1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العلم قوة وكنز لا يفنى

٧ مايو ٢٠١٢

التعليم هو أكثر من اكتساب المعرفة العامة، فهو يفتح الباب أمام الناس لتطوير قدراتهم ويدفعهم للنشاط على الصعيد السياسي. وهذا بالتأكيد لا يصب دائماً في مصلحة الحكام كما ترى أوته شيفر.

صورة من: AP

"العلم قوة" - هذه المقولة أطلقها قبل أربعة قرون الفيلسوف الإنجليزي "فرانسيس بيكون". وقد وضع بيكون بهذه المقولة وغيرها من مقولات أخرى الأسس الفلسفية للتنوير. مقولته هذه لم تفقد أهميتها إلى الآن، فالتعليم شرطً أساسي في التنمية الاقتصادية والسياسية، وفي ترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهذا ما يتم البرهان عليه يوميا في مختلف أنحاء العالم. وتُعد حركة الاحتجاج والإصلاح في العالم العربي التي انطلقت مع ثورة الياسمين في تونس قبل سنة ونصف تقريباً خير مثال على ذلك.

حركة الاحتجاج العربي، عندما يصبح خاسرون من المنتصرين

إن الذين أوقدوا الشعلة الأولى لحركة الاحتجاج هم المتعلمون وأبناء الطبقة الوسطى، لاسيما الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 35 سنة. إنهم طلاب وأكاديميون تعرّضوا للخداع من قبل الأنظمة الحاكمة. من الرباط حتى القاهرة تحركت حشود الأطباء والمهندسين والصحافيين من أجل المطالبة بالحرية والمشاركة في الحياة السياسية والحصول على فرص العمل وتوزيع الثروة بشكل عادل، ومن أجل مستقبل أفضل طبعاً. إن المسألة بالنسبة لهؤلاء معركة لم يتم الفوز بها بعد، لكن الآن لا بد من تعزيز المؤسسات الديمقراطية عبر انتخابات حرة.

الربيع العربي في صورة رمزيةصورة من: picture-alliance/dpa

يتيح التعليم والمعرفة فرصة كبيرة للمشاركة في بناء المجتمع، وهذا ما تجاهله أو ربما استخف به الحكام العرب. ولو لم تتوسع وتتطور نظم التعليم الثانوي والتعليم العالي في البلدان العربية على مدى العقدين الماضيين، لما نشأت حركة الاحتجاج والإصلاح.

يفيد تقرير مؤسسة التنمية البشرية أن الدول العربية بدأت منذ عقدين من الزمان بتوسيع نظم التعليم لتحقق بذلك نجاحات ملموسة. أيضا الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي كان في هذا المجال من الإصلاحيين! في تونس هناك أعداد متزايدة من الناس تتمتع بتعليم جيد، ولكن ذلك دون فائدة تُذكر بالنسبة لهم كونهم لا يحصلون على فرص عمل، ولا يمكنهم المشاركة في بناء مستقبل أفضل. فقط أبناء فئات معينة كانوا يحصلون على هذه الفرص، وبالتالي وصل معدل البطالة في تونس قبل الاحتجاجات إلى 40 في المائة. لو كان واضحاً في البداية للدكتاتوريين، مثل زين العابدين بن علي، أن التعليم سيكون يوماً منارة التحرر والثورة ضدهم لما فتحوا المجال أمامه مطلقاً.

التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان

"ليس هناك في المجتمع أي تنمية دون تعليم"، هذه الخلاصة اعترف بها المجتمع الدولي منذ فترة طويلة، وجعلها مطلباً سياسياً من كل المجتمعات. إن هدف الأمم المتحدة مع بداية الألفية الثانية توفير إمكانية التعليم الأساسي للجميع وفي كل أنحاء العالم. هناك تقدم في هذا الاتجاه، لكنه يسير ببطء للغاية، وهو غير متكافئ على الصعيد الإقليمي، فقد ارتفعت نسبة الأطفال في المدارس الابتدائية بين عامي 1999 و 2009 بـ سبعة نقاط مئوية فقط  لتصل إلى 89 في المئة.

وفي الآونة الأخيرة حدث تباطؤ في مجال تقدم التعليم. في العديد من مناطق أفريقيا وآسيا، وعليه لن يتم مثلاًً تحقيق الهدف بحلول عام 2015، أي تطبيق التعليم الإلزامي ليشمل كل الأطفال. في البلدان النامية يزور 87 من أصل 100 طفل فقط المدرسة الابتدائية. وفي كثير من البلدان الفقيرة يهجر أربعة من أصل عشرة أطفال مرحلة التعليم الابتدائي قبل أن يحصلوا على شهادتها. كما أن الأطفال في المناطق الريفية ومناطق الصراعات يحصلون على فرص تعليم أقل من غيرهم بكثير. وهناك تمييز بين الصبيان والفتيات أيضاً، حيث لا تزال الإناث في أماكن عدة في العالم محرومات من التعليم، لذلك ينبغي بذل الكثير من الجهد للوصول إلى الهدف المنشود.

لا تطور دون التعليم

إن الحالة الاقتصادية للدول الآسيوية الكبرى مثل الهند والصين تدل على أن للتعليم فائدة اقتصادية واضحة. كانت كوريا الجنوبية في خمسينات القرن الماضي في حالة اقتصادية أسوأ من حال العديد من البلدان الأفريقية اليوم. الاستثمار في التعليم على قدم المساواة بين الرجال والنساء - بالإضافة إلى الرعاية الصحية والحصول على وسائل منع الحمل- كل هذا ساهم في انخفاض معدلات الولادة وبالتالي في النمو الاقتصادي للبلد. ويمكن تفسير النمو الاقتصادي السريع في الصين من خلال نظام تشجيع التعليم أيضاً، ومن خلال الشغف العلمي عند المواطنين. يعتبر التعليم عند كل الصينيين تحت سن الخامسة والعشرين القضية الرئيسية من أجل التطور والحصول على حياة أفضل. فالتعليم يحدد مصير الشباب هناك. تعتبر الصين من الأنظمة التي تهتم بالتعليم، لكن دون ‘عطاء المزيد من الحريات. ولكن نماذج كهذه يمكنها الاستمرار فقط طالما تقف أغلبية المجتمع وراءها.

تلميذ صيني خلال تعليمه على استخدام الكومبيوتر (صورة من الأرشيف)صورة من: picture-alliance/dpa

كلما ازداد التعليم كلما ازدادت المشاركة في تطوير المجتمع

لا يستطيع أي نظام غير شرعي أن يقاوم القوة الساحقة للأغلبية التي تتمتع بالتعليم الجيد.وإذا وجدت هذه الأغلبية، يتم فتح المجال أمام التغيير الديمقراطي، والمزيد من المشاركة والانخراط في العمل السياسي، وكأمثلة على ذلك روسيا وإلى حد ما الصين والعالم العربي.ولكن في بلدان مثل زيمبابوي وأفغانستان وكوريا الشمالية يكون الحال أصعب بكثير. فطالما تعيش الأغلبية في فقر مدقع وتحت سيطرة الدعاية الحكومية، وما دامت هذه الأغلبية لا تتوصل إلى التعليم، ولا إلى شبكة معلومات مستقلة للتوصل إلى مقارنات مع  البلدان الأخرى من العالم، سيشعر المستبدون بالأمان. لذلك لا بد من الكفاح، وبحزم من أجل الحق الأساسي في التعليم!.

أوته شيفر / فؤاد آل عواد

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW