العراق يطلق مشروع نقل ضخم يربط بين آسيا وأوروبا عبر تركيا
٢٧ مايو ٢٠٢٣
تحت اسم "طريق التنمية"، أعلنت بغداد إطلاق مشروع ضخم للنقل البري يربط الخليج بالحدود التركية ومنها إلى أوروبا وحددت كلفته بـ17 مليار دولار وبطول 1200 كيلومترا، واصفة إياه بـ"شريان اقتصادي لالتقاء المصالح بين دول المنطقة".
إعلان
كشف العراق خلال مؤتمر جمع مسؤولين من دول مجاورة في بغداد السبت (27 أيار/مايو 2023) عن مشروع خطّ بري وخط سكك حديد يصل الخليج بالحدود التركية، يطمح العراق من خلاله التحول إلى خط أساسي لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا.
ولا يزال المشروع الذي حدّدت الحكومة العراقية كلفته بنحو 17 مليار دولار وبطول 1200 كلم داخل العراق، في مراحله الأولى. وتطمح بغداد إلى تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع دول في المنطقة، هي قطر والإمارات والكويت وعمان والأردن وتركيا وإيران والسعودية، والتي دعي ممثلوها من وزارات النقل السبت إلى بغداد للمشاركة في المؤتمر المخصص لإعلان المشروع.
وفي كلمة له خلال افتتاح المؤتمر السبت، قال رئيس الوزراء العراقيمحمد شياع السوداني: "نرى في هذا المشروع المستدام ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة وإسهام في جلب جهود التكامل الاقتصادي". وذكر السوداني، خلال افتتاحه مؤتمر "طريق التنمية" بحضور وزراء النقل في الدول الإقليمية للعراق ودول مجلس التعاون الخليجي وعدد من المنظمات الدولية، إن طريق التنمية يمثل "انطلاقة كبيرة لتحقيق الشراكة مع دول المنطقة"، واصفًا المشروع بأنه "شريان اقتصادي وفرصة لالتقاء المصالح بين دول المنطقة لتكون المنطقة قبلة لكل باحث عن استثمارات مستقبلية"، وأضاف: "هذا المشروع الواعد سيطلق شراكة حقيقية لتحقيق التكامل والاستقرار في المنطقة".
وبحسب بيان للجنة النقل والاقتصاد في مجلس النواب، نقلته وكالة الأنباء العراقية، فإن المشروع سيكون "استثماريًا للدول المشاركة وكل دولة بإمكانها إنجاز جزء من المشروع". وأشار البيان إلى أنه "من المؤمل أن ينجز المشروع ويكتمل خلال 3- 5 سنوات"، مضيفًا أن "آلية الاستثمار سوف تناقش بعد عقد المؤتمر مع الدول المشاركة".
وقال المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق فرحان الفرطوسي إن "الطريق القديم، البصرة بغداد برلين الذي كان ينقل السائح العراقي من البصرة ومن بغداد بالعراق باتجاه أوروبا، هذا الطريق سوف نجده من جديد فعالا. لا بأس إنه يربط دولا أخرى لنقل المسافرين ونقل الحجيج من أوروبا بسرعة كبيرة جدا، ليكون مريحا للمسافرين اللي يحبون زيارة العتبات المقدسة في العراق أو التوجه نحو بيت الله لأداء الحج أو العمرة".
ويعاني العراق الغنيّ بالنفط، من تهالك في بنيته التحتية وطرقاته جراء عقود من الحروب، وانتشار الفساد. وتمرّ بعض الطرقات التي تصل بغداد إلى الشمال في مناطق تنشط فيها خلايا لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بشكل متفرق. ويؤكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن من أولويات حكومته هي إعادة تأهيل البنية التحتية للنقل والطرقات وكذلك قطاع الكهرباء المتهالك أيضًا. ويسمح هذا المشروع للعراق في استغلال موقعه الجغرافي والتحول إلى نقطة عبور للبضائع والتجارة بين الخليج وأوروبا.
