العراق يشكل لجنة لإنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة واشنطن
٥ يناير ٢٠٢٤
قالت الحكومة العراقية إنها تشكل لجنة ثنائية لتحديد ترتيبات إنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد. جاء ذلك بعد يوم واحد من مقتل قائد في الحشد الشعبي في عملية شنها الجيش الأمريكي في بغداد.
إعلان
أفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم الجمعة (5 يناير/كانون الثاني 2024) أن الحكومة تشكل لجنة ثنائية لتحديد ترتيبات إنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد.
وقال البيان "إننا بصدد تحديد موعد بدء الحوار من خلال اللجنة الثنائية التي شُكلت لتحديد ترتيبات انتهاء هذا الوجود، وهو التزام لن تتراجع عنه الحكومة، ولن تفرط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض وسماء ومياه العراق".
جاء ذلك بعد يوم واحد من مقتل قائد جماعة مسلحة في بغداد.
وقال السوداني خلال الحفل الرسمي المركزي "لتأبين قادة النصر"، "الحكومة بصدد تحديد موعد بدء عمل اللجنة الثنائية لوضع ترتيبات إنهاء
وجود قوات التحالف الدولي في العراق بصورة نهائية، وإنه لن يكون هناك تفريط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض العراق وسمائه"، وفقا لما أوردته وكالة أنباء (واع) العراقية.
وأضاف: "قبل أربعِ سنوات، وفي فجر الثالث من كانونَ الثاني/يناير 2020، ارتكبتِ الإدارة الأمريكية فعلا شنيعا إذ قتلت قائدا عسكريا عراقيا، نائب رئيسِ هيئةِ الحشد الشعبي جمال جعفر آل إبراهيم، أبو مهدي المهندس"، مشيرا إلى أن "اغتيال ضيف العراق الجنرال قاسم سليماني، مثل ضربة مضاعفة للعراق ولتقاليده وأعرافه واعتداء على دولتين".
ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى أن "العراق تربطه مع أمريكا اتفاقية شراكة ستراتيجية وعلاقات دبلوماسية، وبهذا تم خرق المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية وما نص عليه ميثاق الأممِ المتحدةِ من المساواةِ في السيادةِ بين الدولِ وحظرِ استخدامِ القوةِ في العلاقاتِ الدولية".
وكانت ضربة أمريكية أدت إلى مقتل قيادي عسكري لفصيل موال لإيران في العراق يدعى مشتاق جواد كاظم الجواري تورّط في هجمات ضد الجنود الأمريكيين، وفق ما أكد مسؤول أمريكي في وزارة الدفاع أمس الخميس، فيما نددت الحكومة العراقية بالهجوم الأمريكي
وقال المسؤول في بيان "نُفّذت هذه الضربة دفاعا عن النفس. لم يتعرّض أي مدنيين لأذى. لم يجر ضرب أي بنى تحتية أو منشآت".
وأضاف أنها استهدفت قائد حركة النجباء التي تعد من أبرز فصائل الحشد الشعبي والمناهضة بشدّة للوجود الأمريكي في العراق، والذي "تورّط بشكل نشط في التخطيط لهجمات ضد العناصر الأمريكيين وتنفيذها"، مضيفا أنها أسفرت أيضا عن مقتل عنصر آخر في الحركة.
وأعلنت حركة النجباء في بيان الخميس مقتل "معاون قائد عمليات حزام بغداد بالحشد الشعبي الحاج مشتاق طالب السعيدي (ابو تقوى) ومرافقه، بقصف غادر أمريكي على مقر الدعم اللوجستي في بغداد".
وتنشر واشنطن 2500 عسكري في العراق ونحو 900 في سوريا في إطار مكافحة تنظيم الدولة ضمن التحالف الدولي الذي أنشئ في عام 2014.
ع.ح./ع.ج.م. (رويترز ، أ.ف.ب، د ب أ)
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
يطوي العراق صفحة القوات الغربية الأجنبية المقاتلة في بلده بتحولها إلى التدريب والاستشارة. لكن ما تحقق منذ أحتلال الولايات المتحدة للبلد عام 2003 لم يحقق الكثير ممّا وعد به جورج بوش، خصوصا على الجانبين الأمني والاقتصادي.
صورة من: Maj. Charlie Dietz/Planetpix/ZumaPress/picture-alliance
نهاية رسمية للمهام القتالية
تنتهي "المهام القتالية" لقوات التحالف الدولي في العراق في آخر يوم من عام 2021، حسب ما أعلنت حكومة هذا الأخير. لكن ذلك لا يعني رحيلها، بل ستصبح مهامها محصورة على التدريب والاستشارة، وهي المهمة التي بدأت فيها رسمياً منذ صيف 2020، كما أنها ستقوم بـ "الدفاع عن نفسها في حال أي هجوم ضدها"، حسب بيان للتحالف.
