العفو عن الفارين من الجيش السوري.. ماذا يعني للاجئين؟
١٥ نوفمبر ٢٠١٨
بعد أن أصدر النظام السوري عفواً عن الهاربين من التجنيد الإجباري، وبينهم آلاف اللاجئين في داخل سوريا وخارجها، تزداد التساؤلات حول جدية النظام في هذا الخطوة التي يراها بعض الخبراء أنها فقط لـ"تلميع صورة الأسد".
إعلان
أصدر النظام السوري عفواً عاماً عن الفارين من الخدمة العسكرية الإلزامية، وأعطى الفارين من الجيش والذين يعيشون في سوريا مهلة أربعة أشهر لتسليم أنفسهم، في حين حدد المهلة القصوى للذين يعيشون في الخارج بستة أشهر. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد الهاربين من الخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا بما يزيد عن 150 ألف شخص.
ويأتي هذا العفو في وقت استعاد فيه النظام السوري السيطرة على معظم المناطق في البلاد، باستثناء محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة والتي يشملها اتفاق لوقف إطلاق النار توصلت إليه كل من روسيا وتركيا، بالإضافة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد. ويرى مدير معهد غيغا لدراسات الشرق الأوسط في ألمانيا د. أندري بانك أن غاية النظام السوري من هذه الخطوة هي الترويج لصورة يريد أن يظهرها الرئيس السوري بشار الأسد، ويضيف لـ"مهاجر نيوز": "يريد الأسد أن يرسل إشارة إلى المجتمع الدولي والسوريين في الخارج مفادها أن الحرب في سوريا في مراحلها النهائية وأن مرحلة جديدة على وشك أن تبدأ"، ويتابع: "يريد الأسد أن يخبر اللاجئين السوريين في الخارج بأن البعض منهم فقط مرحب به".
الأسد يحاول "تقسيم السوريين في الخارج"
ويشمل العفو الذين فروا من الخدمة العسكرية لكنه لا يشمل الذين قاتلوا ضد الحكومة أو انضموا للمعارضة التي تعتبرها الحكومة السورية "إرهابية". لكن من الصعب على النظام السوري أن يحدد فيما إذا كان اللاجئون الذين يرغب بعودتهم هم من الفارين من الخدمة العسكرية فقط، أم ممن حاربوه في صفوف المعارضة. يقول بانك: "من خلال خلق هذا التمييز بين السوريين الذين هربوا من الخدمة العسكرية وبين الذين حملوا السلاح يحاول نظام الأسد خلق انقسام في صفوف الجالية السورية التي تعيش في الخارج".
مصطلح "مطاط"
وبما أن الأسد يعتبر معارضيه "إرهابيين"، فإنه يرغب بإرسال إشارة مفادها أن أي شخص لعب دوراً في المعارضة غير مرحب به في سوريا، كما يقول بانك. وتوافقه في ذلك بينته شيلر، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمؤسسة هاينريش بول، والتي تقول لـ"مهاجر نيوز": "ماذا يعني استبعاد المجرمين؟ هذا مصطلح مطاط (له عدة تفسيرات) في دولة تعتبر أي نوع من المعارضة إرهاباً".
وتؤكّد شيلر، التي ترأس مكتب بيروت في المنظمة المقربة من حزب الخضر، على أن أولئك الذين فروا من الخدمة العسكرية في سوريا ليسوا بالضرورة معارضين للنظام، وتضيف: "بين الشباب الذين فروا من سوريا، هناك الكثير ممن لا يعارضونه في الأساس ولكنهم لا يريدون أن يموتوا من أجله".
وتقول شيلر إنه نتيجة استمرار الحرب مدة طويلة، أصبحت فترة التدريب في الجيش أقصر، وتضيف: "بعد أن كانت فترة التدريب ستة أشهر في البداية أصبحت لا تتجاوز بضعة أسابيع، يتم بعدها إرسالهم إلى الجبهات الأمامية". ونتيجة لذلك فقد فرّ الآلاف من الخدمة العسكرية. ولا يحدد مرسوم العفو إذا كان العائدون سيساقون في النهاية إلى الجيش من جديد أم لا.
بيوت اللاجئين كـ"غنائم" حرب
وعلى الرغم من أن الأسد يحاول إرسال إشارة تظهر "الترحيب" ببعض السوريين للعودة إلى البلاد، إلا أن على هؤلاء اللاجئين أن يخاطروا بحياتهم وسط احتمال تعرضهم للاضطهاد من قبل النظام عند عودتهم. تقول شيلر: "عمليات الاستجواب الدقيقة والاعتقال والاختفاء القسري مستمرة في المناطق التي يسيطر عليها النظام"، وتضيف: "وهذا يحدّ من التوقعات بحسن نية النظام عند التحقق من ملفات الفارين". وقد يعود بعض اللاجئين السوريين ليروا أن بيوتهم قد منحت للذين قاتلوا نيابة عن نظام الأسد. يقول بانك: "لا يمكنك العودة إلى منزلك والادعاء بأنه لك لأنه يعتبر بمثابة غنيمة حرب لأولئك الذين قاتلوا نيابة عن النظام، سواء كانوا إيرانيين أم أفغان أم عراقيين".
خيارات محدودة و"سيئة"
ويرى بانك أن اللاجئين السوريين أمام عدة خيارات "سيئة"، هذا في وقت "تزداد حدة الخطابات المناهضة للاجئين السوريين في أوروبا، كما أن هناك خطاباً معادياً للاجئين السوريين في البلدان المجاورة لسوريا مثل الأردن وتركيا ولبنان". وتقول شيلر إن العفو قد يجعل بعض اللاجئين يعودون إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام بالفعل، لكنها تردف: "بالنظر إلى أن نار الحرب بدأت تخمد، ربما يفكر البعض في العودة تحت إغراء العفو، ومع ذلك، يجب أن يدركوا أيضاً أنه لا توجد أيّ ضمانات".