وهناك أعمال جارية حاليًا لتأهيل ميناء الفاو في أقصى جنوب العراق والمجاورلدول الخليج والذي سيكون محطة أساسية لاستلام البضائع قبل نقلها برًا. ويهدف المشروع كذلك إلى بناء 15 محطة قطار للبضائع والركاب على طول الخط، تنطلق من البصرة جنوبًا مرورًا ببغداد ووصولًا إلى الحدود مع تركيا.
وذكرت مصادر في الحكومة العراقية لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أن هذا "طريق التنمية" سيكون بطول 1175 كيلو مترًا وبسرعة تصميمية للسكك الحديدية 300 كيلو متر في الساعة لنقل الأشخاص و140 كيلو مترًا في الساعة لنقل البضائع. وأوضحت أن تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع ستنتهي عام 2028 والطاقة القصوى للمشروع ستتضح بعد عام 2050 بعد استكمال جميع منشآت ميناء الفاو الكبير حيث ستكون 60% من خدمات هذا المشروع للداخل العراقي و40 % لدول العالم.
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب)
نهر دجلة.. شريان العراق الحيوي ضحية للتغير المناخي وسدود تركيا
بعد أن كان ينساب لآلاف السنين مارا بجنة عدن وسومر وبابل، بات نهر دجلة عرضة للتغير المناخي والجفاف والنشاط البشري الجائر مهدداً وجود شريان الحياة هذا. وضاعف بناء السدود التركية عند منبع النهر من تراجع منسوب المياة.
صورة من: Ayman Henna/AFP
روى نهر جنة عدن وسومر وبابل عبر التاريخ، لكنه بات اليوم يصارع الموت. إذ يهدّد النشاط البشري الجائر والتغيّر المناخي بمحو شريان حياة عمره آلاف السنوات في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 42 مليونا، ويعتبر مصدرا للحضارة وللزراعة، الكوارث الطبيعية لا تعد ولا تحصى.
صورة من: Murtadha Ahmed
باتت ظاهرة التغير المناخي ماثلة للعيان فبدءا من نيسان/ أبريل، تتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية وتتتالى العواصف الرملية مغطية البشر والحيوانات والآلات بغشاء برتقالي. ثم يحل فصل الصيف، موسم الجحيم بالنسبة إلى العراقيين، حين تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية وتنقطع الكهرباء بسبب زيادة الضغط على الشبكة.
صورة من: Mohammed Falah Ibrahim/AA/picture alliance
أصبح العراق اليوم واحدا من أكثر خمسة بلدان في العالم عرضة لعواقب تغيّر المناخ، بحسب الأمم المتحدة، مع الجفاف وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتصحّر المتسارع. وتأثّر بذلك نهر دجلة مع تراجع الأمطار، وكذلك بسبب السدود المبنية في تركيا حيث ينبع النهر.
صورة من: Ayman Henna/AFP
تبدأ الرحلة العراقية لنهر دجلة في جبال كردستان العراق عند تقاطع العراق وسوريا وتركيا. هنا، يكسب السكان لقمة عيشهم من خلال زراعة البطاطا وتربية الأغنام.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تتهم السلطات العراقية والمزارعون الأكراد في العراق تركيا بقطع المياه عن طريق احتجازها في السدود التي أنشأتها على المجرى قبل وصوله الى العراق. وتؤكد الإحصاءات الرسمية ذلك: فمستوى نهر دجلة لدى وصوله من تركيا هذا العام لا يتجاوز 35 في المئة من متوسط الكمية التي تدفقت على العراق خلال المئة عام الماضية.
صورة من: Getty Images/B. Kara
كلما ازداد احتجاز المياه، قلّ تدفق النهر الذي يمتدّ على 1500 كيلومتر يجتازها نهر دجلة قبل أن يندمج مع توأمه نهر الفرات ويلتقيا في شط العرب الذي يصب في الخليج. ويشكّل هذا الملف مصدرا للتوتر الدائم في العلاقات بين تركيا والعراق.
