael Adnan/ZUMAPRESS.com/picture alliance