ويسلي دوكري/م.ع.ح - مهاجر نيوز
أسلاك شائكة وبعض الأمل - اللاجئون السوريون حول العالم
فيما يناقش قادة العالم خلال قمة تعقدها الأمم المتحدة في نيويورك أخطر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تبقى مواقف الدول بشأن استقبال اللاجئين متباينة. جولة من الصور حول وضعية اللاجئين السوريين حول العالم.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Gouliamaki
فيما أغلقت الأغلبية العظمى للدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين، كانت ألمانيا، وبنسبة أقل السويد، من أكثر الدول استقبالاً للاجئين. ففي غضون أشهر فقط استقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ، أغلبهم من السوريين. ورغم الترحيب الذي أبداه الكثير من الألمان إزاء اللاجئين، إلا أن قدومهم بأعداد كبيرة لم يرق للعديد أيضاً، إذ تسببت سياسة الأبواب المفتوحة في خسائر انتخابية لحزب المستشارة أنغيلا ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
تركيا، التي تستضيف أكثر من 2,7 مليون نسمة، هي بلا منازع أكبر بلد يستقبل اللاجئين السوريين في العالم. ووسط توافد سيل اللاجئين على أوروبا العام الماضي انطلاقا من تركيا، تعهدت بروكسل بدفع 3 مليارات يورو لدعم اللاجئين السوريين وإحياء محادثات عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي مقابل أن تساعد أنقرة في الحد من عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا من تركيا. إلا أن هذا الاتفاق يبقى هشاً.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Kose
لبنان، هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5,8 ملايين نسمة، يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية صعبة. وبالتالي، فإن لبنان، الذي يتسم بالموارد الاقتصادية المحدودة والتركيبة السياسية والطائفية الهشة، يأوي أكبر نسبة من اللاجئين بالمقارنة بعدد سكانه، إذ أن هناك لاجئاً سورياً مقابل كل خمسة مواطنين لبنانيين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Mohammed Zaatari
الأردن، ورغم صغر مساحته وعدد سكانه، إلا أنه من أهم الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فوفقاً للأمم هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجل في المملكة الأردنية، بينما تقول السلطات إن البلاد تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/ مارس 2011. ويعيش 80 بالمائة منهم خارج المخيمات، فيما يأوي مخيم الزعتري في المفرق، وهو الأكبر، نحو 80 ألف لاجئ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Adayleh
يبدو أن أغلبية دول الخليج ترفض استقبال الللاجئين السوريين على أراضيها، باستثناء السعودية التي استقبلت نحو 500 ألف لاجئ سوري، دون أن تكون لهم رسمياً وضعية لاجئ، منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. الدول الأخرى فضلت تمويل مخيمات وبرامج مخصصة للاجئين للسوريين في دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
استقبلت السويد نحو 160 ألف طالب لجوء العام الماضي، لكن الأعداد انخفضت إلى نحو ألفين في الشهر بعد تطبيق قيود على الحدود وإجراءات تجعل من الأصعب على اللاجئين دخول الاتحاد الأوروبي. كما تبنى البرلمان السويدي الصيف الماضي قواعد أكثر صرامة حيال طالبي اللجوء، ومن بينها عدم منح تصاريح إقامة دائمة لكل من تم منحهم حق اللجوء في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Nilsson
الدنمارك استقبلت بدورها في 2015 أكثر من 21 الف طلب لجوء، بارتفاع بنسبة 44 بالمائة مقارنة مع 2014، لكن ذلك أقل بكثير من عدد الطلبات في جارتها الشمالية السويد. كما أن الدنمارك كانت من أول الدول التي سارعت بفرض اجراءات التدقيق العشوائي للهويات على طول الحدود الألمانية بهدف منع "أعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين" من الدخول إلى البلاد. وقبلها قامت بتخفيض المساعدات المالية المخصصة للاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/K.Sörensen
المجر كانت من أولى الدول الأوروبية التي قامت بمد أسلاك شائكة على طول حدودها مع بدء توافد سيل اللاجئين عبر طريق البلقان لمنعهم من دخول أراضيها. كما أن المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا لا تزال ترفض أي آلية الزامية لتوزيع اللاجئين. كما رفضت دعوات سابقة من ألمانيا وإيطاليا واليونان بالتضامن أوروبياً في معالجة ملف اللجوء والهجرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Ujvari
سلوفاكيا من الدول الشرق أوروبية التي ترفض استقبال اللاجئين. وفي تصريح لأحد قادتها السياسيين مطلع العام الجاري جاء فيه أن البلاد لاترغب في استقبال اللاجئين المسلمين، معللة أن هؤلاء يختلفون ثقافياً عن سكان البلاد وأنه لا يوجد في سلوفاكيا مساجد ودور عبادة كافية لهؤلاء. كما شهدت البلاد احتجاجات قادها يمينون متطرفون ضد اللاجئين (الصورة).
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Gavlak
الولايات المتحدة ورغم كبر مساحتها وكثافتها السكانية التي تقدر بـ320 مليون نسمة، إلا أنها حددت سقف عدد اللاجئين السوريين الذين تستقبلهم البلاد العام الجاري بـ10 آلاف شخص. كما يتعين على هؤلاء الخضوع للإجراءات أمنية مكثفة ومشددة. ورغم ذلك هناك سياسيون من الحزب الجمهوري الذين يرفضون استقدام لاجئين من سوريا لأسباب أمنية. على أي حال واشنطن أعلنت أنها سترفع العدد بنسبة 30 بالمائة خلال العام القادم.