صورة من: Jewel Samad/AFP/Getty Images
هل تحقق هدف القضاء على "داعش"؟
ركزت قوات التحالف الدولي على مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، خصوصاً بعد سقوط الموصل في أيادي مقاتليه عام 2014. وأعلن العراق ومعه قوات التحالف النصر على التنظيم الإرهابي عام 2017، لكن الأوضاع الأمنية في البلد لم تتحسن كثيراً، فبعد فترة من الهدوء، عاد التنظيم مؤخراً لشن عمليات انتحارية. ومع ذلك، فقوات التحالف لا ترغب في مزيد من القتال، ويصل عددها إلى 3500 مقاتل، بينهم 2500 أمريكي.
صورة من: Abdullah Rashid/REUTERS
إخلاء للساحة أمام إيران؟
غير أن التهديد الأكبر لقوات التحالف لا يأتي من "داعش" وحده، بل من فصائل مقاتلة موالية لإيران إلى جانب فصائل سياسية، خصوصاً فصائل الحشد الشعبي التي تضغط لرحيل كامل لكل القوات الأجنبية. ويثير متابعون مخاوف من سقوط العراق في دائرة النفوذ الإيراني، إذ تحولت طهران إلى اللاعب الإقليمي الأول في البلد، ولم ينجح كثيراً الحراك الشعبي الذي انطلق عام 2019 في إنهاء هذا التدخل.
صورة من: Khalid Mohammed/picture alliance
أوباما أول من بدأ الانسحاب
الانسحاب الأمريكي من العراق ليس جديداً، فقد بدأ في عهد باراك أوباما، وفق خطة هدفت إلى سحب جلّ القوات بحدود نهاية 2011 مع الإبقاء على قوة لا تزيد عن 50 ألف جندي. غير أن ظهور "داعش" دفع أوباما إلى إعادة إرسال قوات جديدة عام 2014 تحت مظلة التحالف الدولي. أراد أوباما التخلص من التركة الثقيلة لسلفه جورج بوش في الشرق الأوسط، لكن قراره أثار كذلك انتقادات بتركه البلد مفتوحا أمام النفوذ الإيراني.
صورة من: Alex Edelman/AFP/Getty Images
ترامب والانسحاب الجزئي
على العكس من سياسة الجمهوريين، ذهب دونالد ترامب نحو تخفيض قوات بلاده في الشرق الأوسط ومن ذلك العراق في إطار سياسته "أمريكا أولاً". لم يكن متحمساً لسحب شامل للقوات من العراق بسبب عدائه الكبير لإيران واستمرار تهديدات "داعش"، كما أشرف على عملية نوعية باغتيال الإيراني قاسم سليماني، لكن في نهاية ولايته أمر بسحب جزئي للقوات، كما اعتبر أن "غزو العراق" كان خطأ كبيراً.
صورة من: Nicholas Kamm/AFP
بايدن يغلق القوس
لم يتراجع الرئيس جو بايدن عن سياسة سلفه دونالد ترامب في العراق رغم تباين وجهات نظرهما في ملفات كثيرة، ولم يلغ سحب القوات. تظهر السياسة الأمريكية متسقة في السنوات الأخيرة بتقليل القوات العسكرية في مناطق النزاع، وهو ما حدث كذلك في أفغانستان. لكن بايدن لا يريد إخلاء تاماً للساحة العراقية خصوصاً بعد الفوضى التي وقعت في كابول، وعبر مهام التدريب والاستشارة، يريد الحفاظ على حضور أمريكي في البلد.
صورة من: Carolyn Kaster/AP Photo/picture alliance
بوش- مهندس احتلال العراق
كانت واشنطن تنظر إلى العراق كأحد محاور الشر في عهد جورج بوش، وبعد سنوات من الحصار الاقتصادي، قرّر بوش اجتياح البلد عسكرياً وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 تحت ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يتأكد بشكل مستقل. أرسل بوش أكثر من مئة ألف جندي أمريكي، وكان يخطط لـ "عراق ديمقراطي" حسب قوله، لكن القرار حظيت بانتقادات محلية ودولية، خصوصا من الأمم المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa
مستنقع الموت
لم تنجح سياسة بوش في خلق الاستقرار بالبلد التي تحوّل إلى بؤرة لا استقرار وساحة من القتل. تجاوزت حصيلة القتلى العراقيين حتى عام 2010 أكثر من 100 ألف، ووصلت بين الجنود الأمريكيين إجمالاً إلى حدود 5 آلاف فضلاً عن آلاف المصابين. زيادة على مهاجمة الأهداف الامريكية، عاش العراق عنفاً طائفياً خطيراً بين فصائل شيعية وأخرى سنية، كما تدهور الاقتصاد أكثر، ما انعكس على أعداد الفارين من البلد.