صورة من: Ismael Adnan/AFP
تطلب بغداد بانتظام من أنقرة الإفراج عن كميات أكبر من المياه. وردا على ذلك، دعا السفير التركي لدى العراق علي رضا غوني في تموز/ يوليو الماضي العراقيين إلى "استخدام المياه المتاحة بفعالية أكبر". وأضاف في تغريدة "المياه مهدورة على نطاق واسع في العراق".
صورة من: Ayman Henna/AFP
الخبراء بدورهم يتحدّثون عن أساليب ريّ طائشة: كما في زمن السومريين، يستمر المزارعون العراقيون في إغراق حقولهم لريّها ما يؤدي إلى هدر هائل في المياه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Khalil
في بعض الأماكن، يبدو النهر مثل برك ناتجة عن مياه الأمطار. فالتجمعات الصغيرة للمياه في مجرى نهر ديالى هي كل ما تبقى من رافد نهر دجلة في وسط العراق الذي بدونه، لا يمكن زراعة أي شيء في المحافظة. وبسبب الجفاف، خفضت السلطات هذا العام المساحات المزروعة في كل أنحاء البلاد إلى النصف. ونظرا إلى أن لا مياه كافية في ديالى، فلن يكون هناك حصاد.
صورة من: ddp images/AP Photo/Hadi Mizban
بحلول 2050، "سيؤدي ارتفاع الحرارة درجة مئوية واحدة وانخفاض المتساقطات بنسبة 10 بالمائة، إلى انخفاض بنسبة 20 بالمائة في المياه العذبة المتاحة" في العراق، وفق ما حذّر البنك الدولي نهاية عام 2021.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
بدورها حذّرت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات غير الحكومية في حزيران/ يونيو الماضي من أن ندرة المياه والتحديات التي تواجه الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، هي من "الدوافع الرئيسية للهجرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية" في العراق. ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية نزحت بحلول نهاية آذار/ مارس 2022 أكثر من 3300 أسرة بسبب "العوامل المناخية" في عشر مقاطعات من وسط البلاد وجنوبها.
صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP
هذا الصيف، كان منسوب دجلة منخفضا في بغداد. وتقول وزارة الموارد المائية ذلك الى "الرواسب الرملية". ونظرا للرواسب لم تعد تنصرف باتجاه الجنوب بسبب نقص تدفّق المياه، تراكمت في قاع النهر واختلطت بالمياه المبتذلة، ما أدى إلى صعوبة تدفق مياه النهر.
صورة من: Hadi Mizban/AP Photo/picture alliance
حتى وقت قريب، كانت الحكومة ترسل آلات لشفط الرمال الراكدة في قاع النهر، لكن بسبب نقص الموارد، توقّفت غالبية المضخات عن العمل. ومع انخفاض منسوب المياه العذبة، بدأت مياه البحر تغزو شط العرب. وتشير الأمم المتحدة والمزارعون بأصابع الاتهام إلى أثر تملّح المياه على التربة وانعكاساته على الزراعة والمحاصيل.
صورة من: Andrew Parsons/EPA/dpaweb/picture-alliance
بلغ مستوى الملوحة في شط العرب في شمال البصرة 6800 جزء في المليون، وفق ما أفادت السلطات المحلية مطلع آب/ أغسطس 2022. من حيث المبدأ، لا تتجاوز نسبة الملوحة في المياه العذبة ألف جزء في المليون، وفقا لمعايير المعهد الأمريكي للجيوفيزياء الذي يحدّد مستوى المياه "المتوسطة الملوحة" بين ثلاثة و10 آلاف جزء في المليون.
صورة من: Nabil al-Jurani/AP Photo/picture alliance
وأدى ذلك إلى هجرة أنواع معينة من أسماك المياه العذبة التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الصيادين من شط العرب، ما يتسبب في ظهور أنواع أخرى تعيش عادة في أعالي البحار.
صورة من: Ismael Adnan/ZUMAPRESS.com/picture alliance